أقلام وأراء
الجمعة 19 يناير 2024 12:06 مساءً - بتوقيت القدس
عندما تُفقد الثقة .. !!
يقال أن الطريق الأمثل للسيطرة على العقل البشري هي من خلال أحلامه طموحاته إشباع ملذاته و غرور (الأنا) و تعظيمها في ذاته ليرى في الأسراب حقائق في الخيالات وقائع و في جنون العظمة استحقاق لغايات يجب أن تفرض مهما كانت الطرق والوسائل فيسهل انقياد العقل و توجيهه من خلال كل ما يلبي و لو جزئياً ما يعتمل في صرح أوهامه. فقد بدأت صناعة الوهم بنزغ الشياطين على مختلف أنواعهم و مازالت مستمرة باغراءات المُلك الذي لا يبلى منذ بدء الخليقة حتى يومنا هذا فلا اندثار و لا انتهاء حتى يحل بنا الفناء و يصبح كل ما على الدنيا بما فيها مجرد هباء.
إن تغييب العقول لعبة احترافية تمارس منذ مئات السنين باستخدام العديد من الأساليب فما عاد هناك رمزية معينة بحد ذاتها تعبر عن كل ما يمارس من تضليل افتراءات و تزوير فما بين التصريحات والخطب العصماء وما بين الاشاعات الأقاويل و حتى المواعظ و الإرشاد الموجه (لغايات في نفس يعقوب) أصبحت كلها ذات أبعاد متباينة ما بين قطبين متعاكسين متكاملين بين نور الحقيقة و ظلام الفجور. فالاستعمار لم ينتهي أبداً إنما اختلفت أدواته ليتحول من وجود احتلالي إلى احتلال وجودي يعمل على اغتصاب الفكر الحر واغتياله بطرق ممنهجة على أمداد مختلفة الأزمان لتركيع العقل البشري وتهميش التنوير الفكري والأفهام مما يؤدي لتحجير الوعي وتجميده عند لحظات معينة ليرسخ بدلاً عنه مفاهيم غير قابلة للنقاش تصبح من المسلمات التي تُخضع بني البشر في نوع من الأسر الأبدي المتمثل بأشكال مختلفة من الجهل الخوف الخرافات النعرات والعصبية الأصولية و وصولاً إلى التعصب الديني المذهبي أو الطائفي.
و لقد كان للإعلام بمختلف وسائله (المسموع المقروء والمرئي) ومنذ نشوءه بالمفهوم الحديث دوراً فاعلاً في هذا الصراع الظاهر المستتر بين التحرر أو الانقياد. فكان الاعلام الرسمي في أنحاء العالم هو المصدر المنفرد لاستقاء الأخبار من مصادرها بالروايات المعتمدة بغض النظر عن مدى مصداقيتها أو انعدامها مما كان يسهل عملية تسيس هذا المصدر المعلوماتي و توجيهه حسب ما يتناسب مع مخططات كل منظومة. لكن بظهور الثورة التقنية و التقدم التكنولوجي بدأت السيطرة على الاعلام الرسمي تُفقد تدريجياً بتحول العالم الشاسع الممتد إلى قرية افتراضية صغيرة تنتقل فيها المعلومه صوتاً صورة و كتابة بطرق شتى بدون أي تقييد مما خلق نوعاً جديداً من الحريات التي قمعت إلى حد ما الاستعمار الفكري و سيطرته المبطنة على الوعي المجتمعي لتنهار الكثير من الصروح والأساطير التي تم بناؤها بمخططات عالمية على مر السنين بثورة فكرية تحررية تقرر بذاتها ما هو الحق وما هو الباطل حسب معاييرها الذاتية بعد أن فقدت الثقة المطلقة في المنظومات المهيمنة منذ أمد بعيد.
وإن في حرب غزة المثال الحي على مثل هذه الثورة الفكرية التي أيقظت إنسانية الشعوب في مختلف أنحاء العالم لتسقط خرافات قلب الموازين التي اقتاتوا عليها من أيادي الصهيونية العالمية ومخططاتها الشيطانية الممتدة منذ عقود لتنطلق الحملات المسيرات التظاهرات بملايين النسمات حول العالم ترفض ما يحدث في أرض فلسطين المحتلة ولتعيد برمجة العقول و استنارتها بفهم حقيقة الصراع الفلسطيني الصهيوني واكتشاف زيف الإدعاءات التي سممت الوجدان العالمي ضد الحق العادل للشعب الفلسطيني وقضيته المصيرية لسنوات عدة و إثارة الفضول -إن صح التعبير- للاستكشاف خلف هذا اليقين والقوة العقائدية التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية مما صحح كثيراً من المفاهيم التي رسخت في الأذهان حول العقيدة الإسلامية و المسلمين؛ ثم ليأتي رفع دولة جنوب أفريقيا قضية ضد الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية طلباً لإدانة اسرائيل بجرائم الحرب والإبادة الجماعية كانتصار معنوي نوعي آخر غير مسبوق يمثل الإرادة الحرة المتحررة من الاستعمار العقلي بانتهاج وعي فكري أخلاقي مسؤول اتجاه الإنسانية البحتة بعد فقدان الثقة بمصداقية الأنظمة السياسية المسيطرة اتجاه إنهاء الحرب الدائرة بضراوة ضد الشعب الفلسطيني.
السؤال الذي يتأرجح بقوة ماذا بعد غزة ..؟؟ أم على الأصح ماذا بعد اسرائيل ؟؟ الاحتلال الذي بني على باطل بأسطورة الأرض الموعودة التي حرمت عليهم في التيه وجعلوها لبني صهيون أرض الأحلام الوردية التي سيتعاظم فيها وجودهم و يعاد ملكهم المنشود فتكون مملكتهم التي صورت بأكاذيبهم أنها الملجأ والمأمن لشعبهم المكلوم المظلوم الناجي من محرقة النازية المفترضة والاضطهاد الغربي المزعوم والذين خططوا تآمروا و مدوا أذرع نفوذهم الخبيثة في كل بقاع الأرض على مر السنين ليحققوا مطامعهم و غاياتهم بالسيطرة على العقول الاقتصادات والسياسات العالمية ليكون لهم العلو المنشود ويكتسبوا ثقة بلا حدود تؤيد كل مزاعمهم. لكن ماذا حدث .. ؟؟
هل استيقظت الأمة النائمة ليستردوا في عام ما أضاعوا في مائة عام و ليهدم كل ما بني على الباطل الزور و البهتان ؟؟ هاهم شتات الأرض الذي أنفقت اسرائيل الثروات لتجمعهم و تستوطن بهم ما لا يحق لها قد فروا بأرواحهم منذ بدء الحرب الأخيرة ليعودوا من حيث أتوا بلا رجعة بعد ما فقدوا الثقة في كل ما وعدوا به تحت مسمى أرض الميعاد. و هاهي الآن أقنعة الصهيونية تتساقط واحدة تلو الأخرى أمام العالم بأسره لتبدد كل ما أنفقوا عليه من خرفات لتبهرج صورتهم العالمية محققين خسائر فادحة لا تعوض في حرب لم تكن نتائجها كما المتوقع على يد فئة قليلة مؤمنة بالله عز وجل طبقوا قوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم). إننا نحيا بكل يقين إن لكل طغيان و طغاة اندثار مهما عاثوا في الأرض مفسدين فقد تكون هذه فعلياً هي بداية النهاية التي لم تكن بالحسبان للاحتلال و الله أعلى وأعلم.
والله دوماً من وراء القصد.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
عندما تُفقد الثقة .. !!