Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 31 مارس 2023 11:18 صباحًا - بتوقيت القدس

معركة الأرض مستمرة ولن نرحل

في الثلاثين من آذار من كل عام يحيي جماهير شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده في الوطن والشتات ذكرى خالدة في العقول والقلوب، لهبّة جماهيرية شعبية عارمة طالت كل أنحاء فلسطين عام 1976م، باتت تُعرف بـِ"يوم الأرض الخالد".
في ذلك اليوم خرجت جماهير شعبنا في فلسطين المحتلة عام 1948م بمسيرات شعبية حاشدة ومظاهرات احتجاجية غاضبة لمواجهة قرار وزير جيش الاحتلال آنذاك إسحاق رابين بمصادرة أكثر من 20 ألف دونم من الأراضي العربية الفلسطينية والتي تعود لبلدات دير حنا وسخنين وعرابة في منطقة الجليل، ولتؤكد هذه المسيرات على عروبة هذه الأرض المباركة، وترفض الاستعمار والاستيطان والعدوان.
لقد كان واضحاً وجلياً منذ المؤتمر الصهيوني عام 1897م أنّ الاستيلاء على أرض فلسطين وطرد أهلها منها هو الهدف النهائي للحركة الصهيونية، وكانت الهجرات اليهودية المتتالية على أرض فلسطين البداية لتحقيق هذا الهدف والنواة الأولى للاغتصاب الاستيطاني للأرض، فبُنِيت المستعمرات لاستيعاب المهاجرين اليهود، وبدأت سلسلة لا حصر لها من الجهود الصهيونية لتسهيل سرقة الأرض والسيطرة عليها، ولقد توّج هذا الجُهد الاستيطاني في 15 أيار 1948م بالاستيلاء على نحو 20 ألف كيلومتر مربّع من أرض فلسطين تمثّل نحو 74% من مساحتها البالغة 27009 كم٢، والقضاء على العديد من القرى والبلدات والمُدن في هذا العام عبر ارتكاب أبشع المجازر والمذابح، كان من أشهرها مجزرة دير ياسين.
بعد هذه الإبادة الجماعية، تمكّنت المنظمات الإرهابية الصهيونية: الهاغاناة، والشتيرن، والآرغون من تنفيذ تطهيرها العرقي وطرد نحو 850 ألف فلسطيني أصبحوا لاجئين في الأردن وسوريا ولبنان وفي الضفة الغربية وغزة، حيث أصبح هناك 59 مخيماً موزعة: 12 في لبنان، و10 في سوريا، و10 في الأردن، و8 في غزة، و19 بالضفة، وليصبح من بقي أقلية في أرضهم وتحت سيف مشروع لا يزال مسلطاً على رقابهم من قبل دولة إسرائيل، التي أُنشئت على ما تمّ الاستيلاء عليه واغتصابه من أرض فلسطين التي حلت عليها وعلى شعبنا الكارثة النكبة عام 1948م. وقد فرضت هذه الدولة سلسلة من القوانين العنصرية التي حاصرت أهلنا من كل جانب، فقد كانوا لا يزالون يمثلون ذلك الهاجس الذي يؤرّق الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وبالرغم من تحقيق الصهيونية لهدفها في إقامة دولة لليهود، إلا أنّ مسلسل الاستيطان استمر في حربه المسعورة ضد شعبنا ووجودنا وتاريخنا وأرضنا، وصارت سياسة فرض الأمر الواقع وترسيخ الحقائق على الأرض هي السياسة الرسمية لدولة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الإحلالي.
ولذلك، تكثفت الخطط والمشاريع الهادفة للاستيلاء على ما تبقّى من الأرض بيد الشعب الفلسطيني وبهدف تهود الأرض وإلغاء طابعها العربي، وذلك خلال الأعوام 1974م و1975م وبالذات في منطقة الجليل. ومع شراسة الإجراءات لطرد الأهالي والاستيلاء على أراضيهم بإشراف "يسرائيل كينغ" حاكم اللواء الشمالي، ارتفعت الدعوات لمواجهة هذه الإجراءات وعُقِدَ في مدينة الناصرة المؤتمر العام للدفاع عن الأراضي العربية عام 1975م، وانبثقت عنه لجنة متابعة تولّت مهمة التصدي للسياسة الإسرائيلية. وإزاء إصرار السلطات الإسرائيلية على مخططاتها هبّت الجماهير العربية الفلسطينية في مختلف المدن والقرى العربية وانفجرت الصدامات الواسعة في الثلاثين من آذار 1976م، ليخلّد هذا اليوم ستّة شهداء ومئات الجرحى كتبوا بدمائهم الزكية رسالة الحياة لشعبهم وأرضهم، وشهداء يوم الأرض الخالد هم: خير ياسين من عرابة، وخديجة شواهنة من سخنين، ومحسن طه من كفر كنا، ورجا أبو ريا من سخنين، ورأفت زهيري من مخيم نور شمس واستشهد في الطيبة.
تطلّ الذكرى علينا هذا العام في ظلّ هجمة استيطانية شرسة تطال الأرض بكل ما عليها من بشر وحجر وشجر وثمر في ظلّ حكومة للاحتلال هي الأكثر تطرفاً وعنصريةً وعدوانيةً ضد العرب والفلسطينيين، أماطت اللثام عن الحقيقة التي لطالما حاولت الحكومات السابقة إخفاءها وراء قناع الحق القانوني والإنساني للمستوطنين للتمدّد والبناء لمواكبة النموّ السكاني، وهو الحق الذي لا يُؤخذ بعين الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالعربي الفلسطيني، الذي بات محصوراً في بقعة جغرافية محدودة جداً، فتصاريح البناء لا تُمنح إلا لليهودي المستوطن وعلى أرض ليست أرضه.
ومن الجليل إلى النقب الذي يشهد حملة جديدة لاستعماره والاستيطان فيه وتهويده، وصولاً إلى الضفة الغربية التي تشهد وتيرة متصاعدة من الاستيطان في كل الأراضي المصنّفة (ج) ينحصر شعبنا اليوم في مجموعة كبيرة من المعازل في المدن والقرى.
إنّ السياسات الاستيطانية التهويدية في مناطق (ج) تشكّل استمراراً لنهج اليمين الذي يقوده نتنياهو والذي يعمل على حسم مستقبل هذه المناطق (ولاحقاً حسم مستقبل الصراع) وحصر الوجود الفلسطيني في مناطق محدودة في مناطق (أ)، ولذلك تعمل هذه الحكومة من خلال أذرعها العسكرية والأمنية والإدارة المدنية ووزاراتها المختلفة من أجل تنفيذ رؤيتها التي عبّرت عنها في اجتماعات لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست 2020م حينما أعلن ممثل عن الإدارة المدنية "نجاح إسرائيل في المعركة على مناطق (ج) أمام الفلسطينيين والاتحاد الأوروبي".
لقد بدأ المستوطنون بتبني اساليب جديدة للسيطرة على الأرض في الضفة ويتمثل احدها باقامة مزارع للرعي يستولون فيها على أضعاف ما يتم استيلائه بالبؤر الاستيطانية، وما كان لذلك الاستيطان الرعوي أن ينجح لولا الدعم السياسي الذي يتلقاه المستوطنون ومؤسساتهم من الحكومة الإسرائيلية، وقد توّج ذلك التوجه بتسليم الوزير المستوطن المتطرف "سموترتش" مسؤولية الإدارة المدنية على الضفة الغربية.
وبالتوازي مع تعزيز الاستيطان في الضفة وتوسيع رقعة الأرض التي يتم الاستيلاء عليها وتصعيد هدم بيوت الفلسطينيين، عملت إسرائيل على تقزيم دور السلطة الوطنية السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبما يتلاءم مع الدور الذي تريده الحكومة الإسرائيلية، والمتمثل في التنسيق الأمني وتقديم الخدمات المدنية للسكان في مناطقها، واستمرار التعاون الاقتصادي بما يخدم أساساً السوق الإسرائيلي. بالإضافة إلى فصل غزة عن قضية الاحتلال بالضفة والحفاظ على حالة الانقسام في المشهد الفلسطيني، وتفعيل دور جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية على قمع أي تعبير عن المقاومة لدى الفلسطينيين.
تأتي أهمية هذه الذكرى كونها التعبير الوطني الخالص من أصحاب الأرض الأصلانيين عن رفضهم المتواصل وعبر الأجيال لواقع نهب أرضهم المستمر من المستعمِر الغاصب.
لقد أعاد يوم الأرض وما تلاه وسيتلوه من هبّات وانتفاضات تعريف العلاقة بيننا وبين المستعمِر، وأعاد للفلسطينيين فعاليته ودوره المطلوب في الصمود والمقاومة والمواجهة.
هذا العدو قابل للموجهة وقابل للردع وقابل للثأر وقابل للهزيمة، وأنّ فلسفة مقاومة العدو المستعمر تقتضي صموداً ليس كأيّ صمود، صمود قائم على الفعل الدؤوب والمواجهة المستمرة، والمواجهة لا تكون مواجهة إلا حين يكون اللقاء وجهاً لوجه ومن نقطة الصفر، كفٌّ بكفّ، ولكمةٌ بلكمة، وعينٌ بعين، وسنٌ بسن، وقوّةٌ بقوة، ونارٌ بنار، وأخيراً سلامٌ بسلام.
وبدون ذلك لن يفهم أي عدو غاصب أنه ظالم وقاتل، وسيظل يتذكر أنّ كل فعل عدواني استيطاني استعماري له سيحمل في طيّاته ثمناً غالياً وملموساً سيدفعه.
لقد أثبتت الوقائع أن صمت الضحية يمنح المجرم مساحة لامتناهية من الوقت للتمادي أكثر وأكثر.
آن الأوان للمشهد الفلسطيني والعربي أن يستعد وحدته وينهي انقساماته ويعيد التفكير بشكل جماعي لأداء فعل جماعي، فالاستعمار الصهيوني يستهدف الكل بمعنى الكل، الكل الفلسطيني والكل العربي.
يقول علي شريعي: "إن الاستعمار هو أن نتوقف عن التفكير الجمعي كـ(نحن) في ظلّ استعمار يستهدف المجتمع بكامل أفراده وجماعاته".
من هنا تأتي أهمية الإيمان بفكرة مراكمة القوة المعنوية والمادية مع كل ذكرى، فهذا الصراع لن ينتهي بالضربة القاضية، وستظل أطماع الاستعمار الصهيوني الاستيطاني التوسعية مستمرة ومتسارعة في محاولة لإنهاء معركة الأرض التي بدأت قبل يوم الأرض بأكثر من قرن من الزمان معنا.
الأرض أرضنا، منها وفيها ولدنا، وإليها وعليها سنعود، عشنا فيها تاريخنا الإنساني العريق وترعرعنا وشيّدنا المدن والآثار والمنجزات، ولذلك مهما تكالبت علينا قوى الظُّلم والاستيطان والإرهاب، لن نرحل عنها.

دلالات

شارك برأيك

معركة الأرض مستمرة ولن نرحل

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 92)