Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

القرار 1701-لعبة شطرنج على طاولة مليئة بالقفازات

الإثنين 25 نوفمبر 2024 1:59 مساءً - بتوقيت القدس

نصري البرغوثي

قرار 1701 والمفاوضات الحالية: شطرنج سياسي في حلبة ملاكمة عسكرية

منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 عقب حرب يوليو/تموز بين حزب الله وإسرائيل، شكّل هذا القرار نقطة ارتكاز أساسية في إدارة الصراع بين الطرفين. القرار الذي صُمم لوقف إطلاق النار وترسيخ الاستقرار على الحدود الجنوبية للبنان، تجاوز أبعاده المباشرة ليصبح ساحة للصراع غير المعلن بين الطرفين. ومع تعقيد الأوضاع الإقليمية وتصاعد التوترات، تشهد المنطقة اليوم مفاوضات غير مباشرة بين حزب الله وإسرائيل، تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية تجمع بين الشطرنج السياسي والملاكمة الميدانية.

قرار 1701: معادلة النصر والهزيمة

قرار 1701 كان تجسيدًا لمعادلة معقدة بين موازين القوى والضغوط الدولية. بالنسبة لإسرائيل، مثّل القرار فرصة لتقليل التهديدات المباشرة على حدودها الشمالية عبر إبعاد حزب الله عن المناطق الحدودية. لكنها لم تنجح في تحقيق انتصار استراتيجي واضح؛ فالمقاومة اللبنانية بقيت صامدة، وخرجت من الحرب بنقطة قوة عززت معادلة الردع. إسرائيل التي كانت تأمل أن يشكل القرار وسيلة لتحجيم حزب الله، وجدت نفسها أمام خصم لم يكتفِ بالبقاء، بل استثمر التهدئة لتعزيز قدراته العسكرية والبشرية.

أما بالنسبة لحزب الله، فقد كان القبول بالقرار خطوة تكتيكية لإعادة ترتيب أوراقه، مع الحفاظ على جوهر مشروعه المقاوم. القرار عزز مكانته كحامٍ للسيادة اللبنانية أمام الداخل والخارج، ووفّر له غطاءً لإعادة بناء قوته وتطوير معادلة الردع. من منظور الحزب، لم يكن القبول بالقرار تنازلًا، بل كان إعلانًا ضمنيًا بأن أي محاولة إسرائيلية لفرض شروطها قد باءت بالفشل.

المفاوضات الحالية: شطرنج وملاكمة

المفاوضات الحالية بين حزب الله وإسرائيل تُظهر استمرار الصراع ضمن أطر جديدة. على السطح، تبدو المفاوضات محاولة لوقف التصعيد وإدارة التوتر، لكنها في الحقيقة جولة جديدة في معركة طويلة الأمد.

بالنسبة لحزب الله، هذه المفاوضات جزء من استراتيجيته في تثبيت قواعد الاشتباك مع إسرائيل. الحزب يوازن بين المرونة السياسية التي تهدف إلى حماية الداخل اللبناني من تداعيات أي حرب شاملة، وبين الإصرار على حماية صورته كقوة مقاومة لا تخضع للضغوط. دخول الحزب في هذه المفاوضات يأتي ضمن معادلة دقيقة، حيث يسعى لاستثمارها لتعزيز موقعه الإقليمي والدولي، دون أن يبدو وكأنه قدّم أي تنازلات تمس جوهر عقيدته.

إسرائيل، بدورها، تسعى لاستغلال هذه المفاوضات لتحقيق مكاسب استراتيجية دون التورط في مواجهة مفتوحة قد تكون مكلفة. أهدافها تتركز على الحد من قدرات حزب الله وإضعاف تهديده المستمر على حدودها الشمالية. ومع ذلك، تجد إسرائيل نفسها أمام تحدٍ حقيقي؛ إذ إن أي تنازل قد يُقرأ كاعتراف بفشلها في تحقيق الحسم، في حين أن المراهنة على الضغوط العسكرية أو السياسية لم تُثمر عن نتائج حاسمة في الماضي.

التوازن بين السياسة والقوة

المشهد الحالي يعكس تداخلاً معقدًا بين لعبة الشطرنج السياسي وضربات الملاكمة الميدانية. على رقعة الشطرنج، يحاول كل طرف قراءة تحركات خصمه والتخطيط لخطوة تضمن له التفوق، بينما يستعد في الوقت نفسه لتوجيه أو تلقي ضربة قاضية في الحلبة. حزب الله يعتمد على الجمع بين تكتيكات التصعيد المحدود، التي تُظهر قدرته على الردع، وبين المرونة في المفاوضات التي تمنحه مساحة للمناورة السياسية. أما إسرائيل، فتحاول فرض شروطها بوسائل تجمع بين الضغوط الدولية والاستعراض العسكري، دون أن تنزلق إلى مواجهة قد تخرج عن السيطرة.

سيناريوهات المفاوضات ونتائجها المحتملة

النتائج المتوقعة لهذه المفاوضات لن تكون حلاً نهائيًا للصراع، بل تفاهمات مؤقتة تُستخدم لإدارة الأزمة بدلًا من إنهائها. السيناريو الأقرب هو التوصل إلى هدنة مشروطة تُتيح لكل طرف إعادة التموضع وتعزيز أوراقه استعدادًا لجولات قادمة. حزب الله سيعتبر أي اتفاق يُبقي على قدرته في الردع ويحافظ على معادلة "بيروت مقابل تل أبيب" انتصارًا استراتيجيًا، بينما ستحاول إسرائيل تسويق أي مكسب يُقلص من تهديدات حزب الله كإنجاز يعكس قوتها.

1701 والمفاوضات: فصل من صراع طويل

قرار 1701 والمفاوضات الحالية هما جزء من صراع أكبر يتجاوز حدود لبنان وإسرائيل. هذا الصراع يتداخل فيه السياسي بالعسكري، ويتأثر بتوازنات إقليمية ودولية معقدة. كلا الطرفين يدركان أن هذه المفاوضات ليست سوى مرحلة من مراحل المعركة، وأن النصر أو الهزيمة فيها يُقاس بمدى قدرة كل طرف على تحقيق أهدافه دون تقديم تنازلات جوهرية.

اليوم، يظهر المشهد وكأن الصراع ينتقل من الميدان إلى طاولة المفاوضات، لكنه يبقى محكومًا بالقواعد التي أرساها قرار 1701: معادلة توازن الردع. لعبة الشطرنج على الطاولة قد توفر هدوءًا نسبيًا، لكن حلبة الملاكمة تبقى مفتوحة، حيث لا يزال الطرفان يستعدان للجولة التالية.

إقرأ المزيد لـ نصري البرغوثي ...

أسعار العملات

الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.13

شراء 5.11

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 176)