أقلام وأراء
الأحد 31 ديسمبر 2023 10:58 صباحًا - بتوقيت القدس
أهداف عسكرية وسياسية لاجتياحات الضفة
تشهد مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة عمليات اقتحام واجتياحات متواصلة من قبل قوات الاحتلال، تعددت اسبابها وذرائعها ولكنها اتحدت في أهدافها وغاياتها وبخاصة أنها تأتي متلازمة مع الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة. وبالتالي فهي تتكامل معها في الأهداف السياسية بما يؤكد أن الشعب الفلسطيني بكل فئاته وقطاعاته وقواه السياسية والاجتماعية هو المستهدف من هذه العمليات وليس فصيلا بعينه. وأن ادعاءات الحكومة الإسرائيلية وجيشها بشأن الأهداف المعلنة للحرب على غزة مُضلّلة، بل إن الأهداف الحقيقية لموجات القمع والبطش هذه هي ذاتها التي كانت قائمة قبل الحرب وجوهرها إخضاع الشعب الفلسطيني وحسم الصراع معه على قاعدة تصفية حقوقه الوطنية.
حكومة الاحتلال نفضت أيديها منذ سنوات طويلة، وتحديدا منذ انتفاضة الأقصى في العام 2000، من التقسيمات التي جاء بها اتفاق أوسلو للأراضي الفلسطينية المحتلة والتي صنفت المدن الرئيسية على أنها من الفئة (أ) بحيث تكون المسؤوليات الإدارية والأمنية من اختصاص السلطة الفلسطينية. مع أن الاتفاق المذكور احتوى على بنود تتيح لقوات الاحتلال اجتياح المناطق (أ) تحت حجة "المطاردة الساخنة" أي التدخل في حال وجود معلومات بأن شخصا ما في طريقه لتنفيذ عملية عسكرية ضد الاحتلال، لكن هذه الذريعة تحولت مع الوقت إلى منهج ثابت يتيح استباحة الأراضي الفلسطينية بصرف النظر عن تصنيفها، في أي وقت ولأي سبب يراه الجيش كاعتقال مطلوبين، أو هدم منازل، أو تنفيذ اغتيالات لعناصر مقاومة، أو إغلاق مكاتب صحفية ومحطات لقنوات تلفزيونية ومؤسسات أهلية، وصولا إلى الهجمة على شركات الصرافة في الأسبوع الماضي والتي شملت قرصنة أموال القطاع الخاص إلى جانب السطو الدوري على أموال القطاع العام عبر احتجاز ومصادرة الأموال الفلسطينية المعروفة بالمقاصة.
تشمل العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة تنفيذ عمليات اغتيال لناشطين أو مطلوبين بواسطة طائرات حربية أو مروحيات أو مُسَيّرات، وهي كلها أدوات صماء لا تميز بين المطلوبين ومن يتواجد بالصدفة إلى جوارهم، فضلا عن أن عمليات الإعدام هذه تجري في مناطق هي تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. وبالتالي يمكن لقوة من جيش الاحتلال أن تعتقل المطلوبين الذين لا يبعدون سوى مسيرة دقائق عن أقرب معسكر لجيش الاحتلال. ولكن الشعور بالثقة الزائدة بأن إسرائيل سوف تفلت من العقاب والمساءلة مهما فعلت هو الذي يدفع جيش الاحتلال وقيادته السياسية إلى الإمعان في هذه السياسات الإجرامية دونما تمييز بين مقاتلين ومدنيين، أو بين أشخاص بالغين وأطفال حيث تشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن بين الشهداء الذين يزيد عددهم عن 520 شهيدا خلال العام 2023 أكثر من 90 طفلا.
ترتبط هذه الاجتياحات ارتباطا وثيقا بالحرب على غزة باعتبار اي فلسطيني هدفا مشروعا لعمليات الانتقام والتنكيل ردا على ما جرى في السابع من أوكتوبر، ولمنع نهوض حركة جماهيرية في الضفة مساندة لشعبنا الذي يُذبح في غزة على الملأ ووسط صمت العالم، وبالتالي منع تحوُّل الضفة إلى جبهة ثالثة مشتعلة إلى جانب جبهتي غزة والشمال، وفي هذا السياق جاء اعتقال نحو خمسة آلاف ناشط فلسطيني من جميع مناطق الضفة ومن شتى التوجهات السياسية كنوع من التلويح بالعصا الغليظة ضد أي نشاط معارض للاحتلال في الضفة حتى لو كان مجرد تعليق عابر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وترتبط حملات القمع المفتوحة بالخطة السياسية التي يتبناها ائتلاف اليمين المتطرف الحاكم والتي ملخصها أن القوة وحدها، وليس المفاوضات أو الاتفاقيات، هي الكفيلة بحسم الصراع مع الفلسطينيين، وفي هذا الإطار ثمة أجندات جزئية وخاصة تحملها جماعات المستوطنين المتطرفة، وأخرى يحملها الجيش والأجهزة الأمنية وكلها تتقاطع وتلتقي في نسق موحد للسيطرة على أراضي الفلسطينيين، وتهجير بعض التجمعات السكانية، وتصفية الحساب مع عدد من المواقع التي مثلت نماذج متقدمة للمقاومة بأشكالها المتجددة وبخاصة مخيمات الشمال: جنين، ونور شمس وطولكرم وبلاطة، والتي كانت مسرحا لعمليات تنكيل وتهجير واسعة يريد الاحتلال من ورائها إلى تغيير تضاريس هذه المخيمات ومحوها عن الخريطة إن تطلب الأمر ذلك.
إلى جانب كل ما سبق ثمة حسابات سياسية حاضرة بقوة مع الكل الفلسطيني وبخاصة مع السلطة وقيادتها، فعمليات الاجتياح هذه بالإضافة إلى السطو على أموال المقاصة تساهم في إضعاف السلطة وإحراجها وإظهارها بمظهر العاجز عن حماية شعبها. وليس سرا أن اليمين الإسرائيلي المتطرف لا يبالي بانهيار السلطة، بل هو يعمل من أجل هذه الغاية مدعيا أن لديه بدائل جاهزة لقيادات محلية منتخبة.
أدت سياسات الاجتياح المواصلة وعنف المستوطنين إلى إثارة ملاحظات وتحفظات علنية من قبل الإدارة الأميركية والغرب عموما تحذيرا من هذه السياسات التي قد تجر إلى حالة من الفوضى ليس في الضفة فقط بل في الإقليم بشكل عام، لكن حكومة نتنياهو تملك هامشا ما للاختلاف مع الإدارة الأميركية، وتتذرع بالوقت حين تُطلب منها بعض المطالب، ربما لم يصل نتنياهو ومعه التيار المركزي في إسرائيل إلى قناعة نهائية بشأن انهيار السلطة، ولكنه يعمل دائما من أجل إضعافها، واختزال دورها وابتزازها لدفعها إلى التسليم بأن مصيرها يعتمد على رضا إسرائيل وبالتالي عليها أن تتخلى عن تطلعاتها الوطنية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن السلطة مهما فعلت ومهما قدمت من تنازلات فإنها لن تحظى بالرضا الإسرائيلي الذي يرفض "حماستان" بنفس القوة التي يرفض فيها "فتحستان" ليس حبا في هذا أو كرها في ذاك، وإنما دعما للانقسام الفلسطيني الدائم ورفضا للكيانية الفلسطينية الموحدة بما ترمز إليه من حقوق وطنية.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
هولندا: سنعتقل نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية
ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
أهداف عسكرية وسياسية لاجتياحات الضفة