Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 17 مايو 2024 1:07 مساءً - بتوقيت القدس

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

تلخيص

خرج كل من وزير المالية الأردني د. محمد العسعس ومحافظ البنك المركزي د. عادل شركس على الجمهور الأردني بمؤتمر صحافي عقداه قبل أيام، يعلنان فيه عن سعادتهما برفع تقييم الأردن من قبل وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني إلى B3a بعدما كان B، وهذا الرفع في التقييم يحصل لأول مرة منذ 21 عاماً.

وقد ركز المسؤولان على عدد من النقاط، أهمها أن الأردن الذي واجه تحديات إقليمية ودولية كثيرة منذ العام 2003 حتى الآن، مثل الربيع العربي، ولجوء ثلاثة ملايين لاجئ إليه من الدول العربية المجاورة، وجائحة كورونا، وحرب أوكرانيا، وأخيراً الحرب على غزة والضفة الغربية، قد تمكن من استيعاب كل إسقاطات هذه الحوادث الكبرى على اقتصاده، وأظهر الأردن مرونة واستجابة مكنتاه من إثبات قدرته على التعامل مع التحديات التي تواجهه.

أما الأمر الثاني، فهو أن الأردن الذي قلّت المساعدات المقدمة إليه من العرب والأجانب، والتي كان من شأنها تغطية النفقات الإضافية التي ترتبت عليه بسبب زيادة سكانه بأعداد كبيرة بالأرقام المطلقة والنسبية، قد عانى من زيادة العجز في الموازنة، ومن نمطيتها بزيادة الضرائب والرسوم محلياً وبالاقتراض من الخارج. وكانت الحصيلة أن زادت قروضه الداخلية والخارجية بمقدار 10 مليارات دولار في السنوات الأربع الأخيرة. وفي العام 2023 بالذات قفز الدين العام من 43.3 مليار دولار آخر شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2022 إلى 46 مليار دولار في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. أي قفز خلال عام 2023 بمقدار يداني 2.7 مليار دولار. ولذلك، فإن تقدم الأردن إلى تقييم أعلى سيمكنه من سد العجز بقروض خارجية وداخلية بكلف أقل.

والأمر الثالث هو تصريح وزير المالية بأن مثل هذا الرفع في الأداء الدولي سيعزز المزيد من الثقة في الاقتصاد الأردني، وسوف ينعكس إيجابياً على الأفراد والأسر الأردنية من حيث تحسن الأوضاع. ويجب التذكير في هذا الإطار بأن عدد سكان الأردن يرتفع بمعدل يفوق 3.2% في السنة لأن الزيادة الطبيعية السنوية في السكان تصل نحو 2.9% سنوياً من ناحية، وبسبب الزيادة في أعداد المهاجرين واللاجئين إلى الأردن بنسبة تقارب 0.3% سنوياً من ناحية أخرى. ولكن هذا لم يقابله في السنوات الثماني الأخيرة سوى زيادة تتراوح بين 2.2% و2.6% في الناتج المحلي الإجمالي. وبعبارة أخرى، فإن معدل دخل الفرد قد تراجع بنسبة تقارب 0.8% سنوياً. وتقول الإحصاءات الدولية الصادرة عن صندوق النقد الدولي إن ترتيب الأردن حسب معدل دخل الفرد بين الدول الأعضاء في الصندوق قد تراجع من المرتبة 89 عام 2019 إلى 117 عام 2023. وكذلك فقد حصل تراجع في عدالة توزيع الدخل حسب مقياس معامل الجيني أو ما يسمى (Gini Coefficient).

أما محافظ البنك المركزي الأردني د. عادل شركس فقد قدم رواية حسنة وأكثر إبهاجاً من شريكه وزير المالية د. محمد العسعس خلال المؤتمر الصحافي. لقد تبين من الإحصاءات النقدية أن الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي قد قفز إلى 19 مليار دولار. وبالدنانير الأردنية، ارتفع هذا الاحتياطي من حوالي 14.1 مليار دينار في شهر سبتمبر/ أيلول 2023 إلى ما يقارب 14.6 مليار دينار في آخر العام. وهذا يكفي لتغطية مستوردات الأردن لمدة ثمانية أشهر وزيادة، في وقت بلغت الودائع بالدولار لدى البنوك التجارية نحو 10 مليارات دولار. وبذلك يبلغ مجموع موجودات الجهاز المصرفي الأردني من العملات الأجنبية نحو 29 مليار دولار.

وبالطبع، فإن ارتفاع أسعار الفوائد قد ساهم في احتفاظ الأردنيين بالودائع بالدينار بسبب الهامش الذي يصل إلى حوالي أربع نقاط مئوية كفرق بين سعر الفائدة على الدولار وسعرها الأعلى على الدينار.

وكذلك حققت المصارف الأردنية خلال العام 2023 أرباحاً عالية نسبياً، ما يعكس استقراراً في وضع الجهاز المصرفي. في المقابل، فإننا لو نظرنا إلى عرض النقد في الأردن فقد بلغ حوالي 43 مليار دينار أردني (الدينار الأردني يساوي 1.4 دولار) في شهر فبراير/ شباط من العام 2024. ولو افترضنا أن هذا الرقم بقي على حاله حتى نهاية العام، وأن الناتج المحلي الإجمالي الجاري وصل كما هو مقدر إلى (53.6) ملياراً، فإن سرعة دوران النقد تصل إلى 1.25، وهو رقم أفضل مما كان عليه سابقاً بنسبة قليلة، ولكنها تعكس انفراجاً ولو بسيطاً في أزمة السيولة. ولكن لو أخذنا مقياساً لعرض النقد أوسع من (M2) أو النقد المتداول والودائع تحت الطلب والتوفير، وأضفنا إليه بعض الحسابات النقدية، فإن سرعة تداول النقود سوف ترتفع أكثر.

إذن، نستطيع القول مما صرح به المسؤولان الاقتصاديان في الأردن، إن الوضع الاقتصادي فيه يعكس توازناً واستقراراً من المنظور المالي والنقدي. ولكن هناك تحديات ما زال على الأردن أن يواجهها إذا أراد مكافحة العجوزات الواضحة في سوق العمل، وسوق السلع والخدمات، والعجوزات المتزايدة في مداخيل الأسر التي ترتفع عليها الأسعار بمعدل يقارب 2.7% عام 2023 مقابل حوالي 4.5% في العام الذي قبله.

وقد عقد المسؤولان مؤتمراً صحافياً ثانياً في نفس اليوم، بمشاركة أحد المسؤولين من صندوق النقد الدولي، والذي حضر إلى عمّان عاصمة الأردن من أجل إعداد تقرير وتوصيات عن المراجعة الاقتصادية للأردن دعماً لبرنامج التصحيح وإعادة الهيكلة الذي سيوقعه مع الصندوق بعد موافقة الجهات المسؤولة في الصندوق عليه. ويشمل هذا البرنامج تقديم (1.2) مليار دولار للمملكة على شكل قروض مُيسرة بهدف دعم برامج التصحيح والهيكلة في عمّان.

هذا المؤتمر الصحافي المذكور أتى بعد انتهاء بعثة الصندوق من إجراء المراجعة بشأن تسهيل الصندوق المُمدد (Extended Fund Facility or EFF) والذي وصف بأنه برنامج منطلق بقوة على الرغم من البيئة الخارجية الصعبة. وهذا أيضاً تقرير إيجابي يعزز سمعة الأردن، ويجعله أكثر جذباً للقروض التجسيرية وطويلة الأمد، خاصة وأن الأردن قد أقر مشروعه للتحديث الاقتصادي خلال السنوات العشر القادمة المنتهية عام 2033، والتي تهدف إلى جعل الاقتصاد الأردني أكثر اعتماداً على الذات، وأكثر إنتاجاً وإنتاجية، ومستعداً دائماً للاستجابة السريعة والفعالة لاحتواء الآثار السلبية الناجمة عن ظروف خارجية أو طارئة داخلية.
------------
ويكمن التحدي الأساسي للاقتصاد الأردني في القدرة على الحصول على تمويل يناهز 40 مليار دولار، وبمعدل أربعة مليارات سنوياً بأسعار العام 2023 من أجل أن يعيد الهيكلة الاقتصادية الإنتاجية، ويستكمل البنى التحتية والمرافق الأساسية، ويحل مشكلتي الطاقة والمياه والإنتاج الغذائي، ويوفر في الوقت نفسه مائة ألف فرصة عمل سنوياً (أو مليون فرصة عمل) للشباب الأردني خلال مدة برنامج التحديث. وفي تقديري أن تشجيع الاستثمار في الأردن من قبل أهل الأردن والعرب والعالم يتطلب عدداً من الشروط التي يجب توفيرها من الآن بشكل مقنع.

أول هذه الشروط تحقيق الاستقرار التشريعي بكل القوانين ذات التأثير على الاستثمار، بدءاً من الضرائب والرسوم وانتهاء باحترام العقود التي يوقعها المسؤولون الأردنيون مع المستثمرين. وهذا الأمر بدوره يتطلب تطويراً للقدرات التفاوضية للمسؤولين عن هذه الاستثمارات في الأردن، ووضوحاً في نصوص العقود بهدف تقليص احتمالات الخصومة معهم.

وكذلك لا بدّ من معالجة المشروعات القائمة والمتعثرة خاصة إذا كانت على شكل شركات مساهمة عامة، وهي الشركات التي تتداول في البورصة (سوق عمّان المالية). ولا يجوز أن يبقى عدد لا بأس به من هذه الشركات يتداول في البورصة عند نصف أسعار قيمها الإسمية. ولذلك يجب تحديث قانون الإعسار الاقتصادي، وتقليل الروتين. ومن دون معالجة الخلل في الاستثمارات القائمة، فإن جذب الاستثمارات الجديدة يصبح صعباً.

أما الشرط الأخير المهم، فهو محاربة أي شبهة فساد في أي مكان، وتقليل الروتين، وتحسين آلية اتخاذ القرار، ومعاقبة الجبناء الذين يخشون اتخاذ القرار، والفاسدين الراشين أو المرتشين، وتسهيل الإجراءات القضائية.

صحيح أن الاستقرار النقدي والمالي، وثقة العالم بمرونة الأردن وقدرته على مواجهة الظروف الخارجية بكفاءة أمران ضروريان، ولكنهما ليسا كافيين وحدهما لتحقيق رغبة الأردن في الوصول إلى أهدافه التنموية في ظل المناخ الإصلاحي الشامل الذي تبناه الملك عبدالله الثاني، والذي يعتبر ثالوث التحديث الاقتصادي، والتطوير الإداري والمناخ السياسي الديمقراطي رزمة واحدة متكاملة.

(عن العربي الجديد)
-----------------
يكمن التحدي الأساسي للاقتصاد الأردني في القدرة على الحصول على تمويل يناهز 40 مليار دولار، وبمعدل أربعة مليارات سنوياً بأسعار العام 2023 من أجل أن يعيد الهيكلة الاقتصادية الإنتاجية، ويستكمل البنى التحتية والمرافق الأساسية، ويحل مشكلتي الطاقة والمياه والإنتاج الغذائي، ويوفر في الوقت نفسه مائة ألف فرصة عمل سنوياً.

دلالات

شارك برأيك

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 82)