د. رائد الدبعي: نتائج اجتماع المجلس المركزي لم تتجاوز الموقف السياسي التقليدي للقيادة الفلسطينية وتفتقر إلى رؤية عملية
أكرم عطا الله: انسحاب عدد من القوى من نقاشات المجلس يعكس بوضوح الأزمة التي يمر بها ومنظمة التحرير الفلسطينية ككل
د. سعيد شاهين: قرارات "المركزي" لم ترتقِ إلى مستوى التحديات الوجودية التي يواجهها الشعب الفلسطيني خاصة حرب الإبادة في غزة
عوني المشني: طريقة استحداث منصب نائب الرئيس تعمق أزمة الواقع الفلسطيني وتعيد المشهد السياسي إلى ما قبل إنشاء المنظمة
د. رائد أبو بدوية: فجوة عميقة بين منظمة التحرير والشارع الفلسطيني تهدد بتفاقم الانقسامات وتضعف الموقف الوطني
داود كُتّاب: المجلس المركزي أضاع فرصة مهمة لتحقيق وحدة وطنية حقيقية استناداً إلى اتفاقات موسكو وبكين
في خضم تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة وتفاقم الأزمة السياسية الفلسطينية، عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورته الأخيرة وسط ما أثير حول مضمون قراراته وجدواها، وإن كانت تعمق الأزمة والانقسام.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن اجتماع المجلس المركزي أخفق في تقديم إجراءات عملية لمواجهة المتغيرات الخطيرة على الأرض، وخلت نتائجه من حلول لإنهاء حرب الإبادة.
ويشيرون إلى أن انسحاب قوى وفصائل رئيسية، وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير، أثارا تساؤلات حول مدى قدرة القيادة الحالية على تجديد شرعيتها وتحقيق المصالحة الوطنية، وهو ما يتطلب جهوداً أكبر أمام التحديات الراهنة.
توصيفات عامة وشعارات وديباجات لملء الفراغات
يقول د. رائد الدبعي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، إن انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني ونتائجه لم تتجاوز الموقف السياسي التقليدي للقيادة الفلسطينية، ونتائجه تفتقر إلى رؤية عملية وتعكس جموداً سياسياً.
ويؤكد الدبعي أن القرارات تمحورت حول التأكيد النظري على الشرعية، ووحدة النظام السياسي والأرض الفلسطينية، ووحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، دون تقديم برنامج عملي أو خارطة طريق لترجمة هذه المبادئ إلى واقع ملموس.
ويشير الدبعي إلى أن حرب الإبادة على قطاع غزة وتداعياتها كان يفترض أن تشكل محوراً رئيسياً لاجتماع المجلس المركزي، لكن خطاب المجلس رغم ثرائه بالحرب على غزة، إلا أنه جاء خالياً من حلول واضحة أو استراتيجيات عملية، وبدلاً من ذلك، اكتفى المجلس بتوصيف عام وشعارات عريضة، تعكس تمسك القيادة الفلسطينية بالنهج ذاته الذي اتبعته على مدى عقود.
ويشير الدبعي إلى أن هذا الخطاب يعكس عمق الانقسام الداخلي الفلسطيني وتشظي النظام السياسي، في وقت تتطلب فيه التطورات المحلية والإقليمية والدولية خطوات جريئة لتجاوز مرحلة الحكم الذاتي والتزامات أوسلو.
ويوضح الدبعي أن إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة عام 1988، والذي أقرته الأمم المتحدة عام 2012 باعتبار فلسطين دولة عضو فيها، كان يمكن أن يشكل أساساً لتحرك سياسي جديد، لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وبالأخص حكومة اليمين المتطرف، قد أجهزت فعلياً على اتفاقية أوسلو.
غياب رؤية استراتيجية شاملة لمواجهة التحديات
ويعتقد الدبعي أن المجلس المركزي لو أنه اتجه نحو إعلان الحكومة الفلسطينية الحالية كحكومة دولة فلسطين، وإعادة انتخاب الرئيس محمود عباس من المجلس المركزي كرئيس للدولة، مع انتخاب نائب له من قبل المجلس المركزي بدلا من اللجنة التنفيذية للمنظمة، وإعلان انتخابات رئاسية وتشريعية خلال فترة زمنية معقولة، حتى لو استغرقت سنتين أو ثلاث سنوات، لإثبات وجود برنامج سياسي واضح، كان سيرسل رسالة قوية للمجتمع الدولي.
ويرى الدبعي أن الهدف الرئيس لاجتماع المجلس المركزي بدا واضحاً في استحداث منصب نائب رئيس منظمة التحرير ونائب رئيس دولة فلسطين، وهو منصب كان موجوداً في بدايات المنظمة، معتبراً أن باقي القرارات كانت مجرد ديباجات لملء الفراغات، مما يعكس غياب رؤية استراتيجية شاملة لمواجهة التحديات الراهنة.
ويشدد الدبعي على أن غياب قوى سياسية، مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب وحركة المبادرة الوطنية، عن الاجتماع يعد دليلاً على أزمة بنيوية في الحركة الوطنية الفلسطينية، مشيراً إلى أن اليسار الفلسطيني بحاجة إلى تماسك وعمل وحدوي من الداخل، بدلاً من الانسحاب كوسيلة للتعبير عن الرفض.
تشظي النظام السياسي
ويعتقد الدبعي أن هذا الوضع يكشف تشظياً داخل النظام السياسي، خاصة أن المجلس المركزي، المفوض بصلاحيات المجلس الوطني، يمثل أعلى سلطة تشريعية فلسطينية، وكان الأصل أن يتم تنسيق الجهود أكثر مع الفصائل قبل انعقاد الاجتماع.
ويشير الدبعي إلى إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية، معتبراً أن الفصائل، بما فيها فتح وحماس والجهاد الإسلامي، غير قادرة حالياً على تحمل أعباء المرحلة.
وينتقد الدبعي"الاغتراب عن الواقع" الذي تعيشه بعض الفصائل مثل حركة حماس، مشيراً إلى أن العديد منها تتقوقع داخل مكاتبها السياسية دون تأثير جماهيري.
ويشدد الدبعي على أن مخرجات المجلس المركزي تعكس ترهلاً في البنية الداخلية للحركة الوطنية، مما يهدد بمزيد من الانقسام.
ويرى الدبعي بضرورة الانتصار للمؤسسة بدلاً من الأفراد، وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية، وإشراك الشعب الفلسطيني، البالغ عدده 14 مليون نسمة، في اختيار ممثليه الحقيقيين، لا سيما أن تمثيل الفصائل في منظمة التحرير لا يتجاوز النصف، بينما تسيطر على القرار السياسي.
ويدعو الدبعي لحوار وطني شامل لإعادة هيكلة النظام السياسي ووضع استراتيجيات تلبي التحديات الوجودية للشعب الفلسطيني.
المؤسسة الفلسطينية "مهلهلة" وغير متماسكة
من جانبه، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن المجلس المركزي الفلسطيني يواجه تحديات هائلة تفوق بكثير قدرات المؤسسة الفلسطينية، التي يصفها عطا الله بأنها "مهلهلة" وغير متماسكة.
ويشير عطا الله إلى أن هذه المؤسسة لم تتمكن من تجديد ذاتها، حيث يتم إدارتها ضمن إطار أقلية محدودة، مما جعلها غير قادرة على مواجهة التحديات المتفاقمة، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.
ويوضح عطا الله أن قرارات المجلس المركزي، سواء الحالية أو السابقة، لم تلق الاهتمام الكافي من الفلسطينيين، نظراً لعدم قدرته على تنفيذها، حتى في ظروف أقل تعقيداً من الوضع الراهن.
ويشير عطا الله إلى أن المجلس المركزي فقد هيبته ومصداقيته كأداة عمل كانت تتمتع بثقة الشعب الفلسطيني في السابق، معتبراً أن هذا التراجع يعكس أزمة أعمق تتعلق بفقدان المؤسسة ثقتها بنفسها قبل فقدان ثقة الجمهور.
ويرى عطا الله أن انسحاب عدد من القوى السياسية من النقاشات واجتماع المجلس يعكس بوضوح الأزمة التي يمر بها المجلس المركزي، بل ويمتد ليشمل منظمة التحرير الفلسطينية ككل.
ويصف عطا الله هذا الانسحاب بأنه دليل على "جمود" المؤسسة وصدمتها إزاء التطورات المتسارعة، مشيراً إلى أن قدراتها الحالية لا تتناسب مع حجم التحديات والمستجدات.
ويؤكد عطا الله أن حالة الفصائل الفلسطينية، التي تشهد خلافات متكررة، ليست سوى انعكاس لأزمة وجودية أكبر تهدد المجلس المركزي ذاته.
انسحاب فصائل مثل الشعبية والديمقراطية
بدوره، يؤكد أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل د. سعيد شاهين أن قرارات الجلسة الـ32 للمجلس المركزي الفلسطيني لم ترتقِ إلى مستوى التحديات الوجودية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، خاصة حرب الإبادة في غزة ونظام الفصل العنصري الذي يحول الضفة الغربية إلى جيتوات معزولة.
ويشير شاهين إلى أن ظروف انعقاد المجلس تحت الاحتلال حدت من طموحات القرارات، بينما أضعف غياب فصائل رئيسية من شرعيتها وقدرتها على تحقيق الوحدة الوطنية.
ويوضح شاهين أن المجلس المركزي كان مطالباً باتخاذ قرارات تستجيب لمخاطر الاحتلال، بما في ذلك محاولات تهجير الفلسطينيين عبر جعل الحياة مستحيلة في الضفة الغربية.
ويشير شاهين إلى أن قيود الاحتلال فرضت سقفاً منخفضاً على المخرجات، التي عكست برنامج حركة فتح، أكبر فصائل منظمة التحرير، والذي يركز على المقاومة الشعبية السلمية كسبيل لتحقيق حل الدولتين، مؤكدا أن هذا النهج يتناقض مع رؤى فصائل أخرى خارج المنظمة، مما يعقد تحقيق الوحدة الوطنية التي دعا إليها المجلس.
ويوضح شاهين أن انسحاب فصائل مثل الجبهة الشعبية والديمقراطية من اجتماع المجلس المركزي أضعف منظمة التحرير، وحال دون صياغة برنامج نضالي موحد.
ويعتبر شاهين أن التركيز على تعيين نائب لرئيس المنظمة ودولة فلسطين كان المخرج الأبرز، لكنه لا يكفي لتغيير المشهد السياسي والنضالي الفلسطيني.
برنامج نضالي يمنع التفرد بالقرارات المصيرية
وينتقد شاهين العبارات التي أطلقها الرئيس محمود عباس ضد حركة حماس، معتبراً أنها ستعمق الانقسام الداخلي في وقت يواجه فيه الشعب الفلسطيني تصعيداً إسرائيلياً مستمراً.
ويدعو شاهين إلى إطلاق حوار وطني يجمع كافة الفصائل، خاصة فتح وحماس، لتجسيد الوحدة الوطنية ووضع برنامج نضالي موحد يمنع التفرد بالقرارات المصيرية.
ويشدد شاهين على ضرورة تطبيق مخرجات الحوارات الوطنية السابقة، مثل حوار بكين، لإنهاء الانقسام ومواجهة التحديات بشكل جماعي. وحذر من أن إهمال هذه المخرجات سيجعل قرارات المجلس حبراً على ورق.
ويشير شاهين إلى أن الاجتماع عُقد وسط أفق سياسي مغلق، مع تصعيد إسرائيلي يهدف إلى وأد تطلعات الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة.
ويتوقع شاهين تصعيداً إضافياً في الضفة الغربية والقدس في المخططات الاستيطانية التي تسعى لابتلاع الأرض الفلسطينية، مؤكداً أن غياب فصائل ذات وزن شعبي سيحد من تأثير القرارات، داعياً إلى إعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني لضمان تمثيل حقيقي ومواجهة موحدة للاحتلال.
اجتماع المركزي من أجل هدف وحيد
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي عوني المشني إن اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني عُقد بهدف وحيد وهو استحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دولة فلسطين، مشيراً إلى أن هذا القرار جاء استجابة لضغوط خارجية، وتم ترتيبه من حيث التوقيت والحضور والنقاشات بما يخدم هذا الهدف فقط.
ويوضح المشني أن المجلس المركزي انعقد وسط غياب واضح للشرعية السياسية، رغم محاولات إضفاء شرعية قانونية عليه، معتبراً أن هذه الخطوة لم توحد الصف الفلسطيني، بل زادت من حدة الانقسام السياسي، وأخضعت ليس فقط القرار الفلسطيني للوصاية، بل مسّت أيضاً بالبنية السياسية الكاملة للنظام الفلسطيني.
ويؤكد المشني أن المجلس المركزي لم يتخذ قرارات حقيقية باستثناء قرار استحداث منصب نائب الرئيس، مشيراً إلى أن بقية المخرجات كانت مجرد صياغات إنشائية ديكورية لإعطاء غطاء شكلي لهذا القرار.
ويتساءل المشني بالقول: "هل يستجيب هذا القرار للتحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني؟"، ليجيب بأن الطريقة التي تم فيها استحداث المنصب أضافت تحدياً جديداً وخطيراً يعمق أزمة الواقع الفلسطيني، ويعيد المشهد السياسي إلى ما قبل إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية.
النظام السياسي بات أسير واقع مهزوم
ويعتقد المشني أن النظام السياسي الفلسطيني اليوم بات أسير واقع مهزوم، وانقسام مفروض، وغياب أدوات فاعلة للفعل السياسي، مشيراً إلى أن من دفع باتجاه هذا القرار يدرك خطورته لكنه كان خاضعاً لرغبات أو ضغوط أو ارتباطات خارجية لا علاقة لها بمستقبل الشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بردود الفعل الفلسطينية على مخرجات المجلس المركزي، يقول المشني: "إن المقاطعة وبيانات الرفض والاجتماعات الجانبية لم ترتقِ بعد إلى مستوى الحدث، بل اقتصرت على إعلان مواقف دون التأثير الفعلي المطلوب".
ويشدد المشني على أن وقف هذا التدهور السياسي يتطلب عملاً استثنائياً، وقوة فعل وجرأة سياسية قادرة على تغيير المعادلة.
ويؤكد المشني أن المتغيرات الاستراتيجية الحالية لا تعمّق فقط أزمة الواقع الفلسطيني، بل ترهن مستقبله لسنوات طويلة قادمة، حيث أن الشعب الفلسطيني رغم انسداد الأفق سيجد مداخل إبداعية للخروج من أزماته والعودة بقوة إلى الساحة السياسية، وأن المسألة مسألة وقت فقط.
مؤسسات المنظمة في حالة غربة عن الشارع الفلسطيني
أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية، د. رائد أبو بدوية، يقول إن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية تمر بحالة من الغربة المتزايدة عن الشارع الفلسطيني والحقائق السياسية على الأرض، داعياً إلى تجديد شرعياتها السياسية وترتيب البيت الفلسطيني بشكل عاجل لمواجهة التحديات المتصاعدة داخلياً وخارجياً.
ويؤكد أبو بدوية أن هناك فجوة عميقة بين منظمة التحرير والشارع الفلسطيني تهدد بتفاقم الانقسامات وتضعف الموقف الوطني.
ويقول أبو بدوية: "إن مؤسسات منظمة التحرير كلها بحاجة ماسة إلى تجديد شرعياتها السياسية"، مشيراً إلى وجود "فجوة كبيرة" بينها وبين الشارع الفلسطيني، مؤكداً أن هذه الفجوة انعكست بوضوح من خلال انسحاب الجبهتين الشعبية والديمقراطية واقتصار الحضور على مجموعة محددة من المقربين من مؤسسة الرئاسة.
ويشير أبو بدوية إلى أن هذه الفجوة والغربة السياسية موجودة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما أثر سلباً على القرارات السياسية التي اتخذت مؤخراً، خاصة في ظل الوضع المأساوي الذي تعيشه القضية الفلسطينية مع استمرار الإبادة الجماعية في غزة والانقسام الداخلي الذي سبق السابع من أكتوبر 2023.
هذا ما كان ينتظره الشارع الفلسطيني
ويلفت أبو بدوية إلى أن الفلسطينيين كانوا يأملون أن تسارع هذه المؤسسات إلى تجديد شرعياتها والعمل بجدية على إنهاء الانقسام الفلسطيني، خاصة مع تصاعد العدوان الإسرائيلي وإجبار السكان على النزوح بشكل خاص في قطاع غزة، وتفاقم الاعتداءات في الضفة الغربية والمخيمات الفلسطينية من قبل المستوطنين بدعم من الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.
ويؤكد أبو بدوية أن الشعب الفلسطيني كان ينتظر ترتيبات جادة تعكس القوى السياسية الحقيقية على الساحة، وتلبي تطلعاته في إنهاء المجازر، ووقف الحملات الأمنية والممارسات الاستيطانية، إلا أن المجلس المركزي خيب هذه التوقعات، حيث انصب تركيزه، حسب أبو بدوية، على "خلق منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية ورئيس دولة فلسطين"، في ظل ضغوط عربية وإقليمية وغربية وإسرائيلية خوفاً من حدوث فراغ قيادي.
ويعتبر أبو بدوية أن هذه الخطوات لا تعبر عن أولويات الشعب الفلسطيني، بل تخدم أجندات خاصة على حساب التطلعات الوطنية، مؤكداً أن هذا الواقع يعمق الغربة بين القيادة والشعب ويضعف منظمة التحرير الفلسطينية، كما أنه يضر بالتمثيل السياسي الفلسطيني أمام الحكومة الإسرائيلية المتطرفة والمجتمع الدولي.
ويوضح أبو بدوية أن المجلس المركزي، بدلاً من توحيد الصفوف وترتيب البيت الداخلي، ساهم في إضعاف الجبهة الفلسطينية وزيادة الانقسامات، مما يفتح الباب لمزيد من التصعيد الداخلي الفلسطيني.
ويؤكد أبو بدوية أن "الخطوات الأحادية من طرف واحد فقط داخل المنظومة السياسية قد تقود إلى مخاطر داخلية عالية، وقد تشعل صراعات فلسطينية-فلسطينية جديدة".
الانقسامات تضعف الموقف الفلسطيني
ويلفت أبو بدوية إلى أن هذه السياسات لم تأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي والقوى المتعددة في الشارع الفلسطيني، مما يزيد من خطورة المشهد الداخلي.
ويشير أبو بدوية إلى أن هذه الانقسامات تضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة اليمين الإسرائيلي الذي يواصل تنفيذ مخططاته التوسعية والضم.
ويرى أبو بدوية أن بعض هذه التحركات قد ترضي أطرافاً إقليمية معينة، لكنها بالمقابل لن تحظى برضا جميع القوى الإقليمية، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي الفلسطيني عربياً ودولياً.
ويؤكد أبو بدوية أن "ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو ترتيب الصفوف الداخلية، والجلوس إلى طاولة حوار وطني شامل"، مشدداً على ضرورة التوافق على برنامج وطني موحد، وإعادة هيكلة منظمة التحرير بشكل يعكس الواقع السياسي والتمثيل الحقيقي للقوى الفلسطينية، من أجل مواجهة المرحلة الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية.
قرارات عكست استمرار الانقسام الداخلي
من جانبه، يعرب الكاتب والمحلل السياسي داود كُتّاب عن أسفه لفشل المجلس المركزي الفلسطيني في استغلال انعقاده كفرصة لتحقيق وحدة وطنية حقيقية، معتبراً أن الاجتماع أهمل متطلبات إعادة بناء اللحمة الوطنية التي تم التوافق عليها في اتفاقات موسكو وبكين في العام الماضي 2024.
ويشير كُتّاب إلى أن القرارات الصادرة عن المجلس المركزي، بدلاً من توحيد الصفوف، عكست استمرار الانقسام الداخلي، خاصة في ظل التصريحات الهجومية للرئيس محمود عباس ضد حركة حماس، وهي تصريحات لم تساهم في تهدئة الأجواء السياسية.
ويوضح كُتّاب أن تصريحات الرئيس عباس، التي اتسمت بالهجوم على حماس، زادت من تعقيد المشهد السياسي الفلسطيني، رغم أن حماس تتحمل جزءاً من المسؤولية بسبب إصرارها على اتخاذ قرارات الحرب والسلم بشكل منفرد.
ويؤكد كُتّاب أن هذا التوتر بين القيادة الفلسطينية وحماس أجهض آمال بناء توافق وطني، في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية، بما في ذلك التصعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويشير كُتّاب إلى أن غياب حركتي حماس والجهاد الإسلامي عن الاجتماع كان متوقعاً، نظراً لعدم انضمامهما رسمياً إلى منظمة التحرير الفلسطينية.
غياب الفصائل قلل من شرعية قرارات المجلس
ويعتبر كُتّاب غياب فصائل أعضاء في المنظمة، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية، وحركة المبادرة الوطنية، بمثابة "صفعة قاسية" لآمال إعادة اللحمة الوطنية.
ويوضح كُتّاب أن هذا الغياب قلّل من شرعية مخرجات المجلس وقدرتها على تمثيل تطلعات الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل التحديات الوجودية التي يواجهها نتيجة السياسات الإسرائيلية العنصرية والاستيطانية.
ويتطرق كُتّاب إلى احتمال تدفق المساعدات السعودية مجدداً إلى السلطة الفلسطينية، لكنه طرح تساؤلات حول الثمن السياسي لهذه المساعدات.
ويقول كُتّاب: "هل ستستمر القيادة الفلسطينية في تفضيل استرضاء الممولين الدوليين على حساب استعادة ثقة الشارع الفلسطيني؟"
ويقول كُتّاب أن الشرعية الحقيقية للقيادة لا تأتي من الدعم المالي، بل من قدرتها على تمثيل تطلعات الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافه الوطنية، بما في ذلك إقامة دولة مستقلة.
ويؤكد كُتّاب أن المجلس المركزي كان بإمكانه الاستناد إلى اتفاقات موسكو وبكين لتعزيز الوحدة الوطنية، لكنه فشل في تحقيق ذلك، مما جعل الاجتماع فرصة ضائعة.
إهمال متطلبات الوحدة الوطنية
ويوضح كُتّاب أن إهمال متطلبات الوحدة الوطنية، إلى جانب غياب فصائل رئيسية، عزز الانقسام الداخلي بدلاً من معالجته.
ويحذر كُتّاب من أن استمرار هذا الوضع سيضعف قدرة القيادة الفلسطينية على مواجهة التحديات الإسرائيلية، خاصة في ظل التصعيد المستمر ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويؤكد كُتّاب على ضرورة إعادة تقييم النهج السياسي الفلسطيني لاستعادة ثقة الشارع والتركيز على بناء وحدة وطنية حقيقية.
ويشدد كُتّاب على أن القيادة بحاجة إلى تجاوز الخلافات الداخلية والعمل على إشراك كافة الفصائل، بما في ذلك تلك التي تقف خارج إطار منظمة التحرير، لضمان تمثيل شامل يعكس تطلعات الشعب الفلسطيني.
ويشير كُتّاب إلى أن الفشل في تحقيق ذلك سيُبقي القضية الفلسطينية عرضة لمزيد من التحديات في ظل الاحتلال الإسرائيلي المستمر.
شارك برأيك
اجتماعات "المركزي" ... محللون يرصدون الواقع والتحديات