أقلام وأراء
السّبت 30 مارس 2024 11:44 صباحًا - بتوقيت القدس
إسرائيل مازوشية أيضاً
تلخيص
لن نضيف جديداً إذا وصفنا ما يحدث في قطاع غزة بجريمة إبادة مستمرة من دون أن ينجح العالم في ردع القائم بهذه الجريمة التي أدت حتى الآن إلى قتل أكثر من 33 ألفاً، وإصابة أكثر من 75 ألفاً.
ولقد كان واضحاً منذ انطلاق هذه الحرب المنزوعة من كل المعايير والأخلاق أنها حرب إبادة، وتهدف فعلاً، كما صرحت إسرائيل نفسها بذلك، إلى القضاء على الوجود الفلسطيني. لذلك رغم قتل الآلاف، فإن ذلك لا يمثل شيئاً بالنسبة إلى إسرائيل طالما أن الهدف لم يتحقق.
طبعاً من ينخرط في مثل هذه الجرائم والحروب يسقط في نوع من سوء التقدير لكل شيء، وهو سلوك سادي في ظاهره، ولكنه مازوشي أيضاً في حقيقته.
وهي حرب إبادة لن تحقق أهدافها مهما ارتفعت حصيلة الشهداء القتلى بالسلاح الإسرائيلي. بل إن الإبادة الحقيقية بالمعنى الرمزي للكلمة قد وقعت فيها إسرائيل، حيث إن ما خسرته خلال هذه الحرب أكبر مما هي تعتقد. وفي هذا السياق، ورغم أن قرار مجلس الأمن الأخير القاضي بالتوقف الفوري عن إطلاق النار لم تلتزم به إسرائيل، فإنه يحتسب من خسارات إسرائيل الكبيرة، فللمرة الأولى تمتنع الولايات المتحدة عن استخدام حق «الفيتو»، والاكتفاء بالامتناع عن التصويت. كما أنه قرار حظي بتأييد كبير من طرف 14 دولة، وهذا لا يحصل بشكل متواتر. لذلك فإن صدور مثل هذا القرار من دون أن يصطدم بحق «الفيتو» من الولايات المتحدة فإنه يمثل نقطة لصالح القضية الفلسطينية، وحدثاً لن يهمله التاريخ.
كما أن الحديث عن مدى إلزامية هذا القرار النوعي نعتقد أنه حديث محبط، ويعمل على تبخيس المكسب الفلسطيني الرمزي. ذلك أن مجلس الأمن جهاز تنفيذي في الأمم المتحدة، والدول التي شملها في السابق قرار لإيقاف إطلاق النار قد استجابت بشكل عام.
ويبدو لنا أن الإنجاز ليس في مدى إلزامية هذا القرار من عدمه، لأن إسرائيل مارقة على القوانين الدولية، وهذا ليس جديداً، وليس خرقاً للمعهود منها. في حين أن الجديد، والذي يحدث للمرة الأولى، هو امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق «الفيتو» لصالح إسرائيل في قرار يدعوها إلى الوقف الفوري لإطلاق النار.
يمكن القول بأن تمادي إسرائيل في حرب الإبادة التي هي عبارة عن جرائم إبادة لا يمكن احتسابها من شدة حجمها، وبشاعتها، فتماديها في جريمة الإبادة الجماعية قد بدأ ينتج منه نوع من الحرج. وأول الحرج عن الجرائم الأخلاقية الإسرائيلية هو: لا حق لحق «الفيتو».
أيضاً هناك نقطتان لافتتان للانتباه في حرب الإبادة الراهنة هما: إنها إبادة ممعنة في الإبادة، لكونها تستهدف بشكل غير مسبوق وصادم النساء الفلسطينيات، وفي إبادتهن إبادة للنسل، وللعائلة، إضافة إلى أن الأطفال أيضاً مستهدفون، إلى درجة أن معظم احتجاجات الرأي العام العالمي كان بسبب استهداف الأطفال الأبرياء، وتعذيبهم، وإيلامهم. ففي استهداف الأطفال استهداف للجيل القادم، وهذا هدف قصير المدى من أهداف الإبادة.
لم تنطلِ طريقة ممارسة إسرائيل للإبادة على العالم. ولكن وهي تقتل النساء والأطفال خسرت الكثير من حلفائها، لأنها سحبت من تحتهم البساط، ولم يجدوا سردية مقنعة لمواصلة دعم إسرائيل. إنه الحرج الأخلاقي عندما يبلغ منتهاه، وهو أول مظهر من مظاهر الضعف والعزلة. هكذا سقطت إسرائيل كما لم تسقط من قبل: نساء غزة وأطفالها كانوا وراء عجز إسرائيل هذه المرة عن استخدام الحق الذي لطالما قهر الفلسطينيين: حق «الفيتو».
لم يقف الأمر عند هذا الحد. فهي ليست فقط حرب إبادة وكفى، بل إنها حرب إبادة بجميع الأسلحة، بما فيها السلاح الذي لا تستورده، وهو سلاح التجويع: تجويع الفلسطينيين. وهنا الحرب كانت إعلامية اتصالية بامتياز، ولم يمر بث صور الجوع غير الإنسانية مرور الكرام. فالشاشات وعدسات المصورين نقلت للعالم صور الفلسطينيين وهم يتضورون جوعاً، ويموتون جوعاً. ونقلت نشرات الأخبار أيضاً ما تقوم به إسرائيل من إعاقة لعمليات دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
من مصلحة إسرائيل الإيقاف الفوري لإطلاق النار، لأنها مرشحة إلى مزيد من العزلة، وإلى سيناريوهات ستكون على شاكلة قرار مجلس الأمن الأخير، أي سيناريوهات للمرة الأولى.
ومع كل هذا، فإنه لا إبادة للشعب الفلسطيني، ولو كانت لديه قابلية للإبادة لتم ذلك من عقود.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
بعد وقف اطلاق النار: المعركة النفسية لا تنتهي
السلطات المتجددة ، أدوات جديدة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط .
مروان أميل طوباسي
الوطن العربي بين جحيم ترامب والنهوض؟
د. فوزي علي السمهوري
أهوال جحيم الإبادة
بهاء رحال
صوت الكفاح الفلسطيني العاقل
حمادة فراعنة
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
قلقيلية: الاحتلال يهدم منزلاً ومحلاً تجارياً ومنشأة زراعية ويجرف أراضي
كتيبة جنين والمقاومة في مخيم جنين توافق على مبادرة الوفاق الوطني
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟
الأكثر قراءة
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 415)
شارك برأيك
إسرائيل مازوشية أيضاً