نابلس – "القدس" دوت كوم - وفاء أبو ترابي- ليس من السهل على الأسير عنان زاهي الشلبي من مخيم عسكر الجديد، شرق نابلس، أن يخُطّ أبرز تجاربه الإنسانية والبطولية داخل سجون الاحتلال، وينقلنا إلى مجاهل أفكاره بمزيج من مشاعر الألم والأمل.. ألم الفقد وقهر القيد، وأمل العيش بحرية.

 فبعد عشرين عاماً من الأسر، استطاع الأسير الشلبي المحكوم مدى الحياة أن يخطو على درب الحرية عبر كلماته التي اخترقت جدران الزنازين وأصبحت حرة طليقة في كتابه "رنين القيد"، كاسراً من خلاله جبروت الجلاد، وحاملاً تاريخه المسطر بالتضحيات.

عنان الشلبي أطلق عنانه وأبحر في كتابه "رنين القيد" الذي يأسر القارئ في عالمه الخاص، ويظهر مفارقته الموجعة التي تتضح جلياً من خلال العنوان الذي استخدمه لتغطية مساحة خاصة من يوميات أسير فلسطيني يسرد فيها نصاً ذاتياً حول معاناته داخل عدة سجون لدى الاحتلال الاسرائيلي، كانت بدايتها منذ اعتقاله عام 2002 حتى تاريخ اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة في الحادي عشر من أيار عام 2022.

ويقول ثائر الشلبي، وهو شقيق الأسير عنان الشلبي لـ"القدس" دوت كوم: "منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية خاض شقيقي عنان تجربة نضالية شكلت تحولاً كبيراً في حياته، وهو حاصل على شهادة الماجستير في الصحافة والإعلام من الجامعة العربية الامريكية، وحالياً التحق في جامعة القدس المفتوحة ليدرس تخصص الخدمة الاجتماعية".

ويَذكر ثائر بأن شقيقه عنان  كان عمره (18 عاماً) عند اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي، وهو طالب جامعي ويعمل لدى جهاز الأمن الوطني الفلسطيني، وتلقت عائلته خبر اعتقاله بعد عدة أيام من فترة اخضاعه للتحقيق".

ويضيف أن شقيقه الأسير عنان اعتقل في يوم عيد الأم وصدر حكم عليه بالسجن مدى الحياة، وكان دائما يقول لوالدته أن استشهاده في سبيل الوطن سيكون هديتها، وقد تأثر كثيراً عندما ساء وضع الوالده الصحي وتعرضها لجلطات دماغية متكررة، فقد عاش حينها أصعب مراحله داخل السجن.

وكان الأسير عنان قد كتب رسالة لأمه في العشرين من آذار عام 2002، مخبرا اياها انه كان ينوي الشهادة في سبيل الوطن، وذكر ذلك في جملة مؤثرة تحت عنوان "لا ترحلوا في الربيع إنه فصلٌ للأمهات" الذي وردَ في محتويات كتابه "رنين القيد"، وكتب أيضاً "السجن مفتاح الذاكرة" تحدث فيه عن مرض أمه وفقدانها للذاكرة وعدم تعرفها عليه بعد تعرضها لعدة جلطات.

 وفي ذات الإطار يتابع الشلبي: "خاض أخي (42 يوماً) من الاضراب المفتوح عن الطعام". كما أوضح الأسير عنان في كتابه ضمن عنوان "ثائر يرفض الحرية" أن اضرابه كان عام 2017 وفي تلك الفترة ينقطع الأسير المضرب عن كل وسائل التواصل مع ذويه. حينها قامت قوات الاحتلال باعتقال (42) شخصاً من المخيم ممن تربطه فيهم علاقة شخصية.

وتخلل كتاب الأسير عنان العديد من القصص التي تحمل تفاصيل مختلفة تبقيه على تواصل ولو ضئيل مع حياته خارج السجن، مستخدماً أسلوباً مغايراً لأدب السجون الفلسطيني الذي غالباً ما يصور واقع السجن الأليم ومعاناة الأسرى وبطولاتهم، فالأسير عنان انتقل إلى عالمه الذي انسلخ عنه، حيث تضمن كتابه مجموعة من العناوين من بينها "خبر عاجل.. عمره شهر"، "حين يكبر الزهر.. يختلط علينا العطر"، "حضرت ولم آت"، "فرح مؤقت"، "رسائل متأخرة"، "طفلتي التي لم أنجبها كبرت كثيراً" وغيرها، بالإضافة إلى كتابة العديد من أبيات الشعر.

وسرد عدداً من القصص التي تجسد معاناته داخل سجون الاحتلال مثل: "على هدير البوسطة"، "حين يجتمع اللص والجلاد في شخص القاضي"، "شطة- أبو غريب"، "الجريمة والإفلات".

واشتمل كتابه على شهادات لعدد من الأسرى الذين أشادوا بإلانجاز الذي حققه الأسير عنان الشلبي في هذه التجربة النثرية، وهم الأسير ياسر أبو بكر، والأسير قتيبة مسلم (أبو حمدي)، والأسير أحمد عارضة، والأسير عبد العظيم حسن (أبو سارة)، والأسير نهاد صبيح (أبو محمود)، والأسير رائد عبد الجليل.

ومن الجدير بالذكر أن الأسير السامري الفلسطيني، نادر صدقة، قام بتصميم غلاف هذا الكتاب الذي يقع بين دفتي 122 صفحة، وقام بتصديره المحامي الحيفاوي حسن عبادي عام 2022، عن دار الخليج للنشر والتوزيع في عمان.