أقلام وأراء
السّبت 29 يونيو 2024 11:17 صباحًا - بتوقيت القدس
أُكذوبة صبيان سموترتش بين التدخل الأمني والسـد المنيع
تلخيص
لم ولن أتردد في كتابة مقال يدحض خرافة شراء عقار في القدس الشريف من صبيان سموترتش، خاصة إذا كان العقار من نوع الوقف الذُرّي، فحكاية يوم أمس أضحكتني بشدة، ضمن مشهد غير مُحكم التمثيل جراء محاولة دخول بعض المستوطنين بعدد غير مقنع من حيث التجمهر والحشد، فضلا عن عدد المرافقة القليل، بل القليل جدا من الشرطة الإسرائيلية، في ظرف استثنائي تعيشه المدينة المقدسة منذ السابع من تشرين أول من 2023.
بعض صبيان سموترتش زعموا شراء جزء من وقف المرحوم مفخر الفضلاء الكرام زبدة السادات الفخام خالدي زادة محمد أفندي نجل عمدة العلماء والمدرسين العظام سيدي علي أفندي الخالدي...
هذه المصطلحات وردت في حجة وقف المرحوم محمد علي الخالدي المحفوظة في سجل المحكمة الشرعية رقم 295 ص 82- 84 غرة محرم الحرام عام 1227 هجري، أذ أفصحت عن أصل الحقيقة للعقار محل الاعتداء، وهتكت ستر زمرة فاسدة من المستوطنين التي لا تكل ولا تمل من استفزاز أهل القدس وسكانها في ظل منظومة مدعومة من سموترتش، الذي أنفق ملايين الشواقل منذ توليه خزانة المال في دولة الاحتلال، في سبيل تشجيع شراء العقارات في القدس القديمة، إذ أنفق وفق ما سربته بعض الصحف المحلية ما لا يقل عن 112 مليون شيقل لهذه الغاية في اللحظات الأولى من جلوسه على كرسي الخزانة، ولا يزال ينفق الملايين في سبيل ليّ أيدي أهل القدس واتهامهم ببيع عقاراتهم، بهدف زعزعة الثقة العامة بين أبناء المدينة الواحدة ولنشر التململ والنميمة بين أهل القدس وسكانها.
مشهد قابل للتكرار
نعم الآن، لآنه كما في الغد وبعده، سيكون هذا المشهد محل تكرار وبأساليب مختلفة، ولا يخالجني الشك أنه محل إخراج أحد أذرع أجهزة الأمن الإسرائيلي، لكن هذا الأسلوب تقهقر أمام عتبات الأوقاف الذُرية لأجدادنا، سيما أن الاحتلال ذُهل من خلال الدراسات التي أظهرتها جمعية المحافظة على الوقف والتراث المقدسي.
"وقفنا"، التي أنبأت عن نسبة عالية جدا ضمن تصنيف الوقف الإسلامي من مجموع عقارات القدس القديمة، بحيث لم تكن في الخاطر، ولم تكن ضمن حسابات أية دولة أجنبية محتلة أو استعمارية، بأن تشكل نسبة الأوقاف الإسلامية في القدس القديمة ضمن تصنيف الوقف الذُري والخيري ما نسبته 70% من مجموع عقارات البلدة القديمة.
الهدف زعزعة الثقة العامة والرباط في بيت المقدس
وهذا الرقم شكل في الحقيقة صدمة لدولة الاحتلال، ما دفع ببعض خيوطه لرسم سيناريوهات متعددة، ضمن فصول ومشاهد مختلفة، لعل أحدها يؤدي إلى زعزعة الثقة العامة بين أهل القدس ولزحزحة رباطهم في بيت المقدس وأكنافه.
وعودة إلى مسرح الإخفاق في الاستيلاء أمس على وقف المرحوم محمد علي الخالدي، المُنشأ في 1 محرم من العام 1227 هجري الموافق ل 16-1-1812م، جدير ببيانه لا بل جدير بإظهاره وتوضيحه بصورة جلية لا لبس أو غموض فيها، أن الوقف الذُري هدفه حبس العين من التصرف في بعض أوجه التصرفات القانونية كالبيع والرهن، مما تعتبر المنفعة فيه منفعة لأفراد معينين من ذُرية الواقف (الأولاد والأحفاد وفي كثير من الحالات الأسباط)، ويقوم على أساس حبس العين والتصدق بريعها على الواقف نفسه وذُريته من بعده بشروط يحددها، وعادة ما يشترط الواقف أن يؤول إلى جهة بر بعد انقطاع الموقوف عليهم، وفي هذه الحالة يعتبر وقفا أهليا ابتداءً خيريا مآلا.
ومن هنا، وبعد أن أجريت اتصالا مع أحد المتولين واستطلاعا وافيا عن واقع أمر التولية للوقف المذكور، فقد ثبت لدي أن حيدر كامل الخالدي كان المتولي على وقف جده المرحوم محمد علي الخالدي بعد حرب عام 1967 حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي، بحيث تنازل عن أعمال التولية لابنه كامل المقيم في الأردن، والأخير وكّل شقيقته هيفاء لتحل محله في إدارة الوقف عام 2008، لكن أحد المستحقين في الوقف أقام دعوى أمام القضاء الشرعي المختص، موضوعها محاسبة وعزل المتولي كامل المذكور، بحيث استمرت إجراءات المحاكمة حتى العام 2012، إلى أن صدر بذات العام حكم قضائي شرعي، يفيد عزل كامل المذكور عن تولية وقف المرحوم محمد علي الخالدي لوحده، وتم تعيينه مع 3 متولين آخرين وهم: د.عاصم الخالدي، ورجا الخالدي، وخليل الخالدي، وكامل الخالدي، وبوفاة كامل المذكور انحصرت التولية فقط بأيدي المتولين الثلاثة المذكورين عاصم ورجا وخليل مجتمعين، ليكونوا متولين على وقف جدهم المرحوم محمد علي الخالدي، وأوقاف ذُرية أخرى منها أوقاف كل من: الشيخ محمد صنع الله الخالدي والشيخ موسى الخالدي بالإضافة إلى المكتبة الخالدية.
غير مسموح نقل حق الانتفاع للغير
وبناء على ما تقدم، فإن لكل مستحق في الوقف الذُري أن ينتفع بإحد عقارات الوقف مقابل بدل معلوم سنوي، ليتم توزيع ريع الوقف على المستحقين في كل عام، بعد إجراء المحاسبة الشرعية أمام القاضي الشرعي المختص، وبالتالي لا يملك من كان ينتفع بالعقار ضمن حقوق الإجارة سواء أكانت محمية أو غير ذلك أن ينقل حق الانتفاع للغير سواء أكان مقابل بدل خلو أو دون ذلك، بغياب المتولي أو دون الحصول على موافقته.
من هنا تكمن حل الإشكالية محل مسرح أضحوكة أمس، فلو افترضنا - بالفرض الساقط - أن هيفاء الخالدي باعت أو نقلت حق المنفعة لأية جهة كانت، ولو افترضنا كذلك أن إرادتها كانت حرة تامة دون إكراه يمس عيب من عيوب الإرادة المعتبرة شرعا وقانونا، فإنه ودون الحصول على موافقة المتولين مجتمعين المعينين من المحكمة الشرعية التابعة لوزارة القضاء الإسرائيلي، فلا قيمة ولا فائدة ولا أهمية لواقع النقل في حق المنفعة، لأن محور وأساس عملية النقل في حقوق المنفعة مرهونة بموافقة المتولين الثلاثة.
كما أن عملية البيع التي زعم صبيان سموترتش وقوعها بينهم وبين هيفاء الخالدي، أشكك في مصداقيتها، لسبب واحد ووحيد، لأنهم لا يعلمون عن واقع الاتفاق المعقود بين هيفاء ولجنة متولي وقف محمد علي الخالدي، أمام المحكمة الإسرائيلية عام 2021، وأن حق هيفاء محصور في الانتفاع بالعقار حتى مماتها وبعد مماتها يعود العقار إلى لجنة متولي الوقف لإدارته وفق شروط الواقف.
عقار يطل على ساحة البراق
فكيف لغباء هذه الزمرة الادعاء بشراء حق المنفعة في يوم وفاتها أو قبل يوم وفاتها بسويعات، وقد توفاها الله قبل شهرين تقريبا، وكيف سيتصرفون مع واقع حكم المحكمة ضمن شروط الاتفاق المبرم قبل 3 سنوات بين هيفاء المذكورة وبين لجنة متولي وقف محمد علي الخالدي في ظل البيع المزور؟ وكيف سيبرر الأمن الإسرائيلي فشله في مساندة قصة غير محبوكة بشدة واتقان؟ وكيف سيتعاطى الأخير مع واقع الفشل في الاستيلاء على عقار يعتبر من وجهة نظره شديد الحساسية، وضمن تصنيف أمني عالي الخطورة بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي المطل على ساحة البراق (ساحة المبكى)، لاسيما وأن مساحته 200 متر مربع مشمولا بما لا يقل عن 7 نوافذ تطل على الساحة المذكورة.
اعتقد جازما أن الإخراج المسرحي الفاشل الذي وقع فيه أتباع سموترتش، لا تطال فطنة وذكاء أهل القدس، مؤكدا أن الله تعالى لهم بالمرصاد وأن مكر بعض المستوطنين لا يضاهي مكر الله، مع ضرورة أخذ الحيطة والحذر من الساعة ومستقبلا، لأن هذا الفشل العميق لتلك الزمرة البائسة، لن تقف عند هذا الحد، وسنكون في المستقبل القريب ضمن مشاهد ومحاولات أشد حُبكا لتدارك الإخفاق في عملية سطو غير دقيقة على عقار مقدسي موقوفا وقفا ذُريا بامتياز منذ ما يزيد عن 230 عاما، حيث أن هذا الوقف شأنه شأن المئات من الأوقاف الذُرية والخيرية الإسلامية التي لا زالت شامخة وحصنا وسدا منيعا في منع تهويد المدينة المقدسة، دأبها دأب الوقف المسيحي بنوعيه الخيري والذُري.
وإن غدا لناظره قريب.
*باحث مقدسي
..........
لم تكن في الخاطر، ولم تكن ضمن حسابات أية دولة أجنبية محتلة أو استعمارية، بأن تشكل نسبة الأوقاف الإسلامية في القدس القديمة ضمن تصنيف الوقف الذُري والخيري ما نسبته 70% من مجموع عقارات البلدة القديمة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 89)
شارك برأيك
أُكذوبة صبيان سموترتش بين التدخل الأمني والسـد المنيع