أقلام وأراء

السّبت 24 فبراير 2024 11:36 صباحًا - بتوقيت القدس

معادلة- من حفنة الطحين الى حفنة التراب الى حفنة الهواء

لم يكن مشهد الطفل الصغير يلملم بعض ما تناثر على الأرض من طحين شمالي غزة و يضعه في جيبه مختلطا بما تيسّر من اوساخ و حصى و تراب، هو مشهد التجويع الإسرائيلي الوحيد الذي يلفت العين ويكسر القلب، فلقد شاهدت من قبل أخوين عادا لمنزلهما المقصوف في جباليا، فقط من أجل أخذ كيس طحين تركاه خلفهما عندما حلت ساعة الرحيل. لم يخطر في بالهما استعادة أي شيء آخر قبل الكيس، ولما كان امر استعادته عسيرا، بسبب وحوده تحت انقاض ثقيلة، قاما بتفريغه بأيديهم قبضة قبضة، أي حفنة حفنة. ومهما يكن من شيء فإن الجوع شيء والتجويع شيء آخر. قد يكون الجوع شيئا طبيعيا بسبب الجفاف الذي يضرب في المناطق الحارة او الفيضانات التي تغرق الزرع وتجفف الضرع ، أو الجراد الذي يأتي عندما يأتي على الأخضر واليابس، ما يحدث في غزة، تجويع يختلف عن أي تجويع، فهو أولا مع سبق الإصرار والترصد، وآخر ما حرر على هذا الصعيد دعوة الوزير بن غفير لنتنياهو قبل بضعة أيام أن يستمر في منع ادخال المساعدات والشاحنات الى شمالي القطاع حتى ترضخ حماس لشروط اطلاق سراح مأسوريها. وهو – التجويع – يطول الجميع، الكبير والصغير والمقمط في السرير، كما يقال، حيث تتعامل إسرائيل مع مليونين ونصف المليون انسان على انهم كلهم حماس، وهذا في رأيي، على خطئه، اقل سوءا من اعتبارهم وحوشا بشرية وفق وزير الدفاع و رئيس الدولة.

ينقلنا هذا التجويع الاجرامي المتكثف في حفنة الطحين، الى حفنة التراب، و"تدهور مكانة إسرائيل الدولية بوتيرة متسارعة" وهذا عنوان لمحرر الشؤون الاستخبارية في صحيفة "يدعوت" رونين برغمان ، ينقل فيه عن مسؤول إسرائيلي كبير حضر مؤتمر ميونخ مؤخرا قوله: "ان إسرائيل تتدهور الى الهاوية او الجرف، انت ترى طرف الجرف وتبذل جهودا كبيرة لكي تتوقف ، وتمسك بأي حجر او بكومة تراب، حتى ذرة التراب الأخيرة". إذن ذرات الطحين التي يلملمها جياع غزة كي يخرسوا تجويعهم، قادت المجوّعين الى هاوية تفصلهم عنها ذرة تراب أخيرة.
ذرات الطحين قد تنقذ الحياة، لكن ذرة التراب الأخيرة لن تمنع الدولة من السقوط في الهاوية، واسماه الكاتب على لسان المسؤول بالسقوط الحر. وتابع: اذا لم نسقط، فاننا في مؤتمر ميونخ القادم، سننظر الى الخلف ونقول اننا في هذه السنة، خطونا خطوة كبيرة الى الامام، الى هاوية الموت " .

أما "حفنة الهواء" فهي التي تنسمتها معتقلة فلسطينية تعمل صيدلانية في احدى مستشفيات غزة، نقلت الى قسم النساء في سجن الدامون، حقق معها بقسوة وإهانة، ثم يوم الافراج عنها في معبر كرم أبو سالم ، قالت: هنا تنفست الحرية، هنا شعرت بالأمان. غزة تحت النار و التجويع و الإبادة منذ خمسة أشهر، هي الحرية و هي الأمان.

دلالات

شارك برأيك

معادلة- من حفنة الطحين الى حفنة التراب الى حفنة الهواء

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

‏ آثار ما بعد صدمة فقدان المكان الاّمن – هدم بيتك أو مصادرته

غسان عبد الله

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%20

%5

(مجموع المصوتين 211)

القدس حالة الطقس