Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 13 فبراير 2024 9:35 صباحًا - بتوقيت القدس

اتفاق باريس بعد الرد الحمساوي والإسرائيلي إلى أين ؟

لقد تعاملت المقاومة الفلسطينية بذكاء من خلال رد حركة "حماس" على إطار التفاهم في باريس، حيث وصف الرد بالإيجابي والشامل، وقدمت حلول للخروج من عنق الزجاجة وهذا نتاج قدرتها على المواجهة في أرض المعركة وإيقاع الخسائر البشرية والمادية في جيش الاحتلال؛ وهذا دليل على أن حماس مازالت قادرة على القيادة والقتال وتنظيم صفوفها من جديد، أما إسرائيل فبعد اكثر من أربعة أشهر من الحرب غير قادرة على تحرير ولو رهينة واحدة وهذه نقطة مهمة في دفع الصفقة إلى الأمام على الرغم من الممانعة الإسرائيلية.


في البداية، إسرائيل مازالت تضغط على حركة "حماس" من خلال قتل الأطفال والنساء وقصف المؤسسات الصحية ومراكز الإيواء ومدارس الوكالة لتقديم تنازلات في موضوع تسليم الرهائن، ولكن بعد أكثر من أربعة أشهر لم ولن ترفع المقاومة والشعب الغزاوي الراية البيضاء، رغم المأساة والكارثة الإنسانية بسبب ما قام به الاحتلال ضاربًا بعرض الحائط كل المواثيق والقوانين الدولية، فكان الرد الحمساوي على اتفاق باريس من أجل وقف المجازر والتدمير الممنهج المستمر، فكان لابد من الموافقة على الإطار العام وقبول تقسيم الاتفاق لثلاث مراحل على أن تفضي هذه المراحل إلى وقف إطلاق نار شامل وكامل من خلال التعاطي مع المبادرات الدولية، والبحث عن ضمانات دولية وعربية وتوسيع دائرة الضمانات حتى تلزم إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه خوفًا من خرقه، لأن إسرائيل معتادة على عدم الالتزام في الاتفاقيات ولعل اتفاق أوسلو مازال ماثلًا، فإسرائيل لم تطبق بنوده على الرغم من تطبيق جميع البنود من قبل السلطة الفلسطينية.


وبناء عليه، المقاومة لم تستسلم ولم تهزم في المعركة، ومازالت قادرة على الصمود، لكي تقوم إسرائيل بفرض شروط عليها للاستسلام، وعلى الرغم من قوة المقاومة إلا أنها طرحت ردودًا معقولة وغير معقدة.


فإسرائيل لم يعجبها موقف الوسطاء العرب المتمثل في مصر وقطر اللذان اعتبرا الرد الحمساوي على اتفاق باريس بالجيد والإيجابي، ويمكن أن يتم البناء عليه للتوصل لاتفاق شامل لحل أزمة القطاع ومنها الرهائن؛ ولعل استباق نتنياهو الاتفاق في الهجوم على قطر للضغط على حركة حماس للتنازل وتقليل سقف مطالبها لهو دليل على أن الحكومة الإسرائيلية تريد من مصر وقطر الضغط على حماس للقبول في الحد الأدنى من الشروط لعقد صفقة التبادل دون وقف شامل وكامل للحرب على القطاع، فكان الموقف المصري والقطري بدلًا من الضغط على حماس بأن توجه للضغط على نتنياهو.


وعلى نفس المنوال، جاء الرد الأمريكي على لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي عبر عن وجود مواقف إيجابية في رد حماس قد تؤدي إلى اتفاق لتبادل الأسرى، مما انسجم إلى حد ما مع الموقف المصري والقطري والدولي.


أما بخصوص الموقف الإسرائيلي الذي يمكن وصفه بالرافض للاتفاق غير المعلن للعديد من الاعتبارات الداخلية الإسرائيلية التي سنتحدث عنها بالتفصيل، فهو لم يعلن القبول ولم يعلن الرفض ولكنه وصف بالرد السلبي وعلى لسان وزير الحرب يوآف غالانت فهذا نابع من طبيعة إسرائيل التي تفرض إرادتها على العالم، فكيف لحماس أن تواجه إسرائيل ولم تخضع لمطالبها وشروطها.


بالنسبة للموقف الإسرائيلي، هناك العديد من العوامل منها ما يشكل عوامل ضغط نحو القبول بإتمام الصفقة ومنها عوامل تعيق إنجاز صفقة التبادل ووقف للحرب على القطاع.


عوامل الضغط لإتمام الصفقة ومن أهمها:


1. ضغط الجبهة الداخلية والمتمثل في أهالي الرهائن والتأييد الشعبي لهم من خلال الاحتجاج والمظاهرات وتشكيل جماعات ضغط على نتنياهو للقبول في صفقة التبادل، وهذا عامل مهم في حال تصاعد الحشد الجماهيري في الميادين وشكل ورقة ضغط حقيقية على حكومة نتنياهو.


2. الخسائر البشرية والمادية في أرض المعركة، فكلما زاد عدد القتلى دون قدرة إسرائيل على تحرير الرهائن بالقوة، فيشكل عامل ضغط كبير على الحكومة التي لم تستطع تحقيق الإنجازات والأهداف في الحرب بل تزداد خسائرها بدلا من تحرير الرهائن، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الهائلة والمستمرة والمتصاعدة بسبب استمرار الحرب وتعطل الاقتصاد الإسرائيلي شبه المنهار.


3. هجرة المستوطنين من غلاف غزة والشمال في ظل تصاعد المواجهة مع حزب الله في لبنان مما شكل عامل ضغط كبير من قبل السكان الذين يرفضون العودة إلى مستوطناتهم في ظل الحرب، وهذا يشكل ضغط سياسي واقتصادي كبير على حكومة نتنياهو، لا يمكن الاستمرار به أكثر من ذلك زمنيًا.


4. ضغط المعارضة الإسرائيلية المتمثلة في يائير لابيد وضباط الجيش والأمن وحتى بيني غانتس وغادي أيزنكوت من مجلس الحرب، الذين يؤيدون وقف إطلاق النار والتوصل لصفقة تبادل تعيد الرهائن أحياء ولا يمانعون من دفع الثمن الكبير لهذه الصفقة.


5. موقف الولايات المتحدة التي تريد تبريد الجبهات ووقف إطلاق النار في القطاع، الذي يؤدي إلى تطبيق رؤيها السياسية في المنطقة والاستمرار في التطبيع العربي الإسرائيلي وبالتحديد مع الرياض.


6. ضغط غانتس وحزبه على نتنياهو من خلال التلويح بالانسحاب من مجلس الحرب، على اعتبار أن الرؤية الأمريكية تتوافق مع رؤيتهم والمتمثلة في تحقيق الأمن لإسرائيل في المنطقة، وان هذه الفرصة تحقق لإسرائيل إعادة الاعتبار من خلال التطبيع والحل السياسي الذي يسحب البساط من تحت أقدام محور المقاومة الذي يركز على القضية الفلسطينية وإيجاد حل عادل لها.


7. موافقة تشكيل شبكة أمان من قبل يائير لابيد رئيس المعارضة لنتنياهو في حال انسحاب اليمين المتطرف من الحكومة وهذه هي سحب البساط من تحت نتنياهو، الذي يدعي أنه في حال وقع على الصفقة سينسحب اليمين وهذا يعطي نتنياهو قدرة كبيرة للمناورة في مفاوضة اليمين المتطرف في حكومته ويضغط عليهم من أجل الاستمرار في الحكومة.


أما عوامل الضغط لعدم إتمام الصفقة فهي:


1. مصلحة نتنياهو في استمرار الحرب وعدم تقديم تنازلات كبيرة لحركة حماس، خوفًا على مستقبله السياسي المربوط في الحرب، على أمل تحقيق إنجاز ما في المعركة يستطيع أن يقدمه للمجتمع الإسرائيلي على أنه بطل قومي.


2. الضغوط من اليمين المتطرف ومن حلفاء نتنياهو الذين يشكلون الحكومة معه، بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير الذين يرفضون التقدم وحتى يطالبون بإعادة استيطان القطاع، وبحال موافقة نتنياهو على الصفقة بدون موافقة اليمين سيتم حل الحكومة وعندها يصبح مستقبل نتنياهو السياسي منتهيا، لذلك سيستمر نتنياهو في الحرب والضغط على حماس من خلال القتل وتوسيع دائرة الاغتيالات المركزة ليضغط على الموقف العربي والدولي وعلى حماس للتوصل الى اتفاق يمكن له القبول به ويخرجه على أنه بطل الحرب والسياسية، وما لم يطبقه في الحرب يمكن له أن يطبقه في السياسة.


3. هجوم أعضاء الكنيست من حزب الليكود واليمين المتطرف على إتمام الصفقة ومعارضتهم للقبول بوقف الحرب، ورفضهم للموقف الأمريكي والتدخل في الموقف الإسرائيلي والضغط على إسرائيل، ومطالبة الولايات المتحدة بعدم ممارسة الضغط على إسرائيل.


أما بخصوص الرد الإسرائيلي على رد حركة حماس، فتم الإعلان عنه في 9 شباط/فبراير 2024، وقال الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد "في نهاية اجتماع مجلس الوزراء الحربي، أرسلت إسرائيل رسائل إلى مصر وقطر والولايات المتحدة ترفض بموجبها معظم ردود حماس على الخطوط العريضة لإطلاق سراح المحتجزين"، ومفاد الرسالة الإسرائيلية للوسطاء أن اعملوا على تقليص الفجوة فهي واسعة جدًا، وكأن إسرائيل تريد أن تمارس الضغط العسكري على حركة حماس، وضغطًا على الوسطاء المصريين والقطريين. ولقد لخص موقع واللا العبري الردود الإسرائيلية في النقاط التالية:


1. رفض معظم ملاحظات حماس لكنها جاهزة لمفاوضات على أساس اتفاق باريس.


2. رفض سحب قواتها من وسط القطاع وعودة النازحين إلى الشمال في المرحلة الأولى.


3. إسرائيل مستعدة لسحب قواتها من مراكز المدن في المرحلة الأولى.


4. رفض بحث موضوع رفع الحصار عن غزة خلال مفاوضات تبادل الأسرى.


5. رفض النسبة التي حددتها حماس للأسرى الفلسطينيين مقابل الأسرى الإسرائيليين.


6. رفض مطالب حركة حماس بخصوص المسجد الأقصى ووضع الأسرى الفلسطينيين في السجون.


وقالت إسرائيل في نهاية ردها بأن طاقم مفاوضاتها على اتصال مع الوساطتين القطرية والمصرية في محاولة لجسر الهوة بما يتيح خوض مفاوضات جدية. وهذا يعني أن الرد الإسرائيلي يعيد المفاوضات إلى نقطة البداية.


وبناء على ذلك يكمن الحل في يد الولايات المتحدة التي يمكن لها ممارسة الضغط الحقيقي على نتنياهو وإنزاله عن الشجرة في التوصل لوقف الحرب، وإتمام صفقة التبادل وحل مشاكل القطاع السياسية والأمنية والانسحاب الشامل من القطاع، والتوجه لحل شامل للقضية الفلسطينية من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وذلك يعتمد على قدرة المقاومة على الصمود وتحقيق العديد من الخسائر البشرية في الجيش في أرض المعركة، وعدم قدرة الجيش في الوصول إلى الرهائن وإخراجهم أحياء من أسر حماس، فهذا سوف يشكل في النهاية عاملًا حاسمًا في التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب وعقد صفقة تبادل، بالإضافة إلى قدرة الشعب في القطاع على تحمل الكارثة والمأساة التي حلت في القطاع.


في النهاية سوف تقبل إسرائيل في عقد صفقة لتبادل الرهائن، ووضع حد للحرب في القطاع وبإجراء ترتيبات للقطاع، فمهما ماطل نتنياهو في ظل صمود المقاومة لا يوجد أمامه خيار غير الموافقة وهذا يعلمه نتنياهو ولكنه يريد تقليل سقف مطالب المقاومة الفلسطينية من خلال زيادة حدة القتل والمجازر التي بدأت منذ أيام وقبل الإعلان عن الموقف واستمرت وسوف تستمر لتصل إلى منطقة رفح المكتظة بالنازحين، هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية، مستقبل نتنياهو السياسي، فهو لا يريد المخاطرة والمجازفة في تحالفه واستقرار الحكومة لبقائه على سدة الحكم فترة أطول.

دلالات

شارك برأيك

اتفاق باريس بعد الرد الحمساوي والإسرائيلي إلى أين ؟

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 93)