Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 30 مارس 2023 11:05 صباحًا - بتوقيت القدس

الغرب والصهيونية.. والقيم المشتركة

يكرر الزعماء الأمريكيون والغربيون اجمالا، أن بلدانهم تتشارك مع إسرائيل في القيم، وكأن أحدا ينكر ذلك. ومن شدة اعجاب هؤلاء الزعماء بالصهيونية، يتحينون الفرص للتأكيد على أنهم من مؤيديها، أو أنهم صهاينة، بصريح العبارة وبالفم الملآن.


ضمن هذا السياق، يقرر الطرفان، الغرب الامبريالي والصهيونية، انتماءهما للعالم "المتحضر"، وينكرون ذلك على الآخرين، الذين يصنفون عندما يقتضي الأمر، وتحين الفرصة، بالبرابرة والمتخلفين. ومن البديهي، أن ما ينطبق على أبناء العالم "المتحضر"، لا يمكن أن ينطبق على غيرهم، وما يجوز لهم لا يجوز لغيرهم. ومن هنا نصرخ نحن، ويصرخ كل الذين لم تتح لهم فرصة الانتماء الى العالم المتحضر، بأن الغرب يكيل بمكيالين، احيانا لنتهمه بذلك ونحرجه، وأحيانا أخرى للفت انتباهه الى ذلك، وكأننا نعتقد أنه غير مدرك لهذه "الكبيرة" التي يقع فيها، أو أنه يخجل من هذا التصرف، وهو - أي الغرب والصهيونية - يعتبر أن الكيل بمكيالين هو من متطلبات كونه عنصرا متحضرا يختلف بالطبيعة عن الآخرين.
قبل فترة ليست بعيدة، وصف الرئيس الأمريكي بايدن، في رسالة وجهها الى رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو، العملية التي قام بها شاب فلسطيني في مستوطنة النبي يعقوب بالقدس، وأدت الى مقتل سبعة مستوطنين اسرائيليين، بأنها "اعتداء على العالم المتحضر" ... من نافل القول إن هذه العملية، جاءت في أعقاب عملية للجيش الاسرائيلي في مخيم جنين، قتل فيها الجيش أحد عشر فلسطينيا، لم يكن لبايدن فيها أي رأي، كما لم يكن له أي رد فعل، في كل العمليات التي تقوم فيها إسرائيل بقتل فلسطينيين.


بايدن، لا يرى في هجوم المستوطنين على المخيم أي شيء غير طبيعي، بينما ينزعج عندما يثأر المخيم لشهدائه، رغم ما يحمله تاريخ العلاقة بين المستوطنة والمخيم في فلسطين، من ظلم وعدوان وغياب لكل ما هو انساني. فالرئيس الأمريكي، لا يكترث الا عندما يكون "الاعتداء" على العالم "المتحضر"، الذي تمثله الولايات المتحدة وإسرائيل والغرب عموما. أما العالم "الآخر" غير المتحضر "المتخلف"، فهو لا يخضع لنفس المعايير التي تنطبق على الغرب.


الغرب والعنصرية
لا يمكن لأحد إنكار التقدم الذي أحرزه الغرب في كثير من المجالات، كما أن الأنظمة والقوانين التي يطبقها داخل بلدانه، تستحق في كثير منها التقدير والإعجاب، لكن المشكلة تكون عندما يقترن ذلك بالإمبريالية والتسلط والسعي للهيمنة، حيث يوظف ذلك بطريقة عنصرية يتم فيها اضطهاد الآخر، وتبرير ذلك الاضطهاد، بحيث تتم ممارسته بضمير "مرتاح".
لكن المشكلة الأساسية، تكمن في الموقف العنصري الذي يتخذه الغرب من الآخر، الذي تحول تلك العنصرية دون فهمه جيدا. فالغرب لا يعتبر أن الأخلاق والإنسانية والمساواة والعدل قيم تنطبق على الآخرين. فضحايا الحرب في اوكرانيا التي جند لها الغرب كل إمكانياته، لا يشبهون ضحايا الحرب في العراق وافغانستان وفلسطين، وكل ضحايا الحروب خارج العالم الغربي. أما الأمن المطلوب للإسرائيليين والاوروبيين والامريكيين، فهو ليس مطلوبا للفلسطينيين وللعرب وللروس وغيرهم من غير الغربيين. والمساعدات التي تقدم لأوكرانيا، لا يستحقها ضحايا الزلازل في سوريا وحتى تركيا العضو في حلف الناتو.


لقد أظهر الموقف الغربي من اللاجئين الاوكرانيين "الاوروبيين المتحضرين"، عنصريته تجاه اللاجئين من آسيا وأفريقيا، واظهرت المواقف الغربية من تقديم المساعدات لضحايا الزلازل في سوريا وتركيا عنصريته في هذا المجال ايضا، كذلك فعلت تصرفات الغرب مع لقاح كورونا، الذي حرمت منه الشعوب الفقيرة الى حد بعيد، بعكس بلدان الغرب الغنية.
ومن أجل أن يحافظ الغرب على "طهارته" الاخلاقية، فإنه يحاول أن يبعد عن أراضيه، ما يمكن أن يمس بسمعته في مجال حقوق الإنسان. فأمريكا، على سبيل المثال، تقوم بفتح سجون لها في دول عديدة خارجها (غوانتانامو وغيره)، حيث تمارس التعذيب كما يحلو لها، متحللة من أي رادع قانوني أو أخلاقي. وهي كذلك تنشئ المختبرات البيولوجية الخطيرة خارجها، حتى تكون بعيدة عن الأضرار الصحية "والاخلاقية".


الغرب "بلطجي"
يعتبر الغرب الامبريالي، وخاصة الولايات المتحدة، أن الحق هو القوة. وأن تحقيق "المصالح" يبرر كل شيء. لقد حولت الامبريالية ومعها الصهيونية، العدوان على الآخرين الى "مهنة"، وتحول التسلط الى نوع من الاحتراف.
تتطلب بلطجة الغرب على "الآخر" شيطنته. في القرن الماضي تمت شيطنة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي. منذ مطلع هذا القرن، وقبل ذلك ايضا، تمت شيطنة الاسلام دينا وثقافة وبشرا. وربط الإرهاب بالإسلام. ويجري النظر الى شعوب الشرق بدونية، حيث يعتبر الاعتداء على أراضيها وممتلكاتها ومقدساتها، أو خطاب الكراهية ضدها، والتحريض عليها، وكأنه أمر طبيعي، خاصة إذا صدر من قبل الغرب "الأرقى".
هذا جرى تاريخيا مع الأفارقة، ومع الشعوب الأصلية في أمريكا واستراليا ونيوزيلندا، والآن يجري مع شعوب روسيا الاتحادية، والصين التي تم الصاق فايروس كورونا بها "الفايروس الصيني".


في سياق "البلطجة" التي يستخدمها الغرب لتحقيق مصالحه تستثنى الأخلاق، وكل القيم التي قد تشكل عائقا أمام ذلك. كل المؤامرات هنا واردة. والكذب من أرفع شخصياته على أهم المؤسسات الدولية مقبول، مثلما جرى عندما كذب كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت، على الأمم المتحدة، من أجل تبرير العدوان الأمريكي على العراق.


الغرب والصهيونية.. وحدة حال
لم تخف الصهيونية يوما ارتباطها العضوي بالاستعمار الغربي، حيث وضعت نفسها معه استراتيجيا وحضاريا منذ اليوم الأول. وأظهرت عنصريتها خاصة تجاه الشرق. وفاخرت بمشاركتها له في القيم. كان ذلك، رغم أن الصهيونية تدعي أنها نشأت من أجل حماية اليهود من "اللاسامية"، فوجدت نفسها في حلف مع أشد اللاساميين وضوحا.


أهم ما يجمع الصهيونية بالإمبريالية الغربية، هو العنصرية المستندة الى التفوق العرقي والديني، وتموضعها الحضاري معه ضد الآخر وخاصة الشرق "المتخلف" واحتقارها له. هذا لم يكن ضمنا بل جاء علنا في تصريحات كثيرة للقادة الصهاينة.
من الجانب الغربي، ربما كان أوضح حديث في هذا المجال، لرئيس الوزراء البريطاني الأشهر تشرشل، الذي أوضح أنه لا يؤمن أن ظلماً وقع على الهنود الحمر، لأن البيض "أرقى وأوسع حكمة". فيما كانت نظرته للمسألة الفلسطينية، تعتبر أن اليهود عرقاً أرقى، وبالتالي يحق لهم احتلال فلسطين.


أما على الجانب الصهيوني، فعلى سبيل المثال، قال هيرتسل: "بالنسبة الى اوروبا سنمثل جزءا من السد أمام آسيا، سنخدم في الخط الأمامي لندافع عن الحضارة ضد البربرية". أما جابوتنسكي فقال، "نحن اليهود ننتمي الى أوروبا... ونحن ذاهبون الى أرض اسرائيل أولا من أجل اراضينا القومية، وثانيا من أجل توسيع حدود اوروبا حتى نهر الفرات"... اكتفى بنهر الفرات لأن الخليج لم يكن مهما في ذلك الوقت. من جهته اعتبر نتنياهو عندما خطب بمناسبة أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أن "الحرب ضد الإرهاب الدولي ضرورية من أجل استمرار الحضارة الغربية". فهو اعتبر أن لاحتلال فلسطين بعدا حضاريا، اضافة الى الأبعاد الأخرى.


من القيم التي تتشارك فيها اسرائيل مع الولايات المتحدة، كون أن كليهما هو استعمار استيطاني يقوم على التخلص من الشعب الأصلي... فالولايات المتحدة وغيرها من البلدان في "العالم الجديد"، جاءت إثر "اكتشاف" ذلك العالم، وكأن المكان لم يكن مأهولاً قطعيا، وكذلك فلسطين التي اعتبرها الصهاينة أرضا بلا شعب... هي "اكتشاف" ايضا بشكل او بآخر.


وتتشارك الولايات المتحدة وإسرائيل الحديث عن "طهارة" جيشيهما... فكل الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة والمهاجرون الغربيون الأوائل، من أيام الهنود الحمر.. مرورا بهيروشيما وفيتنام وكوريا وافغانستان والعراق وسوريا وغيرها هي من فعل الضحايا أنفسهم.. وكذلك فإن الجرائم التي يرتكبها الاسرائيليون، بسبب الفلسطينيين والعرب... لذلك تصر الدولتان على عدم جواز محاكمة أي جندي أمريكي أو اسرائيلي أمام محاكم غير الأمريكية والاسرائيلية.


كما تتشارك الدولتان في تحميل الضحايا مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحقهم، وتطالبهم بتبني الرواية الأمريكية والاسرائيلية للأمور ... أحد الحاخامات الاسرائيليين صرح عند قتل الجيش الاسرائيلي لكثير من الأطفال الفلسطينيين اثناء الانتفاضة الأولى في الثمانينات، بأن "الله لن يغفر للفلسطينيين أنهم اجبرونا على قتلهم".. هو يريد من الله أن يلاحق الضحايا ايضا ويتبنى الرواية الاسرائيلية.
ضحايا أمريكا ايضا يتبنون روايتها؛ اليابانيون يعتبرون "سوء تصرفهم" هو سبب القنابل النووية في هيروشيما وناغازاكي... كذلك يفعل الألمان، في تبني رواية الأمريكان حول ما جرى في الحربين العالميتين.


العنصرية جوهر الداء
هذه القيم والثقافة المشتركة بين الامبريالية الغربية والصهيونية، والمستندة أساسا الى العنصرية والتفوق العرقي، واصرارهما على تمثيل العالم المتحضر، هي بالضبط ما يستخدمه الطرفان - برأي ادوارد سعيد - لتبرير وشرعنة الاستعمار والاحتلال واستغلال شعوب العالم وثرواتها. وهذا يفسر اصرارهما على إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الذي صدر بتاريخ 10 نوفمبر 1975 الذي اعتبر أن الصهيونية شكل من اشكال العنصرية والتمييز العنصري.
لهذا السبب، فإن العمل على قيام نظام عالمي خال من العنصرية بإيديولوجياتها المختلفة، هو حاجة ماسة للبشرية. وأي نظام عالمي جديد يلد بوجود تلك الايديولوجيات، لا يمكن أن يكون إلا مولودا مشوها.

دلالات

شارك برأيك

الغرب والصهيونية.. والقيم المشتركة

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 92)