Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 26 يوليو 2024 10:01 صباحًا - بتوقيت القدس

تداعيات خطاب العرش أمام الكونغرس والتحديات الماثلة أمامنا

تلخيص

في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي، شهد بنيامين نتنياهو مقاطعة عدد كبير من نواب الحزب الديمقراطي، خاصة من التيار التقدمي فيه، ولافتة تصفه بمجرم الحرب رفعتها رشيدة طليب، واحتجاجات حاشدة خارج مبنى الكونغرس من المتظاهرين، وذلك في ظل تصاعد أشكال حرب الإبادة والترحيل والإحلال بحق شعبنا.


لقد سعى نتنياهو من خلال الخطاب إلى تعزيز الدعم الأمريكي لإسرائيل، سيما في سياق الصراع المستمر بالمنطقة واستمرار الاحتلال الاستيطاني. وقد تطرق في كلمته إلى مبررات الحرب العدوانية في غزة وانتقاده للمظاهرات ضد سياساته التي اتهمها بأنها تقف إلى جانب محور الشر في هذا العالم. لقد حاول نتنياهو أن يهرب مما تتعرض له حكومته الفاشية من أزمات إلى محاولة الحصول على التعاطف الأمريكي في دعم آخر نظام استعماري عنصري، لكن خطابه سيزيد من التوتر بين الحكومة الإسرائيلية وبعض الأعضاء الديمقراطين في الكونغرس، ويعزز الانقسام في الولايات المتحدة بشأن دعمها لإسرائيل، خاصة مع التحولات الجارية في الرأي العام الدولي تجاه مكانة ودور دولة الاحتلال، والتأييد الجارف من شعوب العالم وعدد كبير من الدول لضرورة إنهاء الاحتلال وتنفيذ حق تقرير المصير لشعبنا بما في ذلك قطاعات أمريكية شعبية واسعة.


هذا الخطاب الذي انتقده العديد من نواب الكونغرس الديمقراطيين ومن أوساط إسرائيلية ويهودية أمريكية، يشكل فرصة وحافزاً إضافيا لنا نحن الفلسطينيين ولأصدقائنا حول العالم لتصعيد التضامن الدولي ولتسريع جهود تكريس الوحدة الوطنية على قاعدة وحدة الأرض، وكافة أبناء شعبنا الواحد، وتطوير وتوسيع منظمة التحرير كعنوان وإطار تمثيلي شرعي وحيد من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الفصائل في بكين قبل أيام وفي المقدمة من ذلك تشكيل حكومة التوافق الوطني للاسراع في مواجهة ووقف العدوان إن كان في غزة أو الضفة والقدس، والتوافق على رؤية وبرنامج وطني واضح، والدفع باتجاه تصعيد الجهود الدولية نحو حل قائم على إنهاء الاحتلال أولاً وفق مبدأ الخيار الأممي لحل الدولتين، واستناداً لقرارات محكمة العدل الدولية قبل أيام من أجل زيادة عزلة إسرائيل في المحافل الدولية، ووجوب تعليق عضويتها وإعلان الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال دون تأخير، واستكمال حصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مع ضرورة حث كافة الدول ليس فقط على إدانة جرائم دولة الاحتلال، لكن لمقاطعة هذه المنظومة من الاستعمار الكولونيالي والأبرتهايد، وقد يكون ممكنا اليوم إعادة الاعتبار لقرار الأمم المتحدة بإدانة الصهيونية الذي تم إلغاؤه بعد المتغيرات الدولية عام ١٩٩١.


في خطابه الذي امتلأ بالكذب وتزوير وقائع التاريخ، تحدث نتنياهو عن صراع الخير والشر وهي رؤية تتفق تماماً مع رؤية الإفنجيليين والمسيحيين الصهيونيين حول حرب هارماغدون. ةحرص نتنياهو على كسب دعم الجمهوريين المحافظين في تلك الرؤية المزعومة التوراتية، بهدف إشاعة فكرة ما تقدمه إسرائيل من خدمات للولايات المتحده، وتعزيز التحالف الأمريكي الإسرائيلي في ظل الإدارة الأمريكية الحالية أو القادمة مع احتمالات فوز ترامب الذي كان قد أعلن عن حروب قادمة من أجل السلام !


الهجوم على الجامعات الأمريكية والمظاهرات، إلى جانب دعمه الواضح للجمهوريين والمسيحيين الصهاينة، عكس تدخله في الشؤون الداخلية الأمريكية بشكل سافر، ما قد يفاقم الانقسام السياسي في الولايات المتحدة.


 هذا النهج قد يقوّي الروابط بين الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية على المستوى الرسمي، ولكنه قد يزيد من التوترات بين الحكومة الإسرائيلية والمجموعات الديمقراطية التقدمية في الكونغرس، خاصة في حال فوز الحزب الديمقراطي، ومع أوساط واسعة من المجتمع الأمريكي التي باتت تخرج في المظاهرات منذ عام.


التصفيق الحار الذي حصل عليه نتنياهو من الجمهوريين وجزء من الديمقراطيين على حد سواء والذي قلّما حظي به رئيس أمريكي، يعكس الدعم القوي له وللسياسات الإسرائيلية من قِبل المحافظين تحديدا في الكونغرس الأمريكي وحتى من أعداد من الديمقراطيين، ويدلل على سقوط هؤلاء معاً في قعر ثقافة الإرهاب والاستغلال والفكر الاستعماري. كما يعكس التصفيق التقدير للعلاقة الوثيقة بين إسرائيل والولايات المتحدة وللدور الذي تلعبه إسرائيل كحليف استراتيجي لها في الشرق الأوسط، وللغرض أساسا من إقامتها على حساب حقوقنا التاريخية.

إن دعم الإدارات الأمريكية المتعاقبة لسياسات نتنياهو اليمينية المتطرفة يعود إلى عدة أسباب استراتيجية ومنها، أولا، أمن إسرائيل: يرى الجمهوريون ومعهم عدد من الديمقراطيين، وعلى رأسهم بايدن في إسرائيل حليفاً أساسياً ضد التهديدات الإقليمية لمصالح الولايات المتحدة. وثانيا، التوافق الأيديولوجي والديني: القيم اليمينية المشتركة والقيم الدينية المعتمدة على العهد القديم التوراتي، والتماهي حول قيم الحضارة الغربية في مواجهة الشرق إضافة إلى تماثل منهج إقامة الولايات المتحدة وإسرائيل، وفق سياسات التطهير العرقي لأصحاب الأرض هنا وهنالك. ثالثا، التأييد الداخلي: جذب دعم الناخبين الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل، بما في ذلك المسيحيون الصهيونيون الذين يشكلون قاعدة انتخابية هامة. رابعا، السياسات الخارجية: تعزيز نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من خلال تحالف قوي مع إسرائيل في محاولات تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، واعتبار إسرائيل خط الدفاع عن الغرب الإستعماري. خامسا، المصالح الاقتصادية والمالية: والتي تتمثل في السيطرة على الطاقة والغاز والطرق التجارية ومصالح الصناعات العسكرية والمال اليهودي.


من جهة أخرى، فإن خطاب نتنياهو قد يُعتبر شكلاً من أشكال التدخل في الشأن الداخلي الأمريكي، خاصة من خلال التأييد المبطن لسياسات دونالد ترامب والجمهوريين. فقد أظهر نتنياهو دعمه للجمهوريين ولترامب بشكل غير مباشر من خلال مواقفه وتصريحاته التي تتماشى مع أجندة الجمهوريين، ما قد يُفسّر كنوع من التأثير على الانتخابات الرئاسية القادمة. هذا النوع من الدعم يعزز التحالف بين القيادة الإسرائيلية واليمين الأمريكي، ولكنه قد يثير الانتقادات من أعداد أصبحت تنمو من الديمقراطيين والمعارضين الذين يرون فيه تدخلاً في السياسة الأمريكية، رغم الدعم المستمر الذي قدمه الحزب الديمقراطي لسياسات دولة الاحتلال، بل والشراكة معها خاصة في ما يجري من إبادة جماعية في غزة، وصهيونية بايدن.


إذا فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة واستمر نتنياهو في الحكم، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة التوتر وتفاقم الصراعات في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى حول العالم بشكل أكبر وأوضح . ترامب ونتنياهو يتشاركان في سياسات متشددة تجاه إيران ومنظمات المقاومة في المنطقة، ما قد يزيد من احتمالات التصعيد العسكري. كما أن دعمهما المتبادل قد يشجع على اتخاذ خطوات أكثر عدوانية بحق شعبنا، مثل توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وضم المناطق أو القيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق، ما سيؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة، ويزيد من احتمالات نشوب حروب جديدة.

من جانب آخر، ومع صعود اليمين الشعبوي المتطرف في أوروبا، وفي حال فوز ترامب في انتخابات الرئاسة واستمرار نتنياهو في الحكم وفق رؤيته التي عكسها بالخطاب، يمكن أن يتشكل مثلث تحالف قوي بين واشنطن وبروكسل وتل أبيب. وهذا التحالف قد يؤدي إلى زيادة التوترات في السياسة الدولية نظراً لتبني سياسات أكثر تشدداً تجاه قضايا مثل الهجرة والأمن الداخلي والعلاقات مع الدول الأخرى مثل إيران، وتداعيات ذلك على الأمن والسلم الدوليين التي قد تشمل زيادة الصراعات الإقليمية، وتفاقم الأزمات الإنسانية، وتزايد الاحتكاكات مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين.


خطاب نتنياهو أكد على ضرورة استسلام حماس كشرط لإنهاء الحرب، وهو ما يمكن تفسيره على أنه رفض واضح لأية مبادرة تفاوضية تتضمن توقيع اتفاق، استناداً إلى تلك المقترحات التي كان قد قدمها سابقاً بايدن وتم اعتمادها بقرار في مجلس الامن، الأمر الذي يدلل على عدم وجود نوايا لديه، لا لتوقيع صفقة التبادل ولا لوقف الحرب. انتقاد نتنياهو للمعارضة الإسرائيلية في خطابه يعكس محاولته تعزيز موقفه الداخلي ضد الانتقادات، هذا الموقف المتشدد يمكن أن يُعقد الجهود الأمريكية للتوسط في اتفاق وقف النار، ويزيد من التوترات وهو ما يريده نتنياهو، وهذا يُصعب تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة ويقوض الموقف اللفظي المنافق للإدارة الأمريكية حول إقامة دولة فلسطينية بالرغم من إفراغ مضمونها ، كما يهدد أية إمكانية لوجود استقرار إقليمي في المنطقة.


في النتيجة فإن خطاب العرش هذا أمام أسياد الاستعمار، والذين باتوا صغاراُ اليوم أمام كفاح الشعوب من أجل حرياتها وحقوقها، قد عكس ضعف نتنياهو وفشله الاستراتيجي والسياسي، وتميز حديثه بروح الخطاب الاستعماري، وبجنون عظمته والاستناد إلى الفزاعة المفضوحة وهي "معاداة السامية"، والعدو القضائي الدولي ممثلاً بمحكمتي العدل والجنائية الدولية والتهديد الإيراني لمحور الخير، كما ولم يقدم أي أفق حتى لعائلات أسرى الجنود الاسرائيليين، وزاد من الانقسام بين الحزبين الأمريكيين وتفاقم أزمات المجتمع الإسرائيلي نفسه. كل ذلك في محاولة لتصعيد الوضع في الشرق الأوسط هروباً من أية حلول سياسية قد تقضي على مستقبله السياسي والشخصي من جهة، ولمحاولات استمرار تنفيذ المشروع الصهيوني الإحلالي، الذي بات يحتضر اليوم بفعل أزماتهم، وكافة المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية من جهة أخرى.

إذا فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة واستمر نتنياهو في الحكم، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة التوتر وتفاقم الصراعات في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى حول العالم بشكل أكبر وأوضح .

دلالات

شارك برأيك

تداعيات خطاب العرش أمام الكونغرس والتحديات الماثلة أمامنا

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 79)