أقلام وأراء
السّبت 06 مايو 2023 8:34 صباحًا - بتوقيت القدس
استغلال فقر المواطنين في قطاع غزة نحو عمالة كبيرة ..جريمة بحق الانسانية والطفولة
مع تدهور الاوضاع الاقتصادية في قطاع غزة وتفاقمها الى حد يهدد معيشة المواطنين ويبقي الغالبية العظمى منهم تحت خط الفقر تبرز الحاجة الملحة للعمالة في القطاع والبحث باي شكل من الاشكال عن عمل ولو بسيط من اجل تحصيل لقمة العيش والملاحظ خلال السنوات الاخيرة وفي ظل استمرار الحصار الاقتصادي ان نسبة العمالة ارتفعت بشكل كبير في صفوف الفقراء وخصوصا فئة الشبان الذين يحرصون على مساعدة عائلاتهم وطفت على السطح ظاهرة عمالة الاطفال الصغار وتغيبهم عن مقاعد الدراسة لاعالة عائلاتهم في بعض الاحيان نظرا لمرض الوالد او وفاة الاب او عدم قدرة رب العائلة على الوفاء بكافة المتطلبات المعيشية نظرا لحجم العائلات الكبير حيث ان بعضها قد يضم اكثر من عشرة اطفال نظرا لعدد السكان الهائل اضافة الى عمالة حديثة في صفوف الفتيات والانسات في مجالات تخصصهن كالنسيج والغزل والخياطة والعمل بمناوبات ايضا في عدد من المصانع والوظائف المكتبية وغيرها …
تتعدد المشاهدات من قطاع غزة لاطفال يتحدون الاجواء الحارة صيفا والباردة شتاء ويعملون بقسوة في بيع الاحجار ومواد البناء والحصى والفولاذ وغيرها حيث يستعينون ببعض الحيوانات الاليفة مثل الحمار او الحصان بحثا عن تحصيل عدد زهيد جدا من الشواقل في نهاية يوم متعب وشاق لمساعدة عائلاتهم في ظل ضعف الموارد المالية ونظرا لاعتماد العائلات على المعونات الخارجية غير الكافية حتى لتحقيق جزء بسيط من تكاليف المعيشة الباهظة والغالية …
نرصد يوميا اطفالا يتجولون في الشوارع والازقة وعلى شاطئ البحر ويبيعون المكسرات والبسكويت والحلويات والمفرقعات وسط شعور دائم بالخوف وخصوصا عند العمل في ميناء غزة ، حيث يتحول هذا الشعور الى الخجل، من اضطرارهم لبيع البسكويت للناس، وبعض الناس لا يحسنون معاملتهم وأحيانا يقف الاطفال في اعمارهم يلعبون ويضحكون مع ابائهم في حين أن الفقراء يبيعون البسكويت وهذا يجعلهم يشعرون بالغيرة في ظل فروقات واضحة بين بعض العائلات الثرية ومعظم العائلات الفقيرة الاخرى …
وتعمل منظمة اليونيسف منذ سنوات لتحديد الاطفال المعرضين للخطر، بما في ذلك أولئك المتورطين في عمالة الأطفال ومن خلال مستشارين لحماية الأطفال ومديري القضايا الذين يعملون في 20 مركز أسرة تدعمها اليونيسف في جميع أنحاء قطاع غزة.
وعندما يتم التعرف على الطفل العامل يحاولون في اليونيسيف إعادته الى النظام التعليمي، وأحيانا بتقديم التدريب المهني. ويقدم المستشارون الدعم التعليمي والنفسي الاجتماعي الى الأطفال، بينما يساعدون الاسر على الاتصال بوزارة التنمية الاجتماعية من أجل طلب الدعم المالي، أو الحصول على فرص عمل لفترات قصيرة أو مشاريع الشركات الصغيرة.
وفي ظل اتساع رقعة الحالات العاملة في صفوف الاطفال يقتنع بعض اولياء الامور بحضور ابنائهم دورات التوعية بشأن الحماية مع إدراك الأب بأن هناك دعم متوفر لابنه، لكن هناك العديد من الحالات التي يعاني اصحابها من صدمات نفسية واجتماعية جراء المعارك والحروب التي فرضت على غزة فيحتاجون الى مزيد من جلسات اسداء المشورة الفردية المرتكزة على الصحة النفسية ودورات لمهارات الحياة من أجل زيادة ثقة الاطفال بنفسهم وتخفيف معاناتهم وتبديد مخاوفهم من اجل الحصول على فرصة للعب بأمان في ساعات العصر والمساء بعد عودة مطمئنة وهادئة الى المدارس …
وتتعدد حالات العمل الاضطرارية في صفوف النساء والفتيات والشبان اضافة للاطفال وبعضها ينطلق من مرض الاباء وضرورة المساعدة والبعض الاخر من عدم كفاية المعونات وفي كل الحالات فان العمل هنا يبدو اضطراريا ومفروضا على عاتق هؤلاء العمال الذين يفترض ان يكونوا في مواقع اخرى مثل التعليم او الدراسة او السفر للخارج وتحصيل البعثات الجامعية او عمل كريم وحر في شركات وقطاعات يفتقدها القطاع وبالتالي فان الفقر المدقع يساهم بفرض منسوب عمالة مرتفع وهنا تبرز الحاجة لتحقيق معمق في وجود حالات استغلال من قبل المشغلين في جانبين : الاول فرض عدد ساعات عمل كثيرة على المواطن الغزي واستغلال حاجته الماسة للاموال من جهة وتقديم رواتب زهيدة وبسيطة لا تكفي لسد لقمة العيش وهذا يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق العمال واضطهادا لهم ويجب ان يتوقف …
حتى في حالات العمال من المواطنين كبار السن الذين يجتازون المعابر يوميا ويتوجهون للعمل في الداخل الفلسطيني نجد ان السماسرة والاحتلال والمستوطنين على حد سواء، هم سبب كل مصيبة فلقمة العيش الكريمة حق لكل إنسان، لكن سماسرة الاستيطان حولوها إلى وسيلة لاستغلال وانتهاك أبسط حقوق الانسان، واستغلوا وابتزوا حاجة الأسر المعوزة في قطاع غزة ، وسرقوا أبناءها من مدارسهم ليشبعوا جيوبهم دون حسيب أو رقيب ودون وازع من قيم أو أخلاق…
وتبرز في هذا السياق العديد من المشاهد المؤلمة لعمال يترنحون لساعات طويلة قبل مغادرتهم المعابر اضافة لعدم وجود تأمين على صحتهم ومستقبلهم وحياتهم وهم معرضون دائما لخطر السقوط خلال العمل وكثيرة هي الحالات التي لقي فيها عمال مصرعهم وخصوصا في الضفة الغربية فمن المسؤول عن ادارة ملف العمال واين وصل ملف عمالة الأطفال ، هذا الملف الذي يدور بين الواقع والحلول والقوانين ؟
وفقا للاحصائيات الاخيرة فان اكثر من ٥ بالمئة من اطفال فلسطين دون ١٥ عاما يعملون وغالبيتهم من الضفة الغربية ولكن الاحصائية في قطاع غزة كبيرة ايضا وتشغيل الاطفال كما هو متعارف عليه يخالف القوانين والتشريعات الوطنية والدولية وهذا مجال مهم للبحث والمراجعة، وما يثير القلق أيضًا أن النسبة الأكبر من الأطفال ينخرطون في أنشطة لا تتوفر فيها الحماية من أي جانب، فوفق بيانات محدثة يتركز نحو 63% من الاطفال العاملين ضمن الفئة العمرية (10-17 سنة) في أنشطة التعدين والتشييد والبناء والزراعة، ما يعني أن المخاطر عالية، ما يدق ناقوس خطر كبير يتسع تحت جنح الليل بفعل استغلال حاجة الأسر لمصدر دخل، واستغلال تجار الظلام لتلك الحاجة بسرقة حياة أطفال.
في هذا الجانب، يقول المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل: "تحظر المادة 14 والمادة 93 من قانون العمل الفلسطيني تشغيل الأطفال دون سن 15 عامًا، ويُسمح بعمل الأطفال من عمر 15–17 لكن بشروط معينة من أبرزها ألا تكون هذه الأعمال خطرة وأن تكون ساعات العمل قصيرة، إلى جانب توفير الكشف الطبي للأطفال كل ستة أشهر".
هذه القضايا الضرورية تقودنا للحديث عن ضرورة وجود اطار يحمي العمال ويحافظ على حق الاطفال الصغار ويمنع غيابهم وتسربهم عن المدارس والبحث عن فرص اخرى لمساعدة العائلات الفقيرة ولكن الوضع مغاير جدا واصبحت ظاهرة استغلال حالة الفقر من اجل عمال كبيرة ظاهرة مقلقة فيها استغلال واجحاف يصل الى حد الجريمة وسيبقى المواطن الغزي مهددا بسرقة حياته الكريمة تحت طائلة لقمة العيش والمطلوب تكاتف وطني ومؤسساتي واسع لمواجهة عمالة الاطفال بشكل عام وفي المستوطنات بشكل خاص، ومحاربة كل المنخرطين فيها، لأن حياة أطفالنا أهم من جيوبهم وأهم من تلك المزارع والمستوطنات، المبنية على معاناة شعبنا وتضحياته ..
المطلوب لقمة عيش دون قهر أو ذل أو تهديد، وهذه من أبسط حقوق الانسان، ومن حقنا التخلص من الاحتلال لأنه أساس كل الشرور ومستنقع تجار الموت مهما اختلفت أدوارهم فهل من مجيب ؟
مع الاخذ بعين الاعتبار ان ٥٣ في المئة من سكان قطاع غزة هُم من الأطفال دون سن السادسة عشرة ورصد ظاهرة عمالة الأطفال منذ سنوات، أي أنها ليست بالجديدة على المجتمع الفلسطيني، فان الجديد والخطير هو تفاقمها بسبب الحصار والأوضاع الصعبة نتيجة البطالة وانعدام فرص العمل حيث تحمل مخاطر نفسية وجسدية مستقبلية على هؤلاء الأطفال الذين يجب ان يكونوا شباب المستقبل ليشاركوا في بناء المجتمع الفلسطيني فان القصور هو في دائرة منظومة العمل المتكاملة المتمثلة في حكومة حماس والجامعات والمؤسسات والأكاديميين والمفكرين المطلوب منهم تخطيط علمي وطني لمحاربة هذه الظاهرة .
الحل "يَكمُن في إيجاد مخارج للقضايا السياسية الخلافية ما بين الفصائل والسلطة الفلسطينية بهدف فتح أفاق مستقبلية أمام كافة القضايا الاقتصادية أيضا".
دلالات
بسام قبل أكثر من سنة
الله ينتقم من كل ظالم تجويغ وتعذيب الشعب تحت مسميات شتى جريمه يحق الانسانيه
ريم قبل أكثر من سنة
حسبنا الله ونعم الوكيل
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
استغلال فقر المواطنين في قطاع غزة نحو عمالة كبيرة ..جريمة بحق الانسانية والطفولة