Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

"أوهام السلام: كيف تظل اتفاقات إسرائيل مجرد هدنة بين حربين"

الجمعة 29 نوفمبر 2024 4:27 مساءً - بتوقيت القدس

نصري البرغوثي

هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان: بين النوايا الإسرائيلية وثقافة المقاومة

مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، بناءً على القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، بدت الآمال مُعلّقة على تحقيق استقرار نسبي في الجنوب اللبناني. إلا أن سلسلة من الأحداث والتصعيدات المتتالية، إلى جانب تاريخ إسرائيل في التعامل مع الاتفاقيات الدولية، أكدت هشاشة هذا الاتفاق وغياب النية الحقيقية لدى إسرائيل لاحترامه.

صدر القرار 1701 في أعقاب عدوان إسرائيلي مدمر على لبنان في عام 2006، وهدف إلى إنهاء العمليات القتالية ونشر قوات اليونيفيل لضمان استقرار المنطقة. ورغم الموافقة الإسرائيلية على القرار، إلا أن التنفيذ العملي أظهر تناقضًا صارخًا بين النصوص والواقع. لم تتوقف إسرائيل عن خرق الأجواء اللبنانية عبر الطائرات الحربية والمسيّرات، في انتهاك مباشر لقرار مجلس الأمن. كما واصلت تعزيز قواتها وتجهيزاتها على الحدود، مما يعكس استعدادها لجولة جديدة من العدوان.

في الجنوب اللبناني، تشكل المقاومة جزءًا أساسيًا من نسيج المجتمع المحلي، مما يجعل أي محاولة لفصلها عن الشعب أو إضعافها أمرًا مستحيلًا. نشأت المقاومة اللبنانية كاستجابة طبيعية للاحتلال الإسرائيلي، وتجذرت في وعي وثقافة سكان الجنوب، الذين عانوا من عقود طويلة من العدوان. الشعب لا يرى المقاومة كتنظيم منفصل بل كحركة تمثل كرامته وحقه المشروع في الدفاع عن أرضه. ورغم كل الضغوط والتهديدات، تبقى المقاومة اللبنانية مدعومة بشكل كبير من قبل المجتمع الجنوبي، الذي يراها أداة لحماية سيادته في ظل غياب أي ضمانات دولية حقيقية.

لا يمكن فهم السلوك الإسرائيلي تجاه لبنان بمعزل عن استراتيجيتها الأوسع في المنطقة، وخصوصًا عدوانها المستمر على سوريا. تهدف إسرائيل من خلال استهداف الجيش السوري والبنية التحتية العسكرية في سوريا إلى قطع طرق الإمداد عن حزب الله، الذي يعتمد على الدعم السوري والإيراني. العدوان الإسرائيلي على سوريا لا يُعد تصرفًا منفصلًا، بل يعكس نية إسرائيلية لإبقاء محور المقاومة بأكمله منشغلًا في الدفاع عن نفسه بدلاً من التركيز على مواجهة إسرائيل.

اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا عام 1973 يمثل نموذجًا آخر لسلوك إسرائيل في التعامل مع القرارات الدولية. لم تلتزم إسرائيل بتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 القاضي بانسحابها من الأراضي المحتلة، بل استغلت الوقت لتعزيز سيطرتها على الجولان، الذي ضمته بشكل غير شرعي في عام 1981. ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، استمرت إسرائيل في تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، مما يؤكد غياب أي نية حقيقية لاحترام السيادة أو القرارات الأممية.

يمكن تفسير هشاشة الاتفاق بين إسرائيل ولبنان بعدة عوامل أساسية. إسرائيل لا ترى في الاتفاقيات سوى أدوات لتهدئة الأوضاع مؤقتًا، دون نية للالتزام بجوهرها على المدى الطويل. في ظل التجذر الشعبي للمقاومة في الجنوب اللبناني، تفشل أي محاولات لفرض اتفاقيات تهدف إلى تحييدها، حيث يمثل الشعب والمقاومة كيانًا واحدًا يصعب فصله. كما أن قرارات الأمم المتحدة مثل القرار 1701 تفتقر إلى آليات صارمة تمنع إسرائيل من خرقها، مما يتيح لها التحرك بحرية دون خوف من المحاسبة.

إن اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني ليس إلا مرحلة مؤقتة في صراع طويل الأمد تغذيه السياسات الإسرائيلية العدوانية. طالما استمرت إسرائيل في انتهاك السيادة اللبنانية والاعتداء على سوريا ومحاولة عزل المقاومة، سيبقى الشعب الجنوبي متمسكًا بثقافة المقاومة كوسيلة للدفاع عن وجوده. في غياب التزام إسرائيلي حقيقي وتواطؤ دولي مستمر، فإن الحديث عن سلام دائم يصبح وهمًا، لتبقى المنطقة عالقة في دائرة من الهدن المؤقتة والتوترات المتصاعدة.

في النهاية، أي اتفاق لا يعالج جذور الصراع ولا يحترم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها محكوم عليه بالفشل، خاصةً حين يتعلق الأمر بمنطقة كجنوب لبنان، حيث المقاومة ليست مجرد قوة عسكرية، بل روح أمة ترفض الخضوع للاحتلال والعدوان.

إقرأ المزيد لـ نصري البرغوثي ...

أسعار العملات

الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.13

شراء 5.11

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 176)