أقلام وأراء

الأحد 17 مارس 2024 9:47 صباحًا - بتوقيت القدس

أبراكادابرا وحكومة العصا السحرية

تلخيص

من منا لم يتمنَّ في طفولته أن يمتلك عصا الساحرة (ويني)، وبجملة واحدة يحقق ما عجز عن تحقيقه "أبرا كادبرا"، لنرى أمامنا ما اشتهينا، ربما حذاء عجيبا يأخذنا إلى بلاد الواق واق، حيث الذهب الكثير والخير الوفير، أو الحصول على كعكة عيد الميلاد التي لم نحظَ بها، أو بيتا من كل أصناف الحلوى، دون أن نضل الطريق إليه كما حدث للأخوين (هانسل وجريتي).


يبدو أن رئيسنا في طفولته تأثّر كما تأثرنا بتلك الحكايات، فبحث وما زال في فترة حكمه عن تلك العصا السحرية، وهذا يبدو واضحا من المقابلات التي أجريت معه، حيث أنه تحدث، سابقا، وبكل صراحة أنه غير مستعد أن يخطو أي خطوة لتحرير فلسطين إذا لم تبادر الدول العربية بذلك، ويتناسى أن فلسطين وبرغم المقدسات الإسلامية فيها والتي تخص كل مسلم، هي دولته التي يترأسها، والشعب الذي يكابد الويلات هو شعبه، وأن الخطوة الأولى والمبادرة يجب أن تأتي من قبله.


ولذلك وإذا ما عجز عن إيجاد العصا السحرية نجده يطير إلى بلاد الواق واق، ليست تلك التي في الشرق الأقصى أو قارة إفريقيا كما أخبرتنا الحكايات، إنما غيّر مسار الطريق إلى غرب الكرة الأرضية، حيث أمريكا التي ظنّ وما زال أنها قادرة على منحه الدعم الذي يمكنه من استكشاف كنوز بلده، غير أنها فتحت صنبورها وأغلقته متى شاءت، ليظلّ متعطشا هو وشعبه، دون أن تعلمه كيف يفتح صنبور بلده على مواطنيها، وتناسى القصص التي لم يكتشف أصحابها كنزها إلا بعد الحفر في باطن أرضها، فكان الخير من ذاتها ولذاتها.


ويبدو أن هذه الذات التي نعمت بالخير ليست ذوات الشعب الفلسطيني إنما ذوات عائلة الرئيس ومن والاه من أفراد السلطة، كما يشير الصحفي والكاتب جوناثان فانزر في مجلة فورين بوليسي، حول الثراء الفاحش لدى أسرة الرئيس عباس وأفراد السلطة الفلسطينية.


الرئيس محمود عباس الذي بدأت فترة رئاسته منذ 2005م، واستمرت تسعة عشر عاما، واختتمت بالدكتور محمد مصطفى، الذي كلف بتشكيل الحكومة في 14 آذار/مارس 2024م، يبدو أن فكرة العصا السحرية، أثناء تكليف الدكتور محمد مصطفى مهمته، لم تفارق أخيلة الرئيس على الإطلاق، وهذا يبدو من خلال ما جاء في كتاب تكليفه.


اشتمل كتاب تكليف الدكتور محمد اشتية سبعة بنود، لم يستطع تحقيق منها، على الواقع، سوى بند ونصف البند تقريبا، ومع ذلك ومما يثير الدهشة أن كتاب تكليف الدكتور مصطفى يشتمل أحد عشر بندا، وهذه المفارقة، وفي ظل الواقع الذي نعيشه على الأرض، وعدم تحقق لا وحدة ولا حتى مقومات صمود، أو انتخابات تشريعية ولا رئاسية ولا غيره، تدعونا إلى الظن "وإن بعض الظن إثم" أن رئيسنا لم يوافق على هذه البنود إلا لأنها لا تخص شعبه بقدر ما تخص بلاد الواق واق، فهذا الكلام ليس لنا وإنّما لإثبات حسن النوايا وحسن السيرة لأمريكا وللرأي العام العالمي، ويبدو هذا حقيقيًّا من خلال ترحيب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من دول العالم، بتكليف الدكتور محمد مصطفى بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة.


إلا أن ما ورد على لسان الرئيس محمود عباس من دعوته "كرئيس وزراء مكلّف للحكومة المقبلة للالتزام بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، والحفاظ على مكتسباته وحماية إنجازاته وتطويرها والارتقاء بها، وتحقيق أهدافه الوطنية كما أقرتها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ووثيقة إعلان الاستقلال، وقرارات المجالس الوطنية، ومواد القانون الأساسي، بما يكفل ممارسة كامل الصلاحيات التي تمكن الحكومة من أداء المهام المطلوبة منها".


كل بند من هذه البنود السابقة الذكر في خطابه، والفضفاضة، كان نتيجتها أحد عشر بندا تحتاج إلى عصا سحرية و"أبراكادبرا" فاعلة، تدخلنا من جديد، وعلى الصعيد الداخلي، في دائرة استنزاف الطاقات واستنزاف الوقت بلا طائل، والذي سيؤدي لا محال في النهاية إلى انفجار الشعب وعدم قدرته على التحمل والمماطلة، فالرجاء والأمل المعقود في ظل اللامعقول لن يؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة، أو وحدة، أو انتخابات، أو نهضة أو أي جديد يرفع من معنويات هذا الشعب الذي تمسك ولا يزال بقشة، إلا أن القشة الأخيرة يبدو انها هي من ستقصم ظهر البعير.

دلالات

شارك برأيك

أبراكادابرا وحكومة العصا السحرية

المزيد في أقلام وأراء

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

هناك خطة للغد

غيرشون باسكن

إسرائيل تصارع اوهام النصر

حديث القدس

الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»

عماد شقور

المفاوضات بين حماس والمستعمرة

حمادة فراعنة

المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!

سمر هواش

تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات

جابر سعادة / عابود

هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟

فتحي أحمد

التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم

ثروت زيد الكيلاني

اليابان: غزة والشرق الوسط

دلال صائب عريقات

شكراً تونس

رمزي عودة

تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة

رحاب العامور

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أسعار العملات

الأحد 19 مايو 2024 10:55 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.29

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.01

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%8

%92

(مجموع المصوتين 84)

القدس حالة الطقس