Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأحد 18 يونيو 2023 7:53 مساءً - بتوقيت القدس

في زمن التقارب التقني.. السينما تغيب عن نابلس ولا شيء سوى الذكريات

نابلس - "القدس" دوت كوم - وفاء أبو ترابي

أضحت طقوس المشاهدة السينمائية تتغير يوماً بعد يوم في مدينة نابلس، بينما كانت تشهد هذا الفن السابع في أَوج ازدهاره منذ مطلع القرن العشرين المنصرم، حيث احتوت على عدد من صالات السينما.. أما الآن وفي زمن التقارب التقني الذي يشهده العالم يبدو احتمال إعادة إحياء الثقافة السينمائية في المدينة ضئيلٌ للغاية، وباتت خالية تماماً من تلك الصالات.


وتحولت صالات السينما في المدينة إلى مجرد ذكريات محفورة في أذهان روادها القدامى، فقد غابت وحملت معها أجمل لحظات حياتهم، فيسرد الأب والأم أو الجد تفاصيل مشوقة وممتعة للأبناء والأحفاد، الذين ربما لم يعايشوا شعور دخول صالة السينما، وهناك أجيال كاملة في المدينة تفتقد لتلك الثقافة رغم محاولة إعادتها مؤخراً لكن دون جدوى.


وتحدث المواطن، جهاد التكروري، من أبناء مدينة نابلس لـ"القدس" دوت كوم، عن ذكرياته القديمة حينما كان يقصد السينما لمشاهدة الأفلام المعروضة، حيث كانت من أفضل الوسائل الترفيهية في تلك الفترة، إلى جانب كونها متاحة لدى جميع الأهالي الذين يرغبون مشاهدة الأفلام المتنوعة.


ويتابع التكروري: "أما اليوم فإن حياة الناس اختلفت كثيراً وانحصرت علاقتهم بالأفلام وعروض التلفاز ومنصات العرض الرقمية، على عكس اهتماماتنا البسيطة قديماً، والتي لا نزال نتغنى بها ونرويها لأبنائنا وأحفادنا".


ويستذكر التكروري عبر صفحته على منصة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" حينما كان يذهب طفلاً إلى السينما الصامتة في محل أبو نعيم الدحدوح في بلدة نابلس القديمة، وذلك قبل ظهور أجهزة التلفاز في أواخر ستينيات القرن الماضي، حيث كان يستمتع ويفرح كثيراً عندما يشاهد أفلام "شارلي شابلن"، و"لوريل" و"هاردي" الصامتة.


وقال: "رغم أن الفيلم يحتوي على صور متحركة دون موسيقى وصوت إلا أننا نتفاعل مع أحداثه، ونعيد تكراره أكثر من مرة دون كلل أو ملل، وكنا نشتري التذكرة بشلن (خمسة قروش)، ونجلس على كراسٍ من القش وأحياناً على الأرض فتتسخ ملابسنا، إلا أنها تظل من أجمل أيام حياتنا".


ويعزو التكروري أسباب غياب السينما عن أسواق المدينة في وقتنا الحالي إلى التطور التكنولوجي وتزايد وسائل الرفاهية وتعددها لدى الناس، حيث يتاح للشخص مشاهدة أي فيلم يريده عبر الانترنت وأجهزة العرض الحديثة، وهو جالسٌ في منزله دون الحاجة للذهاب إلى السينما، ومع ذلك ظلت الأخيرة تحافظ على أجوائها الخاصة وطقوسها الفريدة.


تاريخ السينما


وشُيّد في نابلس على مرّ تاريخها سبعُ صالات للسينما، حيث انتشرت ثلاثٌ نادرة الذكر منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وهي: سينما الزهراء أو المنشية، وسينما في شارع حطين بلا اسم، وسينما تاج محل، بينما يُشار إلى أن عقد الخمسينيات من ذلك القرن شهد ظهور صالات السينما الحقيقية وهي: سينما غرناطة، وسينما العاصي، وسينما ريفولي.


وجميع تلك الصالات أُغلقت في نهاية الثمانينات حيث صارت تتراجع شيئاً فشيئاً حتى اندثرت واختفت آثارها، بعدما ازدهرت في المدينة، وذلك نتيجة مؤثرات عديدة تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، واندلاع الانتفاضة الأولى آنذاك، عدا عن انتشار التلفاز وأجهزة عرض الفيديو وكذلك التطور التكنولوجي.


أما الجيل الجديد، فقد عايش افتتاح الصالة الأخيرة وهي "سينما ستي" في المجمع التجاري وسط المدينة، وذلك منذ عدة أعوام، إلا أنه لم يمضِ عقدٌ على تواجدها حتى أُغلقت عام 2019، بعد ضائقة مالية ناجمة عن تراجع إقبال الناس عليها، وميلهم إلى مشاهدة الأفلام عبر الانترنت في بيوتهم.


لذلك يرى التكروري أن إعادة تجهيز صالة للسينما متكاملة العناصر أصبح مشروعاً غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية، كما أنه من الصعب إعادة زرع هذه الثقافة في نفوس الجمهور الفلسطيني كما كانت في سابق عهدها الذهبي.


ذكريات لن تنسى


وتستذكر المواطنة، أم علاء الرطروط، من البلدة القديمة، أيام المدرسة حيث كانت المعلمة تأخذ الطالبات لمشاهدة الأفلام الدينية والتاريخية في السينما، وأبرزها فيلم الرسالة، وفيلم صلاح الدين الأيوبي، فقالت: "إننا كنا نعيد مشاهدة تلك الأفلام الجميلة مرة أخرى ما يعزز من معرفتنا الثقافية والتوعوية حول تلك الروايات، إذ نذهب مجموعة من الفتيات وحدنا فنجلس قرب شاشة العرض، وذلك لصعوبة الأوضاع المادية في تلك الفترة حيث ندفع سعر التذكرة الأقل".


تتابع: "وأيضاً إلى جانب مشاهدتنا للأفلام الثقافية والتاريخية، كنا نستمتع كثيراً بمشاهدة فيلم "أبي فوق الشجرة" لعبد الحليم حافظ، الذي كان يلقى إقبالاً شديداً، وأذكر بأننا كنا نشترى التسالي والحلويات والمشروبات، إما من البوفيه داخلها، أو من الباعة المتواجدين بالقرب منها، لا يمكنني نسيان هذه الذكريات حيث عشنا أروع اللحظات في السينما وكان الذهاب إليها نزهة، وبعضنا كان يتباهى ويفخر بذلك".


ويروي المواطن ياسر صبحة، تفاصيل مميزة عاشها حينما كان يتنقل بين صالات غرناطة وريفولي والعاصي، ليحظى وقتاً أطول في مشاهدة عروضها المختلفة، ويستمتع كثيراً بالأفلام المصرية وأفلام الكاراتيه وكذلك الهندية والأجنبية حيث كانت الأكثر رواجاً في تلك الفترة، وتلقى إقبالاً هائلاً من جماهير المتفرجين.


ويقول صبحة: "كنت من رواد السينما وأتردد عليها كثيراً لأشاهد أفلامها الممتعة، كما أذكر بأنني كنت أشتري تذكرة تحمل اسم السينما، وكان يتراوح سعرها ما بين خمسة قروش أردنية للصالة، وسبعة قروش ونصف للأماكن الخاصة (البنور)، واثني عشر قرشاً للوج، ويكون الفرق في الكراسي والمقاعد، فثمة الخشبية، وثمة المنجدة وهي ثابتة، لذلك في أغلب الأحيان كنت أجلس قرب جهاز العرض وهذا مجاناً، وربما أدفع قرشين ونصف".


ويذكر أن السينما النابلسية كانت تتبع تقليداً فريداً من أجل الترويج للأفلام واستقطاب المتفرجين– وفق صبحة-، حيث كانت تستضيف بعض نجوم السينما المصرية آنذاك ما يشجع الجماهير على الحضور.


وأما عن طريقة العرض المشوقة للأفلام، أوضح، صبحة، بأن هناك تسلسلاً متبعاً في صالات السينما، فكانت حينما تدق ساعة الفيلم المحددة مع تواجد المتفرجين، تنطفئُ الأضواء، ثم يبدأ عزف السلام الملكي الأردني -حيث كانت الضفة الغربية تتبع للإدارة الأردنية-، ويليه الجريدة الناطقة التي تعرض أبرز الأخبار في المنطقة العربية، بالإضافة إلى عدد من الاعلانات التجارية والأفلام التي تتخلل العرض.

دلالات

شارك برأيك

في زمن التقارب التقني.. السينما تغيب عن نابلس ولا شيء سوى الذكريات

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)