أقلام وأراء
الثّلاثاء 12 أبريل 2022 9:46 مساءً - بتوقيت القدس
كأننا عشرون مستحيل
بقلم: عيسى قراقع
النازيون الجدد يحرقون الناس في لهيب القنابل والصواريخ في قطاع غزة، يبيدون عائلات بأكملها، أصوات أطفال تحت ركام البيوت المقصوفة، دمٌ ولحمٌ وعظمٌ ونيرانٌ مشتعلة، كل جندي اسرائيلي تحول الى هتلر، دولة اسرائيل دولة هتلرية ترتكب الجرائم والحرائق وتتفوق على النازية، جيشها جيش الذبح، وصمة عار على جبين العالم والقيم والعدالة الانسانية.
النازيون الجدد يستكملون سياسة التطهير العرقي التي بدأوها قبل 73 عاماً خلال النكبة، الهدمُ والطردُ والتصفيات والاعتقالات والقتل الجماعي ومحو المكان والزمان والتاريخ الفلسطيني من الذاكرة، ويتجاوز النازيون الجدد حدود الابادة ان كانت هي ابادة، ويتجاوزن قواعد الحرب ان كانت هي حرب، لم تتسع ثلاجات الموتى ولا المقابر، لم تتسع عين الكاميرا ولا البلاغة الصحفية لكل هذا الفيضان من الدم والجثث والأجساد الممزقة.
النازيون الجدد يملأون وجه العالم بالدم والمصائب والصدمات، آلاف الاطنان من القنابل تنهال فوق رؤوس السكان المدنيين في غزة، يقصفون أرضها وبحرها وطيورها ونخيلها، نازيون قادمون من جهنم، يستمتعون برؤية الدم والاشلاء المتناثرة، مقياس النصر عندهم بعدد القتلى الذين يسقطون في صفوف الفلسطينيين، تاريخ اسرائيل هو تاريخ حروب، والناس ليسوا اكثر من بنك لاهدافها الاجرامية.
هل شاهد العالم كيف يخرج الموتى من تحت جدار او انقاض بيت او خزانة؟ الاسمنت والحديد والتراب وحليب الاطفال والعيون المفقوءة والايدي المبتورة، الرجال والشباب والنساء والصغار، الأمهات والاباء والجيران وحبال الغسيل، الصواريخ تلاحق الظل والحمامة والابتسامة.
النكبة استفاقت من نكبتها الآن، تحركت عظام الشهداء والبيوت المنسوفة وغضب اللاجئين والمهجرين، هي انتفاضة العودة في الجليل والنقب واللد وكفر كنا وأم الفحم وعكا وحيفا وسخنين وعسقلان ويافا وبئر السبع والناصرة، انتفاضة هدمت الجدران والحدود الفاصلة، هدمت سياج ومخططات الفصل العنصري، حاصرت المستوطنين الحاقدين في القدس العاصمة، في باب العامود وباب الرحمة والشيخ جراح وسلوان والعيسوية وفي الاقصى والقيامة، تتوهج القدس بروحها الكونية وتسيل في ملحمة الصمود في غزة، تتوهج القدس في شوارع الضفة، تنتفض في الحياة وفي الموت وفي المظاهرة.
انتفاضة النكبة تحاصر دولة الاحتلال، هذه الدولة التي اقيمت كملجأ للشعب اليهودي كما تدعي، اصبحت اليوم اكثر مكان غير آمن لليهود، انتفاضة الضحايا حشرتهم في الملاجئ تحت الأرض، بيوتنا التي يسكنونها انتفضت، شوارعنا التي يمشون عليها انتفضت، حدائقنا وكواشين اراضينا، طيورنا وأغانينا، خبزنا وقمحنا وعظام اجدادنا انتفضت وليالينا العامرة.
انه الجيل الفلسطيني الجديد، جيل افاق من غرف التحقيق، جيل كأنه عشرون مستحيل، ولد بعد اتفاقية اوسلو فاكتشف انه لازال مقيداً بالحديد، جيل خرج من السجون مصدوماً معذباً مهاناً، لا مساحة للسلام والاستقرار، حياته محصورة بين سجن النقب وسجن شطة، بين حاجز عسكري في عصيون وحاجز آخر في الجلمة، حياته رهينة لرصاصة قناص اسرائيلي وعربدة مستوطن مشبع بالتطرف والكراهية.
جيل فلسطيني يدفع ثمنا غالياً في الشارع وفي المدرسة وفي المحاكم العسكرية، يطحن يومياً على يد منظومة القمع الاسرائيلية، ليس له فضاء، لا يرى امامه سوى الجدران العازلة، لا ينام، الاقتحامات والمداهمات والجنازات الكثيرة، حياة شوهها الاحتلال من الوريد الى الوريد، جيل فلسطيني يدافع عن حياته الان وعن حياته القادمة، يجمع العمر الذي مضى والعمر الذي سيأتي في قبضة واحدة.
جيلٌ فلسطيني كأنه عشرون مستحيل، لا يعرف الخوف، يحاصر تل أبيب، يفرض منع التجوال والهستيريا على من اعتقدوا انهم اكملوا مشروع الموت السياسي للقضية الفلسطينية، هل تراه وهو يسير الى الأمام؟ يقفز للأعلى، يقرع الباب، يدق الجرس، مكشوف الوجه يشعل جسده امام الدبابة ويغتسل بالضوء والحياة والصلاة.
العدوان البربري على قطاع غزة وعلى مدينة القدس أسس لمرحلة سياسية جديدة، وعي هذا الجيل المنتفض اعاد للقضية الفلسطينية مكانتها وثوابتها الاساسية: العودة والحرية والكراملة والدولة والقدس العاصمة.
جيل فلسطيني كأنه عشرون مستحيل، لم تعد الحرب والمجازر هي الحاسم في هذا الصراع وفي الهيمنة والسيطرة، سقطت كل مخططات وبرامج التدجين والانصهار والتطبيع والتذويب والأسرلة، جيل فلسطيني يتحصن داخل قلعة ذاته وفي هويته بعد ان عجز المجتمع العالمي عن توفير العدالة والحماية الدولية.
هناك ما هو أقوى من السلاح ومن الغارات الحربية وتكنولوجيا الموت والقنابل الذكية، إنها الروح الانسانية المتوثبة عند الفلسطينيين، روح لم تتشكل في معسكر او مصنع حربي، لا تخضع لموازين القوى والمساومات والمقايضة، روح تتحرر من لعبة الأمم، خارج التوقعات والمعادلات والحسابات الاستعمارية، روح ان تهدمت نهضت، روح ان سقطت لكنها لا تموت، روح تتمرد وتهب واقفة.
جيلٌ فلسطيني تنبأ وافتخر به الشاعر المرحوم توفيق زياد عندما قال:
كأننا عشرون مستحيل..
في اللد والرملة والجليل..
هنا على صدوركم باقون كالجدار..
وفي حلوقكم..
كقطعة الزجاج، كالصبار..
وفي عيونكم زوبعة من نار..
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 82)
شارك برأيك
كأننا عشرون مستحيل