أقلام وأراء
الجمعة 10 مايو 2024 10:13 صباحًا - بتوقيت القدس
«رفح»... لا مفرّ؟
لم تخفِ حكومة نتنياهو والمسؤولون الإسرائيليون منذ البدء، نيتَهم إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم من غزة. وهم لا يزالون يتحدثون اللغة نفسها، ولم يتراجعوا قيدَ أنملة.
فإما أنَّ العالم متواطئ ويظهر العكس، وإما أنه يفضّل تجاهل ما يعلم، ليستريح. كل ما صدر عن هؤلاء المسؤولين الذين لا يزالون في مناصبهم، ارتُكب أمام الكاميرات، وأحياناً بالبث المباشر. لنتذكر بن غفير وزير الأمن القومي حين قال إن «تدمير (حماس) يشمل الجميع، كلهم إرهابيون ويجب أن يتم قتلهم أيضاً»، أو أحد المسؤولين الإسرائيليين الذي أعلن بوضوح أن «كل هذا الكلام عن المدنيين الذين لم يفعلوا شيئاً هو كذب مطلق. سنقاتلهم حتى نكسر عمودهم الفقري». وقد قُتل الصغار قبل الكبار، والنساء أكثر من الرجال. وبينما تطلق المؤسسات الدولية صرخات الاستغاثة والتحذير بأشد العبارات وأكثرها حزماً، من مذبحة غير مسبوقة سترتكب في رفح، لا يتراجع نتنياهو لحظة واحدة عن التأكيد على أنه ماضٍ في مخططه حتى لو أبرمت صفقة، وخرج كل الرهائن.
اليوم، تبدي أميركا عدم موافقة على اجتياح رفح، على اعتبار أن القادم سيكون مروعاً، وليس بإمكان أحد احتماله. لكن التصاريح لا تتحدث عن رفض، بل عن «التزام بشكل مطلق بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». كما يقول وزير الدفاع الأميركي. وما هو مطلوب في رفح من إسرائيل «خطة تأخذ في عين الاعتبار أمن وسلامة المدنيين». فما الإستراتيجية العسكرية الممكنة لتنفيذ حرب مدمرة على مساحة 50 كلم فيها مليون ونصف المليون من المشردين القابعين في الخيام، من دون طعام أو شراب بينهم الجرحى والمعوقين؟ أي تناقض!
مشّطت إسرائيل 300 كيلومتر من غزة، ودمرتها على بكرة أبيها وقتلت 34 ألف شخص وخلّفت 10 آلاف مفقود، ولم يبقَ لها سوى رفح المكتظة على الحدود المصرية، ومع ذلك لا تزال الصواريخ تخرج من الشمال وتطول غلاف غزة. كم من نفق ستعثر عليه إسرائيل في رفح، إن لم تتمكن من مدينة غزة نفسها؟ وفي المقابل كم عدد الضحايا الذين سيسقطون، من أجل الانتصار الهزيل الذي يبحث عنه نتنياهو؟ إلا إذا كان الهدف الذي أعلن عنه في البدء لا يزال ساري المفعول، وهو الدفع بالأهالي إلى سيناء.
ثمة ما يبعث على الريبة، إلى أين يذهب أهل رفح الذين بينهم مَن يهجّر للمرة العاشرة. يقولون لهم إلى المواصي (آمنة)، المنطقة التي مَن وصلوا إليها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، فما بالك حين يزحف عشرات الآلاف إلى منطقة بور بلا شوارع، ولا أقنية تصريف أو تمديدات مياه، ولا كهرباء ولا إنترنت. الموجودون في تلك المنطقة أصلاً بحاجة إلى معجزة لتنتشلهم.
الاستيلاء على معبر رفح وإغلاقه بالكامل ومنع إدخال الطعام والمستلزمات الطبية، وإخراج مئات الجرحى، كل ذلك إمعان في قتل المدنيين والمصابين وتحضير لمجاعة كبرى وشاملة.
رفح مدينة الأطفال الذين ينتظرون الموت، 600 ألف طفل بينهم 78 ألف رضيع، هذا غير المسنين والجرحى والمعوقين. ثمة مَن باتوا بلا أطراف وليسوا قلة. نصف سكان غزة متكومون في رفح. وصلت الخيام إلى كل بقعة، تحت السلالم، في الدكاكين، خيام من كرتون وأقمشة ممزقة، أطاحتها العواصف. وها هم السكان يخشون لهب الصيف المقبل بعد أن توفيت صغيرة من شدة الحرارة.
ما يحدث فاجعة لا يمكن وصفها، وتنويه إسرائيل أسوأ مما يمكن تصوره.
ولا يزال نتنياهو يكرر: «إن أحداً لن يمنع إسرائيل من الدفاع عن نفسها. وإذا كان يجب أن تبقى وحدها، فهي ستبقى وحدها»، وهذا غير ممكن.
إسرائيل تعتمد التفوق الناري الساحق، بحاجة لذخائر وشحنات سلاح مستمرة. وهذا تتلقاه منذ بداية حربها على غزة. لا يتمتع الاحتلال بأي استقلالية في الصناعات العسكرية التي ترتكب بها الإبادة الجماعية. ويعتمد بشكل كبير على الموردين الأجانب للعديد من الطائرات الحربية والمروحيات والسفن الحربية والغواصات، من أميركا بالدرجة الأولى ثم ألمانيا وتليها كندا وهولندا.
زوّدت أميركا إسرائيل بمائة صفقة سلاح منذ بداية حربها حتى مطلع أبريل (نيسان) الماضي، غالبيتها غير معلنة، بحسب «واشنطن بوست». وفي الأول من أبريل، (اليوم الذي قتلت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية 7 من عمال الإغاثة التابعين لمنظمة المطبخ العالمي)، في اليوم نفسه، وافقت وزارة الخارجية الأميركية على نقل أكثر من ألف قنبلة لإسرائيل من زنة 500 رطل.
مئات أطنان الأسلحة تم تسليمها، بعد أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت شخصياً أن «مَن نقاتلهم هم حيوانات، ونتصرف معهم على هذا الأساس». شارحاً خطته بوضوح: «لا كهرباء، لا ماء، لا وقود، كل شيء مغلق». بهذا المعنى إسرائيل لم تخدع حلفاءها.
في فبراير (شباط) الماضي، شرح الجنرال الإسرائيلي المتقاعد غيورا آيلاند أن انتشار الأوبئة في قطاع غزة «سيقرب إسرائيل من النصر»، ويقلل «الخسائر في صفوف جيشها. وعلى إسرائيل ألا تخجل من ذلك». هذا الجنرال ليس نكرة فقد كان رئيس مجلس الأمن القومي حتى عام 2006، وهو الذي دعا إلى «جعل غزة مكاناً من المستحيل العيش فيه»، وسط صمت ما يسمى المجتمع الدولي.
النيات الشريرة لم تكن سرية في هذه الحرب، ونتنياهو يردد ألا بديل عن اجتياح رفح. وهو إن لم يبتلعها قطعة واحدة، سيقضمها بالتقسيط. وقد اقتطع الجزء الأول، والمقبل مرعب حقاً، ليس لأن إسرائيل متوحشة، بل لأن العالم باع ضميره.
الاستيلاء على معبر رفح وإغلاقه بالكامل ومنع إدخال الطعام والمستلزمات الطبية، وإخراج مئات الجرحى، كل ذلك إمعان في قتل المدنيين والمصابين وتحضير لمجاعة كبرى وشاملة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
هآرتس: نتنياهو أحبط 3 مرات التوصل لصفقة "الرهائن"
الأكثر قراءة
"حماس" تنفي انتقال قياداتها من قطر إلى تركيا: أنباء غير حقيقية
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
«رفح»... لا مفرّ؟