أقلام وأراء

الإثنين 05 فبراير 2024 10:43 صباحًا - بتوقيت القدس

هولوكوست غزة

في حادث تكرر غير مرة مع مذيعين ومذيعات، طلبت إسرائيل من قناة سكاي نيوز البريطانية، طرد المذيعه بيل دوناتي عقب حوارها مع مندوب “إسرائيل” السابق لدى الأمم المتحدة داني دانون، بعد أن قالت المذيعة إن دعواته لتهجير سكان غزه تشبه ما حدث في الهولوكوست، ليصف المندوبُ المذيعةَ بعدها بأنها معاديه للسامية، وبالرغم من تقديم القناة لاعتذار رسمي إلا أن “إسرائيل” طلبت طرد المذيعة، كما فعلت غير قناة أو مؤسسة تعليمية أو إعلامية!

مثل هذه الحادثة رأيناها كثيرا في الآونة الأخيرة، خاصة بعد العدوان الصهيوأمريكي على غزة، بل بلغ الأمر اتهام أعلى مؤسسة قضائية في العالم، وهي التي تشكل رأس هرم القضاء الدولي: محكمة العدل الدولية، بالتهمة نفسها، بعد قبولها النظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال باعتباره مرتكبا لجريمة الإبادة الجماعية في غزة، ولو تسنى للاحتلال الطلب من الأمم المتحدة طرد قضاة المحكمة باعتبارهم “لاساميين” لفعل، وهي التهمة- السيف التي تشهر في وجه كل من يرمي الاحتلال ولو بوردة!

“هولوكوست غزة” تتم منذ ما يقارب الشهور الأربعة بالبث المباشر، وتحت سمع وبصر الملايين، وموثقة بالصوت والصورة، والتغطية الإخبارية الكاملة، ولا تقوم بها جهة واحدة فقط، بل تشارك فيها قوات ومرتزقة من جل دول العالم، تتزعمهم قوات جيش “دولة” أقيمت بزعم “التعويض” عما لحق بـ”شعبها!” من إبادة جماعية، وتحظى بمشاركة مباشرة او غير مباشرة ودعم لوجستي وسياسي وغطاء دولي من نصف قوى الكرة الأرضية على الأقل، تتزعمهم عصبة تهيمن على ما يسمونه مجلس الأمن، الذي يرعى حتى الآن هولوكوست غزة ويحرص على استمراره ويقف بكل وضوح ووقاحة ضد وقفه، رغم صدور قرارات محكمة العدل الدولية بوقفه فورا!

إبادة جماعية، وتحظى بمشاركة مباشرة او غير مباشرة ودعم لوجستي وسياسي وغطاء دولي من نصف قوى الكرة الأرضية على الأقل، تتزعمهم عصبة تهيمن على ما يسمونه مجلس الأمن، الذي يرعى حتى الآن هولوكوست غزة ويحرص على استمراره ويقف بكل وضوح ووقاحة ضد وقفه، رغم صدور قرارات محكمة العدل الدولية بوقفه فورا

بالتزامن مع واقعة قناة سكاي نيوز، تنشر صحيفة “إسرائيل اليوم” الناطقة باسم اليمين الصهيوني، خبرا عن “مؤتمر النصر لإسرائيل” في القدس المحتلة، تقرأ فيه دعوة أكثر من صريحة للإبادة الجماعية والهولوكوست، وبعبارات لا تقبل التأويل، تقول الصحيفة:

“خريطة استيطانية من رفح إلى شمال قطاع غزة وكلمات لوزراء في الحكومة وهتافات “ترانسفير” و”الموت للإرهابيين”.. انعقد مساء أمس (الأحد الماضي) في القدس “مؤتمر النصر لإسرائيل” بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست وحشد كبير تحت عنوان: “الاستيطان وحده يجلب الأمن.. العودة إلى قطاع غزة وشمال السامرة.

وخلال تصريحات وزير الأمن الوطني (بن غفير)، رفع عدد من المتظاهرين لافتة تطالب بنقل سكان غزة، فأجابهم الوزير: “شجعوهم على المغادرة طوعا(!). الخطأ في التصوّر كلّفنا القتل والنهب. جزء من تصحيح خطأ التصوّر هو العودة إلى ديارنا في غوش قطيف. نحن بحاجة إلى العودة إلى ديارنا” لأن “هذه هي التوراة.. هذه هي العدالة التاريخية وهذا هو الحق. اليوم الجميع يفهم أن الهروب يجلب الحرب. نحن بحاجة إلى العودة إلى ديارنا والسيطرة على الأرض. أيضا تقديم مشروع تشجيع الهجرة وقانون عقوبة الإعدام للإرهابيين”.

مؤتمر القدس، فضلا عن أنه تعبير عن نزعة “هولوكستية” إبادية وعنصرية حظيت حتى بمعارضة صهاينة كثر، يحمل في طياته نوعا من الغيبوبة التي بات المجتمع الصهيوني يرزح تحتها، فعن أي نصر يتحدثون وهم يخوضون عدوانا مدعوما من نصف قوى الشر (على الأقل) في العالم كله، ولم يحقق حتى بعد مرور أكثر من مائة وعشرين يوما شيئا من الأهداف التي وضعها قادته؟ والحقيقة لا يخامر أحدنا الشك أن مجنونا كالمدعو بن غفير هو أحد أهم تلاميذ كهانا، وهو يخرج على الناس متفاخرا بالجرائم التي ترتكبها عصابات المستوطنين في الضفة الفلسطينية وهم يلاحقون الرعاة ويسرقون خرفانهم، أو يحرقون محاصيلهم الزراعية.

ما حصل في القدس أخيرا، هو تعبير عن تيار رئيس في الاحتلال، حسب رأي الكاتب اليساري جدعون ليفي في هآرتس، الذي كتب أخيرا مقالا عن حالة التطرف والغيبوبة التي يعيشها مجتمع الصهاينة.

إسرائيل اليوم لا تشبه نفسها، هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أفقدها عقلها، وبدت مشابهة لأسوأ ما يكون عليه نظام من العالم الثالث، بكل تناقضاته وتخلفه وخلافاته، وتضارب مصالح من يقوده، وهي بشرى خير لنهاية وشيكة، قد تستغرق بعض الوقت، لكنها محتمة، ولعل ما ترتكبه في غزة من إجرام مفتوح وموثق يفوق ما كل ما سجله التاريخ المعاصر من إجرام، هو بداية النهاية


يعتقد كثيرون أن هذا الجناح متطرّف ولا يمثل المجتمع الإسرائيلي، والحال أن هذه المواقف تمثّل “التيار الرئيس”، بتعبير “جدعون ليفي” في “هآرتس”.

مشروع الاستيطان والتهجير هو مشروع “الكيان” الحقيقي، ولا أدلّ على ذلك من تصاعده خلال العقود الثلاثة الماضية بعد “أوسلو” في الوقت الذي كان تجار الأوهام يَعِدون الفلسطينيين بدولة كاملة السيادة على حدود 67، بما فيها القدس الشرقية.

ميّزة هؤلاء (ومنهم نتنياهو) هي تجاوزهم للعبة الاستدراج التي سادت عقودا بعد عام 67، وجهرهم بالحقيقة، لكن باعة الأوهام بزعم السلام ومقاولي التطبيع العرب يرفضون الاعتراف بالحقيقة لأنها تضعهم أمام خيار يهربون منه، ألا وهو خيار القوة والصمود والعزة والكرامة.

دلالات

شارك برأيك

هولوكوست غزة

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

إطار للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط

جيمس زغبي

رفح آخر ورقة في يد نتنياهو

بهاء رحال

سامحني أبو كرمل.. أنا لم ولن انساك

خالد جميل مسمار

حرب ظالمة وخاسرة

سعيد زيداني

أن تصبح إسرائيل تاريخًا

فهمي هويدي

أمنوا بالنصر فحققوه ..

يونس العموري

التطبيع.. الدولة العربية، جدلية "المصلحة" والثقافة

إياد البرغوثي

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

أسعار العملات

الأربعاء 08 مايو 2024 10:24 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.22

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 3.97

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%76

%20

%5

(مجموع المصوتين 233)

القدس حالة الطقس