Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 09 نوفمبر 2023 11:14 صباحًا - بتوقيت القدس

ما يجب أن يراه القائلون إن حماس هاجمت "دون سبب"

بطبيعة الحال، لم يكن مُفاجئًا أن تردّ إسرائيل بغضبٍ وعنفٍ غير متناسبَين على عمليّة "طوفان الأقصى" التي شنّتها كتائب القسام في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل. وحتّى بين أولئك الذين يدعمون حماس في الظروف العادية، هناك عددٌ كبير يتهمونها بالتصرّف بشكل غير مسؤول لقيامها بهذه الخُطوة عن يقينٍ بالعواقب. والحقيقة أنّ اعتقادَهم أنّ حماس اتّخذت هذه الخطوة "فجأة" يظهر مدى عدم اكتراثِهم بالمشاكل الإنسانيّة العميقة للفلسطينيين في يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأوّل (قبل الهجوم بيوم واحد).

في ذلك اليوم الذي سبقَ العملية، كانت القضية الفلسطينية قد تحوّلت إلى أمر هامشيّ في العالم كله تقريبًا، الجميع سلّم بالأمر الواقع، بمن فيهم أصدقاؤها، فالعالم الإسلاميّ قطع شوطًا طويلًا نحو تطبيع العَلاقات مع إسرائيل، ولم يعد يلفت انتباهَه ما يحدث في الضفّة وغزّة والقدس والمسجد الأقصى، كأنه أصبح أمرًا مفروغًا منه وطبيعيًا. وفي غضون ذلك، كانت مساحات المعيشة للفلسطينيين تضيق يومًا بعد يوم، والمسجد الأقصى- المقدّس لجميع المسلمين- يتّجه نحو الدمار تدريجيًا.

كانَ عدم ظهور ردّات فعل قويّة، يوفر عذرًا للجميع لقَبول الوضع كما هو، لكنّ هذا الظلم الذي يصل إلى عنان السماء لا يمكن قَبوله إلا إذا كانت الإنسانيّة قد اضمحلّت تمامًا، وقبوله يعني أن تصبح شريكًا فيه.

نجحت حماس في أن تجعل قضية فلسطين محطّ تركيز العالم كلّه مجددًا، بل جعلتها قضية عالمية ذات أهميّة قصوى، وقد حقّقت ذلك بتصعيدِها للصراع مع إسرائيل بطرق ذكيّة وبالتحدّي.

إنَّ المواطنين الفلسطينيين في غزّةَ أو الضفة الغربية يعانون يوميًا، في الواقع، من قمع وإرهاب الاحتلال، والاستيطان. حتّى التفاصيل الصغيرة لما يمرّون به تكون مخيفة جدًا، لدرجة تجعلك تخجل من إنسانيتك. في الضفة الغربية- التي ليست تحت حكم حماس- يمكن أن يُنزع منك المنزل الذي تملكه وتعيش فيه منذ أجيال في أي لحظة، الجرّافات تطرق الباب لتهدمَ المنزل على رأسك، أو يتسلّمه يهودي أمريكي ليعيش فيه، ولا يمكن للفلسطينيّ الانتقالُ من شارع إلى آخر إلا بعد المرور عبر ثلاث نقاط تفتيش، ويتعرّض خلالها إلى وقاحة الغزاة. هذه فظائع روتينية عادية. ناهيك عن تعرضهم للضرب والقتل. كل هذا كان لا يزال يحدث، لكن الصرخة لم تعدْ تصل إلى بقية العالم، ولا حتى المسلمين.

تم قمع الصرخات حتى لا تخرج عن حدود غزة والقدس. ليست فقط عبر الدعاية الكاذبة لإسرائيل ومؤيّديها، بل ساهمت في ذلك موجات العلْمنة والخضوع واللامبالاة بين المسلمين. أن تصبح غير مبالٍ بالقمع، وتأخذه كأمر مسلّم به، وتعتاد التعايش معه… يملؤُك ذلك شعورًا بالعجز أنك لا تستطيع مواجهة الظلم الذي كنت تعترض عليه دائمًا فتستسلم، بل تتصالح معه، وتتصرف كما لو أنه ليس موجودًا.. هذا هو ما أعنيه بأن نكون شركاء للظالم في ظلمِه.

كما قلنا، تمكّنت حماس بعمليّتها الأخيرة من تحويل هذا القمع- الذي تصالح معه المسلمون والعالم مؤخرًا- إلى اهتمام عالمي كبير بالقضية الفلسطينية، قضية القدس والمسجد الأقصى. لقد جعلوا هذه القضية في أعلى سُلّم اهتمامات العالم أجمع. فعلوا ذلك عبر تقديم صورة ملحميّة للرجولة والبطولة والثبات على أرض شنّت عليها إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا الحربَ بأكثر الطرق جبنًا، واستخدمت ضدّها أقوى تقنيات الأسلحة والدعاية.

هم لم يحوّلوا قبّة إسرائيل الحديدية إلى مصفاة فحسْب، بل حطّموا أيضًا القباب الفولاذية للتوجهات الغربية والصهيونية في ظلّ اختلال موازين القوى، فلفتوا انتباه العالم، وكل شوارع العالم الإسلاميّ نفضت عنها التراب وبدأت تستيقظ.

كما بدأت شوارع العالم الغربيّ تتساءل عن سبب الدعم غير المشروط الذي تقدّمه حكوماتهم لإسرائيل ونوع المديونية السرّية التي يدينون لها بها. ما الذي يخفيه هؤلاء عن شعوبهم، ويجعلهم مستعدّين لقَبول ارتكاب إبادة جماعية ضد شعب أعزل بالتواطؤ مع إسرائيل، التي تقصف المدارس والمستشفيات والأسواق والكنائس والمساجد وتقتل المدنيين والأطفال؟

لقد قوَّضت حماس قيمًا يسوّقها الغرب على أنها من اختراعه مثل حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية والمساواة، إذ لم يظهر منهم سوى العنصريّة البدائية والتعصّب الديني والإبادة الجماعية. تعرية هذا النظام القائم على خداع الناس هي خيبة أمل للغربيين، ولكن ذلك مكسب للإنسانية.

من الواضح أنّ معظم الذين يرون في عملية حماس نزقًا غير مسؤول يضرّ أكثر مما ينفع، إنما يشعرون في الحقيقة بالقلق من إزعاج راحتهم بسبب هذا الحادث. لقد عطلت حماس النظام العالميّ الحالي القائم على القمع والنفاق والاستغلال وعدم المساواة. وأفسدت مخططات دول إسلامية كانت وطّنت نفسها على العيش مستقرّة تحت نِيره. وليس غريبًا، إذن، أن تشعر تلك الدول بالانزعاج مما قامت به حماس.

في غضون ذلك، بدأ يتبين أنّ البطولة الملحمية التي أظهرتها حماس في 7 أكتوبر لم تكن صدفة عابرة. فإسرائيل التي نهضت بكل غضبها لتنتقم تواجه عارًا متزايدًا كل يوم في عمليتها البرية. نحن نرى كيف تتمتّع كتائب القسام بتفوق واضح في القتال الميداني ضد قوات الاحتلال، وجعلت إسرائيل عالقة في مستنقع حقيقي يتواجه فيه جندي جبان حريص على حياته مع بطل قوي مستعد للموت شهيدًا في سبيل قضيته.

لقد قلنا في البداية: إنّ العملية التي بدأت في 7 أكتوبر كانت قادرة على تغيير العالم كله. وها نحن نستشعر ذلك بوضوح أكبر مع مرور الوقت. إسرائيل تدفن مع كل قنبلة على غزة جزءًا من الصورة البرّاقة الكاذبة التي راكمتها عن نفسها في كل مجال على مدى 75 عامًا. كل طفل يموت يسبب دمارًا كبيرًا لسمعة إسرائيل والغرب، وكل شهيد يقع في أرض غزة يروي قلوب المسلمين الجافة في جميع أنحاء العالم ويجدّد إيمانهم.

لقد وصلنا إلى لحظة استنفد فيها المسلمون- في جميع أنحاء العالم- إيمانَهم وثقتهم وتوقعاتهم في الغرب تمامًا. وهذه الصحوة في الوعي تشكل ضغطًا على حكّامهم الذين وصلوا مرحلة لا يسعهم فيها البقاء غير مبالين أمام وعي استيقظ وقد يصل إلى حدّ الانفجار.

وبفعل هذا الوعي والغضب الشعبي الجارف رأينا الدول الإسلامية التي سبق أن انخرطت في عملية "التطبيع" مع إسرائيل، تتراجع خطوة إلى الوراء، فسحبت الحكومتان: الأردنية والبحرينية سفيرَيهما من إسرائيل.

ومن المفيد لمن يتساءل بصدق لماذا شنّت حماس هجومها في هذا الوقت أن يحاول النظر من الزوايا السّابقة.

عن "الجزيرة نت"

دلالات

شارك برأيك

ما يجب أن يراه القائلون إن حماس هاجمت "دون سبب"

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 95)