واشنطن- "القدس" دوت كوم- سعيد عريقات- يعتبر قرار مكتب التحقيقات الفيدرالي إف.بي.آيFBI ، بفتح تحقيق جنائي في مقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية، شيرين أبو عاقلة، لحظة نقل نوعية في تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتغير محتمل في سجل موقف الإدارات الأميركية المتعاقبة والتي أطلقت العنان لإسرائيل في استخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين تحت ذريعة حق الدفاع عن النفس.

وفي حين أن قرار "مكتب التحقيقات الفدرالي" قد يظل لفتة رمزية، دون أن يأتي بنتائج تدين وتؤدي إلى معاقبة الجندي الإسرائيلي الذي قتل شيرين يوم 11 أيار الماضي، فإن القرار بحد ذاته يعتبر علامة فاصلة في كثافة حملة الضغط غير المسبوقة التي مارسها مشرعون ديمقراطيون بارزون من الكونجرس الأميركي بشقيه على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كي تتخذ الإدارة خطوات ملموسة لمحاسبة إسرائيل، حيث تشكل الخطوة التي تم الإعلان بعد أقل من أسبوعين من الانتخابات الإسرائيلية التي أعادت بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الوزارة الإسرائيلية، مثال واضح ونذير لأمور قادمة فيما يتعلق بعلاقة الحزب الديمقراطي مع إسرائيل.  

وقد ندد الديمقراطيون في الكونجرس الأميركي على الفور بقتل شيرين أبو عاقلة، بغض النظر عن توجهاتهم التقليدية أو التقدمية، حيث اجتاحت انتقادات واسعة النطاق لإسرائيل، خاصة بعد أن تعاملت قوات الاحتلال الإسرائيلي بوحشية مع المعزين في جنازتها، بما في ذلك الرئيس الأميركي بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن اللذان انتقدا علنا معاملة إسرائيل للمشيعين (في جنازة شيرين)، وبعد تسعة أيام من مقتل شيرين، حث 57 من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين يوم 20 أيار 2022 وزارة الخارجية الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي على بدء تحقيقهما الخاص.

وكشفت لقطات فيديو أن أبو عاقلة وزملائها، بمن فيهم الزميل علي السمودي الذي أصيب إصابة جدية في كتفه، كانوا يرتدون الخوذ والدروع الصدرية التي تظهر عليها بوضوح كلمات "صحافة" ما دفع 24 عضوًا ديمقراطيًا إضافيًا في مجلس الشيوخ لمطالبة بايدن مباشرة مشاركة  قبيل زيارته التي قام بها إلى إسرائيل، علما بأن وزارة الخارجية الأميركية أصدرت يوم 4 تموز 2022، بيانًا مصاغًا بعناية بشأن تحقيقها، لم تدين فيه إسرائيل ولم تبرؤها، وأبقت على موقفها غامضا.

وكتب السناتور كريس فان هولين (من ولاية ميريلاند) ، والسيناتور كريس مورفي (ولاية كونيكتيكوت)، والسيناتور باتريك ليهي (ولاية فيرمونت) ، والسيناتور ريتشارد دوربين (من ولاية إلينويز) ، وهم أربعة من أكثر المشرعين احتراما وثقلا في التجمع الديمقراطي ، وحلفاء مقربين من بايدن - بلينكين عشية وصول بايدن إلى إسرائيل يطالبون بتحقيق أميركي مستقل، فيما اضطر ديمقراطيون معروفون بتأييدهم المتفاني لإسرائيل، مثل رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور روبرت مينينديز (ولاية نيوجيرسي)والسيناتور كوري بوكر (ولاية نيوجيرسي أيضا)، إحاطة سرية رفيعة المستوى حول تفاصيل التحقيق ، بما في ذلك مدى التدخل الأميركي ، مطالبين بايدن بالضغط من أجل المساءلة خلال زيارته (في تموز الماضي).

وطالبوا بلينكين بالإجابة على مجموعة من الأسئلة حول المسألة المتعلقة بالمشاركة الأميركية، ومقابلات الشهود، والأدلة التي تمت مراجعتها، وآراء الخبراء ، والفحوصات الجنائية، والتحقيقات الإعلامية الأخرى ، وزيارة مسرح الجريمة ، والجدول الزمني لنتائجها، وخطوات أخرى بشأن المساءلة.

بدورها، انتقدت عائلة أبو عاقله طريقة تعامل إدارة بايدن مع التحقيق أثناء لقائها وزير الخارجية الأميركي بلينكن يوم 26 تموز الماضي، وعقدوا مؤتمرا صحفيا في الكونجرس الأميركي شارك به عدد من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين، كشفوا فيه إن الوزير بلينكين عرض "بعض الالتزامات" لكنه لم يلتزم بإجراء تحقيق أميركي مستقل.

وقد صرح رئيس وزراء إسرائيل المنتهية ولايته الثلاثاء، أن إسرائيل لن تتعاون مع "مكتب التحقيقات الفدرالي" أو مع وزارة العدل الأميركية أو أي جهة تهدف إلى التحقيق مع جنود إسرائيليين بغض النظر عن طبيعة العلاقة الأميركية الإسرائيلية.