أقلام وأراء

الإثنين 14 أغسطس 2023 10:05 صباحًا - بتوقيت القدس

منكم دبابة ومنّا حجر

لكل قضية شاعرها. يُذكر بها وتذكِّر به. يغنيها وتغنيه. شاعر يبث الرقّة في زمن القسوة، والحنان في أزمان الجفاف. شاعر تحفظ أبياته من صدى النسيان. يرددها الأطفال والصبايا. شاعر له رنّة لا تطوى في الأيام، ونغم لا يمل.

هزم غارسيا لوركا الفاشية الأسبانية حياً ومخلداً. انتهى الجنرال فرانكو لحظة غيابه، ولا تزال إسبانيا ترفع اسم لوركا كلما سئلت عن هويتها: أنا بلاد لوركا الذي قال «الأشجار تموت واقفة». أنا بلاد فيديريكو الذي قتل في الثامنة والثلاثين ولا يزال حياً مثل صفصاف الأندلس.

لكل قضية شاعرها. بابلو نيرودا كان شاعر كل القضايا: الحب قصير والنسيان لا يأتي، و«الليلة سوف أكتب أكثر الأبيات حزناً». ومن كان شاعر فلسطين؟ أليس هو النبيل النحيل العليل الذي قال: منكم السيف ومنّا دمنا/ منكم الفولاد والنار ومنا لحمنا/ منكم دبابة أخرى ومنا حجر.

كان محمود درويش شاعراً واحداً لكل فلسطين، بينما كان المناضلون والمقاومون والمفكرون يقسمونها إلى فصائل وجبهات وأمم.

كان صوته وصداه في كل قلب، وفي كل لغة، بينما نبيل الدرة يتساءل: هل أنا قصيدة من محمود درويش أم طائرة مخطوفة في غور الأردن؟ هل أنا «أيلول الأسود» أم «العصافير التي تموت في الجليل».

غيّر الرجل الناحل شكل اللغة في أبجدية فلسطين. حوَّلها من رتابة التكرار إلى عذوبة الألم. رمى جانباً الصدر والعجز وجعل الشعر والنثر أنشودة حانية. وفي تجديده الرائع، لم يبق فقط شاعر فلسطين والبندقية، بل صار ينافس أيضاً شعراء الحب ولعبة الحداثة، وتجاوز في سبر الأعماق رجال المرحلة ورفاق السرب. كانوا كثاراً. وكانوا من جميع الأقطار. ومثل غزال بكبرياء الغزلان، تقدم شاعر الكرمل الصفوف:

البحيرات كثيرة... وهي النهر الوحيد... قصتي كانت قصيرة... وهي النهر الوحيد.

يذهب محمود بعيداً في طلب الشعر. يحاول أحياناً، بكل خفره وطفولته، أن يكون شاعراً من دون سند فلسطين وجرحها. يحاول أن يكون شاعراً في المطلق، مثل نزار أو أدونيس أو السياب. أن يكتب الحب والعشق وافتراق المساء في محطة القطار. لكن في كل لحظة يتراءى له خيال امرأة من فلسطين:

فلسطينية العينين والوشم... فلسطينية الاسم... فلسطينية المنديل والقدمين والجسم... فلسطينية الكلمات والصمت.

مع ذكراه، يتساءل المرء، كم يساوي محمود من ذهب ومن مقام في الشعر المجرد وفي شعر فلسطين؟ وفي الحالتين ما من خلف. ولا من بديل. كأنما احتكر وحده هذا اللقب من ورد وشوك، ويافا وبيت لحم. بالاتفلق مع "الشرق الاوسط"

دلالات

شارك برأيك

منكم دبابة ومنّا حجر

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

إطار للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط

جيمس زغبي

رفح آخر ورقة في يد نتنياهو

بهاء رحال

سامحني أبو كرمل.. أنا لم ولن انساك

خالد جميل مسمار

حرب ظالمة وخاسرة

سعيد زيداني

أن تصبح إسرائيل تاريخًا

فهمي هويدي

أمنوا بالنصر فحققوه ..

يونس العموري

التطبيع.. الدولة العربية، جدلية "المصلحة" والثقافة

إياد البرغوثي

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

أسعار العملات

الأربعاء 08 مايو 2024 10:24 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.22

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 3.97

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 232)

القدس حالة الطقس