فلسطين

الجمعة 22 أبريل 2022 6:28 مساءً - بتوقيت القدس

"تميمة عيبال" المزعومة.. ذريعة جديدة لتوسيع وتشريع الاستيطان في نابلس

نابلس– "القدس" دوت كوم- عماد سعادة- يواصل سعيه للاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية، إلى جانب سعيه الدؤوب لسرقة الإرث الثقافي للشعب الفلسطيني، استنادًا إلى روايات وخرافات وأساطير وهمية تم الباسها في الكثير من الحالات ثوبًا دينيًا، للايحاء بأن سيطرته على هذه الأرض وهذه البلاد قدر آلهي على الجميع الرضوخ له.


وفي هذا الإطار، فقد أصبح جبل "عيبال" الذي يطل على مدينة نابلس من شمالها، مهددًا بالمصادرة وعلى شفا الاستباحة التامة من قبل المستوطنين، خاصة بعد إعلان الاحتلال مؤخرًا عن كشف مزعوم لتميمة اثرية عبرية تم العثور عليها في مخلفات حفرية كانت قد أجريت في ما يسمى مذبح "يهوشع بن نون" فوق قمة الجبل.


وعلى إثر هذا الكشف، وصفت دائرة السياحة في ما يسمى "مجلس مستوطنات السامرة" هذا اأامر بأنه حدث هام، وأنه سيجلب آلاف الأشخاص إلى مذبح "يهوشع بن نون" في جبل عيبال، وأن المجلس سوف ينظم جولات وشروحات حول المكتشفات في الموقع، وذلك بالتنسيق مع جيش الاحتلال.


ويُبدي الفلسطينيون قلقهم البالغ من أن يصبح جبل عيبال بسفوحه الواسعة التي تمتد إلى قرى وبلدات مجاورة في قبضة المستوطنين بضوء أخضر ومساعدة من الاحتلال الذي تتواجد قواته بشكل دائم في معسكر محصن أعلى الجبل، يفرض من خلاله رقابة تامة على كل أحياء مدينة نابلس ومناطق مجاورة واسعة.


ويرتفع جبل عيبال نحو 940 مترًا عن مستوى سطح البحر، ويعد من أعلى جبال الضفة، يقابله من الجنوب جبل جرزيم الذي يرتفع نحو 855 مترا عن مستوى سطح البحر، ويحتقظ الاحتلال بنقطة عسكرية في قمته تفرض هي الأخرى رقابة تامة على مختلف احياء المدينة، فيما يقيم أبناء الطائفة السامرية في أعلى الجبل الذي يعتبر أقدس بقعة في الكون بالنسبة لهم. 


وجاء الإعلان عن اكتشاف التميمة المزعومة من قبل عالم الآثار الأمريكي "سكوت ستريبلنغ" وهو مدير الحفريات لدى منظمة دراسات الكتاب المقدس (Associates for Biblical Research) التي تتخذ من الولايات المتحدة الامريكية مقرًا لها، وهي معروفة بانحيازها الديني في أبحاث الكتاب المقدس.


ويتعلق هذا الكشف بلعنة أو تعويذة مكتوبة على لوح من الرصاص بحجم الطابع أو يزيد قليلاً، ويتألف نص اللعنة من 40 حرفًا من حروف الكتابة الكنعانية البدائية، والتي لا يمكن قراءتها إلا عن طريق عمليات المسح الضوئي، حيث يدعو النص الله أن يلعن الذي يخالف كلامه أو أولئك الذين لا يفون بالتزاماتهم المنصوص عليها في الميثاق المُلزم قانونًا.


وأعلن أنه تم العثور على هذه التميمة من خلال عملية غربلة رطبة تتضمن غسل الرواسب العالقة بالماء داخل موقع حفريات في جبل عيبال الذي بدأ اكتشاف الآثار فيه منذ ثمانينات القرن العشرين.


 ويؤكد "ستريبلينغ" أنه تم العثور على اللوح الصغير أثناء التنقيب في الهيكل الحجري القديم المعروف باسم "يهوشع بن نون" والذي هو خليفة النبي موسى في قيادة بني إسرائيل الذي يُعتقد أنه كان يستخدم المذبح للتقرب إلى الله تعالى بقرابين من الحيوانات.


 وقد أرجع "ستريبلينغ" عمر الاكتشاف إلى ما بين القرن 14-12 قبل الميلاد.


وبالعودة إلى تاريخ الأثر المعلن حديثًا، يقول علماء آثار اسرائيليون أن التنقيب في جبل عيبال يعود لبداية الثمانينيات، وحينها تم نقل بعض الطمم من الموقع وترك لسنوات طويلة، وفي كانون أول (ديسمبر) من العام الماضي 2021 أجريت عمليات غربلة لهذا الطمم من مخلفات الحفر وتم العثور على هذه التميمة خلال الغربلة.


خبير الآثار الفلسطيني، الدكتور ضرغام الفارس، قال بأن هذا الكشف الاثري الذي أعلن عنه "ستريبلينغ" عبارة عن تميمة صغيرة ورقيقة مربعة الشكل، مصنوعة من الرصاص ومكونة من طبقتين (مطوية) تتضمن لعنة ذُكر فيها اسم يهوه (الله) مرّتان، وجاء فيها: "ملعون ملعون ملعون، ملعون من الإله يهوه، ستموت ملعون. ملعون ستموت بالتأكيد. ملعون من يهوه – ملعون ملعون ملعون".


وأضاف بأن "ستريبلينغ" قد ادعى بأن هذه التميمة ظهرت ضمن (الطمم) الذي تركه عالم الآثار والحفريات الإسرائيلي "آدم زيرتال" أثناء التنقيب في جبل عيبال خلال السنوات 1982-1989 في الموقع المعروف باسم "برناط"، حيث ادعى حينها "زيرتال" بأنه اكتشف المذبح الذي بناه "يوشع بن نون".


وأشار الفارس المختص في تاريخ وآثار فلسطين إلى أن كل ما وصلنا هو تصريحات عبر وسائل الإعلام وليس بحثًا علميًا منشورًا.


وقال بأنه "إن صحّ" هذا الكشف، فلا يجب أن يثير الهلع أو الشكوك لدينا، بل على العكس فهو دليل إضافي يضاف إلى الكثير من الأدلة الأثرية التي تؤكد صحَّة فهمنا وقراءتنا لتاريخ فلسطين القديم، وهو أيضًا يعتبر محرجًا لدولة الاحتلال ودليلا ًإضافيًا على زيف الرواية التوراتية التي اعتمدت عليها دولة الاحتلال في نشراتها ومواقعها الرسمية، وتحديدًا فيما يتعلق برواية "الخروج" ومحاولتهم التوفيق ما بين النصوص التوراتية المتناقضة فيما بينها والمعطيات الأثرية المتناقضة مع تلك النصوص.


وشدد على أن أي مكتشف أثري جديد على أرض فلسطين يهمنا من الناحية العلمية والوطنية لأنه يشكل إضافة للمعرفة العلمية التراكمية لدينا ويعزز فهمنا لتاريخ فلسطين، أما حين نتحدث عن دولة الاحتلال فنحن نتحدث عن غرباء احتلوا فلسطين ولا يربطهم بها أي رابط تاريخي أو عرقي وإنما هو رابط ديني يعطيهم الحق في لسياحة الدينية وليس الإحتلال، فالديانة اليهودية انتشرت في مختلف أنحاء العالم مثل كل الديانات، كما حصل عندما اعتنقت مملكة حِمْيَر الديانة اليهودية عام 384 م واعتنقت مملكة الخزر الديانة اليهودية عام 850 م.


وأوضح الفارس أنه تم تأريخ بداية كتابة التوراة في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد وربما الأرجح خلال القرن السابع قبل الميلاد، وتمت صياغتها استجابة لظروف ذلك الوقت، من حيث خلق وتعزيز أسباب الوحدة بين سكان أرض كنعان بهدف الثورة والتخلص من الحكم الآشوري، لكن "سنحريب" أحبط هذه المحاولة بالقوة عام 701 ق.م.، وفرض الضريبة على الملك "حزقيا". 


ورغم أن المحاولة الثانية التي قادها الملك "يوشيا" قد فشلت وانتهت بمقتله عام 609 ق.م. على يد ملك مصر "نخو" أو "نخاو" الثاني، إلا أن إصلاحات الملك "يوشيا" كانت جوهرية أساسية لمضمون التوراة التي نعرفها اليوم، وما شهدته أرض فلسطين القديمة في العصر البرونزي المتأخر والعصر الحديدي تعتبر تطورًا محليًا تدريجيًا في نظام الحكم وفي مفهوم الإله وليس تطورًا دخيلًا (ليس عنصرًا دخيلًا جاء من مصر).


وأضاف أن كل المعطيات تشير إلى أن أرض كنعان ظلت وثنية خلال العصر الحديدي، وخلال فترة السبي البابلي كان الدمج والتنقيح وتجميع النصوص وربطها ببعضها من خلال جُمل ربط وتعليقات. 


وبالتالي فإن هذا المكتشف إن صح، لا يتناقض مع فهمنا لتاريخ فلسطين وإنما يعززه اكتشاف مخرج دولة الاحتلال.


وقال الفارس، إن دولة الاحتلال تحاول الثبات على سردية واحدة في ظل التناقض ما بين النصوص التوراتية وبينها وبين الحقائق التاريخية، ومن ضمن تلك السردية هو محاولة تأريخ الخروج.


 فبالإستناد إلى أحد النصوص التوراتية (الملوك الأول: 6: 1) لتحديد تاريخ الخروج من مصر يكون الخروج عام 1450 ق.م، وبالإستناد إلى نص توراتي آخر (القضاة: 11: 25،26)، يكون الخروج عام 1440 ق.م. 


بعد إضافة 40 عامًا من التيه، لكن بالإستناد إلى نص توراتي ثالث (الخروج: 1: 11) يكون الخروج في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وأمام هذا التناقض نجد وزارة خارجية الاحتلال تتبنى تاريخًا واحدًا وهو حوالي 1300 ق.م.


والسؤال هنا كيف سيوفِّق أبناء حِمْيَر والخَزَر(دولة الاحتلال) الآن ما بين النص التوراتي الذي يرجع الخروج إلى 1450 ق.م والنص الذي يقول بأن أبناء يعقوب قبل خروجهم من مصر بنوا مدينة رَعَمْسِيسَ (باي- رمسيس) في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وبين هذا المكتشف المزعوم الذي يعود حسب سكوت "ستربلينج" الى 1400 ق.م؟. 

شارك برأيك

"تميمة عيبال" المزعومة.. ذريعة جديدة لتوسيع وتشريع الاستيطان في نابلس

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

السّبت 02 نوفمبر 2024 12:08 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.73

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

دينار / شيكل

بيع 5.29

شراء 5.27

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%47

%53

(مجموع المصوتين 17)