أقلام وأراء

الأحد 04 سبتمبر 2022 11:05 صباحًا - بتوقيت القدس

احتمالات وشروط انتفاضة جديدة شاملة

بقلم: نهاد أبو غوش


خلال الأسابيع القليلة الماضية، دأبت وسائل الإعلام العبرية، وبشكل يومي، على إفراد مساحات واسعة للتطورات الأمنية والعسكرية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، سواء من خلال تغطية عمليات جيش الاحتلال ونقل تصريحات القيادات السياسية والعسكرية وقراءتهم لمدلولاتها، أو من خلال مقالات الرأي والتقارير والتحليلات الموسعة التي ذهب بعضها إلى القول أن الضفة دخلت في مرحلة الانتفاضة الثالثة أو باتت تتهيأ لها. وألمحت بعض المصادر العبرية المرتبطة بالدوائر الأمنية إلى احتمالات قيام جيش الاحتلال بعملية عسكرية واسعة على غرار عملية "السور الواقي"، وقد تكون حملة محدودة في بعض المناطق للقضاء على ظاهرة ازدياد التشكيلات الفلسطينية المسلحة، وانتشارها في مختلف المدن والمحافظات، وعجز السلطة الفلسطينية إزاء ما نسميه نحن بلغتنا "الازدياد الملحوظ في عمليات المقاومة"، أو عدم رغبتها بحسب بعض التقارير في التصدي لهذه الظاهرة من خلال جمع السلاح أومنع المسلحين من التصدي لقوات الاحتلال خلال عمليات الاقتحام اليومي في جميع المناطق الفلسطينية بدون استثناء بما في ذلك مراكز المدن المصنفة (أ).

ثمة كثير من الصحة والمصداقية في التقديرات الإسرائيلية سواء صدرت عن محللين وإعلاميين، أو عن جهات أمنية مختصة، ولا سيما عند ارتباط هذه التحليلات بمعلومات ثابتة ومدققة ومن بينها استشهاد 85 فلسطيينيا في مختلف مناطق الضفة منذ بداية العام، وإلقاء أكثر من ألف زجاجة حارقة (مولوتوف)، وتسجيل عشرات حوادث إطلاق النار سواء خلال التصدي لاقتحامات الاحتلال، أو بمبادرات متفرقة ضد الجيش والمستوطنين. لكن الدوائر الإسرائيلية غالبا تتجاهل الأسباب الحقيقية لنشوء هذه الظاهرة وتطورها، فهي عادة تعزوها لعمليات التحريض أو بسبب صراعات الفصائل الفلسطينية لكسب مزيد من التأييد وسط الجمهور الفلسطيني أو تحقيق مكاسب تكتيكية. وتتجاهل هذه الدوائر السبب الرئيسي لكل أشكال العنف والتوتر وهو الاحتلال وممارساته القمعية والاستفزازية التي تساهم في مراكمة عوامل السخط ومشاعر الغضب والقهر لدى الفلسطينيين في ظل انسداد الآفاق أمام اي حل سياسي قريب، وإصرار إسرائيل على الحلول الأمنية والعسكرية، ورفضها البحث في أية فرص لاستئناف مسيرة التسوية حتى في ظل شروطها المجحفة والمنحازة لإسرائيل.

وعلى الرغم من تجميد تطبيق "صفقة القرن" وسحبها ظاهريا من التداول، إلا أن حكومة لابيد- بينيت ومن قبلها حكومة نتنياهو، سعت لتطبيق الصفقة في الواقع وعبر التطبيقات العملية من خلال مصادرة مزيد من الأراضي، وتسريع وتيرة البناء في المستوطنات بما يشمل بناء أبراج سكنية، وتشريع ما كان يسمّى " البؤر الاستيطانية غير القانونية"، وتسليح المستوطنين وإطلاق العنان لهم لفعل ما يريدون بما في ذلك استباحة الدم الفلسطيني كما جرى في عملية إعدام الشهيد علي حرب في سكاكا / سلفيت،ومواصلة تهويد القدس ومحاولات تغيير الوضع القائم فيها بما في ذلك مخطط التقسيم الزماني والمكاني، مجمل هذه العمليات تمثل تهديدا لوجود الفلسطينيين وبقائهم على أرضهم علاوة على ما تمثله من استفزاز لكرامتهم الشخصية والوطنية، وإهانة لإنسانيتهم واستهانة بوعيهم وحقوقهم، والمساس بمقدساتهم، وبالتالي يمكن فهم هذه العمليات بوصفها رد فعل طبيعيا على ممارسات الاحتلال ، وفي هذا المجال تجدر الإشارة إلى ما نصّت عليه قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة والعشرين، وأكدتها دورات المجلس المركزي بأن العلاقة الطبيعية بين الشعب الخاضع للاحتلال ودولة الاحتلال هي علاقة رفض ومقاومة، ولا يمكن أن تكون علاقة قبول واستسلام، وبالتالي فالمقاومة هي الأصل بينما التهدئة والسكون والتعايش هي الاستثنائية.

ثمة مبالغة مقصودة من قبل سلطات الاحتلال في الحديث عن تصاعد العمليات، يقول المراسل العسكري ألون بن دافيد في صحيفة "معريف" أن كل فتى فلسطيني يقتله الجيش ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره يجري تصويره وكأنه "مخرب كبير"، وكل اقتحام لاعتقال مطلوبين في عمق المناطق الفلسطينية يُصوّر وكأنه احتلال لجبل الشيخ، وتهدف هذه المبالغة لتبرير سياسات القتل والقبضة الحديدية المشددة وتسويغ سياسات التوسع والاستيطان والتنصل من اية استحقاقات لأية عملية سياسية مستقبلية، أو أنها تأتي إما لخدمة الأجندات الحزبية والشخصية لبعض القادة في موسم الانتخابات.

أما بشأن اندلاع الانتفاضة الثالثة، فتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد وصفة محددة أو معيارية للانتفاضة، فالانتفاضة هي حالة سياسية مجتمعية وكفاحية تعبر عن رفض الشعب الخاضع للاحتلال لهذا الاحتلال، واستحالة التعايش معه، وفي تاريخ الكفاح الفلسطيني كثير من موجات الانتفاضات وليس الانتفاضتين الكبريين ( انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى) اللتين درجت العادة على تسميتهما بالانتفاضتين الأولى والثانية، ولكن ثمة قواسم مشتركة في هذه الانتفاضات واهمها حصول إجماع وطني على خيار الانتفاضة بما يشمل القوى والفصائل والهيئات والمؤسسات من جهة والتجمعات السكانية من جهة أخرى، وشمول الأعمال الانتفاضية لكل الأراضي المحتلة، وصبغ كل مظاهر الحياة بما في ذلك الاقتصاد والتعليم والحياة الاجتماعية بطابع الانتفاضة الذي يشمل حتى منظومة القيم، واستغراق هذه الحالة الكفاحية فترة طويلة من الزمان لا أن تكون مجرد هبة عفوية، وأن تحمل هذه الانتفاضة برنامجا واهدافا ملموسة ومحددة وذلك يتطلب وجود قيادة موحدة تدير هذا النضال لتحقيق الأهداف، كما أن من أهم خصائص الانتفاضة المشاركة الشعبية الكثيفة واليومية وعدم اقتصار الفعاليات على النخب والأفراد ولا حتى التنظيمات وحدها.

من السهل الاستخلاص في ظل الواقع الحالي الذي نعيش أن العوامل الموضوعية لاندلاع الانتفاضة قائمة ومُلحّة بل هي ضاغطة، في حين أن العوامل الذاتية غير ناضجة بسبب الانقسام وتضارب الخيارات السياسية، لذلك سوف نكون على الأرجح إزاء موجة جديدة من الأعمال الكفاحية المرشحة للتطور والتصاعد، وقد تكون مقدمة لمرحلة تاريخية جديدة، ولكنها سوف تبقى محدودة التاثير طالما بقي الانقسام قائما والتوافق الوطني غائبا.

دلالات

شارك برأيك

احتمالات وشروط انتفاضة جديدة شاملة

-

سعيد العلمي قبل حوالي 2 سنة

ابو حمزة المهاجر جاسوس وعميل شاباك

-

ابو حمزة المهاجر قبل حوالي 2 سنة

انتفاضة مين والناس نايمين شكلك خاري وانت مو داري الشعب الفلسطيني الا من رحم ربي يوالي الحركات العلمانية الكافرة ومشغول بمهرجان الخمر في الطيبة قرب رام اللة وفي العمل في مجال البناء لبناء

-

رائف النجدي قبل حوالي 2 سنة

الشباب من الجيل الجديد لا يحسب حسابا لكل القيادات

-

فيحاء برغوثي قبل حوالي 2 سنة

المواجهات مستمرة طوال السنة

-

جميل التعمري قبل حوالي 2 سنة

السلطة معنية بالا تحصل انتفاضة

المزيد في أقلام وأراء

إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع

حديث القدس

اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟

سماح خليفة

حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة

سري القدوة

لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة

راسم عبيدات

حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟

علاء كنعان

ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟

د. أسعد عبد الرحمن

التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن

جواد العناني

متى يرضخ نتنياهو؟

حديث القدس

سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة

بهاء رحال

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024

كريستين حنا نصر

الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين

سري القدوة

المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات

وسام رفيدي

مبادرة مروان المعشر

حمادة فراعنة

سجل الإبادة الجماعية

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة

حديث القدس

المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة

المتوكل طه

عواقب خيارات نوفمبر

جيمس زغبي

النكبة الثانية والتوطين المقبل

سامى مشعشع

They will massacre you

ابراهيم ملحم

شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%0

%0

(مجموع المصوتين 0)