سامي مشعشع: مذكرة وزارة العدل الامريكية المقدمة للمحكمة تطور خطير في مسار إنهاء عمل الأونروا التدريجي والمتصاعد لتجريدها من حصانتها
جودت مناع: سياسة وإجراءات ترامب ضد الأونروا تتجاوز البعد القانوني المفترض بمقاضاتها وعلى
المنظومة الدولية حمايتها
نضال العزة: رفع الحصانه ينسجم مع حملة شيطنة الأونروا وتشويهها بهدف دفع الدول والأفراد إلى وقف تمويلها
د. رياض العيلة: هذا القرار يمثل هجومًا ممنهجًا على الأونروا ليس باعتبارها مجرد مؤسسة إنسانية بل كرمز قانوني ومرجعي لقضية اللاجئين
د. عدنان الأفندي: رفع الحصانة عن الأونروا سيشجع المنظمات الصهيونية على رفع دعاوى ضد الأونروا بزعم دعمها للمقاومة
أسامة الشريف: قرار ترامب جزء مهم من خطة نتنياهو وسعيه إلى تنفيذ ما وعد به منذ زمن وهو الضم وإنهاء حل الدولتين
القرار الأمريكي بنزع الحصانة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" سوف يفتح الباب واسعاً أمام رفع دعاوى قضائية من جانب منظمات صهيونية أو عائلات قتلى إٍسرائيليين تطالب بالحصول على تعويضات، بزعم علاقة موظفين في الأونروا في هجوم السابع من أكتوبر 2023، الأمر الذي نفته لاحقاً لجنة أممية قامت بالتحقيق في هذه المزاعم.
أن إغراق الأونروا في مثل هذه القضايا يعني استنزاف ما تبقى من موازناتها "الفقيرة" بعد وقف العديد من الدول تمويلها وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وبالتالي التمادي في شيطنة المنظمة الدولية ومنعها من القيام بالمهام التي أسست من أجلها وهو دعم جموع اللاجئين الفلسطينيين. وهذا يذكر بما تفعله دولة الاحتلال بأموال المقاصة الخاصة بالسلطة الفلسطينية والتي لم توفر سبباً لقرصنتها وبضمنها التعويضات التي تقرها محاكم الاحتلال لذوي قتلى إسرائيليين في هجمات فلسطينية.
كتاب ومحللون ومراقبون تحدثوا لـ"القدس" اعتبروا أن رفع الحصانه ينسجم مع حملة شيطنة الأونروا وتشويهها بهدف دفع الدول والأفراد إلى وقف تمويلها، مؤكدين أن هذا الإجراء سيشجع المنظمات الصهيونية على رفع دعاوى ضد الأونروا بزعم دعمها للمقاومة.
وقالوا إن هذا القرار يمثل هجومًا ممنهجًا على الأونروا ليس باعتبارها مجرد مؤسسة إنسانية بل كرمز قانوني ومرجعي لقضية اللاجئين، مشيرين إلى أن قرار ترامب جزء مهم من خطة نتنياهو وسعيه إلى تنفيذ ما وعد به منذ زمن وهو الضم وإنهاء حل الدولتين.
نزع الحصانة الدبلوماسية عن الأونروا
وقال الخبير بشؤون وكالة الأونروا سامي مشعشع إن الدعاوى القضائية، التي رفعتها عائلات قتلى إسرائيليين يحملون الجنسية الأميركية قتلوا في هجوم السابع من أكتوبر متهمين فيها الأونروا بتوفير الغطاء لموظفين فيها شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر، وأن الأونروا هي واجهة لغسل أموال لجهات معادية لدولة الاحتلال، والموقف المساند لهكذا ادعاء من إدارة الرئيس ترامب، هو تطور مثير في مسار الجهد المهول للقضاء على الأونروا وولايتها والالتفاف على حقوق اللاجئين الفلسطينين وحق عودتهم.
وأضاف: " من المهم توضيح معلومة مغلوطة يتم تداولها فلسطينياً بأن المحكمة الجزائية الفيدرالية في نيويورك هي من قررت أن الأونروا لا تتمتع بالحصانة الدبلوماسية، وأنها غير محمية من الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها من جهات وأفراد بحجة أن بعضاً من موظفيها لهم ضلع في عمليات "إرهابية" وأن الوكالة شاركت في غسيل أموال بقيمة مليار دولار لتمويل منظمات "إرهابية" على حساب توفير هذه الأموال لتوفير مساعدات إنسانية لمحتاجيها في قطاع غزة.
وأوضح مشعشع أن الصحيح (وهو الأخطر) أن هذا هو موقف وزارة العدل الأمريكية ذاتها والتي تقدمت إلى المحكمة الفيدرالية بمذكرة تتضمن هذه الاتهامات الجسيمة طالبة من المحكمة البت فيها وحسمها لصالح موقف الحكومة ووزارة العدل.
تعد على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة
ووصف مذكرة وزارة العدل الامريكية المقدمة للمحكمة بتطور خطير في مسار إنهاء عمل الاونروا التدريجي والمتصاعد والهادف لتجريد الأونروا من حصانتها وسلخها عن المؤسسة الأم وأنها وكالة أنشئت بقرار أممي وبتصويت الدول الأعضاء في الجمعية العمومية.
وقال: إن هذه المذكرة تؤكد جهد ونية الإدارة الأمريكية بالتعدى على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة المتعلق بحصانات وامتيازات وحماية المنظمات الدولية وحصانات الأمم المتحدة ذاتها.
ويرى مشعشع أن المذكرة برفع الحصانة عن الأونروا وعدم اعتبارها جزءاً من الأمم المتحدة تمهيداً لفتح دعاوى تشهيرية ضدها لإضعاف دعم الدول للوكالة وتجويعها مالياً هو جهد سياسي بامتياز وبتغليف قانوني هش.
ولفت إلى أن هذه المحاولات الخطيرة تتقاطع مع خطط إسرائيل الناجعة بتفكيك الأونروا والتي نجحت حتى اللحظة بحظر عمل وأنشطة الأونروا في القدس الشرقية المحتلة، وتقويض وتقييد عملها وولايتها في مناطق عملياتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي ضرب، وسيضرب، خدمات الأونروا التعليمية والصحية والإغاثية لملايين اللاجئين.
ضعف غوتيريش في مواجهة الهجمة على الأونروا
وذكر مشعشع أن لجنة التحقيق والمسماة "مجموعة المراجعة الخارجية" التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش في 5 شباط 2024، برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا لتقييم حيادية الأونروا والرد على الاتهامات الإسرائيلية التي استهدفت عدداً من موظفيها باتهامهم بالمشاركة في أحداث السابع من أكتوبر 2023، اثبت عدم صحة الادعاءات الإسرائيلية وهو استنتاج ارتكز على مراجعة معمقة واستنتاج رفضته دولة الاحتلال وإدارة ترامب الحالية، واستمرت في توجيه ذات الاتهامات المغرضة ضد الأونروا وعامليها وتوظيف هذه الاتهامات سياسياً بهدف القضاء على حق العودة ومطالب اللاجئين الفلسطينين السياسية والإنسانية.
وبين أن الرد الرسمي للأمم المتحدة الرافض للمذكرة والمؤكد على أن الأونروا هي مؤسسة تابعة لها وتتمتع بالحماية بموجب اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام ١٩٤٩ هو رد أولي جيد، ولكن الضعف المتراكم والذي أبداه الأمين العام والأمم المتحدة في مواجهة الهجمة المنسقة على الأونروا ووجودها وخدماتها ودورها في غزة والضفة والقدس وغياب أي خطط عملية لمواجهته (وأحيانا التكيف مع الهجمة ومحاولة إدارة الأزمة) أدى إلى تراكم النجاحات الإسرائيلية الموجهة ضد الأونروا.
وعبر مشعشع عن خشيته من أن هذا الضعف سيساهم في قبول المحكمة الفيدرالية حجة وزارة العدل واعتماد قرار أن الوكالة لا تتمتع بالحصانة ويجوز مقاضاتها.
تشكيل فريق "التقييم الاستراتيجي للأونروا"
واعتبر قرار الأمين العام للأمم المتحدة قبل عدة أيام تشكيل فريق "التقييم الاستراتيجي للأونروا" لمراجعة "أثر الأونروا وتنفيذ ولايتها في ظل القيود السياسة والمالية والأمنية وغيرها" وتكليفه للفريق بتحديد "خيارات العمل المتاحة… والنظر في التفويضات العامة للأمم المتحدة" هو جزء من ضعف وتكيف المنظمة الأممية مع الهجمة ضد الأونروا. وهنا الخطورة.
وقال: لعل الأونروا هي أكثر منظمة تابعة للأمم المتحدة يتم تشكيل لجان تحقيق وفرق متابعة ودراسة بحقها تعبيراً أولاً عن الخوف الإسرائيلي من وجودها ولما تمثله، وتأكيداً على محاولات للجمها وإضعافها لا بل وإنهائها.
وختم مشعشع تصريحه بالتأكيد على أن غياب أي جهد أو خطة أو برنامج عمل فلسطيني رسمي وشعبي لحماية الأونروا وحقوق اللاجئين من الضياع والاكتفاء بالتشخيص والمتابعة السلبية للتطورات المتلاحقة والشجب والتعبير عن القلق سيضاعف من أزمة الأونروا الوجودية ويسهل عملية القضاء عليها ويضرب مسماراً إضافياً قاتلاً في نعش حق العودة.
ترامب يشارك إسرائيل في تجويع الفلسطينيين
من جانبه، قال جودت مناع عضو مجلس الدفاع عن المخيمات الفلسطينية في ثمانينيات القرن الماضي: "مرة أخرى يرتكب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطأً قاتلاً برفع الحصانة عن الأونروا لعدة أسباب أبرزها أنه بهذا القرار يكافئ إسرائيل على احتلالها لوطن الشعب الفلسطيني، وهو موقف لم يتخذه من قبله أي رئيس للولايات المتحدة، ولا أي زعيم في العالم."
وأكد أن ترامب يهدف من قراره هذا إلى المس بالمخصصات والمساعدات التي تتلقاها الأونروا من دول غير الولايات المتحدة، وبذلك يشارك إسرائيل في تجويع الشعب الفلسطيني عن قصد.
وأشار مناع إلى أن سياسة وإجراءات ترامب ضد الأونروا تتجاوز البعد القانوني المفترض بمقاضاتها، وذلك للتشكيك في مصداقيتها المتعلقة بالمعلومات حول حقوق الشعب الفلسطيني الموثقة في سجلاتها.
وأضاف: إن السماح بمقاضاة الأونروا يمس بعشرات آلاف الموظفين الفلسطينيين لديها لأن الهدف النهائي لحملة ترامب ضد الأنروا هو إنهاء دورها في الأمم المتحدة بالرغم من أن تأسيسها استند لقرار أممي ولا يحق لأي دولة اتخاذ قرار أحادي لتقويض دورها أو إلغائها في النظام الأممي.
وفي هذا السياق، لاحظ مناع تقاطعاً بين حملة جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المخيمات الفلسطينية وهذا القرار، إذ تواصل إسرائيل تدميرها للبنى التحتية في المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية بعد أن أتمت تدمير كافة المباني بخدماتها في مخيمات قطاع غزة، وهو ما يفسر صمت الولايات المتحدة إزاء عمليات إسرائيل العسكرية في مخيمات اللاجئين التي دمرت بقنابل وأسلحة أمريكية.
قرارات ترامب تمس بحقوق ملايين اللاجئين
ويرى مناع أن حماية الأونروا مسؤولية دولية وعلى المنظومة الدولية حمايتها من تنمر الرئيس ترامب الذي يتعامل معها وكأنها مؤسسة أمريكية بعيداً عن صفتها الدولية استجابة للتحريض الإسرائيلي في سياق استراتيجية مشتركة إسرائيلية - أمريكية أعدت خلال الحرب التي تشنها، إذ لا يمكن فصلها عن أهداف الحرب الإسرائيلية الأخرى وإن كانت هدفاً غير معلن عنه.
وقال: إن على الرئيس ترامب أن يتراجع عن قراره رفع الحصانة عن الأونروا والتوقف عن المس بها لأن قراراته تمس بحقوق ملايين اللاجئين الفلسطينيين مما يضعها في حزمة السياسة الأمريكية اللاأخلاقية السابقة والتالية تجاه القضية الفلسطينية برمتها.
وأضاف: على الرئيس ترامب أيضاً مراجعة ملفات السياسة الإسرائيلية في ثمانينات القرن الماضي التي عجزت بممارساتها الهمجية ضد المخيمات من إغلاق مداخلها ووضع بوابات وحراسات عسكرية فيها وحولها، بما في ذلك إحاطتها بجدران لمنع حرية التنقل داخل المخيمات وإلى خارجها وهي السياسة التي رسخها وزير الدفاع الأسبق موشي آرنس وكانت بداية تطبيقها في مخيم الدهيشة في الضفة الغربية ومخيم جباليا في قطاع غزة.
تقرير أممي يدحض المزاعم الإسرائيلية
بدوره، قال مدير مركز بديل لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين الفلسطينيين نضال العزة إنه في الوقت الذي على الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي واجب تقديم كافة التسهيلات للهيئات الدولية لتمكينها من أداء وظيفتها، يأتي قرار رفع الحصانه عن الأونروا لغايات مقاضاتها تبنياً صريحاً للادعاءات الإسرائيلية باعتبار الأونروا منظمة إرهابية.
وأكد أن هذه الادعاءات تم دحضها في تقرير لجنة الأمم المتحدة بشأن حيادية الأونروا ( تقرير كولونا)، حيث لم يقدم نظام الاستعمار والأبرتهايد الإسرائيلي أدلة على مزاعمه.
ويرى العزة أن قرار رفع الحصانة يمكن المستعمرين الصهاينة من مقاضاة الأونروا أمام المحاكم الأمريكية الفدرالية، بينما يتم حظر محاكمة المتورطين من المسؤولين الأمريكين في حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بدعوى أن السياسات الخارجية للإدارة الأمريكية لا تقع ضمن ولاية المحاكم.
وقال إن هذا لا يعبر عن ازدواجية في المعايير، بل يشكل تورطاً صريحاً في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، هذه الحرب التي تشن بالقتل والقصف والتجويع والتعطيش والأمراض والتدمير الواسع والتهجير القسري.
حسم الصراع لمصلحة المشروع الاستعماري
وأضاف: هذا القرار الذي يجيء بعد وقف تمويل الأونروا وبعد تأييد القوانين الاسرائيلية بشأن حظر وجود الأونروا وعملها، يعكس أكثر من مجرد الرغبة في تغريم الأونروا أو وقف المساعدات، أنه تبن لمشروع القضاء على الأونروا وقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم كجزء من استراتيجية حسم الصراع لمصلحة المشروع الاستعماري في فلسطين- كل فلسطين.
وأوضح العزة أنه من الناحية العملية، هذا القرار يشغل الأونروا في الدفاع عن نفسها بدل التركيز على سد الفجوات الهائلة في الميزانية وتقديم الخدمات. لافتاً إلى أنه قرار ينسجم مع حملة شيطنة الأونروا وتشويهها بهدف دفع الدول والأفراد إلى وقف تمويلها.
وقال: هذا القرار يعكس العجز الدولي أمام الغطرستين الأمريكية والإسرائيلية. وأوضح العزة أن القرار لا ينتهك اتفاقية الحصانات والامتيازات الخاصة بالهيئات الدولية وحسب، بل يتجاوز ذلك بفرض إرادة الدولتين على سائر الدول والمجتمع الدولي.
ويرى العزة أن هكذا سياسة لا يمكن مقاومتها بمجرد التغاضي أو الإدانة، إنما تتطلب اتخاذ إجراءات عملية أقلها تجميد عضوية نظام الاستعمار الإسرائيلي في الأمم المتحدة وفرض عقوبات سياسية واقتصادية عليه.
اغتيال قانوني ومالي ممنهج للأونروا
من جهته، اعتبر د. رياض العيلة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر قرار إدارة ترامب برفع الحصانة عن الأونروا استهدافاً مباشراً لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وقال: في خطوة تحمل أبعادًا سياسية خطيرة وتداعيات استراتيجية، أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رفع الحصانة القانونية والسياسية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مؤكداً أن هذا القرار يمثل هجومًا ممنهجًا على الأونروا، ليس باعتبارها مجرد مؤسسة إنسانية، بل كرمز قانوني ومرجعي لقضية اللاجئين وحق العودة، الذي كفلته قرارات الأمم المتحدة.
وأضاف: إن رفع الحصانة يعني عمليًا أن الإدارة الأمريكية لم تعد تعترف بالوضع الخاص للأونروا كوكالة أممية مستقلة، بل تعتبرها عقبة أمام مشروعها لتصفية ملف اللاجئين الفلسطينيين، انسجامًا مع "صفقة القرن" التي تبناها ترامب في ولايته السابقة، ويواصل الآن استكمال فصولها عبر اغتيال قانوني ومالي ممنهج للأونروا.
وتابع: إن قراره يتجاوز حدوده القانونية ويهدف إلى خلط متعمد بين العمل الإنساني والسياسة، مما يجعل المؤسسات الدولية عرضة للاستهداف بناءً على مواقف سياسية، ويكرس سياسة خنق الأونروا عبر حرمانها من الحصانة، وفتحها أمام سيل من الدعاوى القضائية الملفقة تحت ذرائع واهية كدعم الإرهاب أو الفساد.
وقف الدعم الأمريكي للأونروا في 2018
ويرى العيلة أن القرار يأتي استكمالًا للضربة المالية التي وجهتها واشنطن عام 2018 بوقف دعمها المالي للأونروا، الذي كان يمثل نحو 30% من ميزانيتها، في محاولة لتجفيف مواردها وشل قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في مناطق الشتات، من تعليم وصحة وغذاء، وصولًا إلى فرض حلول توطينية قسرية وإلغاء صفة "لاجئ" عن ملايين الفلسطينيين.
وخلص العيلة إلى القول: "إن رفع الحصانة عن الأونروا ليس مجرد قرار إداري، بل هو جزء من مشروع سياسي متكامل لإعادة صياغة القضية الفلسطينية، وتحويل قضية اللاجئين من قضية وطنية سياسية إلى مجرد أزمة إنسانية. خطوة تهدف إلى إزاحة حق العودة عن طاولة المفاوضات وفرض وقائع جديدة تخدم المخطط الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية."
دعم واضح للمؤسسات الصهيونية
بدوره، أكد د. عدنان الأفندي المختص في الشأن الإسرائيلي أن الهدف من قرار ترامب رفع الحصانة عن الأونروا هو من أجل تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، ودعم الكيان الصهيوني الذي سن قانوناً من أجل منع عمل الأونروا في الضفة الغربية وفي القدس المحتلة وجاء هذا القرار في وثيقة قانونية قدمتها وزارة العدل الأمريكية للمحكمة الاتحادية في نيويورك يوم الخميس الماضي.
ويرى الأفندي أن هذا القرار دعم واضح للمؤسسات الصهيونية خاصة مؤسسة صهيونية يطلق عليها(شورت هدين) والتي تقوم برفع دعاوى ضد الفلسطينيين من أجل الحصول على تعويضات مالية ومن أجل محاربة الفلسطينيين عبر المال وهذه المؤسسة أيضاً بجهد قانوني من أجل ذلك في دولة الاحتلال وفي كل أنحاء العالم.
وأضاف: قد تقوم هذه المؤسسات الصهيونية باستغلال هذه الثغرة (رفع الحصانة عن الأونروا) من اجل رفع قضية على الأونروا للحصول على تعويضات مالية منها، خاصة أن صحيفة "يسرائيل هيوم" ذكرت أن محكمة أمريكية تنظر في قضية خطيرة ضد الأونروا تتهمها بالتغطية عن موظفين شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر، وتطلب تعويضات مالية باهظة وهذه المحكمة أيضاً تتهم مسؤولين في الأونروا بغسيل أموال بقيمة مليار دولار لصالح حركة حماس.
ولفت الأفندي إلى أن الأونروا تعمل في مناطق نزاع كثيرة في العالم، ولديها حصانة لأنها جزء من الأمم المتحدة وتوفر الحصانة لموظفيها في كافة انحاء العالم، وفي حال تم رفع الحصانة سيشكل ذلك خطراً على العاملين في الأونروا وسيحرم أيضاً هذه المؤسسة (الأونروا) جزءاً من حقها الذي أقرته الهيئات الدولية وخاصة الأمم المتحدة وبدعم من كل دول العالم.
منع عمل الأونروا في القدس
ونوه إلى أن الأونروا تواجه ظروفاً صعبة في العمل منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً، وتتم محاولة تقييد عملها بسبب القانون الصهيوني والمضايقات التي يقوم بها الاحتلال لمنعها من مواصلة عملها خاصة في القدس المحتلة.
وتطرق إلى تصريح واضح للقائمة بأعمال مكتب إعلام الأونروا عبير إسماعيل التي قالت إن الأونروا مؤسسة تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولديها حصانة دولية والهدف من قرار إدارة ترامب الضغط على الأونروا وتصفية قضية اللاجئين ككل ودعم المنظمات الصهيونية التي قد تقوم برفع دعوات قضائية ضد الأونروا ليس فقط في أمريكا وإنما في كافة أنحاء العالم، وهذا سيشكل تعطيلاً لعمل الأونروا وعلى العاملين فيها. وقالت إنه يتم دراسة هذا القرار من المستشار القانوني والوحدة القانونية في الأونروا للرد على وزارة العدل الامريكية.
ويعتقد الأفندي أنه في حال تم رفع الحصانة عن الأونروا فإن ذلك سيشجع المنظمات الصهيونية رفع دعاوى ضد الأونروا بحجة دعمها للمقاومة في فلسطين، وهذا سيزيد من تهديد وجودها خاصة بأن الأونروا تعاني من أزمة مالية منذ سنوات بسبب توقف الدعم الأمريكي وبعض الدول والتحريض الأمريكي للدول بعدم دعم الأونروا، وهذا سيؤدي إلى تدهور كبير في حياة الكثير من الفلسطينيين الذين يحصلون على الدعم من الأونروا خاصة في مجالات الصحة والتعليم.
أجندة إسرائيلية بامتياز
ويرى الإعلامي الأردني والمختص في القضية الفلسطينية أسامة الشريف أن إدارة ترامب تنفذ أجندة إسرائيلية بامتياز، وذلك لم يعد سراً.
وقال: دعونا ننظر إلى من اختاره ترامب ليكون سفيره في إسرائيل، وإلى من رشحها لتكون سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة قبل أن يتم سحب اسمها لأسباب داخلية تتعلق بأغلبية الحزب الجمهوري في مجلس النواب. وننظر إلى موقف ترامب من المجزرة التي تحدث في غزة أمام العالم.
وأكد الشريف أن حظر وكالة الغوث وإلغاء دورها فصل مهم في خطة تصفية القضية الفلسطينية، بدءاً بتدمير المخيمات في الضفة بعد مسحها عن الوجود في غزة، وانتهاء بإعلان الضم النهائي وهو قادم لا محالة، لافتاً إلى أن ملف اللاجئين انتهى أو في طريقه إلى التحييد.
ووصف قرار ترامب بأنه جزء مهم من خطة نتنياهو وسعيه إلى تنفيذ ما وعد به منذ زمن وهو الضم، وإنهاء حل الدولتين، وتحويل القضية إلى مسألة سكان بلا أرض وبلا حقوق.
وقال: إن مجيء ترمب إلى الحكم بدعم كبير من المال الصهيوني في أميركا نذير سيء لأنه لا يبالي بتداعيات حظر وكالة الغوث ووقف المساعدات المالية للسلطة، وحتى لو انهارت تماماً. سيعترف بضم الضفة ولن يبالي بالتداعيات.
وأضاف: إن صعود الإنجيليين الصهيانة في أميركا ووجود ممثل لهم اليوم في إسراىيل من خلال هاغابي السفير الأميركي لدى الكيان، وهو الذي قال صراحة أن لا ضفة غربية ولا احتلال، وإنما أرض إسرائيل.
وختم الشريف بالقول: " نحن نواجه تحدياً وجودياً غير مسبوق، ولا ندري إلى اين تنتهي الأمور."
شارك برأيك
رفع الحصانة عن الأونروا.. باب واسع لقرصنة أموالها وإلهائها عن مهامها