أقلام وأراء
الأربعاء 03 يوليو 2024 9:43 صباحًا - بتوقيت القدس
وقفات على المفارق.. التجنيد والتجنّد والحرب والعمل الوطنيّ
تلخيص
الوقفة الأولى... مع التمجيد والتحريض
من نافل القول إنّ الحرب الأخيرة؛ (طوفان الأقصى / الحراب الحديديّة)، ليست كبقيّة الحروب الإسرائيليّة العربيّة. ومن نافل القول أيضًا إنّ في كلّ حروب إسرائيل يسقط جنود عرب؛ دروز مُجنّدون جبرًا وغير دروز متجنّدون طوعًا. فتنتحب الثكالى ويبكي الثاكلون هنا وهناك تقطّعًا، وعلى ظهور هؤلاء "يضحك في عبّهم" تجّار المنابر وشبكات التواصل، هذا يشيد ويمجّد، وما نفع الميْت في التمجيد والإشادة. وذاك يحرّض ويتشفّى، وما ضرّ الميْت في التحريض والتشفّي؟!
الوقفة الثانية... مع دُنقل
وقفت منذ مدّة ليست قصيرة عن التناول الكتابيّ للقضايا التي تخصّ المشهد السياسي العربي الدرزي والعربيّ العام، اللّهم إلّا أدبيّا من خلال أطروحاتي الأدبيّة من موقعي كأمين عام "الاتّحاد العام للكتّاب العرب الفلسطينيّين- الكرمل48". وصراحة أقول: إنّ مردّ ذلك هو الإحباط النابع من الشعور الطاغي أنّا في زمن: "دقّ الميّ وهي ميّ!".
ومع هذا كلّما "دقّ الكوز في الجرّة" يمتلئ هاتفي المحمول بالرسائل النصيّة والأفلام الرقميّة (الديجيتاليّة)، بما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي "قايمِه قاعدِه". ويفيض أكثر كلّما قُتل جنديّ درزيّ في الجيش الإسرائيلي، إشادة بالبطل من ناحية، ومن الأخرى، وعلى الغالب خارجيّة، تحريضًا على الدروز، كلّ الدروز. فوجدتّني أعود وأترحّم على أمل دُنقل وقوله: "قُلْها وامشِ!" بعد كان الصّمت المضني لفّه وزملاءه طويلًا بعد صاعقة هزيمة ال-67.
الوقفة الثالثة... مع الاستفزاز!
لا يستفزّني في الرسائل لا البطولة ولا التحريض إلّا بالقدر الطبيعيّ، ما يستفزّ، وليس بالقدر الطبيعيّ، هو رسائل وتعليقات أبناء القوى (الوطنيّة، العروبيّة، القوميّة، التقدميّة، النهضويّة، المتنوّرة بين الدروز... - اختر ما شئت وزد) والتي تنضح بـ "الوعظ" الذي لا يتعدّى الميادين الرقميّة. أمّا الفعل الميدانيّ فهذا عند غالبيّة مثل هؤلاء هو لغيرهم، و"كفى المؤمنين شرّ القتال"!
وما يستفزّ أكثر هو ال- "لا من سمع ولا من شاف ولا من حكى" لدى مثل هذه القوى بين بقيّة أبناء شعبنا، وامتلاء الأفواه ماءً في مواجهة التحريض الجمعيّ الأرعن!
الوقفة الرابعة... والتجنيد والتجنّد!
حقيقة هي أن بعض المجنّدين الدروز في الجيش الإسرائيلي يفعلون ذلك بفخر واعتزاز. وحقيقة هي أنّ عدد المجنّدين الدروز، ورغم إجباريّة التجنيد والثمن الغالي الذي يدفعه الرافضون، في تناقص مضّطرد منذ سنوات. وحقيقة هي أن عدد المتجنّدين (المتطوّعين) من بقيّة طوائف أبناء شعبنا في ازدياد مضطرد ويفوق عدد المجنّدين الدروز (المُجبرين).
هذه حقائق يعرفها من يقرأ ويتابع الدراسات البحثيّة العلميّة، وللمثال؛ مؤتمر هرتسليّا للشؤون الاستراتيجيّة عام 2009، والقسم المتعدّد الثقافات- جامعة حيفا من نفس العام، وعشرات الأبحاث الأخرى. ولكن يتعامى عن هذه الأبحاث، مع سبق إصرار وترصّد، المُجهِّلون المحرّضون، ويجهلها أعداء القراءة الذين يفطرون ويتعشّون على "نكاح المُتعة" المعقود بين المؤسّسة الإسرائيليّة وإعلامها والرجعيّة العربيّة والتخلّف العربي الواقعي والافتراضي.
الكلام أعلاه ليس تبريرًا، فالحالتان؛ التجنيد والتجنّد، مترابطتان وتغذيّان الواحدة الأخرى. بالكلام "المْشَبْرح": فإنّ التطوّع الواسع والمتّسع لدى العرب بشكل عام يغذّي دعاة التجنيد لدى العرب الدروز، لا بل إنّه أقصى ما يتمنّون لتعزيز مواقعهم لدى المؤسّسة، سيّدتهم!
الوقفة الخامسة... والدالّة البيانيّة الوطنيّة
لا أعتقد أنّ اثنين، على ساحتنا الوطنيّة الفلسطينيّة الداخليّة، يختلفان حول الانحسار والتراجع الحاصلين في العمل الوطنيّ الجمعيّ في العقد الأخير، انحسار وتراجع أمام الواقعيّة (البراجماتيّة) الانتهازيّة ولبوسها الطائفيّ، وأمام الانكفاء والنكوص نحو الذات (المصلحة الشخصيّة). فالدالّة البيانيّة الوطنيّة تهوي متسارعة على ساحتنا عامّة، وتهوي وتكاد تغيب على الساحة الوطنيّة العربيّة الدرزيّة.
كتبت في تمهيد لكتاب، صدر مؤخّرًا عن "دار الحديث للطباعة والنشر- أبو ركن"، يحمل العنوان: "العرب الدروز 48 وحجارة الرحى": "المسيرة الحياتيّة لأيّ شعب في صيرورتها وسيرورتها وبأوجهها؛ الإنسانيّة والقوميّة والوطنية والسياسيّة والاجتماعيّة، هي لمجموع أبناء الشعب، مهما اختلفت انتماءاتهم الثانوية عقائديا، اجتماعيا، طائفيا ومذهبيا. وقلّما يشار في الأدبيّات إلى حال شريحة من الشرائح بمعزل عن المسيرة الكلّية، إلا إذا حتّمت ذلك دواع موضوعية... العرب الدُّروز الفلسطينيّون من أبناء شعبنا صاروا أو صُيّروا حالة خاصّة من حالة خاصّة؛ حالة الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة ما بعد وعلى ضوء النكبة وقيام دولة إسرائيل. حالة تحتّم تناولها بحلوها ومرّها ولكن من خلال ترابط لا ينفصم مع فضائهم الكينونيّ الأوسع، أمّتهم وشعبهم، ومن خلال إدراك الإشكاليّة خصوصا القوميّة منها..."
الوقفة الأخيرة... والحبل السُّرِّي
تمامًا مثلما يغذّي التجنّدُ (التطوّع) التجنيدَ (الإجباري) والعكس، بـ "حبل "سُرِّي" لا ينفصم، هكذا يغذّي العملُ الوطنيّ العام العملَ الوطنيّ بين العرب الدروز. ولنكن واضحين صريحين ودون لفّ أو دوران، فالحبل الأوّل في اتّساع، وأمّا الثاني ففي انحسار وإن ضاق أكثر فإلى انقطاع.
نحن ما زلنا قادرين ليس فقط على الحفاظ على الحبل الوطنيّ "السُّرِّي" متّصلًا لا بل ومعافى، إن أحسنّا كقوى وطنيّة العزوف عن الآراء المسبقة الناتجة عن التقوقع الاجتماعي (الطائفي) والسياسي (الحزبي) والعقائدي (الدِّيني)، ومع كلّ ذلك إن أحسنّا العزوف عن التقوقع "الذاتويّ"؛ أنا ومن بعدي الطوفان!
ربّ قائل: حبل السُّرَّة إلى انقطاع وبدء حياة، ولكن في سياقنا ما زلنا نحمل قضيّة أو تحملنا!
وكفانا الله شرّ الوعظ والوُعّاظ!
لا أعتقد أنّ اثنين، على ساحتنا الوطنيّة الفلسطينيّة الداخليّة، يختلفان حول الانحسار والتراجع الحاصلين في العمل الوطنيّ الجمعيّ في العقد الأخير، انحسار وتراجع أمام الواقعيّة (البراجماتيّة) الانتهازيّة ولبوسها الطائفيّ، وأمام الانكفاء والنكوص نحو الذات (المصلحة الشخصيّة).
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
وقفات على المفارق.. التجنيد والتجنّد والحرب والعمل الوطنيّ