أقلام وأراء
السّبت 08 يوليو 2023 9:40 صباحًا - بتوقيت القدس
الحوار الوطني الفلسطيني .. بين التكتيك والاستراتيجية
كم هي جميلة حروف كلمات الدعوة التي وجهها الرئيس محمود عباس، في اجتماع القيادة الاخير في رام الله للامناء العامين للفصائل الفلسطينية ، لاجتماع طارىء للاتفاق على رؤية وطنية شاملة، وتوحيد الصف لمواجهة العدوان الاسرائيلي والتصدي له .
والاجمل من هذه الدعوة ، كانت ردود فعل الفصائل ، المقربة من الرئيس عباس والمنضوية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ، والاخرى المعارضة لنهج الرئيس والمناكفة لسياسته .
المدهش بالامر نبرة الغضب التي تبدو لدى هؤلاء المسؤولين خلال الحديث عن ضرورة توحيد الصف، بينما في فحوى الكلمات وبين الحروف تجد كل يلقي اللوم على الاخر ويحاول التصيد له والظهور بمظهر الحريص على المصلحة الوطنية العليا.
اولا : كم من الحوارات السابقة جرت ومنها ما عقد في الوطن ومعظمها خارج حدوده ، لكنها لم تأت بجديد ولم تخرج بحلول سحرية لانقاذ الموقف الفلسطيني او كحد ادنى انعاش الجسد الفلسطيني بكل مكوناته من الهلاك ، ونتائجها كانت سلبية للغاية وافرازاتها الميدانية انعكست عليها وشكلت مظهرا من مظاهر الغضب الشعبي وباتت قنبلة موقوتة على وشك الانفجار باي لحظة .
ثانيا: لم يلمس المواطن الفلسطيني الحائر في امره والمنقسم على نفسه والمتلون في انتماءاته، اي من الاجراءات العملية من هذه الحوارات، التي دفعت به الى الدخول في نوبة من الاكتئاب والاحباط والشعور باستحالة تحقيق الوحدة من اي دعوة مماثلة تخرج هنا او هناك واي كان مصدرها، بالرغم من حجم الاحداث والمؤامرات التي تحاك للقضية الفلسطينية بكل جزيئاتها ، والثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب الفلسطيني بغياب الوحدة الوطنية .
ثالثا : حال المواطن الفلسطيني في كافة اماكن تواجده ، بالوطن كان ام بالشتات ، بالضفة كان ام في غزة ، تراوده الكثير من التساؤلات حول مستقبله وما ذا جنى وماذا سيجني ، وهل ينتظره مستقبل مجهول قاتم وسط الحالة الفلسطينية المزرية التي تحيط به من جانب ، وهل احلامه في طريقها للتبخر وسط التراجعات المؤلمة في الساحة الفلسطينية وعلى كافة الصعد ، وهل ما زال هناك امكانية للاختراق لاحداث التغيير المطلوب والحاسم في مرحلة من اخطر المراحل تواجه القضية الفلسطينية ؟ ومن دون شك ان هناك الكثير من التساؤلات تدور في خلد هذا المواطن التائه تمس كيانه وخصوصيته بعيدا عن الشأن العام !!
رابعا : البيانات السريعة التي اصدرتها الفصائل في اعقاب دعوة الرئيس عباس ، والتي تضمن كلاما معسولا قويا في عباراته شديدا في لهجته حملت عباراته تأييد الحوار الوطني الوطني وتؤكد الحاجة الماسة له في هذه المرحلة التي وصفتها العبارات "بالخطيرة "والملحة، بدءا بمن يطلقون على انفسهم "محور المقاومة" وانتهاءا بمن يصفون انفسهم ب"محور السلام" والكل يؤكد حرصه على المصلحة الوطنية العليا وضرورة تعزيز الصمود والتصدي للاحتلال واجراءاته التعسفية، معتبرين هذه الدعوة لحظة تاريخية فارقة وضرورة ملحة لوقوف الجميع من الصف الاول بالقيادة عند مسؤولياته !!.
كي ينجح الحوار الوطني الفلسطيني القادم، ان حقا جرى الاتفاق عليه وعلى موعده ومكان انعقاده، وحسب ما تسرب ورشح واعلن عن مسؤولين فلسطينيين وعلى رأسهم ، عزام الاحمد، عضو تنفيذية المنظمة ، ومركزية حركة "فتح"، ان هناك اقتراحا بان تكون القاهرة "مربط الخيل الفلسطيني" لضمان عدم التملص والتهرب من الاجتماع احتجاجا على مكان انعقاده على حد قوله !! ولكن لضمان نجاحه، وحتى لا يبقى جدلا بيزنطيا بين المتحاورين، هناك مجموعة من الحقائق هي عبارة عن تساؤلات على المتحاورين الاجابة عليها "ان توفرت النوايا الحسنة" قبل التوجه للحوار ، وحتى لا يكون مصيره الفشل وهو ما يتوقعه المراقبون، كالجولات السابقة :
1-ماذا قدمت الفصائل، لا لمنتسبيها فقط ، انما للمواطن العادي "المستقل" والذي يشكل الاغلبية في المجتمع، وهل تلمست احتياجاته الملحة، الا لضرورة الانتخابات ومن بعدها تغيب عن المشهد؟
2 -هل الاحداث التي عصفت بفلسطين وحملة التهويد المستعرة ، والانتهاكات السافرة على الحجر والبشر والمقدسات، ومحاولات الاحتلال الدائمة تصدير ازماته الداخلية على حساب الدم الفلسطيني ، وغيرها من التحديات، لم تكن كافية لوحدة الصف الفلسطيني ، واعلان انهاء الانقسام والتمترس في خندق واحد يتصدى للاحتلال واجراءاته التعسفية ؟
3 -هل هامش الحرية الذي يتمتع به المواطن عريض الى درجة انه يستطيع التعبير عما يدور في خلده سواءا كان فكرا مقاوما ام فكرا تفاوضيا حتى لو كان بحسابات تختلف عن تلك السائدة حاليا بشكل المفاوضات ، بكل شفافية ومصداقية ودون حساب العواقب التي قد تلحق به أوبعائلته ؟
4- من نتاج جولات الحوار السابقة الفاشلة، خلق فجوة كبيرة بين الهرم والقاعدة ، وحالة من فقدان الثقة بين الشعب وقيادته ومنها قيادات الفصائل، والحديث هنا عن شقي الوطن "الضفة الغربية وقطاع غزة ، وحتى الشتات"، فما هو الجديد للرهان على نجاح هذه الجولة ؟
5-جولات عديدة من الحوار الوطني وجميعها فشلت ، والشخوص التي ادارتها هي ذاتها التي ستدير هذه الجولة - ان تحققت - ، والسؤال الملح ، هل هذه الشخوص سواءا كانت من الصف الاول ام من الصفوف الاخرى ما زالت مؤهلة بعد ان باءت بالفشل اكثر من مرة ؟
6- هل قرار الفصائل دون استثناء ، يتمتع بالاستقلالية وغير محكوم باجندات خارجية ؟
اخيرا وليس آخرا ، لضمان نجاح الحوار الوطني ، لا بد من خطوات تنضج في الفكر السياسي الريادي الفلسطيني والبناء على وحدة الميدان المقاوم للاحتلال في جنين ومن قبل نابلس وغزة ، وعلى رأسها، الاقرار بفشل المرحلة السابقة سواءا النهج التفاوضي ام ممن يطلقون على انفسهم "محور المقاومة"، وتبني الحوار استراتيجيا لا تكتيكيا هذه المرة لان المرحلة تتطلب ذلك ، ومن ثم تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الفئوية او الذاتية ، دون حساب للعواقب المتوقعة وخاصة الحصار المالي والسياسي ، والتحلل مما قد يقيد حركة التحرر من الاحتلال، وذلك برسم استراتيجية لا لبس فيها تتبنى برنامجا مقاوما ونضاليا وكفاحيا وسياسيا يدعم حق المقاومة من منطلق الدفاع عن النفس بكافة السبل المتاحة وارهاق الاحتلال وقض مضاجعه وازلة اسباب شعوره بالامن ما لم يتوفر الامن للفلسطيني ...، استراتيجية "البندقية بيد وغصن الزيتون باليد الاخرى"، والاهم قبل ذلك الاستقلالية في القرار الوطني وانهاء التبعية للاجندات الخارجية ، وذلك ربما يتطلب اعفاء شخوص عدة من الصف الاول من مهامها، خاصة من تلك التي ادارت جولات سابقة من الحوار، واستبدالها بشخوص تتمتع بصيت وطني واخلاقي وتحظى باجماع شعبي .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
الحوار الوطني الفلسطيني .. بين التكتيك والاستراتيجية