Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

المرأة في بلدة الزاوية: من السقاية إلى القيادة المجتمعية

الثّلاثاء 08 أبريل 2025 12:59 مساءً - بتوقيت القدس

د.م. عمر السلخي

مدخل: حين تكون المرأة مرآة المجتمع
في بلدة الزاوية/ محافظة سلفيت، كما في سائر البلدات الفلسطينية، لم تكن المرأة يومًا هامشًا في مشهد الصراع أو التنمية، بل كانت دومًا مركز الحكاية، فهي من حملت جرار الماء من عيون البلد، وحرثت الأرض جنبًا إلى جنب مع زوجها، وقادت أبنائها إلى المدارس تحت الاحتلال، وها هي اليوم تُدير مشاريع تنموية، وتقف في الصفوف الأولى من العمل البلدي والتطوعي.
تحكي الزاوية قصة المرأة الفلسطينية من عصور الكدح الصامت إلى أزمنة الصوت العالي والمبادرة، وتشكل نموذجًا متطورًا لفهم التحولات الاجتماعية والثقافية في الأدوار الجندرية ضمن سياق محلي محاصر بالاستيطان ومهدد بالتهجير.
المرأة في الماضي: السقاية والزراعة وتماسك العائلة
تشير معطيات الحياة الاجتماعية والبنية التحتية إلى أن النساء كن يشكلن العمود الفقري للاقتصاد المنزلي والمجتمعي قبل دخول البنية التحتية الحديثة إلى البلدة، فقد كانت النساء يقمن بجلب المياه من "عين الزاوية" التي كانت المصدر الرئيسي، ويحملنها لمسافات طويلة إلى البيوت، في وقت لم تكن شبكات المياه قد دخلت البلدة.
كما كانت النساء يشاركن بشكل مباشر في الزراعة الموسمية، سواء في زراعة الحبوب، أو قطف الزيتون، ما جعلهن شريكات كاملات في الإنتاج الزراعي رغم غياب الاعتراف المؤسسي.
ووفق شهادات محلية من كبار السن، كانت المرأة تمارس دورًا قياديًا في الأسرة الممتدة، تُدير الموارد، وتحفظ الأعراف، وتؤمن التواصل بين الأجيال، هذا الدور غير الرسمي كان أساسًا لبناء الوعي الجمعي في البلدة.
التحولات الكبرى: التعليم مفتاح التغيير
مع توسع التعليم في السبعينيات والثمانينيات، بدأت المرأة في بلدة الزاوية تأخذ مسارات جديدة نحو التمكين، فقد تزايدت أعداد الفتيات اللواتي التحقن بالمدارس والجامعات، رغم المعيقات الاقتصادية والاجتماعية، ومن خلال تحليل النتائج الثانوية العامة لكل عام نلاحظ أن نسبة الإناث في التعليم الثانوي توازي الذكور، بل وتتفوّق عليهم أحيانًا من حيث نسب النجاح.
التعليم لم يكن فقط وسيلة لكسب الشهادات، بل نافذة للمرأة نحو الوعي، والمشاركة، والانخراط في قضايا مجتمعية كحقوق المرأة، والعمل الخيري، والبيئة، والتنمية المستدامة.
الحاضر: القيادة والمبادرة في مواجهة التحديات
في السنوات الأخيرة، أخذت المرأة في بلدة الزاوية أدوارًا متقدمة على مستوى العمل المدني، المحلي، والتنموي، تُشارك النساء في اللجان الشعبية، وفي المجلس البلدي، والجمعيات النسوية، وفي المبادرات المجتمعية التي تعنى بالتمكين الاقتصادي، والزراعة البيئية، والتعليم.
وقد شهدت البلدة خلال السنوات الماضية إطلاق عدد من المبادرات التي تقودها نساء، مثل مشاغل التطريز، المطبخ البيتي والمشاريع الصغيرة المدرة للدخل، والنشاطات البيئية لحماية الأراضي المهددة بالمصادرة، كما أن العديد من نساء البلدة يعملن في قطاع التعليم، والمجال الصحي، والخدمة الاجتماعية والمشاريع الصغيرة.
بين التحديات والطموحات: ما الذي تحتاجه المرأة في بلدة الزاوية؟
رغم هذا التقدم الملحوظ، لا تزال المرأة في بلدة الزاوية تواجه جملة من التحديات، منها:
1. ضعف التمويل للمبادرات النسوية الريفية.
2. استمرار الصور النمطية حول الأدوار الجندرية.
3. محدودية فرص التشغيل والتدريب المهني للنساء.
4. تأثير الاحتلال على حرية التنقل والمشاركة المجتمعية.
لذا، فإن تمكين المرأة في بلدة الزاوية لا يتطلب فقط تمويلًا أو مشاريع، بل رؤية شاملة تعترف بدورها التاريخي وتُفعّله في الحاضر، عبر التدريب، والتشبيك، وتعديل السياسات المحلية.
من عيون الماء إلى المجتمع
قصة المرأة في الزاوية تبدأ من عيون الماء، وتمر في الحقول، وتتجلّى اليوم في قاعة الاجتماعات، إنها رواية نضال ممتدّ، لا يتوقف عند لحظة، بل يتشكل من ذاكرة جماعية تشهد أن التغيير ممكن، وأن الريف ليس فقط فضاءً للتقاليد، بل حاضنة للقيادة المجتمعية.
وإذا كانت الزاوية تواجه التحديات باللجان والمبادرات، فإن المرأة فيها تقف في القلب، تُعيد تعريف الدور، وتُصمم المسار، نحو مجتمع أكثر عدالة، وكرامة، واستقلالية.

إقرأ المزيد لـ د.م. عمر السلخي ...

شارك برأيك

المرأة في بلدة الزاوية: من السقاية إلى القيادة المجتمعية

أسعار العملات

الخميس 17 أبريل 2025 1:14 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.69

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.2

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 4.19

شراء 4.18

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1077)