أقلام وأراء
السّبت 30 مارس 2024 11:42 صباحًا - بتوقيت القدس
وسائل الاعلام ودورها الفاعل المنشود
تلخيص
أنطلق هنا من انحيازي التام الى المجتمع البشري ككل، مع التركيز على خصوصية المجتمع الفلسطيني، وحقه في الحصول على المعلومة الدقيقة، خاصة في حالتنا السياسية والمعيشية الراهنة، لا سيما في ظل الأزمات والحروب، كما هو حالنا اليوم ( قتل، أٍسر، تدمير تشريد وتجويع واذلال ...).
يتوخى المواطن أن يرى دورا فاعلا لوسائل الاعلام بكافة أشكالها (المقروءة ، المسموعة والمرئية ، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف مسمياتها)، لا سيما وأن القارىء / المشاهد لا يبحث فقط عن الحقيقة الصائبة (مع الادراك أن هذا المصطلح هو نسبي، كون ما هو حقيقة لي قد يكون العكس لك، وذلك تماشيا مع احترام وتجسيد حريتي التفكير والتعبير.
أولى توقعاتنا من الاعلام الفلسطيني ( الرسمي والأهلي الخاص) الابتعاد عن خطاب الكراهية والتحريض نحو الاّخر الفلسطيني، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك عدم اللجوء الى نهج الاقصاء والاستبعاد للبعض عن منصاته الاعلامية .
سبق لنا في مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE اطلاق مشروع تدريبي في هذا المجال، وبالتنسيق مع كافة دوائر الاعلام في الجامعات وكليات المجتمع الفلسطيني داخل الوطن المحتل، ونقابة الصحافيين في حينه، مستهدفين طلبة الاعلام سنة رابعة، ومدراء تحرير وصحافيين ذكورا واناثا من مختلف المشارب الفكرية والتوجهات السياسة، حيث استمر البرنامج التدريبي هذا لمدة أربع سنوات، تم تتويجه باصدار دليل عمل مختص في الموضوع ذاته، واطلاق الدليل في مؤتمر خاص عقد في حرم جامعة النجاح الوطنية عام 2015 بعنوان، الحريات الأكاديمية والاعلامية في فلسطين، صدر عنه اعلان القدس للحريات الاعلامية أسوة بـ "اعلان ليما " الشهير ، اضافة الى توزيع الدليل مجانا على جميع المؤسسات الاعلامية والأكاديمية.
يأتي التوقع الثاني في القول "الحقيقة الموجعة أفضل من المجاملة والمراوغة في الفحوى. لنا أن نكتفي هنا بمجالين لضيق المساحة هما: أخبار اللقاءات المكوكية ومفاوضات انجاز التوافق الوطني والخلاص من حالة الانقسام البغيض وتبعاته الكارثية على قضيتنا الوطنية، أما المجال الثاني فهو حرب السابع من اكتوبر 2023 المتواصلة لحين كتابة هذه السطور، وما تشهده من مجازر والموقف الدولي منها، اذ على الاعلام الفلسطيني التفريق بين موقف الدول والحكومات ومواقف الشعوب المؤيدة لنا.
لنكن واضحين مع ذواتنا ومع شعبنا أن الموقف الرسمي لغالبية الحكومات الرسمية (الأوروبية وأمريكا بالتحديد) ينبع من العداء القديم الجديد لنا ولقضيتنا العادلة منذ عقود خلت، الأمر الذي يستدعي الكف عن أسلوب مناشدة المجتمع الدولي ومؤسساته العاقرة وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، احد الحصون الأمريكية والأوروبية في الابقاء على ا ضطهاد الشعوب، بدليل المعايير المزدوجة التي يتبعها حيال الأزمات والصراعات الدولية.
أما التوقع الثالث فهو: قد لا يخطر على بال الكثيرين أن للاعلام دور مهم جدا في تعزيز المناعة النفسيّة لدى المواطن ، بدءا من صياغة الخبر وانتقاء الألفاظ والتعابير والصور المستخدمة، وانتهاء بتكثيف نشر الرؤى والمقالات الارشادية في هذا الشأن. ولنا أن نسجّل هنا ملاحظات نوعيّة هامة، ألا وهي اتساع دائرة ورقعة المهتمين، بل والمقتنعين بأهمية دور الصحة النفسية في بعض المؤسسات الاعلامية، لانجاز الاستقرار والسلم الأهلي، سيرا نحو تحقيق الحلم المنشود، مقارنة بما كان عليه الوضع سابقا في وسائل الاعلام القائمة، ولنا أن نشيد هنا بدور صحيفة "ے" ووكالة "معا"، و"صوت الوطن"، و "شبكة شفا" الاعلامية في هذا المجال، لما تخصّصه من مساحة وأهمية للموضوع ليس فقط من خلال دوام النشر، بل وابرازه بشكل ملحوظ، وذلك استجابة منهم الى حقيقة أن المجتمع االفلسطيني بحاجة الى معرفة المزيد عن اّليات توظيف الصحة النفسيّة ايجابا، بحثا عن سبل مواجهة الاضطرابات السلوكية المتنامية في ظل أجواء العنف المحلي والسياسي المتواصل، اضافة لضرورة التعرف على الجهود الحثيثة المبذولة من قبل مؤسسات المجتمع المدني بهذا الحقل، وبالأخص دور علم النفس الإيجابي في تنمية مهارات افراز واجترار القدرات الذاتية للفرد، كرفع منسوب تقدير الذات Self-esteem وتوظيف ما لديه من مكنونات قوة ودافعية ، بدلا من الاستكانة والخنوع وانتظار الفرص والعجائب أو اللجوء الى الشعوذة لمواجهة الحالة النفسية المترديّة لديه، ودرءا للمخاطر من خلال العمل وتفعيل قدراته الذهنية والجسمانية والعاطفية، من أجل تحدي المعيقات والتي أهمها دحض المفاهيم السلبية المسبقة و الهرطقات .
بهذا يتم الـتأسيس لنهج شراكة مسؤولة بين الاعلام الفلسطيني، وكافة العاملين في ميدان الصحة النفسيّة، وضمان ضخ أكبر قدر ممكن من المعارف والمهارات الفردية والجمعية ، توكيدا لضرورة ووجوب المشاركة بالعلم النافع وتقبل الأعمال من الفاعلين العاملين بمهنيّة وتفان، وانخراط كافة الفئات العمرية والشرائح المجتمعية لضمان التفاعل بين الفردي والجمعي ، لا سيما مع تكرار البحث والسؤال عن كيفية الاعتماد على الذات دون الاكتفاء بردود فعل انفعالية، علاوة على أهمية التدرب في أنماط التفكير الإيجابي، وتعزيز الطاقات الايجابية والابتعاد الكلي (قدر الامكان) عن مصادر الطاقة السلبيّة (أشخاصا واشاعات مزعومة ...) مع الحرص على عدم نشر الوهم، وكأن الصورة كلها ورديّة، فهناك السلبيات القائمة والممكنة في واقع الحياة اليوميّة، حتى لا يكون المجتمع لقمة سائغة لليأس والنكوص والتشاؤم المطلق، ناهيك عن دوام اليقظة الذهنية والابداع في بلورة مهارات لتوجيه الذات، ورفع جهوزية المناعة الذاتية في مجابهة المخاطر ومصادر الضغوط النفسيّة لدى الكل المجتمعي، من خلال توفر المرونة flexibility والقدرة على المواءمة الى حد ما (resiliency skills) عند وضع وبلورة خطط عملية للمجابهة، بعد الحصول على المعرفة الحقّة من وسائل الاعلام هذه، والتي بدورها تمكنّ أفراد المجتمع الانتقال من دائرة التوصيف الى دائرة الفعل والعمل، مما يوفّر فرصة نوعيّة لتحصين المناعة السيكولوجية للمواطن والنهوض بالواقع المعيشي الوطني.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
وسائل الاعلام ودورها الفاعل المنشود