أقلام وأراء
الأحد 04 سبتمبر 2022 11:04 صباحًا - بتوقيت القدس
غزة أكبر من ملف إنساني !
بقلم: د. دلال صائب عريقات
نتناول اليوم السياسة الداخلية للقطاع والسياسة الإسرائيلية والمسؤولية الفلسطينية والاقليمية والدولية تجاه غزة.
صحيح أن إسرائيل انسحبت من غزة وأعادت نشر 9000 مستوطن حول القطاع لكن في صلب الحقيقة، غزة لم تتحرر، قطاع غزة بقي تحت السيطرة الكاملة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي. لم يكن الهدف من الانسحاب عن غزة منح غزة الحرية، وكما أوضح مساعد أرييل شارون، دوف فايسجلاس "فك الارتباط هو في الواقع الفورمالديهايد" فهو يوفر كمية الامداد اللازمة للحاجات الأساسية حتى يتجنبوا أي عملية سياسية مع الفلسطينيين"، وهذا ما يتم تنفيذه اليوم تحت إطار "تقليص الصراع" على صورة تصاريح وهويات وتسهيلات سواء في قطاع غزة او في الضفة.
من جانب آخر لقد تم الانسحاب الإسرائيلي من غزة من جانب واحد ولم يتم التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية او م ت ف، مما أدى إلى الانقسام المؤسسي والسياسي منذ 16 عاماً. حماس التي احتفلت بالمقاومة والتحرر، في نفس الوقت، فهمت الدوافع الإسرائيلية وراء الانسحاب. اليوم إسرائيل تستخدم حماس والمقاومة المشروعة كذريعة لوسم غزة ب "الإرهاب" كما تروج أمام المجتمع الدولي انها منحت قطاع غزة التحرر بمحاولة منها لتقول أن الفلسطينيين منقسمين وفشلوا في ادارة القطاع نحو الازدهار متجاهلة لأثر حقيقة الحصار والاحتلال المستمر على سماء وبحر وارض غزة! الانقسام يمكن الوضع الراهن باحتواء حماس في قطاع غزة لتجد إسرائيل ذريعة تضفي الشرعية على عدوانها وسياستها. تعمل إسرائيل على إبقاء حماس ضعيفة بما يكفي كي لا تقاوم وأن تكون مستقرة بما يكفي للسيطرة على قوة الجماعات الاخرى في غزة وتحقيق التوازن.
واجهت غزة غارات وتوغلات عسكرية كبيرة مستمرة منذ عام 2007، واستخدمت إسرائيل القوة المميتة لتقليل روح المقاومة وأخشى أننا شهدنا النتائج الناجحة خلال الهجوم الأخير.
طالما اعتمدت حماس على إطلاق الصواريخ كتكتيك تفاوضي للضغط على إسرائيل وتحصيل بعض التسهيلات تحت الحصار، من ناحية أخرى، تستخدم إسرائيل القوة العسكرية لردع حماس وقد مكنت تكتيكات حماس وإسرائيل على المدى القصير انتصارات لكليهما على حساب حل طويل الأمد.
طالما رفضت الحركة أدوات الدبلوماسية والمفاوضات باعتبارها تتعارض مع أيديولوجيتها. بدلاً من ذلك تم تعريف الجهاد ليس كتكتيك بل كاستراتيجية شاملة وفعالة تجاه التطلعات الفلسطينية. الدبلوماسية كانت مخالفة لايديولوجية الحركة، اليوم الوضع مختلف!
غزة تواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة، وفوق كل شيء، يسود فقدان الأمل، هناك معاناة في صمت، ضروري ضمان دعم مشاريع الطاقة الشمسية وتأمين إمدادات الكهرباء والمياه والانترنت والبضائع بالإضافة إلى منح المواطنين الحماية ولكن مع كل الاحترام للمساعدات والمشاريع والاموال والجهود المبذولة من قبل الاطراف الاقليمية والدولية والتزام الاونروا للتعامل مع غزة من منظور إنساني، حان الوقت لنتساءل:
- ألا يوفر هذا النهج الانساني غطاءً لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي؟
- ألا يحرم توفير الاحتياجات الانسانية غزة من الحل الدائم!؟
التعامل مع القطاع من منظور انساني جعل غزة تحدياً للمجتمع الدولي حيث باتت منفصلة سياسياً ومؤسساتياً عن الضفة الغربية بينما تحافظ إسرائيل على احتلال بدون تكلفة مع السيادة اليهودية على الأرض بأكملها. تحقيق الأمن المستدام يتطلب رفع الحصار والاحتلال غير القانوني لغزة فهذا الحصار يمثل شكلا من أشكال العنف البنيوي والعقاب الجماعي الذي يرتقي لمستوى جريمة حرب لا يمكن تجاهله.
لا يمكن أن يكون هناك نهج فعال أو طويل الأمد لغزة في عزلة تحت إطار إنساني، الوضع في غزة يتطلب التدخل الفلسطيني الفوري، على الفلسطينيين أن يدركوا عمقهم الاستراتيجي الحيوي وحقوقهم في موارد المنطقة الاقتصادية الخالصة، ضروري للفلسطينيين الاستنتاج الجماعي بأن غزة تستضيف الموارد الطبيعية والبشرية الفلسطينية وهي تمثل جوهر الحل في بناء الاقتصاد الفلسطيني.
التجديد السياسي الفلسطيني والمصالحة الداخلية والتغلب على الانقسامات وكذلك الحاجة الدولية لإشراك جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة دون تطبيق شروط مسبقة غير واقعية وانتقائية هي عوامل النجاح الاولى.
من الضروري التعامل مع غزة كجزء من فلسطين، لا دولة بدون غزة ولا دولة في غزة، لا بد من التحقيق والمساءلة في الجرائم الاسرائيلية وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ولكن قبل كل شيء، يجب ألا نتشتت عن ضرورة البدء بإنهاء الانقسام والمطالبة برفع الحصار وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
دلال عريقات: استاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
غزة أكبر من ملف إنساني !