أقلام وأراء
الخميس 06 يونيو 2024 9:27 صباحًا - بتوقيت القدس
التاثيرات والتداعيات على مجريات انتخابات البرلمان الأوروبي ونتائجها
تلخيص
انتخابات البرلمان الأوروبي، المقرر اجراؤها بدءا من ٦ وحتى ٩ حزيران الجاري، من المتوقع أن تحدث تغييرات كبيرة في توازن القوى داخل البرلمان الأوروبي الذي يتألف من ٧٢٠ عضوا يمثلون مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد وعددها ٢٧ دولة والتي يتم توزيع المقاعد بينها بشكل نسبي مع عدد السكان، بحيث تتنافس قوائم الأحزاب السياسية في كل دولة على عدد المقاعد المخصص لدولها وفق قاعدة التمثيل النسبي .
إن أي تصعيد في النزاعات العالمية والتي يشاهدها العالم اليوم سيكون له تأثير على هذه الانتخابات، خاصة عندما يكون للنزاع أبعاد إنسانية وسياسية واقتصادية عميقة كما هو الحال مع قضايا شعبنا وكفاحه ضد الاحتلال وفي مواجهة ما يجري اليوم من إبادة جماعية وتطهير عرقي وتمييز عنصري وانعكاسات ذلك على الوضع الدولي .
ومن المؤكد أيضا أن تكون هناك تداعيات وانعكاسات فارقة لما يجري من تصعيد للحرب بالوكالة التي تخوضها أمريكيا والناتو في أوكرانيا ضد روسيا وتداعياتها على الأمن والاستقرار للشعوب الأوروبية مع التهديدات الجارية بالاقتراب من نزاع نووي بعد موافقة بايدن وماكرون على ضرب مرافق حيوية داخل الحدود الروسية ، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وقضايا الهجرة التي أصبحت تعصف بالقارة الأوروبية وسلسلة الاعترافات الجديدة من عدد من دول الاتحاد بدولة فلسطين. هذا إضافة إلى شعور التشكيك باستمرار وحدة كيان الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد خروج بريطانيا وتصاعد مطالب عدد من أحزاب اليمين الشعبوي الأوروبي بذلك .
بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، فإن سياسات الاحتلال الإسرائيلي عادة ما تؤثر على مواقف الأحزاب المشاركة والناخبين في أوروبا، إلا أن ما يجري اليوم ومنذ تسعة أشهر من جرائم وفظائع والتي ما زالت تؤثر على الرأي العام العالمي ومراكز صناعة القرار بشكل غير مسبوق، خاصة في أوروبا حيث تتنوع المواقف السياسية بشكل ملحوظ نظرا لتعدد الأحزاب ومواقفها تجاه قضايا الاحتلال الكولونيالي الإسرائيلي لفلسطين، لم يدفع الاتحاد الأوروبي للابتعاد عن سياسة ازدواجية المعايير .
وفي سياق القضية الفلسطينية وإجراءات الاحتلال والاستيطان الإسرائيلية:
فالبرلمان الأوروبي يجب أن يُعبر كهيئة تشريعية عن مواقف قوية بشأن حقوق الإنسان والقانون الدولي بشكل عام سندا لمبادئ نشوء الاتحاد نفسه، مما يتوجب أن تؤدي مواقفه إلى انتقادات واضحة للجرائم الإسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني وإلى المساهمة الفاعلة في إنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري .
كما يمكن للبرلمان الأوروبي لاحقا أن يدعو إلى اتخاذ إجراءات عقابية معينة أو مقاطعة ومراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وإلى طلب زيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين والخروج بمبادرة سياسية تدعم المبادرات الداعية بوضوح إلى حل الدولتين وفق القرارات الأممية وعلى قاعدة حق تقرير المصير لشعبنا وإنهاء الاحتلال أولاً وإقامة دولتنا المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وأن يساهم من أجل وضع آليات تنفيذية لذلك عبر مساهمته في انعقاد مؤتمر دولي بالخصوص وإلى استكمال اعترافات دوله الأعضاء بالدولة الفلسطينية على حدود ما قبل ٤ حزيران ١٩٦٧ .
بعض العوامل التي قد تؤثر على الانتخابات البرلمان الأوروبي:
1. زيادة النشاط السياسي: زيادة الوعي حول القضية الفلسطينية والنشاط السياسي بين الناخبين مع الحملات الانتخابية الجارية منذ شهرين، خاصة بين المجموعات التي تدعم حقوق الفلسطينيين والتي شاركت بكافة مظاهر التضامن في الشوارع والجامعات الأوروبية وما زالت، الأمر الذي قد يؤدي برأيي إلى زيادة التصويت للأحزاب التي تتخذ موقفا صارما وواضحا ضد إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته البشعة .
2.الضغط على السياسات الخارجية : الأحزاب التي تتخذ مواقف صريحة تجاه السياسة الخارجية التي تحمل طابع النفاق للاتحاد الأوروبي والمفوضية استخدمت الأحداث الجارية في فلسطين كجزء من حملاتها الانتخابية لفضح هذه السياسات والمطالبة بسياسات تنسجم ومبادئ حقوق الإنسان والعدالة والديمقراطية والحريات، مما يؤثر برأيي على الناخبين الذين يهتمون بهذه القضايا وشحذ تأييدهم لقضيتنا الوطنية .
3. التغطية الإعلامية : التغطية الإعلامية المكثفة للأحداث في فلسطين أصبحت تؤثر على الرأي العام، مما يزيد من التركيز على القضية في سياق الانتخابات ونشر حقائق الحركة الصهيونية وادعائاتها الزائفة من معاداة السامية وكونها ضحية التاريخ وغيرها، وهذا ما يجب أن يدفعنا إلى زيادة حملاتنا وبرامجنا الإعلامية بلغات الشعوب الأوروبية بشكل دائم .
المؤثرات الممكنة لزيادة مقاعد الأحزاب الصديقة :
العديد من الأحزاب اليسارية في أوروبا تتخذ مواقف واضحة ومبدئية قوية ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي وتدعم حقوق شعبنا الفلسطيني. إن تصعيد جرائم الاحتلال وفظائعه الحالية في فلسطين، وهذا ما يمكن أن يعزز دعم الناخب الأوروبي لهذه الأحزاب في معظم دول الاتحاد بسبب زيادة الوعي والتعاطف مع القضية الفلسطينية، وهذا كان واضحا في الحملات الانتخابية، الأمر الذي يجب علينا الاستفادة منه والبناء عليه. كما أن الناخبين الذين يرون أن السياسات الحالية لحكوماتهم التي تقودها أحزاب اليمين أو يمين الوسط تجاه إسرائيل غير متوازنة أو غير عادلة قد يميلون إلى دعم الأحزاب اليسارية التي تقدم بديلاً واضحا ومواقف متضامنة مع الشعب الفلسطيني وقضايا الحرية بالعالم .
تأثير التشكيلة البرلمانية الجديدة المتوقعة :
1. زيادة قوة اليمين:
- الأحزاب اليمينية، إذا زادت قوتها في البرلمان كما هو متوقع ، فقد تدفع نحو سياسات أقل انتقاداً لإسرائيل، مما قد يؤثر على المواقف العلنية للاتحاد الأوروبي والمفوضية التي ستنسجم مع تلك التوجهات . فهذه الأحزاب قد تحاول حجب الضغوط على المفوضية الأوروبية التي تهدف إلى اتخاذ مواقف قوية ضد سياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة .
2. استمرار تحالف الوسط واليسار :
إذا حافظت كتل الوسط الاشتراكية واليسار على قوتها من خلال تحالفات قوية ينضم اليها الشيوعيون ، فقد تواصل التأثير وبشكل أكبر على المفوضية الأوروبية باتجاه تطوير مواقفها الداعمة لحقوق الإنسان وحقوق شعبنا الفلسطيني السياسية .
مرشحون من أصول فلسطينية :
هناك مرشحون من أصول فلسطينية ومن الجاليات العربية يشاركون في قوائم الأحزاب اليسارية عموما المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي .
هذه المشاركة تعكس تزايد الانخراط السياسي للمجتمعات المتنوعة داخل أوروبا، وتسلط الضوء على تمثيل وجهات نظر متنوعة في المشهد السياسي، كما يعكس تنامي الاعتراف بأهمية هذه الجاليات العربية ومنها الفلسطينية، وأهمية دعم قضاياهم على مستوى السياسات الأوروبية، خاصة في الظرف الراهن . وبالنظر إلى السياق الحالي، تكون القضايا المتعلقة بفلسطين والتمييز ضد المهاجرين ذات أهمية كبيرة ، فقد تسهم هذه الشخصيات في لفت الانتباه إلى هذه المواضيع داخل البرلمان الأوروبي لاحقا بشكل أكبر .
ومع ذلك، يعتمد التأثير الكلي لهؤلاء المرشحين على عدة عوامل، بما في ذلك منصاتهم السياسية، والأحزاب التي يمثلونها، وقدرتهم على جذب الأصوات والتفاف الجاليات العربية حولهم، حيث تتأثر محركات السياسة الأوروبية، وخاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، بطيف واسع من الأحزاب والمصالح وسياسات الولايات المتحدة التي تعمل من أجل فرض هيمنتها على سياسات القارة الأوروبية وتبقيها تابعا لها، مما يجعل التأثير الكلي للمرشحين ضمن قوائم الأحزاب المشاركة ممكنا رغم الصعوبة والتعقيد بعد فوزها لما ستواجهها من تحديات اليمين الأوروبي الذي من جهة أخرى يتوجب العمل مع غير المتطرفين منه عن قرب أكثر من جانبنا لمحاولة تعديل مواقفهم السياسية تجاه ما يجري .
الأحزاب اليسارية في مختلف الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وغيرها ضمت مرشحين من أصول عربية أو فلسطينيين لقوائمها الانتخابية نظراً لأجنداتها التي تتفق مع دعم حقوق الفلسطينيين ومعارضة سياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي .
واعتمادا على هذا المتغير الجاري على الجاليات العربية أن تنظم صفوفها لتشكل مراكز قوى وتأثير / لوبيات على كافة مكونات الطيف السياسي الأوروبي، حيث يمكن أن يساهم ذلك في تعزيز الدعم السياسي لقضايانا على المستوى الأوروبي ومناهضة قضايا التمييز ضد الهجرة .
إن التركيز على هذه الترشيحات يظهر تنامي الوعي بالقضية الفلسطينية الآن والذي يتصاعد بشكل يومي ويساهم في عزلة إسرائيل وسياسات الولايات المتحدة المنحازة بل والشريكة، الأمر الذي يتوجب البناء عليه فلسطينيا من خلال تعزيز التضامن الدولي بين الشعوب ومعها، وزيادة حجم عملنا الدبلوماسي الشعبي والعام في دول الاتحاد، بل وعلى مستوى العالم .
لذلك فان التغييرات في البرلمان الأوروبي قد تؤدي إلى تعديلات في توجهات السياسات الخارجية للمفوضية الأوروبية، ولكن مدى هذا التأثير يعتمد على قدرة أحزاب الوسط الاشتراكية واليسارية والشيوعية على الحفاظ على تحالفات قوية وفعالة داخل البرلمان أمام صعود اليمين الشعبوي وتحديدا في فرنسا وإيطاليا وبعض دول أوروبا الشرقية .
المطلوب اليوم من مؤسسات الاتحاد الأوروبي بما فيها البرلمان دعم العدالة الدولية في محاسبة وعقاب دولة الاحتلال ليتم إنهاء احتلالها الكولونيالي عن طريق إقامة دولتنا الديمقراطية ذات السيادة، وهو أمر عجزت حتى اللحظة المفوضية الأوروبية وسياساتها الخارجية عن تحقيقه لشعبنا الفلسطيني رغم مسوؤلياتها السياسية، والقانونية والأخلاقية .
...........
إن التغييرات في البرلمان الأوروبي قد تؤدي إلى تعديلات في توجهات السياسات الخارجية للمفوضية الأوروبية، ولكن مدى هذا التأثير يعتمد على قدرة أحزاب الوسط الاشتراكية واليسارية والشيوعية على الحفاظ على تحالفات قوية وفعالة داخل البرلمان أمام صعود اليمين الشعبوي وتحديدا في فرنسا وإيطاليا وبعض دول أوروبا الشرقية
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أ.د. أبو كشك يشارك في المؤتمر العالمي للغة الصينية في بكين ويوقع اتفاقية تعاون مع جامعة جيان شي
الأكثر قراءة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 80)
شارك برأيك
التاثيرات والتداعيات على مجريات انتخابات البرلمان الأوروبي ونتائجها