Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 16 يوليو 2023 9:47 صباحًا - بتوقيت القدس

تقويض السلطة ومزاعم دعمها

بعد سلسلة طويلة من الاعتداءات والهجمات التي استهدفت مكانة السلطة وشرعيتها وصلاحياتها وأموالها وكل عناصر قوتها، عادت إسرائيل لتردد الأكاذيب حول قرارها باتخاذ خطوات لدعم السلطة ومنع انهيارها. اللافت أن هذا التوجه كان مرهونا بجملة من الشروط والقيود التي دفعت عددا من المراقبين والمسؤولين إلى القول بأن هذا القرار ولد ميتا لاستحالة التزام السلطة بالشروط المذكورة ومن بينها امتناع السلطة عن القيام بأي نشاطات دبلوماسية أو قانونية ضد إسرائيل في المحافل الدولية، ووقف دفع الرواتب والمخصصات لعائلات الشهداء والأسرى، ومنع التحريض، والامتناع عن جميع أعمال البناء والإنشاءات في المناطق المصنفة ج ( دأبت إسرائيل على هدم كل ما تنشئه السلطة والمواطنون الفلسطينيون بشكل عام من مشاريع بما في ذلك العيادات الصحية والمدارس وآبار الشرب التي يموّل إنشاءها الاتحاد الأوروبي)، ومن المؤكد أن هذه الشروط تتضمن من دون الإعلان الصريح عن ذلك، قمع المقاومة تحت عنوان محاربة "الإرهاب" وبسط الأمن وما شابه ذلك من بنود تضع السلطة في مجابهة شعبها ومقاومته.

لسنا بحاجة لكثير من الأدلة لتبيان أن ما أضعف السلطة وأحرجها أمام شعبها هي الاعتداءات الإسرائيلية من اقتحامات واستباحة المدن والبلدات الفلسطينية، وعمليات القتل والإعدامات الميدانية والاعتقالات الجماعية، وقرصنة أموال المقاصة، ومواصلة نهب الأراضي والاستيطان وتهويد القدس، وقبل كل ذلك إغلاق الابواب فرص الوصول لحل سياسي عن طريق المفاوضات، واعتماد بدائل عسكرية وأمنية وحشية تهدف إلى حسم الصراع بقوة السلاح وليس عن طريق المفاوضات والاتفاقيات.

ليس ثمة اي لغز في كون إسرائيل هي التي أضعفت السلطة وسلبت صلاحياتها، وأنها في الوقت نفسه هي من يريد بقاء السلطة ومنع انهيارها، فالسلطة التي تريدها إسرائيل هي غير تلك التي نريدها نحن الفلسطينيين، اي الجسم الذي انبثق عن الحركة الوطنية الفلسطينية وعن قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير.

فإسرائيل التي اعترف رئيس وزرائها بأن حكومته تعمل على قتل طموحات الفلسطينيين في قيام الدولة المستقلة، تسخّر كل سياساتها وأدواتها لتنفيذ هذا الهدف الاستراتيجي، وتريد للسلطة أن تكون حاجزا بينها وبين الشعب الفلسطيني، تعفيها من عبء التعامل مع الشؤون الحياتية اليومية لملايين البشر، وبالتالي تخفف من صورة نظام (الأبارتهايد) الذي تبنيه وترسخ دعائمه منذ عشرات السنين. كما أن وجود سلطة مهما كانت ضعيفة ومنزوعة الصلاحيات يوهم العالم أن ثمة عملية سياسية ما، صحيح أنها متعثرة ومتقطعة غالبا، ولكن يمكن استئنافها بشكل أو بآخر، وهذه الوظيفة أيضا تخفف ظاهريا من قبح صورة الاحتلال أمام العالم. أما الوظيفة الثالثة التي نتحدث عنها كثيرا فهي الوظيفة الأمنية التي يُختزل الحديث عنها بالتنسيق الأمني، بينما هي منظومة متكاملة تتداخل مع كل جوانب حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال من مدنية وأمنية وإنسانية وسياسية، فتجعل للاتفاقيات مع إسرائيل والقيود المفروضة على السلطة أولوية على الخيارات الكفاحية الممكنة والمتاحة.

هذا الاختزال مرفوض فلسطينيا، وينبغي أن يُرفض علانية وبشكل قاطع لا يقبل الجدل ولا التأويل، من السلطة ومؤسساتها قبل غيرها من مكونات المجتمع الفلسطيني السياسية والاجتماعية، فالسلطة نشأت وحازت على شرعية وجودها النسبية، باعتبارها نواة للمشروع الوطني الفلسطيني في الدولة وتقرير المصير وعودة اللاجئين. لكن المشكلة تعقدت مع سوء أداء السلطة ونشوء مصالح فئوية إلى جانب انتعاش الأوهام بقرب إنجاز الدولة، فعملت مؤسسات السلطة إلى تهميش منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها وصولا إلى ابتلاعها أو تحويلها إلى مجرد واجهات شكلية. الانقسام زاد من فداحة الموقف وأدى إلى تعميق الأزمة، خصوصا بعدما بات يتكرس يوما بعد يوم مهددا بالتحول إلى انفصال دائم، ينسجم مع ما تريده إسرائيل من تفتيت الكيانية الفلسطينية وشطب الهوية الموحدة وتحويلنا من شعب يملك حقا مؤكدا في تقرير مصيره على أرضه، إلى شراذم سكانية وحمائل وقبائل تتنازع على الفتات الذي تلقيه لنا دولة الاحتلال.

مواجهة مخططات إسرائيل ليست أمرا سهلا، ولكنها ليست مستحيلة في الوقت نفسه، بل إنها ممكنة مع الأخذ بعين الاعتبار أن تغيير الأولويات واعتماد خيارات وبرامج بديلة سوف يكون مُكلفا في مراحله الأولى، الخيار البديل يمر بشكل إجباري من بوابة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، وبعد ذلك يجري التوافق على خيارات كفاحية وسياسية على قاعدة القواسم المشتركة، والاحتكام للشعب والمؤسسات الوطنية، وتجديد بنى وهياكل المؤسسات من خلال الانتخابات، هذه الخيارات تتطلب التنازل عن بعض الامتيازات والمكاسب الفئوية وطريقة اتخاذ القرار، اي أنها تتطلب تقديم تنازلات وتضحيات محدودة، وربما تبدو مكلفة ولكنها في جميع الأحوال أقل بما لا يقاس من كلفة بقاء الاحتلال سقفا لطموحاتنا الوطنية.

من الخيارات المتاحة ما سبق أن جرى تداوله في جلسات المجلسين المركزي والوطني تحت عنوان تغيير وظيفة السلطة، وإعادة الاعتبار لمؤسسات منظمة التحرير التي ينبغي أن تضم جميع القوى السياسية الفلسطينية من دون استثناء. فمطلب حل السلطة ليس واقعيا ولا عمليا، فلا أحد يرغب في استدعاء سلطات الاحتلال لكي تدير شؤون حياتنا، حيث لا تعجز اسرائيل عن افتعال بدائل للتعامل معها على غرار روابط القرى، وتغيير وظيفة السلطة يعني حصر مهامها في إدارة وتقديم الخدمات بمعزل عن اي دور سياسي أو امني، وتظل منظمة التحرير هي الجسم المخول بإدارة وتوجيه النضال السياسي وأشكال الكفاح المحلية والدولية المناسبة.

لا أحد منا يسلّم بأن ما تخططه إسرائيل لنا هو قدر محتم، لكن انقسامنا وسوء أدائنا يعزز فرص تجسيد أهداف إسرائيل وإطالة أمد معاناة شعبنا، وهو ما يبقي السلطة ضعيفة تحت رحمة إسرائيل وسياساتها التي تواصل تجويف السلطة وأفراغها من دورها الوطني، والتلويح بأنها وحدها من يملك إبقاء السلطة ومنع انهيارها.

دلالات

شارك برأيك

تقويض السلطة ومزاعم دعمها

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 93)