أقلام وأراء
الأربعاء 31 يناير 2024 11:46 صباحًا - بتوقيت القدس
«حماس» بين التصفية والتسوية
ضلَّلت إسرائيل العالمَ حين أعلنت أنَّها بصدد اقتلاع «حماس» من جذورها، فصدّق من صدّق، وتشكّك من تشكك، إلى أن تبلور ما يشبه الإجماع على استحالة التصفية وحتمية الذهاب إلى التسوية.
والتسوية التي يجري ترويض «حماس» للانخراط فيها هي التي سبقتها إليها "فتح"، أي منظمة التحرير، وفق الشروط الأميركية المتفاهم عليها دولياً، بما في ذلك ما تبقى من الاتحاد السوفياتي في حينه.
انهارت التسوية التي بدأت في مدريد ونضجت في أوسلو، وانقطع حبلها في منتصف الطريق، إذ أنجبت مولوداً غير مكتمل النمو، هو السلطة الوطنية الفلسطينية، وكلمة الوطنية هي مجرد إدخال فلسطيني على المصطلح.
في الجزء الأول من مسيرة التسوية، تدخل النافذون الدوليون لجعلها مقدمة لنهاية الصراع العربي - الإسرائيلي، بدءاً بجوهره الفلسطيني، أمّا في الجزء الثاني، فلم يتدخل أحد لإنقاذ المشروع من الانهيار، وأعني تدخلاً فعّالاً وحاسماً، ومنذ المحاولة الكبرى التي قام بها الرئيس بيل كلينتون في نهاية ولايته، واصلت «أوسلو» انهيارها، لنصل معها إلى حالة مناقضة تماماً لما أُريد منها، فإذا بالفلسطينيين يحصلون على حرب بدل دولة، وإذا بالمنطقة التي توقعت سلاماً دائماً وشاملاً تدخل في حالة حربٍ على جبهات متعددة إلى أن وصل الأمر إلى ما نحن فيه الآن من احتمالات اتساع الحرب على غزة، وما يرافقها في الضفة وجنوب لبنان، إلى حرب إقليمية إن بدت مستبعدة إلا أنها ليست مستحيلة.
مركز الزلزال الآن غزة، ومركز المقاومة المسلحة «حماس»، ومركز التهديد بحرب على كل الجبهات إسرائيل، أمّا أميركا عرّاب التسوية حين كانت ممكنة، وعرّاب ابتعادها واستحالتها، فهي تلاحق الأشباح التي تستهدفها في عقر نفوذها وتعمل على تسويات إن منعت انتشار الحرب، فلن تحقق سلاماً لا ينذر بخطر كامن في كل مناطقها.
ومشكلة أميركا أن تحدياتها تنشأ وتتفاقم من قلب منطقة نفوذها، وجذرها عجز الدولة العظمى أو تقصيرها في إرضاء حلفائها ولو بالحدود الدنيا لما يطلبون ويستحقون.
أميركا وعلى وهج حرب غزة المستمرة بمدى مفتوح على الزمن، ألّفت حكاية وفرضتها موضوع نقاش وحركة على العالم كله، وعنوانها اليوم التالي. مثيرة بذلك عدة أسئلة؛ وكلها من النوع الذي لا إجابة عنه، لأنَّ الإجابة تتوقف على مجهول، وما الذي سيحدث في اليوم الذي سيسبق وقف الحرب، كيف سيكون وضع إسرائيل وما هو وضع «حماس»، وهي من يستحق البحث في خياراتها بعد أن تضع الحرب أوزارها، بحيث يدخل الفلسطينيون جميعاً إلى تحديات ما بعدها، وهي الأكبر والأصعب والأكثر إلحاحاً من كل ما مضى.
حين تنجو «حماس» من التصفية الجذرية التي أرادتها إسرائيل وسعت إليها، فذلك لا يعني أنها انتقلت من موقع الفصيل الكبير إلى موقع القائد المقرر في الشأن الفلسطيني، فهي إن كانت في أوج قوتها أو فيما هو أقل من ذلك، فلن يختلف الأمر كثيراً عليها، فهي لن تكون بديلاً عن «فتح» والمنظمة بل ستكون شريكاً، ولن تفرض على الفلسطينيين برنامجها، والأمر لا تقرره قوة أي طرف وتفوقه على الطرف الآخر، مهما ارتفع الرصيد في الاستطلاعات، إنَّما تقرره الحاجة لأن تكون العلاقة مع الآخرين قائمة على الشراكة، وليس الاستئثار.
هكذا كان حال الفلسطينيين منذ بداية قضيتهم وحتى في زمن سطوة «فتح» التي لا تضاهى، وزمن ياسر عرفات الذي ما أجمع الفلسطينيون على غيره طيلة حياته. وهذا أمر تكرس على أنه قانون، إذ لا أحد لديه القدرة لأن يستأثر ولا حياة له إلا إذا كان جزءاً من كل.
الذي هيأ لـ«حماس» نجاة من التصفية الجذرية، ليس سلاحها على أهميته التي لا تنكر في الحرب العسكرية، ولا حكمها لغزة، الذي وفّر لها شرعية أمر واقع جعلت العالم كله يخاطبها ويتعامل معها، بما في ذلك إسرائيل، وإنما لأنها فكرة يعتنقها جزءٌ كبير من الشعب الفلسطيني، والفكرة لا يمكن تصفيتها فعندنا من لا يزال يحتفل بمواقع موغلة في القدم.
حين تسأل أميركا ما الذي يجب أن يُفعل في اليوم التالي، فهذا جزءٌ من مهمتها الكونية وطريقة أدائها لأدوارها، أمّا الذي يجب أن يُسأل بحق فهم الفلسطينيون، «حماس» المقاتلة و«فتح» المفاوضة، والمنظمة التي لا تزال مؤهلة لجمع الطرفين.
الفلسطينيون حتى الآن لم يجيبوا عن سؤال اليوم التالي لوقف الحرب، مع أنهم الأكثر احتياجاً للإجابة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
هولندا: سنعتقل نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
«حماس» بين التصفية والتسوية