أقلام وأراء
الأحد 19 مارس 2023 10:30 صباحًا - بتوقيت القدس
الدبلوماسية 101: شرم الشيخ والفرص التي تضيع!
بقلم: د. دلال صائب عريقات
الدبلوماسية هي أحد حقول العلوم السياسية، لا أقلل من شأن (الفهلوة)، الا ان السياسة لا تقتصر على ذكاء الشوارع، السياسة كما الدبلوماسية هي علم له أسس ومعايير للنجاح وقد تطور هذا العلم على مدار سنوات عديدة وحان الوقت لتبني سياسة في فلسطين تستند للتخصص.
كما تعرفون، في عالم الاكاديميا وخاصة في العلوم الاجتماعية والانسانية من الصعب أحياناً الاتفاق على تعريف واحد لأي مفهوم كان، في تعريف "الدبلوماسية" ومع كثرة التعريفات وعدم اتفاق المفكرين على تعريف موحد إلا أن التعريفات تلتقي جميعاً في نقطة واحدة تتمثل بعدم اللجوء للعنف والسلاح والدم كوسيلة لتحقيق الاهداف. من التعريفات الدارجة للدبلوماسية، حسب Berridge and James 2001, Palgrave ، هي تسيير العلاقات بين الدول ذات السيادة عن طريق المسؤولين الرسميين بطريقة سلمية. الدبلوماسية اذاً هي أي محاولة لتعزيز العلاقات أو المفاوضات الدولية أو تقويتها وهي تتمركز حول استخدام اللباقة في التعامل مع الطرف الآخر. من التعاريف المتداولة تعريف قاموس اوكسفورد الذي تبنّاه هارولد نيكلسون Harold Nicolson ، فقال الدبلوماسية هي إدارة العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات والأسلوب الذي يستخدمه السفراء والمبعوثون لإدارة وتسوية هذه العلاقات، وهي وظيفة الدبلوماسي أو فنه. ويعرفها ارنست ساتو Ernest Satow بأنها تطبيق الحيلة والذكاء في إدارة العلاقات الرسمية بين الحكومات والدول المستقلة. ويقدم شارل كالفو charle calvo تعريفاً للدبلوماسية بأنها علم العلاقات القائمة بين مختلف الدول، وهي ضرورية لقيادة الشؤون العامة ومتابعة المفاوضات كما تنشأ عن مصالحها المتبادلة، من مبادئ القانون الدولي ونصوص المعاهدات والاتفاقيات التي تنشأ.
اما اللورد Sir Henry Wotton فعرف الدبلوماسية انها فن الكذب من أجل مصلحة الوطن، وبالمناسبة خسر اللورد وطون عمله كدبلوماسي بعد هذا التعريف مباشرة. بالرغم من تعدد التعريفات إلا أنها جميعاً تشجب وتبتعد عن العنف والسلاح والدم كوسيلة لتحقيق الأهداف، والمعروف انه اذا تدخل العنف نخرج من مفهوم الدبلوماسية ونتجه نحو القوة والحرب. كما ان نجاح الدبلوماسية يرتكز علئ النزاهة الكفاءة والشفافية بعيدا عن الكذب، فكما شاهدنا في مثال الدبلوماسي البريطاني الذي فقد وظيفته عندما ربطها بالكذب!!!
العمل الدبلوماسي الفلسطيني يجب ان يخدم الشعب والمصالح الوطنية للبلاد، العمل الدبلوماسي هو الاداة التي يجب توظيفها في تحقيق أهدافنا الوطنية. ليس من المقبول ان يصبح العمل الدبلوماسي أداة ضغط ضد مصالحنا، قد تكون المشاركة في اجتماع شرم الشيخ جزءا من العمل الدبلوماسي وتندرج تحت تعريفات الدبلوماسية، فكما جاء المشاركة هدفها الدفاع عن حقوق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال وللمطالبة بوقف العدوان الاسرائيلي المتواصل ضد ابناء شعبنا ووقف الاجراءات والسياسات التي تستبيح الدم والأرض والممتلكات والمقدسات. هذا الكلام يتطابق مع تعريف العمل الدبلوماسي الحضاري إلا انه يستثني ويغيب واقع الدم والعنف والتطرف والعنصرية الذي تنفذه قوات الاحتلال العسكري الإسرائيلي وبشراسة مع قدوم حكومة جديدة يمينية متطرفة بعيدة كل البعد عن كل ما هو دبلوماسي وسلمي وهذه هي الرسالة التي يجب ان تصل للعالم. ان الشريك الفلسطيني للسلام يواجه إرهاب المستوطنين المنظم من قبل آلة الحرب الإسرائيلية.
ندرك جيداً ان الفلسطينيين يواجهون ضغطاً سواء من الدول الاقليمية الحدودية أو امريكا، ومن الطبيعي ان يتم توجيه اصابع الاتهام واللوم للجانب الفلسطيني في حال عدم المشاركة في هذه اللقاءات التي تتبنى نهجاً دبلوماسياً يتنافى مع النهج الذي تتبناه حكومة نتنياهو التي تطالب السلطة الفلسطينية بتهدئة الاوضاع وتتهمها بعدم القدرة على السيطرة الامنية بينما تستمر هي في ممارسة الغطرسة وجرائم ضد الانسانية تتمثل في عمليات الاعدام الميداني والاغتيالات والاستيطان وهدم المنازل وطرد السكان.
الدبلوماسي الفلسطيني يحب ان يحاكي الواقع الذي نشهده من انعكاس لـ 75 عامًا من الاحتلال والابارتهايد والاستعمار الكولونيالي وارهاب الدولة المنظم. لقد اعدمت الآلة العسكرية الإسرائيلية، منذ مطلع شهر كانون الثاني (يناير) 2023 وحده ،89 مدنياً فلسطينياً، بينهم 17 طفلاً وامرأة واحدة. 130 أما فلسطينية تنتظر وداع ودفن ابنائها بكرامة، والاحتلال مستمر في احتجاز الجثامين في الثلاجات في مختبرات جامعة تل أبيب! وتزامنا مع شهر المرأة, ما زالت 29 فلسطينية أسيرة الى جانب حوالي 5000 اسير يقبعون خلف القضبان الإسرائيلية.
إتقان فن الدبلوماسية يمكن ان يحقق لنا بعض الأهداف اذا عملنا من خلال التخطيط والمعرفة والبناء على ما تشهده إسرائيل من سيناريو تدميري تجاه الديمقراطية والليبرالية وحقوق الانسان العالمية, اللغة التي تجمع الشعوب, من المفترض ان نبني على هذه اللغة ونستغل فرصة دبلوماسية لتقوية الموقف الفلسطيني بفعل جاد قبل المشاركة.
إذا لم يكن لدينا في عام 2023 المهارة الدبلوماسية والحنكة السياسية لتسمية الأشياء بمسمياتها، اذا لم نتقن أبجديات علم الدبلوماسية في خدمة مصلحة وطننا، كيف سنتحلى بالشجاعة أو الأمانة لحماية شعبنا وحقوقه، الدبلوماسي الفلسطيني يجب ان يقول لا في وجه الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الفصل العنصري ومحاسبة المجرمين في دولة الاحتلال. حتى لو ان الضغط الممارس ضدنا رهيب ولا يمكن وصفه، لمَ لا نقوي الموقف الفلسطيني، كان من أبجديات الدبلوماسية ان تستغل السلطة الفلسطينية الموقف الضعيف لإسرائيل بعد المجازر الميدانية الموثقة وتطالب بخطوات بناء ثقة وإثبات حسن النوايا من قبل الطرف الاسرائيلي قبل الموافقة بلا ثمن!
ما دمنا نعيد تجارب الماضي ونتوقع نتائج مختلفة فعلينا تحمل وقبول حقيقة ان إسرائيل ستواصل سلوكها فوق كل القوانين وسيستمر إفلاتها من العقاب بسبب الحصانة التي تتمتع بها من قبل كل نظام سياسي بات متورطاً بطريقة مباشرة او غير مباشرة بجرائم الحرب ضد الفلسطينيين.
"عندما يكافأ العنف لا يمكن للواقع الا ان يزداد سوءًا".
- دلال عريقات: كاتبة وأكاديمية
دلالات
مازن عباسي قبل أكثر من سنة
هل هذا مقال ام محاضرة
وفاء الحسن قبل أكثر من سنة
الى ام اللول أقترح أن تغلق كل الأبواق المنافقة التي انفصلت عن الشعب المناضل
لولو قبل أكثر من سنة
الى وفاء الحسن تعليقك بمنتهى الإسفاف! وماذا تقترحين؟ افيدينا بربك!
وفاء الحسن قبل أكثر من سنة
كان ياما كان واحد اسمه كبير المفاوضين شغلته المفاوضات ومات وهو يفاوض وما طله معه اشي وأجت بنته استوزرت واستسفرت مرة تمسح جوخ و مرة تشاغب ... شوفوني ... ولو يابو مازن عشان
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
الدبلوماسية 101: شرم الشيخ والفرص التي تضيع!