Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 15 فبراير 2023 9:54 صباحًا - بتوقيت القدس

الاستثمار في الكوارث الطبيعية

بقلم:نبيل عمرو

المختصّون في علم باطن الأرض ازدهر موسمهم إثر الزلازل التركيّة والسوريّة، تماماً مثلما يزدهر موسم المعلّقين الرياضيين في مباريات الكؤوس والدوريات والمونديال، أو موسم أولئك الذين تقرّرهم الفضائيّات وتفرضهم علينا محلّلين عسكريين أو استراتيجيّين في كلّ حرب.
ذكّرنا هؤلاء بالخطر المحدق بنا، لوقوعنا على خطّ زلزالي يخترق العديد من دولنا، ولا أحد يعرف مسبقاً متى يقرّر توجيه ضرباته المدمّرة، وفي أيّ مكان.
اختصاصيّو باطن الأرض وخطوط الزلازل قسَّمونا إلى قسمين: منّا من قضى نحبه ومنّا من ينتظر، وفي أمر الزلازل لا نبدّل تبديلا.
الزلازل الطبيعية، التي ثارت في منطقة كانت تتلقّى زلازل حربيّة آدميّة، بدت على الرغم من هولها وفداحة خسائرها، أقلّ بكثير من الخسائر التي أنتجتها الزلازل الآدميّة. وهي بالمناسبة تتّصل بحرب تدميرية لم تضع أوزارها بعد. ولقد رأيت في الزلازل التركية والسورية قدراً كبيراً من النفاق والاستثمار السياسي وغسل السمعة.
رجب طيّب إردوغان (المضيف) يستثمر في الانتخابات الوشيكة، التي سيكون القول الفصل فيها لصناديق الاقتراع، وأمّا منافسوه الشرسون فيستثمرون في فشله في معالجة آثار الزلزال.
بشار الأسد يستثمر في تحسين الصورة أوّلاً من خلال إعلانه أنّ المساعدات المقدّمة من دول العالم سيتمتّع بها السوريون جميعاً، بصرف النظر عن مواقعهم في الحرب الأهلية، إضافة إلى استثمار ربّما يؤدّي إلى رفع العقوبات، واعتبار كلّ ما فات كأنّه لم يكن.
أمّا إسرائيل فتستثمر في الظهور بمظهر الدولة النزيهة الإيجابية. فهي تسارع إلى إبداء استعدادها لإرسال طائرات نقل تحمل المساعدات والمعدّات لسوريا وتركيا. وذلك بموازاة الطائرات الحربية التي لم تتوقّف عن دكّ الكثير من المناطق السورية على مدى سنوات، ولن تتوقّف.
أمّا أميركا فلا غرابة في أن تُسيّر جسراً جوّيّاً إنسانيّاً حضاريّاً أخلاقيّاً إلى منطقة الزلازل إلى جانب الجسر الجوّيّ التدميري المتواصل إلى أوكرانيا، وبصرف النظر عن الحقّ والباطل في أمر كهذا، إلا أنّ النتيجة في كلتا الحالتين زلزاليّة بامتياز.
غير أنّ للزلزال السوري والتركي بعض الإيجابيّات، فقد أجّل نتانياهو زلزال هدم المباني في سلوان، والشيخ جرّاح، والخان الأحمر، وغزّة، إلى وقت آخر، بعدما أنجز ما أنجز في أريحا، وبعدما ترك الحبل على الغارب لبن غفير وسموتريتش ليهدّدا ويتوعّدا قائلين بصريح العبارة إنّ الحرب على غزّة ستقع حتماً، وإنّ نسف المباني في سلوان والقدس ومناطق أخرى هو مسألة وقت وحسب، وكذلك إخلاء الخان الأحمر.
الزلازل الطبيعية تضرب ضربتها في دقائق معدودات، وتمنح المستثمرين وقتاً أطول للإفادة ممّا أنتجت. أمّا الزلازل التي يصنعها البشر فهي من النوع الذي يثور بضغطة زرّ، ويواصل كوارثه المتسلسلة وفق حاجات المستثمرين. وإذا ما هدأ زلزال صنعه الآدميون، فإنّ إعادة إطلاقه تظلّ الأقرب والأسهل.
لو سأل الذين يرسمون على وجوههم علامات الحزن والأسى وهم يتحدّثون عن مخلّفات الزلازل الطبيعية، ويتفجّعون على الأرواح البريئة التي أُزهقت والمنازل التي دُمّرت، ويستصرخون العالم لإرسال فرق الإنقاذ والمشافي الميدانية والغذاء والمال، لو سأل هؤلاء أنفسهم: هل فعلوا الشيء عينه حين تسبّبت سياساتهم بتدمير مدن بكاملها وتهجير الملايين داخل بلدهم وخارجه، وبدفْع الهاربين من أوطانهم إلى الموت في قيعان البحار، وهم يبحثون عن حياةٍ حُرموا منها. إنّ ما فعلته الزلازل الطبيعية، أقلّ ضرراً بكثير ممّا فعلته الزلازل الآدمية، واحسبوها بالأرقام إن أحببتم.

ملاحظة : توفّي في الزلزال التركي حتى كتابة هذه المقالة 84 فلسطينياً غير الجرحى والمشرّدين للمرّة الثانية أو الثالثة، وقُتل في الحروب على غزّة والضفّة مئة ضعف هذا العدد، والحقيقة المستمرّة أنّ الزلازل الطبيعية توقّفت، والزلازل البشرية ما تزال تعمل.

دلالات

شارك برأيك

الاستثمار في الكوارث الطبيعية

المزيد في أقلام وأراء

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)