Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 11 فبراير 2024 10:48 صباحًا - بتوقيت القدس

بلينكين... كيسينجر القرن ٢١؟ ما بين دبلوماسية الذهاب والإياب والبروباغاندا

في رحلته الخامسة خلال ٤ أشهر، قال انتوني بلينكين خلال زيارته لرام الله إنه يؤكد دعم الولايات المتحدة لإصلاح السلطة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. لقد خرج على لسان وزير الخارجية الامريكي العديد من التصريحات الحضارية والإنسانية منذ توليه المنصب، فقد تحدث عن المعايير المتساوية بالازدهار والسلام والكرامة في التعامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما وعد صراحة في مؤتمر صحفي بإعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وتحدث عن الاستيطان كعقبة في طريق السلام وعن حل الدولتين، والآن يتحدث عن الدولة الفلسطينية المستقلة.


ان عبارات الإدارة الامريكية إيجابية جدا من حيث المضمون والكلمات لدرجة قد تستفز صانع القرار الإسرائيلي ويستغلها بقلب الصورة لإظهار الولايات المتحدة الامريكية وكأنها منحازة للفلسطينيين مثلاّ! في الحقيقة عبارات بلينكين لا تتجاوز كونها دبلوماسية إعلامية مضللة تنتهي مع النقطة في آخر السطر، على مدار الثلاث سنوات السابقة لم تطبق الإدارة الامريكية أي من وعودها سوى بدعم مالي لبعض المشاريع، أما سياسيا فلقد ماطلت واشترت الوقت وقدمت كل انواع الدعم المالي والعسكري لنتنياهو وحكومته المتطرفة للقضاء على أي أمل لحل الدولتين. فمن الناحية العملية زادت أعداد المستوطنين وتفاقمت أعمالهم الإرهابية وزاد التضييق على الفلسطينيين بتكثيف سياسات الابارتهايد العنصرية، ثم من خلال تمكين قبضة المتطرفين وتسليمهم زمام الأمور فيما يتعلق بإدارة الشؤون الفلسطينية، ثم توفير غطاء لجرائم حرب موثقة ترتقي لجريمة الإبادة والعقاب الجماعي، حيث نشهد سيناريو متكامل الابعاد للقضاء على أي أفق لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ضمن دولة مستقلة، ولهذا فان حديث بلينكين، وان كان إيجابيا، الا انه متناقض مع الواقع الدموي الذي دعمه في المنطقة، والذي حسب اتفاقية مكافحة الإبادة يعني تورطه المباشر في دعم وعدم منع الجريمة.


الدبلوماسية الامريكية هدفها الدعاية، هذه الدبلوماسية أصبحت مرادفة لدبلوماسية العلاقات العامة او البروباغاندا التي تظهر الأمور بأبهى أشكالها، ولكنها تفتقر لعامل أساسي في الاقناع والتواصل الاستراتيجي وهو "الحقيقة"، فهي تعتمد على الجاذبية بغض النظر عن الواقع والدليل والحقيقة ويستخدم السياسيون دبلوماسية الاعلام لتندمج بدورها في الدعاية المحلية لتحقيق طموحات سياسية في الوطن الأم, نجح الساسة الامريكان بتجنيد الإعلام لتغييب الحقيقة.


المثال الكلاسيكي لـ "دبلوماسية الذهاب والاياب" او "الدبلوماسية المكوكية" التي قام بها هنري كيسنجر في فترة السبعينات في الشرق الأوسط. على الرغم من أن كيسنجر لم يخصص سوى القليل من الاهتمام لوسائل الإعلام في تصريحاته ومذكراته وكتاباته العامة، إلا أنه ربما يكون مخترع الدبلوماسية الإعلامية الحديثة عام 1973، أصبح كيسنجر وسيطًا بين الجانبين. 


وشملت جهوده الحثيثة لتحقيق فك الارتباط والاتفاقات المؤقتة بين إسرائيل وجيرانها، الاستخدام المكثف لكبار المراسلين الدبلوماسيين الأمريكيين على متن طائرته. وقدم لهم تقارير ومعلومات وتسريبات أساسية في محاولة للتأثير على المفاوضات وجهود الوساطة. وكانت الوساطة في الصراع العربي الإسرائيلي في ذلك الوقت صعبة للغاية، وكثيراً ما وصلت المحادثات إلى طريق مسدود. وقد ساعدت دبلوماسية كيسنجر الإعلامية في تأمين التنازلات اللازمة لكسر الجمود.


 لم تكن الإنذارات المتلفزة التي أرسلها الرئيس كينيدي إلى الاتحاد السوفييتي بشأن أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وزيارة نيكسون للصين عام 1972 وزيارة السادات للقدس عام 1977، أعمالًا دعائية؛ لقد تم تصميمها لتحقيق اختراقات في الأزمات والصراعات, من الواضح ان بلينكين يسعى ليكون كيسينجر القرن الـ٢١ في تاريخ الدبلوماسية الحديثة, الا ان تغييبه لعنصر الحقيقة لن يرحمه في توثيق العمل الدبلوماسي في حل الصراع في الشرق الأوسط, تكرار العبارات الإيجابية تجاه حقوق الشعب الفلسطيني قد تعني حسن النوايا، ولكن السياسات المطبقة على الأرض هي ما يقرر الحقيقة الواضحة، وهي ان الإدارة الامريكية لم تحترم كلامها، وسياستها بالوقوف لجانب نتنياهو ودولة الاحتلال في توفير غطاء لجرائم الحرب ضد الفلسطينيين ومنعها لوقف اطلاق النار وتورطها المباشر في القضاء على الحق الفلسطيني في تقرير المصير, سياسة ميكافيلية همها المراوغة والمماطلة وتشتيتنا بالتفاصيل، بينما تبقى الإدارة الامريكية الوحيدة القادرة على لجم جنون وإجرام نتنياهو لأنها باختصار عموده الفقري المالي والعسكري.

- د. دلال عريقات: أستاذة مشاركة في الدبلوماسية وحل الصراع, كلية الدراسات العليا, الجامعة العربية الأمريكية.

دلالات

شارك برأيك

بلينكين... كيسينجر القرن ٢١؟ ما بين دبلوماسية الذهاب والإياب والبروباغاندا

المزيد في أقلام وأراء

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)