فلسطين

السّبت 18 فبراير 2023 9:00 صباحًا - بتوقيت القدس

"جالود" جنوب نابلس.. ارث كنعان يتهدده غول الاستيطان

نابلس – "القدس" دوت كوم - وفاء أبو ترابي – في فصل جديد من مسلسل الصراع حول القرية الأثرية "جالود" جنوب نابلس، يتعرض أهالي الحي الجنوبي في القرية لهجمات استيطانية محمومة بهدف السيطرة على مواقع أثرية فيها مثل مغارة "الشيخ بشر" الأثرية، في محاولة من المستوطنين لاستحضار اساطير توراتية زائفه تخدم أهدافهم الرامية للاستيلاء على المزيد من أراضي الفلسطينيين.


فالمستوطنون يبحثون منذ عقود عن مزاعم تاريخية لاثبات وجودهم في القرية الكنعانية الفلسطينية، من خلال تزييف الثوابت الأصيلة لهذه القرية العريقة ويتصارعون مع أصحاب الأرض الأصليين على أحقية وجودهم تحت مظلة القانون الجائر في المحاكم الإسرائيلية.


ويقول رئيس مجلس قروي جالود، رائد حج محمد، "أن المستوطنين منذ عدة أيام هاجموا منازل الحي وعاثوا فيها دماراً، كما أحرقوا مركبات المواطنين في مشهد مروع يعيد سيناريو إحراق منزل "عائلة دوابشة" في قرية دوما المجاورة، قبل سنوات، لكن تصدي أهالي القرية بمساندة مواطنين من القرى المجاورة أفشل مخططاتهم المزعومة".


لحسن الحظ، -يضيف حج محمد- كان مجلس القرية في تلك الفترة قد زوّد المواطنين في هذا الحي الجنوبي بطفايات يدوية ساعدت كثيراً في إطفاء الحرائق التي تسبب بها المستوطنون ومنعت امتدادها إلى المنازل، كما أن الحراسة الذاتية التي يقوم بها المواطنون جعلتهم يدركون الخطر بشكل أسرع.


جالود محط أطماع اللصوص


والموقع الاستراتيجي لقرية جالود جعل منها محط أطماع اللصوص المحتلين–بحسب حج محمد-، فهي تمثل امتدادا لسلسلة المستوطنات الإسرائيلية الواقعة على رؤوس الجبال من كفر قاسم حتى الأغوار، ويسعى الاحتلال الإسرائيلي من خلالها إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها لتحويلها إلى "كانتونات" فلسطينية (أقاليم منفصلة ذات حكم ذاتي في مجالات حياتية مختلفة).


وتقع قرية جالود الكنعانية إلى الجنوب من مدينة نابلس وتبعد عنها حوالي 27 كم، فهي من أقدم القرى فيها ولا زالت تحتفظ بالكهوف الكنعانية والآبار الرومانية، كما أنها مقامة على قرية قديمة لا تزال منازلها موجودة تحت الأرض، وتبلغ مساحة أراضيها ثلاثة وعشرون ألف دونم، جزء منها يصنف ضمن المنطقة (ج)، والجزء الآخر ضمن المنطقة (ب) حيث يشكل المساحة الأصغر حوالي سبعة آلاف دونم، كما يبلغ عدد سكانها حوالي 850 نسمة، وتشتهر بالزراعة وتربية المواشي.


بدأ الاستيطان فيها منذ عام 1975، حيث أقيم معسكر لجيش الاحتلال في المنطقة الجنوبية، ثم صار يتمدد رويداً رويداً، حتى شيّد المستوطنون عشر مستوطنات بالإضافة إلى البؤر الاستيطانية على أراضيها.


وتفرض السلطات الاسرائيلية جملة من القيود تحول دون وصول المزارعين الفلسطينيين في جالود إلى أراضيهم بحجة مجاورتها للمستوطنات والبؤر الاستيطانية مثل "شيلو"، و"ييش قودش" و"أحيا" وغيرها، حيث أن هذه المستوطنات من شأنها أن تمهد لإغلاق أراضي المزارعين في محاولة لاحقة لشرعنة إقامة الجدران والمعيقات المختلفة لتهجير الفلسطينيين وسلب ممتلكاتهم.


ويقول حج محمد: "نحن في منطقة حيوية اسمها "الرؤوس الطوال" مقامة عليها مستوطنة "أحيا"، فالجبل مكون من سبعة قمم تلال سيطر الاحتلال على ستة وببقيت تلة حي الشيخ بشر صامدة، فهي ذات موقع استراتيجي يطل من جهة الغربية على الساحل الفلسطيني المحتل وعلى الأغوار من الجهة الشرقية".


ويراهن المستوطنون بكل ضغوطاتهم واعتداءاتهم على ترحيل السكان من هذه التلة السابعة للسيطرة على سلسلة الجبال كافة باعتبارها استراتيجية، وبتلك الخطوة يفصلون جالود عن بعضها البعض وعن القرى المحيطة بها.


قانون جائر


ويشير حج محمد إلى أن المزارعين الذين يرغبون بالوصول لأراضيهم يواجهون منظومة معقدة وضعتها المحاكم الإسرائيلية، تتطلب إستيفاء مجموعة من الشروط أبرزها، إثبات ملكيتهم للأرض، والحصول على تصاريح من الإدارة المدنية الإسرائيلية بالمواعيد المسموح لهم دخول أراضيهم، كما أن ذلك كل مرة أو مرتين في السنة فقط، وفي أوقات زراعة وجني المحاصيل كالقمح أو الشعير.


ويتابع: "نحن نتعامل مع المؤسسات الحقوقية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان في تقديم الشكاوي ضد المستوطنين واعتداءاتهم المتواصلة، وهناك كثيراً من القضايا المرفوعة بالمحاكم حالياً، وقد ربحنا بعضها لاسترجاع أراضٍ تم السيطرة عليها مسبقاً، والمشكلة تكمن في أن بعض الأراضي أصحابها لا يملكون الأوراق الثبوتية، وإذا لم نستطع إثبات أن الأرض لهم يتم سرقتها من قبل المستوطنيين، فالمحتل أصبح يلجأ إلى القانون في سلب الأراضي، حتى أنهم يجّيرونه لصالح المستوطن".


كما يتحدث عن الأراضي التي تشكل مناطق عسكرية مغلقة، صار جيش الاحتلال يسربها للمستوطنين شيئاً فشيئاً، حيث يلاحظون إقامة بعض الزراعات عليها ووضع "الكرفانات" وخزنات المياه فيها.


صمود رغم الانتهاكات


ويلفت حج محمد إلى أنه رغم تعرض أهالي جالود للإرهاب والضرب من قبل المستوطنين إلا أنهم صامدون على أرضهم ويحافظون عليها بشتى الطرق، فالمواطنون لا يتركون ممتلكاتهم ويقومون بحراثة أراضيهم ويزرعونها بالاشجار، لكن المستوطنين يقتلعونها كما يحرقون القمح والشعير عندما يحين موعد حصاده.


ويضيف أن: "الاحتلال ومستوطنيه يمنعون المجلس القروي من القيام بمهامه الخدماتية في المناطق المصنفة (ب) والقريبة من المستوطنات، فهنالك خط كهرباء قاموا بحرقه مرتين واقتلاع أعمدته، كما انهم لا يسمحون بشق الطرق فيها.


وتعزيزاً لصمود أهالي قريته، يحثهم، حج محمد، على ادراك أكبر لمخاطر الاستيطان، والتوجه لحماية أراضيهم عبر فلاحتها واستصلاحها، ومجابهة أي اعتداء مهما بلغ، لأنهم أصحاب الحق ودائماً هم المنتصرون، رغم كل الإعتداءات والهجمات الإرهابية خاصة بعد وصول الحكومة اليمينية المتطرفة التي تضم رجال عصابات امتداداً لعصابات "الهاجانا" التي قامت بالمجازر بحق الفلسطينيين سنة 1948، وهم يحاولون تكرار نفس النهج لتفريغ الأرض من سكانها".


كما يطالب رئيس مجلس قروي جالود المؤسسات الرسمية والأهلية بزيادة المساعدات والوقوف على احتياجات هذه المناطق المهددة، حيث توفر لهم المحاميين وتقدم إرشادات ومساعدات مادية لدعم المزارعين، بالإضافة إلى عمليات استصلاح الأراضي لتعويض مواطني القرية عن الخسائر التي يخلفها المستوطنون.

دلالات

شارك برأيك

"جالود" جنوب نابلس.. ارث كنعان يتهدده غول الاستيطان

-

نضال اشتيه قبل حوالي سنة

تقرير رائع

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الجمعة 03 مايو 2024 9:49 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.2

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%20

%5

(مجموع المصوتين 202)

القدس حالة الطقس