OPINIONS

Fri 11 Nov 2022 11:07 am - Jerusalem Time

The International Criminal Court between reality and expected

بقلم: د. عبد الله أبو عيد
تمهيد:
ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو أنني لمست عدم معرفة غالبية أبناء شعبنا للكثير من المعلومات والتفاصيل عن المحكمة الجنائية الدولية وذلك يشمل أيضاً غالبية المثقفين والأكاديميين، وسبب ذلك أن القليل من المواطنين سمحت لهم الظروف في الاطلاع على ذلك، ولعل هذا هو السبب الرئيسي لكتابة هذا المقال.
شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية واهوالها وما حدث خلالها من مجازر رهيبة ودمار هائل حركة واسعة ونشطة من العديد من الدول والأكاديميين، وبشكل خاص، خبراء القانون الدولي وحقوق الانسان، من أجل ايجاد بعض القواعد القانونية التي تقلل من امكانية تكرار خروقات حقوق الانسان، ويمنع الافلات من العقاب، لذلك تم عقد عدة معاهدات ومواثيق دولية، على رأسها معاهدات جنيف الأربع لعام 1949 وبعدها العهدين الدوليين لحقوق الانسان، الأولى لتطبيق نصوصها خلال الحرب والاحتلال الحربي والثانية كي نساعد على حفظ حقوق البشر خلال السلم.
إلا أن كافة تلك المعاهدات كانت خاليةً من آليات محدودة لتنفيذ بنودها مما ساعد على الافلات من العقاب. لذلك تداعى عدد من الأكاديميين والخبراء إلى عقد اتفاقية دولية تهدف إلى انشاء محكمة جنائية دولية لمعاقبة من يرتكبون أخطر الجرائم وأشدها خطراً على السلم والأمن الدوليين .
أولاً: أهم مبادئ المحكمة الواردة في النظام الأساسي:
اشتمل النظام الأساسي للمحكمة على عدة مبادئ وردت فيه باعتبارها المبادئ التي أنشئت المحكمة من أجلها، وهذه المبادئ هي:
1- مبدأ التكامل: أي أن المحكمة الجنائية لا تعتبر بديلاً للقضاء الوطني في الدول الأعضاء، بل مكملة لذلك القضاء. أي أن الأصل أن يحاكم المتهمين، بالجرائم الخطيرة التي تقع ضمن اختصاصات وصلاحية المحكمة الدولية، هو محاكمتهم أمام القضاء الوطني. إلا أن النظام الأساسي للمحكمة نص على أن الاستثناء واللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية يكون في حالة عدم رغبة الدولة في محاكمة المتهم، أو في حالة عدم قدرتها على القيام بذلك، كما نصت عليه المادة (17) من النظام الأساسي.
2- إن المحكمة لا تنظر إلا في أخطر الجرائم وأشدها خطراً على السلم والأمن الدوليين لذلك نصت المادة الخامسة من النظام الأساسي على أن اختصاص المحكمة محصور في أربع جرائم هي: جريمة ابادة الجنس البشري (Genocide)، والجريمة ضد الانسانية (Crime Against Humanity)، وجرائم الحرب (War Crimes)، وجريمة العدوان (Crime of aggression). لهذا السبب رفضت المحكمة شكوى تركية ضد متهمين عسكريين اسرائيليين اتهموا بارتكاب جريمة قتل تسعة مدنيين اتراك كانوا على متن الباخرة مرمرة عام 2009.
3- أن المحكمة لا تنظر إلا في الجرائم التي حدثت أفعالها بعد تاريخ نفاذ صلاحيتها وبدء اختصاصها وهو تاريخ 1/7/2002.
4- إن من يتقدم بالشكوى إلى المحكمة هم: دولة عضو في المحكمة، أية دولة غير عضوة في المحكمة بشرط تقديمها طلباً لذلك وقبولها خطياً بشروط المحكمة، مجلس الأمن استناداً إلى صلاحيته في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والمدعي العام.
5- إن المحكمة لا تتم إلا بحضور المتهم أمام المحكمة كما نصت عليه المادة (63).
6- أنه لا يجوز محاكمة أي متهم أكثر من مرة على نفس التهمة، إلا إذا كانت محاكمته من الدولة ذات العلاقة، كان يشوبها عدم الجدية أو أية عيوب خطيرة.
7- إن الجرائم الأربع، التي تختص بها المحكمة، لا تتقادم أبداً.
8- إنه ليس هناك أي متهم يتمتع بالحصانة مهما كان منصبه رفيعاً وهاماً.
9- أن المحكمة لا تحاكم إلا الأشخاص الطبيعيين وليس الدول والمنظمات.
ثانياً: انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة:
كانت دولة فلسطين قد تقدمت بطلب للانضمام للمحكمة في عام 2009، بعد الحرب على قطاع غزة في أواخر عام 2008، إلا أن طلبها هذا تم رفضه بحجة أن فلسطين لا تعتبر دولة.
في عام 2012 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبول فلسطين في المنظمة الدولية كدولة مراقبة، وبذلك أصبحت مؤهلة للانضمام إلى عضوية المحكمة، خاصة بعد انضمامها إلى عدة منظمات حكومية دولية كاليونسكو وغيرها. لذلك تقدمت دولة فلسطين بطلب جديد للانضمام إلى المحكمة، كدولة عضو فيها، وتم قبولها بتاريخ 1/4/2015. ويجدر القول، بأنه وفقاً لنص المادة (11) من النظام الأساسي والمادة (126) منه فإن صيرورة فلسطين عضواً لا يؤهلها للتقدم بشكاوي إلا بعد مرور شهرين على عضويتها، أي بعد 1/6/2015. وبذلك لن تستطيع التقدم بشكاوي تتعلق بجرائم ارتكبت قبل هذا التاريخ.
ثالثاً: العقبات والمعيقات الممكن مواجهتها لدى المحكمة:
قد يظن البعض، بل الكثير من الفلسطينيين، بأن تقديم الشكوى للمحكمة أصبح متاحاً لدولتنا، وبذلك فقد تحقق لنا ما أردناه لمحاكمة كافة المتهمين بالاعتداء على أبناء شعبنا وبسرقة أراضينا وغيرها من التهم الواردة في الشكاوي المقدمة للمحكمة، إلا أن الصورة هي أبعد من أن تكون وردية، إذ أن هناك العديد من العقبات والمشاكل التي تنتظر من يتقدم بشكوى للمحكمة، خاصة إذا لم يكن له دعم وسند قوي. ويمكننا حصر العقبات التي يمكن أن تواجهنا في الأمور التالية:
1- عقبات قانونية: كما أشرنا أعلاه، هناك بعض العقبات القانونية لعل أهمها ما يأتي:
أ. اشتراط النظام الاساسي وجوب حضور المتهم أمام المحكمة كي تسير المحكمة في المحاكمة، لذلك يمكن لأي متهم عدم المثول أمام المحكمة وبذلك يتم تأجيل المحاكمة.
ب. من العقبات القانونية الأخرى أن مجلس الأمن يحق له بموجب المادة (16) من النظام الاساسي، أن يطلب تأجيل المحاكمة لمدة سنة قابلة للتجديد لسنة أخرى، وهذا البند تم وضعه في النظام الأساسي بناء على طلب من الولايات المتحدة المسيطرة على المجلس بهدف وجود امكانية لها كي تتدخل في المحاكمة لصالح أصدقائها وحلفائها.
ج. من المعيقات القانونية الممكن حدوثها هو أن المحكمة لها الحق في أن تقرر بأن البينات والمستندات المقدمة ضد المتهمين غير كافية لإدانتهم وتجدر الاشارة هنا إلى أن السلطات الاسرائيلية أغلقت مؤخراً مراكز منظمات حقوق انسان فلسطينية متخصصة وصادرت ما لديها من وثائق، جزء كبير منها له علاقة بالبينات ووثائق اثبات الجرائم المرتكبة ضد المواطنين وأملاكهم، هادفةً بذلك إخفاء كافة المستندات القانونية التي تثبت ارتكابها جرائم خطيرة. كذلك هناك عائق قانوني آخر، هو ان النظام الأساسي ينص على أن المحكمة يمكن لها الحق في عدم السير في المحاكمة بسبب كبر سن المتهم أو كونه مريضاً.
د. بالإضافة إلى كل هذه الأسباب فإن النظام الأساسي يتسم بالتعقيد ومليء بنصوص يمكن تأويلها على أكثر من وجه، وبذلك يمكن استغلالها من قبل محامٍ قدير لصالح المتهم.
ه. كذلك فإن اختصاص المحكمة يقتصر على جرائم محدودة العدد ومقيد تقديمها بزمان ووقت محددين.
2- عقبات سياسية: لعل أهم العقبات السياسية هو استخدام التهديد والوعيد ضد قضاة المحكمة والمدعي العام. وخير مثال على ذلك ما قام به بعض المسؤولين الأمريكيين خلال حكم الرئيس ترامب من تهديد للقضاة ومنعهم من دخول الولايات المتحدة هم وأفراد عائلاتهم، وتهديد مسؤول الأمن القومي بمصادرة أراصدتهم في البنوك.
وفي هذا الصدد يجدر ذكر بأن الولايات المتحدة، بعد انشاء المحكمة، قامت بتوقيع اتفاقيات مع أكثر من (40) دولة تتعهد فيها تلك الدول بعدم تقديم أية شكوى أمام المحكمة ضد أي مواطن أو عسكري أمريكي. كما أبلغت الولايات المتحدة عشرات الدول التي تتلقى مساعدات أمريكية بأن هذه الدول لن تحصل على أية مساعدات أمريكية فيما لو تقدمت بأية شكوى ضد أي مواطن أمريكي.
3- عقبات مالية: على الرغم من أن عدد الدول الأعضاء في المحكمة بلغ في عام 2015 (123) دولة، إلا أن معظمها هي من دول العالم الثالث الفقيرة، بينما هناك دول عظيمة كبيرة وغنية ليست أعضاء فيها مثل: الولايات المتحدة، وروسيا والصين.
بالإضافة إلى هذه الأسباب، فإن المدعي العام في المحكمة يلعب دوراً هاماً في مجال تقديم الشكوى والتحقيق فيها. لذلك ترى أن المدعي العام الجديد كريم خان، البريطاني من أصل باكستاني، قد مضى على انتخابه حوالي سنة وأربعة شهور دون أن يحرك شكوى فلسطين حتى الآن، مما يؤشر على توجهاته غير الودية، الأمر الذي قد يؤثر على مصير الشكوى.
وفي الختام، نؤكد بأنه على الرغم من كل هذه العقبات والمصاعب، إلا أن اللجوء إلى المحكمة له عدة فوائد، لعل أهمها هو اعلامي، بالإضافة إلى أن مجرد تقديم الشكوى ضد بعض المسؤولين الاسرائيليين قد يجعلهم يحسبون حساب التطرف ويقللون من عدوانهم قليلاً خوفاً على ما ينتظرهم في المستقبل من اعتبارهم مطلوبين للعدالة ويتوجب على كافة الدول الأعضاء في المحكمة القاء القبض عليهم حال دخولهم إلى أراضيها، كما ينص عليه النظام الأساسي للمحكمة، وبذلك يتم تقييد حريتهم في الحركة والسفر الى الخارج.

Tags

Share your opinion

The International Criminal Court between reality and expected

MORE FROM OPINIONS

Britain's support for Zionism has caused 76 years of conflict. It is time this barbarism stops

Middle East Eye

The View Within Israel Turns Bleak

The New York Times

Israel's difficult choices after Rafah

Ahmed Rafiq Awad

Brief Talk

Ibrahim Melhem

US focused on hunting down Hamas chief Yahya Sinwar, in bid to end Gaza war

Middle East Eye

Video: Why Israel Is in Deep Trouble

JOHN J. MEARSHEIMERMAY

Palestine and Israel... from the Jewish Holocaust to the Palestinian Holocaust

Ibrahim Abrash

The least that can be said

Ibrahim Melhem

The Limits of Moralism in Israel and Gaza

Ross Douthat

The Limits of the Biden-Netanyahu ‘Dispute’... Above the Rubble of Rafah

Eyad Abu Shakra

French academic: Biden has declared himself a Zionist since 1973

Translation for "Al-Quds" dot com

Under the Pretext of “Antisemitism”, the Suppression of the Palestinian People is Accompanied by an Attempt to Suppress the Defense of their Cause

YAANI.fr

Podcast: 7 Months on, How Would a Breakthrough look? Ehud Olmert, Dr Nasser Alkidwa & Thomas Friedman

Ramallah - "Al-Quds" dot com

What Hamas Wants in Postwar Gaza

Foreign Affairs

Hebrew Media: What is behind Biden's threat to stop supplying weapons to Israel?

Institute for National Security Studies

Biden’s war on Gaza is now a war on truth and the right to protest

Jonathan Cook

Gaza is the greatest test liberalism has faced since 1945. And it is failing

Middle East Eye

Student protests upend hegemony on Israel and Palestine forever

Middle East Eye

What will follow from the start of the attack on Rafah, and where is the movement heading in the Middle East?

Translation for "Al-Quds" dot com

They Used to Say Arabs Can’t Have Democracy Because It’d Be Bad for Israel. Now the U.S. Can’t Have It Either.

The Intercept