أقلام وأراء
السّبت 06 يوليو 2024 10:11 صباحًا - بتوقيت القدس
الذكاء الإصطناعي ومستقبل الصحافة
تلخيص
الصحافة الذكية لم تعد مجرد فكرة من الخيال العلمي، بل أصبحت واقعاً ملموساً يشكل مستقبلها. ففي عالم تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، يقف الذكاء الاصطناعي في طليعة الابتكارات التي تغير وجه الصحافة بشكل جذري كما باقي القطاعات الحياتية. ولكن، ماذا يعني ذلك بالنسبة للصحافة وللصحفي الفلسطيني؟ لنتجول في هذه التقنية فلسطينياً ونرى كيف يمكن أن تؤثر على واقعنا الإعلامي، وتعمل على تطويره، ولم لا؟
قد يبدو الحديث عن تدخلات تقنية الذكاء الإصطناعي في الصحافة ضربا من الجنون أو الخيال ، لكن أخبركم أن هذه التقنية بالفعل بدأت تتسلل إلى غرف الأخبار وبرامج (التوك-شو) وبرامج الاقتصاد والنشرات الجوية حول العالم. ماذا لو كان للصحفي الفلسطيني مساعداً افتراضياً يقوم بمهمات الجمع والتدقيق والتحليل والكتابة وغيرها، يقوم بتحليل البيانات الضخمة، ويقدم تقارير دقيقة وسريعة عن الأحداث الجارية. هذا يحدث فعلاً، ويحدث في بعض وكالات الأنباء العالمية والمحطات الكبرى.
لكن وبسؤال جدلي كما باقي القطاعات، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الصحفي الفلسطيني؟ دعونا لا نستعجل الإجابة، فالأيام لها ما تقوله نظرا للتطور الهائل الذي يحدث في كل ثانية وما تقدمه هذه التقنية في خدمة قطاع الصحافة والإعلام . فالذكاء الاصطناعي يمكنه الان تحليل البيانات وتقديم التوقعات، لكنه قد لا يشعر بالواقع الفلسطيني كما يشعر به الصحفي الذي يعيش بين أهله، وبين قصصهم، ويعبر عن معاناتهم وأفراحهم. الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يكون أداة قوية في يد الصحفي الفلسطيني، يساعده على التركيز على الجوانب الإنسانية في قصصه، ويوفر له الوقت لتحليل الأحداث من زوايا مختلفة.
فتقنية الذكاء الإصطناعي ليست قادرة على محاكاة الصحفي الفلسطيني وهو يصور وداع أمٍ في جنازة إبنها الشهيد ليأخذ الصورة الأكثر عمقا وإيلاماً علّها تهز كيان مجتمع دولي أصم أبكم، هل يمكن للذكاء الإصطناعي أن يستخرج حروف التعب والألم والقهر من طفلة فقدت أطرافها بفعل العدوان؟ هل يتفاعل الروبوت مع خبر ارتقاء زميل صحفي على البث مباشرة؟ قد تكون هذه المشاعر الإنسانية محظورة أمام الكاميرا لكننا بشر والقصص التي تصل إلى فكر وقلب المتلقي هي الأفكار التي تخرج من قلب وعقل مُنشئها وقارئها والأمثلة الحية كثيرة وقد لايكون لمقالنا هذا متسع للحديث والإسهاب بها.
لكن في سياق آخر، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مفتاحًا لتقديم تقارير دقيقة وسريعة عن الأوضاع في فلسطين. تخيل نظام ذكاء اصطناعي قادر على جمع وتحليل البيانات من المصادر المختلفة في الوقت الحقيقي، وتقديم تقارير دقيقة عن الأوضاع الإنسانية، الاقتصادية، والاجتماعية. هذا يمكن أن يكون أداة قوية في يد الصحفي الفلسطيني، تعزز من قدرته على نقل الصورة الحقيقية للعالم.
ولكن، وكما هو الحال مع أي تكنولوجيا جديدة، هناك تحديات ومعيقات للتطبيق والاستخدام فالذكاء الاصطناعي يحتاج إلى بيانات، والكثير منها بيانات مصنفة ومعنونة ودقيقة. وفي فلسطين قد يكون الحصول على هذه البيانات صعباً أو مستحيلاً أحيانا لحساسية ودقة الظروف التي يمر بها شعبنا. كما أن هناك قضايا تتعلق بالخصوصية والأمان. لذا، يجب أن يكون هناك توازن بين الاستفادة من التكنولوجيا وحماية حقوق الناس.
ومع كل هذه التحديات، تبقى تقنية الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة وعظيمة لتطوير الصحافة الفلسطينية. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحسين جودة المحتوى، وزيادة سرعة ودقة التقارير، وتقديم رؤى وتحديثات جديدة ومهمة. وفي نهاية المطاف، الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الصحفي حتى الان، بل هو أداة تساعد الصحفي على القيام بعمله بشكل أفضل.
وفي الختام، يمكننا القول إن مستقبل الصحافة الذكية يحمل في طياته الكثير من الفرص والتحديات. ولكن إذا تم استخدام الذكاء الاصطناعي بحكمة وعقلانية، يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على الصحافة الفلسطينية. يمكن أن يساعد في نقل قصصنا بشكل أكثر دقة وسرعة، ويعزز من قدرتنا على إيصال صوتنا إلى العالم. وفي الوقت نفسه، يجب علينا أن نبقى حذرين، ونضمن أن تظل الصحافة إنسانية أساساً، تركز على الناس وقصصهم. لأن في النهاية، الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل البيانات، لكن الروح الإنسانية هي التي تؤثر في الناس وتجعل الصحافة تستحق القراءة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
مصير الضفة الغربية إلى أين؟
عقل صلاح
كيف نحبط الضم القادم؟
هاني المصري
هل من فرصة للنجاة؟!
جمال زقوت
تحية لمن يستحقها
حمادة فراعنة
قل لي: ما هو شعورك عندما ترى أحداً يحترق؟!
عيسى قراقع
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
استهداف الصحفيين بالقتل والاعتقال.. محاولة للتعمية على الجريمة الـمُدوّية
الأكثر قراءة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
عبدالعزيز خريس.. فقد والديه وشقيقته التوأم بصاروخ
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 78)
شارك برأيك
الذكاء الإصطناعي ومستقبل الصحافة