أقلام وأراء
الأحد 30 أبريل 2023 10:47 صباحًا - بتوقيت القدس
البطون الرخوة في العالم العربي .. السودان نموذجا
ليس مفاجأة أو حالة استثنائية طارئة ما يحدث في السودان من اقتتال بين طرفين يريد كل منهما محو الاخر والاستئثار بالسلطة .. هو نتاج طبيعي وحتمي لكل دولة يمكن تسميتها (بطن رخو) تنعم بالفساد وبالقوانين التي تملأ الاوراق ولا تنفذ، وترزح تحت ارث ثقيل من سوء الادارة والترهل والفقر الذي يقود الى انتكاسات سياسية وحوادث تمرد وانهيارات مؤسسية. السودان وحده تعرض الى 15 حالة انقلاب سياسي منذ العام 1950 وحتى العام 2022 نجح منها خمسة فقط .
هذا ما يحدث حين يتم التعامل مع البلاد ومواردها ومقدراتها كمؤسسة خاصة للطبقة الحاكمة، كل شيء يصبح مباح بالنقود والنفوذ والسلاح، حيث الكبار يسودون والصغار مرتشون والمواطن مطحون، ولا قانون فوق قانون المصلحة الشخصية والقوة.
والبطن الرخو مركز ضعف لا يمكن أن يستقر فهو ملعب متاح للاختراقات الخارجية ويتسع للاعبين كثر مصالحهم متناقضة من شأنها تغذية فرص الاقتتالات الداخلية، كما أنه لا يمكن أن يبقى منفصلاً عن باقي الكيانات المجاورة بل يؤثر/ كما الدومينو/ سلبًا على جيرانه وأمنهم القومي واستقرارهم جراء الازمات التي يتم تصديرها بحكم الجوار الجغرافي كاللاجئين والارهاب والصدمات التجارية. دول كثيرة في العالم العربي هي بطون رخوة /وإن كانت بدرجات متفاوتة/ مثل السودان واليمن والعراق وليبيا وسوريا ولبنان ، تعرضت للاختراق الخارجي والعبث الداخلي وكان لأزمتها الداخلية امتدادات مؤثرة على جيرانها وأبعد من جيرانها .
وعلى مدار السنين السابقة وجراء هذا الارث من الانقلابات وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، كان السودان البلد الغني بموارده الهائلة وموقعه الاستراتيجي مرشحًا قويًّا لتعدّد اللاعبين الاقليميين والدوليين، فعلى سبيل المثال: ايران كانت تطمع بقفزة استراتيجية في السودان لزيادة نفوذها في غرب واواسط افريقيا والسيطرة على احتياطات الغاز والنفط واليورانيوم. كذلك الصين التي استطاعت ان تسد فجوة عدم الاهتمام الامريكي بالقارة السمراء وتتعدى حدود المحاذير السياسية النابعة من طبيعة المؤسسة الحاكمة وتصنع نفوذا لا يستهان به في البلاد وحافظت على علاقات ودودة مع الخرطوم ومصالح اقتصادية كبيرة عبر استثمارات في القطاعات النفطية والمعدنية هناك. روسيا أيضا نظرت بامعان الى العمق الاستراتيجي السوداني بفضل موقعه المشاطئ للبحر الاحمر والمجاور لسبع دول افريقية واحتياطي الذهب الهائل فيه والذي يسلك طريقا مباشرا الى روسيا عبر شركات التعدين الروسية ومرتزقة فاغنر وقاعدة عسكرية روسية محتملة على شواطئ البحر الاحمر في السودان. اسرائيل لم تكن يوما بعيدة عن محاولة اختراق السودان لاسباب امنية واستخباراتية واقتصادية متعددة حتى تم لها الامر بهرولة تطبيع سريعة أو مقايضة بالمعنى الاصح في 2020. بالمناسبة اسرائيل تربطها علاقات جيدة مع طرفي الصراع القائم فالعلاقات مع الجيش النظامي بقيادة البرهان تتبع المؤسسة الرسمية الاسرائيلية ، والعلاقات مع حميدتي (قوات الدعم السريع) يتولاها الموساد!
إن مشاهد الجلاء الدولي من موظفين وجاليات ودبلوماسيين توحي ان العالم لن يتدخل قريبا وأن الحرب طويلة، والفرجة مجانية حتى يستنفذ كلا الطرفان قواهما أو يبرز الاقوى او تتضح المخططات القادمة. ما تزال الولايات المتحدة غير مهتمة، وروسيا حاليا مشغولة، والدول العربية المؤثرة في السودان لها مصالح لا تتفق، فمنهم من يدعم الجيش النظامي ومنهم من يدعم ما يسمى بميليشيات الدعم السريع . صحيح أن الصراع الدائر في السودان حاليا يجري بين من كانوا رفقاء سلاح ضد جماعات المتمردين في دارفور . وباتوا خصوما يتصارعون على النفوذ، لكن المشهد الاكبر يوحي بأنه من المنطقي أن يتطور ليصبح صراعاً دوليًّا بالوكالة..
وعجبي على 22 دولة عربية تراقب الوضع في السودان واسرائيل تعرض مبادرة للتوافق واستقبال الجنرالين المتصارعين .!
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
الأكثر قراءة
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 79)
شارك برأيك
البطون الرخوة في العالم العربي .. السودان نموذجا