Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 30 يوليو 2024 9:10 صباحًا - بتوقيت القدس

كن قويّاً واكذب كما تشاء

تلخيص

القوّة تعني الكثير، القوّة العسكريّة والاقتصاديّة والإعلاميّة، وكونك قويّاً تستطيع أن تكذب، ولكن ليس فقط، بل وأن تُلزم الآخرين بأن يصدّقوا كذبتك، حتّى وإن كانوا يعرفون وموقنين أنّها كذبة، فليس من حقّ الضعفاء أن يعترضوا، لأنّهم سيعاقبون، قد يكون العقاب مباشراً باللكم والرفس، أو بالسجن وتهمة التآمر مع العدوّ، وقد يكون بالحرمان من رشوات تتّخذ شكل مساعدات وغيرها، أو بطرد من عمل وحرمان من مناقصات عمل.

ليس أمام الضعفاء سوى أن يُردّدوا كذب الأقوياء، وأن يتماهوا معه، بل ويصل بعضهم إلى مرحلة متقدّمة من الخنوع والإنكار، فيتبنّى كذبة القويّ ويدافع عنه وعن كذبته، فهو يعتبر دفاعه عن كذبة القويّ مصدر قوّة له، وهو ما وصل إليه بعض العرب الّذين يتبنّون كذب وسرديّات الاحتلال، حتّى صاروا في منشوراتهم وإعلامهم يخدمون الاحتلال مباشرة.

ما جرى ويجري في قطاع غزّة منذ تسعة أشهر هو مثال فاضح جداً وساطع للكذب على مستوى التاريخ والأمم، وهو فاضح لسخافة أو قذارة من يملكون مفاتيح القرارات مثلما رأى العالم سخافة وانحطاط أعضاء الكونغرس الأمريكيّ، وهم يسحجون 81 مرّة لزعيم يعرفه أكثر المسؤولين في إسرائيل بالكذّاب، ومن أحقر كذباته أمام الكونغرس أنّ الاحتلال لم يقتل أيّ بريء في قطاع غزّة.

أي أنّ نحو 15 ألف طفل ممّن قتلوا ليسوا أبرياء، ووقف مئات أعضاء الكونغرس بالتصفيق لهذه الكذبة الّتي لا يصفّق لها سوى حاقدين، لا يرون بالطفل العربيّ كائناً يستحقّ الحياة، وينزعون عنه صفته الإنسانيّة، وهو ما فعله مسؤولو حكومة الاحتلال منذ أوّل الحرب عندما أعلنوا أن لا أبرياء في قطاع غزّة.

الكذبة التي أطلقها الاحتلال يوم قصف مستشفى المعمدانيّ وقتل وجرح المئات، أعلن أنّه صاروخ من حماس، وأسرع الرئيس الأمريكيّ جو بايدن ليوافق وليردّد بأنّه "حسب معلوماتنا بأنّ الصاروخ مصدره جهة أخرى"، وذلك خلال لقائه مع نتنياهو الّذي تلا المجزرة، وعندما يقول هذا رئيس أمريكا "الديمقراطيّ"، يصدّقه مئات ملايين من البشر في أمريكا وفي أوروبا وبقيّة العالم، ويردّدون كذبته، بعضهم يعرف أنّها كذبة، ولكنّه يجد بتصريح زعيم أعظم دولة في العالم غطاء لموافقته وتواطئه مع الكذبة.

الكذب المنهجيّ على طريقة، "اكذب حتّى يصبح الكذب حقيقة"، بدأ في مسيرة نتنياهو السياسيّة وتفاقم منذ بداية حرب الإبادة.

بعد مسلسل الكذب الطويل عن تعذيب الأسرى والمختطفين الإسرائيليّين، رغم تكذيب الأسرى أنفسهم الّذين أطلق سراحهم، والمحاولات المستميتة لإثبات تعرّضهم للتعذيب، نشرت صحيفة "تلغراف" البريطانيّة ادّعت أنّ حماس أرسلت فيديو إلى بن غفير يظهر فيه تعذيب لأسرى إسرائيليّين، وذلك كي تضغط عليه لتخفيف تعذيب الأسرى الفلسطينيّين، وهي كذبة واضحة حتّى كذّبها بن غفير نفسه، فالمقاومة ليست بهذا الغباء؛ بأن ترسل فيديو تظهر فيه رجالها يعذّبون أسرى إسرائيليّين، فهي تحاول طيلة الوقت دحض هذه الفرية الموجّهة ضدّها، والتي بذريعتها يجري تعذيب الفلسطينيّين بساديّة حتّى الموت، بشهادات أسرى أُطلق سراحهم، وباعتراف الاحتلال نفسه، فكيف لهم أن يرسلوا إلى بن غفير فيديو يُدينهم أمام العالم ويُبرّر للاحتلال جرائمه بحقّ الأسرى الفلسطينيّين!

صحيح أنّ بن غفير كذّب الخبر، ولكنّ اللّه يعلم كم عدد الّذين قرأوه وصدّقوه، بعد نشره في الخطّ العريض في المواقع الإسرائيليّة، إضافة إلى جمهور صحيفة "تلغراف" نفسها.

العهر غير المحدود جاء بخطوةٍ من نتنياهو اعتبرها ردّاً على مأساة مجدل شمس، وهي عدم السماح لنحو مئة وخمسين طفلًا من مرضى ومصابي الحرب في قطاع غزّة الخروج للعلاج في دولة الإمارات! أي أنّ فخامته ينتقم لأطفال مجدل شمس بحرمان أطفال قطاع غزّة من العلاج، ويزداد إعلام الاحتلال إمعاناً في العهر والكذب عندما يزعم أنّ أهالي الجولان يطالبون وينتظرون الانتقام من لبنان، أي أنّ الجرائم التي يمكن للاحتلال أن يرتكبها الآن، والّتي قد تكون بفظاعة ما يرتكب من جرائم في قطاع غزّة، هي لاسترضاء أهالي الجولان وتلبيةً لرغبتهم، وهذا كذب وإمعان في سياسة الاصطياد بالمياه العكرة، فموقف أهالي الجولان هو ما أعلنوه خلال تشييع أبنائهم الشهداء، وهو المطالبة بوقف الحرب، كذلك طرد شباب مجد شمس وزير الماليّة العنصري سموتريتش وغيره من أعضاء كنيست جاؤوا "للتضامن"!

الجولان أرض محتلّة، والغالبيّة العظمى من سكّانه رفضوا ويرفضون الجنسيّة الإسرائيليّة، وأرض الجولان تتعرّض للمصادرة وسرقة خيراتها مثل بقيّة الأرض العربيّة المحتلّة، ويخوض أهل الجولان صراعاً مع الاحتلال الّذي يسعى إلى بناء محطات طوربيد ضخمة لإنتاج الطاقة من الرياح، تشكّل خطراً على أراضيهم الزراعيّة.

من أكاذيب نتنياهو الّتي تثير الدهشة لمن في رؤوسهم ذرّة من وعي، أنّ المتظاهرين أمام الكونغرس احتجاجاً عليه وعلى الحرب في قطاع غزّة وطالبوا بعقد صفقة، تحرّكهم إيران، وتوجّه نتنياهو إلى أهالي الأسرى بأنّهم يخدمون إيران، ثمّ إحضاره معه إلى الكونغرس جنديّاً عربيّاً، على اعتبار أنّه يمثّل الجماهير العربيّة في إسرائيل، وهذا إغراق في تزييف الواقع، فالجماهير العربيّة الفلسطينيّة في إسرائيل بدون استثناءات، سوى أفراد قلائل، ترى بهذه الحرب عدواناً وحرب إبادة يجب أن تتوقّف فوراً، أمّا ذلك الجنديّ فلا يمثّل سوى نفسه.

الأمر الصحيح الوحيد الذي أعلنه نتنياهو أمام الكونغرس هو قوله إنّه يحارب "الهمج" نيابة عن الغرب والعالم المتحضّر، هذه هي حقيقة نظرة نتنياهو العنصريّ إلى العرب والمسلمين بأنّهم همج، وهذا لا يستثني من العرب والمسلمين مذهباً أو قوماً، ولا العرب الّذين قال إنّه سيتحالف معهم في مواجهة خطر إيران (الحقيقة أنّهم حلفاؤه أيضاً ضدّ المقاومة الفلسطينيّة)، يعني يقصد القول إنّ معه عبيداً من الهمج سوف يستثمرهم في مواجهة إيران، بهذا صدق مرّة أُخرى، فالهمج الحقيقيّون هم أولئك العرب الّذين يتربّعون على السلطة، ويقمعون شعوبهم المتضامنة مع إخوتهم الفلسطينيّين، ويستمرّون في علاقتهم، بل ويطوّرونها مع مجرمي الحرب في السرّ وفي العلن.

كمّيّات الكذب الهائلة في هذه الحرب لم تتوقّف، وهذا جعل أكثر الناس يشكّكون بكلّ ما رُوي سابقاً ولاحقاً، منذ بداية وجذور النكبة الفلسطينيّة، وبكلّ تاريخ المنطقة والعالم والبشر منذ مئات وألوف السنين حتّى يومنا هذا.

-----
ما جرى ويجري في قطاع غزّة منذ تسعة أشهر هو مثال فاضح جدّاً وساطعٌ للكذب على مستوى التاريخ والأمم، وهو فاضحٌ لسخافة أو قذارة مَن يملكون مفاتيح القرارات، مثلما رأى العالم سخافة وانحطاط أعضاء الكونغرس الأمريكي

دلالات

شارك برأيك

كن قويّاً واكذب كما تشاء

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 88)