محمد التاج: تجربتي من داخل الأسر مع صحيفة "القدس" تستحق هذا التوثيق وخصوصاً مع حلول العدد عشرين ألفاً
سناء بدوي: العدد شهادة على احترافيتها ووطنيتها وقدرتها على التكيف مع التغيرات باعتبارها أحد أعمدة الصحافة العربية الرصينة
د. أمين أبو وردة: القدس" تعد صحيفة الأسرة الفلسطينية والتي حافظت على مهنيتها على مدار عمرها رغم صعوبة الظروف
د. محمود خلوف: أعول على رئيس التحرير بخبرته الطويلة والمتنوعة وعلاقاته مع دوائر صنع القرار للحفاظ على استمرارية هذا المشروع الريادي المهم
عصري فياض: وصول "القدس" إلى العدد 20 ألفاً في وقت تطغى فيه "السوشال ميديا" يعتبر نجاحاً لافتاً كونه يعاكس التيار ويتخطاه
د. سناء زكارنة: "القدس" باتت تحظى بمكانة لا ينافسها عليها أحد وتتناول كل القضايا التي تمس حياة الإنسان اليومية والهم الوطني
د. أحمد أبو الهيجاء: خط التحرير المتوازن والمساحة المتاحة لمختلف الآراء الفكرية والسياسية جعلها في صدارة الإعلام الفلسطيني لعقود طويلة
د. فادي جمعة: وصول "القدس" إلى هذا الرقم التاريخي هو شهادة لمهنيتها ولكن أيضًا شهادة على ثقة الناس بها
د. أيمن يوسف: "القدس" من الصحف الفلسطينية الأصيلة القديمة التي تميزت بشكل كبير في نقل معاناة الفلسطينيين
إسراء العبوشي: لم تكن مجرد صحيفة بل لعبت دوراً بارزاً في صون الهوية الوطنية الفلسطينية، وحملت على عاتقها إيصال صوت الفلسطينيين للعالم
سري سمور: جريدة القدس تمثل إرشيفاً كاملاً خاصة زاوية "القدس قبل 20 عاماً" التي بدأت قبل 30 عاماً
الثورة التي أحدثها اكتشاف الإنترنت، حيث جعل العالم قرية صغيرة من خلال سرعة نقل المعلومات وإتاحتها أمام الجميع، وما انبثق عنه لاحقاً من وسائط معرفية سواء مواقع إلكترونية أو مواقع تواصل اجتماعي جعل الكثيرين يستعجلون نعي وسائل الإعلام المطبوعة وخاصة الصحف الورقية، التي مهما فعلت لن تتمكن من مجاراة القنوات الفضائية والإعلام الرقمي في سرعة نقل المعلومة.
وبالفعل، لم يصمد العديد من الصحف في العالم وغادرت الساحة الإعلامية كلياً أو تحولت إلى صحف إلكترونية، لكن هناك صحف أخرى وفي مقدمتها جريدة القدس المقدسية، حافظت على خطوات سيرها ومسيرها، بالالتحاق بموكب الثورة الإعلامية الرقمية، دون أن تتخلى عن الأصل وهو العدد الورقي الذي يحتفي اليوم الخميس ببلوغه العدد عشرين ألفاً.
أسرى محررون وصحافيون وكتاب وأكاديميون احتفوا بـ "القدس" الصحيفة، القدس المدرسة، والمنبر الإعلامي الحر، على طريقتهم الخاصة بتقديم شهادات حول ذكرياتهم مع الجريدة، في البيت والجامعة، وحتى الأسر في سجون الاحتلال، والدور المهم الذي لعبته خلال العقود الطويلة الماضية، في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية، وكسجل تاريخي وافً لكل المحطات التي مرت بها القضية الوطنية.
"القدس" نافذة مضيئة بددت ظلمة السجن
وقال الأسير المحرر والناشط السياسي محمد التاج: كثيرةٌ هي الذكريات والتجارب التي تستحق منّا توثيقها، ليس لأنها أثّرتْ فينا فقط في الماضي بل لأنها لا زالت تؤثر فينا في الحاضر القريب وهنا اعتقد أن تجربتي من داخل الأسر مع صحيفة "القدس" تستحق هذا التوثيق وخصوصاً مع حلول العدد عشرين ألفاً، مما يدل على استمراريتها النابعة من تميزها.
وأضاف: صحيح أننا داخل الأسر كنا نتعرض للظلم والقهر اليومي والحرمان من أدنى الاحتياجات الإنسانية والحياتية، وعزلنا عن العالم الخارجي في محاولة لتفريغنا من محتوانا الوطني والنضالي، ولكن رغم هذا السواد العظيم كانت صحيفة "القدس"، على الأقل بالنسبة لي هي النافذة المضيئة التي جعلتني في قلب الحدث، من خلال تغطيتها لجميع الأحداث على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية سياسياً، واقتصادياً، ثقافياً، واجتماعياً، بالإضافة الى الأحداث الرياضية، وأخبار الطقس، وغيرها من المواضيع الصحفية في شتى المجالات.
صحيفة ذات فكر خاص وعمق معرفي
وتابع: لعل الفكر الصحفي لصحيفة "القدس"، هو الميزة الفريدة التي جعلتني من متابعيها. حيث استطاعت بفضل فكرها الصحفي، وعمقها المعرفي، أن تصنع مساراً خاصاً بها.
واستطرد التاج: أنا هنا عندما أتكلم عن صحيفة "القدس" فأنا أعني القائمين عليها، بدءًا برئيس تحريرها ومؤسسها، مروراً برؤساء مكاتبها المنتشرة في كافة مناطق الوطن، وليس انتهاءً بشبكة مراسليها وكتّابها.
وختم التاج بالقول: إنني أشعر بالفخر والاعتزاز أن اكتب في صحيفة رزينة وواقعية، يديرها ويسيّر أمورها، نخبة من كتاب الوطن، وتضم كوكبة مميزة من الأقلام الصحفية من جميع أنحاء الوطن وهذا ليس مدحاً فيها، ولا حمداً لرئيس تحريرها والقائمين عليها، ولا ترغيباً للقارئ فيها، ولا دعايةً لها، مع أنها تستحق ذلك واكثر.
وسيلة إعلام ورقية حافظت على مستوى عال من الثقة
وقالت الكاتبة والناشطة سناء بدوي عضو مجلس بلدي جنين السابق ومدير علاقات العامة في محافظة جنين السابقة إن وصول جريدة "القدس" إلى العدد 20 ألفاً، حدث مهم على صعيد استمرار الجريدة ونجاحها كوسيلة إعلام ورقية في المحافظة على مستوى عال من الثقة ليس في فلسطين فحسب، ولكن على المستوى الخارجي أيضاً.
وأضافت بدوي: هذه شهادة على احترافيتها، ووطنيتها، وقدرتها على التكيف مع التغيرات، وعلى كونها تمثل اليوم أحد أعمدة الصحافة العربية الرصينة والملتزمة. إن صمود الجريدة ونموها يكرس للجودة أساساً وللتميز. وقد استطاعت القدس المحافظة على الريادة والسبق منذ تأسيسها ولغاية اليوم.
ولفتت إلى أن تطور الجريدة يعود الى حنكة ووعي إدارتها وكل طواقمها الإدارية والفنية والميدانية وهيئة تحريرها التي واكبت التطور في الإعلام وأمسكت بكل جوانب نجاح صناعة الإعلام وأخذت منه ما يمكنه أن يحافظ على بقاء الجريدة في الصدارة، وقد تميزت وفازت بتحقيق رسالتها. ويبدو ذلك من خلال المحافظة على هيئة وروح وبناء وموضوعية وقيمة الجريدة كوسيلة إعلام فلسطينية لكل الفلسطينيين، جذبت إليها عبر الموقع الإلكتروني المواكب للأحداث أولاً بأول وإغنائه، بكل ما يبحث عنه القارى الفلسطيني والعربي والعالمي.
مواكبة التطورات التكنولوجية
وقالت: جريدة القدس لم تستند إلى الأمجاد الورقية فحسب، بل استطاعت أن تدمج أدوات الإعلام الحديث، من خلال موقع إلكتروني غني ومُحدث باستمرار، يجمع بين النص والصورة والصوت، ويخاطب القارئ الفلسطيني والعربي والدولي. هذا التحول الرقمي لم يكن شكلياً بل عميقاً في بنية التحرير وطريقة تغطية الأخبار، ما أتاح لها الاستمرار في الصدارة.
وأكدت أن جريدة القدس تميزت بأنها الأكثر موضوعية وحيادية ومصداقية وتنوعاً في المواضيع، والأغنى والأشمل في متابعة الحدث على المستوى الفلسطيني والدولي، وذات جودة عالية في الإخراج والتحرير. وبذلك حازت على تميز لتصبح إحدى أهم أعمدة الصحافة الفلسطينية على مدار عقود ويمكن اعتبارها الدعامة الأقوى في الصحافة رغم كل التحديثات، حيث بقيت الجريدة وفية لهويتها الفلسطينية، وملتزمة بخط وطني جامع. وقد نجحت في الحفاظ على جماهيرها من مختلف الأجيال.
"القدس" حافظت على استقلاليتها وهويتها الوطنية
وأشارت إلى أن جريدة القدس استطاعت منذ تاسيسها ولغاية الآن الحفاظ على منحى أو إطار وطني مقبول من كافة أطياف المجتمع الفلسطيني بمختلف ميوله وشرائحة واتجاهاته السياسية المختلفة، ذلك لأنها أفردت صفحاتها لكل هؤلاء بما يحافظ استقلاليتها وهويتها الوطنية.
وأضافت: القارئ يجد كل مراده من الجريدة عبر صفحاتها الأكثر عدداً وتنوعا في الرأي والمصدر والمحتوى. وعبر ملاحقة ومتابعة حثيثة ومتنوعة أصبحت جريدة القدس أكثر تلبية لمطالب جمهورها الآخذ في الاتساع، وذلك يعود إلى نشاط واهتمام في العمل تميز به بعض مراسليها عن سواهم في صحف أخرى. ويمكن القول أن جريدة القدس تعتبر الوجبة الإعلامية التقليدية الأكثر دسامة وتميزاً في فلسطين ولا يمكن الاسنغناء عنها أبداً.
نبض الشارع الحقيقي
وقال الإعلامي والباحث الدكتور أمين أبو وردة مدير مكتب أصداء للصحافة بنابلس: إن جريدة "القدس" تعد صحيفة الأسرة الفلسطينية والتي حافظت على مهنيتها على مدار عمرها رغم صعوبة الظروف والأحوال، وبقيت نبض الشارع الحقيقي في ظل تسارع الأحداث وتفاقمها والتقييدات السياسية والإقليمية. كما تمكنت من الحفاظ على رونقها مع اقتحام الإعلام الرقمي للساحة الإعلامية.
وأضاف: إن صحيفة "القدس" كرست صفحاتها للكل الفلسطيني، رغم كل الحقبات السابقة وبقيت مدرسة المهنية المقبولة رغم كل العقبات.
وتابع: تبقى "القدس" مدرسة في الحياة الإعلامية الفلسطينية، سواء الكادر الذي تخرج من خلف صفحاتها وأضحى علماً في الكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية، ومنهم من أضحى محاضراً ومدرباً في المجالات الإعلامية.
وخلص أبو وردة للقول: لا يمكن نسيان الكادر المؤسس والرموز التي تعاقبت على العمل في الصحيفة، منهم من ارتحل، ومنهم ما زال ينبض بالقلم والكلمة، وينقل خبرته من جيل لآخر حتى أضحى كتاب ومراسلو الصحيفة أنموذجاً للأجيال الناشئة.
مدرسة إعلامية متزنة استطاعت الصمود رغم التحديات
وقال أستاذ الإعلام الدكتور محمود خلوف إن وصول الجريدة إلى هذا العدد مؤشر على استمرارية وثبات وثقة جمهورها، وهذا ينسجم مع حقيقة أن هذه المؤسسة تمثل مدرسة إعلامية متزنة، استطاعت الصمود رغم التحديات الجسام.
وأضاف: لصحيفة "القدس" دور في بلورة الرأي العام، وكان واضحاً دورها على سبيل المثال لا الحصر في معركة البوابات حول المسجد الأقصى المبارك.
وتابع: بكل الأحوال هذه الجريدة أسهمت في نقل الهم العام، والأهم أنها تصل الأردن، ولديها موقع إلكتروني حديث، ويتمتع نوعاً ما بمعايير التفاعلية وشروط تصميم الموقع الإلكتروني غير الكلاسيكي
بالنظر لتاريخ الصحافة الفلسطينية. فجريدة القدس مؤسسة عريقة، مخضرمة تعاقب عليها رؤساء تحرير وصحفيون بارزون، ولهم إسهامات كبيرة على صعيد العمل النقابي، والمهني والوطني.
خط وطني متزن وسط الرياح العاتية
وأشار إلى أن الجريدة صمدت أمام الرقيب العسكري الإسرائيلي وهي تمثل مؤسسة وطنية مرموقة، تزداد أهمية لكونها في العاصمة، وفي القدس المحتلة.
وقال: نلمس مهنية الصحيفة من خلال حرصها على خط وطني متزن وسط الرياح العاتية فيما يخص الحالة الفلسطينية الداخلية، والانقسام، فهي رغم ما تتعرض له من ضغوطات جمة، استطاعت الصمود والصبر.
وفيما يخص التطورات الحديثة في الإعلام وعلوم الاتصال، قال خلوف: أن تصمد جريدة ورقية في ظل قوة الإعلام الرقمي، وجماهيرية المنصات الرقمية فهذا مؤشر، يظهر كم أن هذه المؤسسة راسخة، ومتجذرة.
وختم بالقول: أعول على رئيس التحرير الجديد والحالي بخبرته الطويلة والمتنوعة وعلاقاته الطيبة مع دوائر صنع القرار، على صعيد تراكم الإنجاجات والحفاظ على استمرارية هذا المشروع الريادي المهم.
إعادة الإعلام المكتوب للصدارة في منطقة ملتهبة
وقال الكاتب والباحث والمؤلف عصري فياض إن وصول جريدة القدس إلى العدد 20 ألفاً، في وقت يطغى فيه إعلام السوشال ميديا، يعتبر نجاحاً لافتاً كونه يعاكس التيار ويتخطاه، ويعيد الإعلام المكتوب إلى الصدارة في منطقة ملتهبة بالأحداث التي تستقطب أنظار العالم.
وأضاف: لقد سارت جريدة "القدس" مع التطور والتقدم التكنولوجي خطوة بخطوة منذ نشأتها، ووظفت هذا التطور والتكنولوجيا في عملها الإعلامي لتقدم للقارئ الفلسطيني الأخبار والأحداث والتحليلات والمقالات والتحقيقات بأجمل حلة وأفضل محتوى. وهذا الأمر كان ملاحظاً وملموساً على مدار تاريخ هذه الصحيفة التي أضحت من كبريات الصحف العربية ذات المصداقية والمتابعة والاهتمام رسمياً وشعبياً.
وأضاف: في تاريخ الصحافة الفلسطينية كانت جريدة "القدس" العمود الفقري للإعلام المكتوب على مدى أكثر من سبعين عاماً، وهذا ليس بالأمر الهين في ظل واقع ومحيط مضطرب وزاخر بالأحداث والتطورات، كما أنها حافظت على صدارتها للإعلام المكتوب رغم مرور ثلاث سلطات سياسية عليها، حقبة الأردن والاحتلال والسلطة الوطنية الفلسطينية.
"القدس" حافظت على هويتها الوطنية الواقعية ومصداقيتها
وتابع: كما ذلك حافظت على هويتها الوطنية الواقعية ومصداقيتها وأمسكت بنواجذها لخدمة القارئ الفلسطيني، وشكلت جزءاً أساسياً من وعيه. وبالتالي أسهمت في تسليط الضوء على جوانب مهمة من جوانب القضية، وسط لجج العتمة ومحاولة التضليل الذي رافق وما يزال يرافق الاحتلال الذي سعى ويسعى إلى كيّ وعي المواطن الفلسطيني وضرب إيمانه بقضيته العادلة.
وخلص فياض إلى القول: لا يختلف اثنان على أن جريدة القدس جريدة سياسية مستقلة لا تعبر عن وجهة نظر انتماء خاص أو فكرة محدودة، بل هي تعبر عن الكل الفلسطيني، والكل العربي، والكل الحر في العالم، وقد تجسد ذلك في منهجها وطريقة عملها، وقد تبنت الرأي المسؤول والبناء، واستقبلت كل الأفكار والتوجهات دون تحيز لأحد أو إبخاس رأي أحد، وهذا كان ولا زال أحد أعمدة النجاح والفلاح في مسيرتها.
بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية
وقالت الدكتورة سناء زكارنة الباحثة سياسية والناشطة المجتمعية: إن جريدة القدس تحظى بشعبية كبيرة لدى الشارع الفاسطيني فهي تنقل الجرح والمعاناة وقصصاً من تحت الركام، وتعنى بالهم الفاسطيني. بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية، وتنقل الحدث وتوصل الرسالة الى كل بيت وزاوية فاسطينية.
وأضافت: شهدنا بعد حالة الانقسام الفاسطيني عام ٢٠٠٧ تردياً في وضع الصحف والمسار الصحفي الفاسطيني الرسمي، حيث بات يركز على أهداف حزبية ضيقة تخدم جهة معينة وتهمل الكثير من القضايا الوطنية الساخنة، كالاجتياحات والاستيطان والأسرى ومعاناتهم، فوجد شعبنا في جريدة القدس ملاذه الآمن وصوته الغائب، وكانت حاضرة في كل قضية وبيت أسير وشارع مدمر وتكية تقصف.
وتابعت: استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن جريدة القدس هي الجريدة الأولى التي تحظى بوصولها إلى أكبر شريحة فاسطينية، وأنها الأكثر تداولاً في الأراضي الفاسطينية، وهذه النتيجة إن دلت على شيء فإنها تدل على ثقة الشارع بها، وأنها باتت تحظى بمكانة لا ينافسها عليها أحد، وتتناول كل القضايا التي تمس حياة الإنسان اليومية والمعاناة والهم الوطني.
سجل تاريخي وأرشيف وطني وكنز معرفي
وقال الدكتور أحمد أبو الهيجاء الباحث في علم الاجتماع السياسي: "إن العدد ٢٠ ألفاً الذي بلغته صحيفة "القدس" ليس عدداً كمياً بلا معنى، بل سجل تاريخي وأرشيف وطني وكنز معرفي للذاكرة الفلسطينية لا يقدر بثمن، وهو أحد ركائز حماية الرواية الفلسطينية.
وأضاف: يرتبط المسار التاريخي لصحيفة "القدس" بوجداننا بشكل كبير، فأذكر كيف كنت أقرأها طفلاً على مقاعد الدراسة، فالجامعة، فالعمل في مختلف مساراته، مروراً بالنسخ الورقية برائحة العجين، وصولاً للصحيفة الرقمية بحلّتها الجديدة.
وأكد أبو الهيجاء أن صحيفة القدس مثلت تجربة فريدة واعية في الإعلام الفلسطيني المكتوب منذ نشأتها، فهي مدرسة صحفية متوازنة، وبامتياز امتزجت هوية الصحيفة بالهوية الفلسطينية كمعانقة لا تنفكّ، وليس من المبالغة القول إن قدرتها على الصمود في ظل العولمة، وتطور وسائل الإعلام والتواصل الرقمي، دليل على عمق تجذرها الراسخ في المجتمع.
نقل الرواية الفلسطينية إلى العالم
وأشار أبو الهيجاء إلى أن خط التحرير المتوازن والمساحة المتاحة لمختلف الآراء والمشارب الفكرية والسياسية يعتبر توجهاً مقدراً من صحيفة "القدس"، وهذا جعلها في صدارة الإعلام الفلسطيني الواعي لعقود طويلة، كما جعل منها قبلة للصحفيين الأكّفاء وحاضنة لهم.
وأضاف: نقلت صحيفة القدس الرواية الفلسطينية إلى العالم بصورتها الحقّة، باعتبارها مصدراً موثوقا ليس فقط للجاليات الفلسطينية في أصقاع الأرض، بل لفئات عديدة من مختلف الشعوب من المتابعين والمواكبين للشأن الفلسطيني، وهذا ملاحظ بوضوح، إضافة لانتشارها بين المؤسسات والنشطاء والفاعلين والمتضامنين في مختلف الأماكن والجغرافيا.
وختم حديثه بالقول أبو الهيجاء : كل ذلك يلقي بمسؤولية كبيرة على إدارة وهيئة تحرير والعاملين في الصحيفة لأن يبقى النهج والخط التحريري والتطور الرقمي حاضراً وبقوة، استشعارا بأهمية الصحيفة في مخزون الذاكرة الفلسطينية، ومصدراً موثوقاً لتدفق المعلومات التي باتت بحاجة لثقة مفقودة في كثير من المؤسسات.
"القدس" منبر وطني ومؤسسة إعلامية تتجاوز الأرقام
وقال د. فادي جمعة أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الامريكية إن صحيفة القدس منبر وطني ومؤسسة إعلامية تتجاوز الأرقام، فحين تصل جريدة القدس إلى عددها العشرين ألفاً، لا يمكن النظر إلى هذا الرقم كمحطة عابرة في سجل صحفي، بل كعلامة مضيئة في تاريخ شعب قاوم، وما زال يقاوم، بالكلمة كما بالسلاح، وبالخبر كما بالفعل. في بيئة تزدحم بالمتغيرات، وتضيق فيها مساحات الحرية، تظل جريدة القدس ثابتة كجسر يصل الماضي بالحاضر، وكصوت جمعي لا يزال يُصغي إليه الفلسطيني أينما كان.
وأضاف: لمن عاش مراحل النشأة السياسية في فلسطين، ولمن كان تواقًا لمعرفة ما يحدث خارج حدود مدينته أو قريته، كانت "القدس" أكثر من جريدة. كانت نافذتنا الوحيدة، وبوصلتنا اليومية. أتذكر تمامًا كيف كنت، وأنا طالب في بدايات وعيي الفكري، أترقب صفحاتها الأولى وهي معلّقة على أبواب المحال. كم من مرة قرأتها وأنا واقف في الشارع، بين أناس غرباء، لكنهم مثلي، ينهلون من ذات المصدر الذي يمنحنا بعضًا من الفهم، وبعضًا من الطمأنينة.
وتابع جمعة: "لن يغيب عن ذاكرتي ذلك البائع المتجول الضرير، الذي كان يجوب شوارع نابلس كل صباح، متأبطًا كومة من الصحف وهو يهتف بصوته الرخيم: "هي القدس!"… كان نداءه يحمل أكثر من مجرد اسم جريدة. كان ينقل معها ثقة الناس، ومحبّتهم، واعتمادهم على هذه الصحيفة التي اختزلت تفاصيل الوطن، وخففت من غربة القارئ في وطنه المحاصر.
"القدس" تلامس قضايا الناس اليومية
ولفت إلى أن متابعة جريدة "القدس" لم تقتصر يومًا على الشأن السياسي فحسب، رغم أهميته المركزية، بل امتدت لتلامس قضايا الناس اليومية؛ من القضايا الاجتماعية، إلى التغطيات الثقافية، وصولًا إلى الشأن الرياضي المحلي، الذي لم نجد له بديلًا موثوقًا آنذاك. لقد كانت الصحيفة تُدير حوارًا يوميًا مع القارئ، وتمنحه جرعة من الحياة وسط كل ما كان يحيط به من قهر وحرمان.
وقال جمعة: مثلما قرأنا في القدس أخبار الاجتياحات، والشهداء، والاعتقالات، والانتفاضات، كانت أيضًا صفحاتها تحتفي بالأمل. كم من مرّة قرأنا عن إنجاز علمي لطالب فلسطيني، أو شاهدنا صور المتفوقين في الثانوية العامة تزيّن صفحاتها في مشهد يبعث على الفخر الجماعي. لقد ساهمت الجريدة في إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني، لا بوصفه ساحة دائمة للنزيف، بل مجتمعًا حيًا، نابضًا، قادرًا على الإنجاز رغم الحصار.
واعتبر أن هذا التراكم، بكل ما فيه من صدق وحرارة، هو ما خلق ذلك الارتباط المتين بين الصحيفة والناس، وما جعل الثقة بها أمرًا مستمرًا لا تحكمه لحظة ظرفية.
تكريس حرية الرأي والتعبير في بيئة مقيدة
وأضاف جمعة: في المشهد السياسي الفلسطيني المعقد، الذي يتقاطع فيه الاحتلال العسكري مع الانقسام الداخلي، وتُضيَّق فيه أحيانًا مساحات التعبير باسم الأمن أو التنظيم، تبدو حرية الرأي والتعبير أشبه بحقل ألغام. ومع ذلك، نجحت جريدة "القدس" في أن تحافظ على موقعها كمنبر مستقل، استطاع أن يفتح نوافذه لكل الآراء، دون أن يقع في شرك التبعية، ودون أن يجنح نحو التسطيح أو التهييج.
وتابع: لقد عكست الجريدة من خلال سياساتها التحريرية إيمانًا حقيقيًا بأن تعدد الآراء لا يضعف الجبهة الداخلية، بل يقويها. فالرأي المختلف لم يكن يُقصى، والنقد لم يكن يُحجب، بل أُتيح له أن يُطرح ضمن ضوابط مهنية واضحة، جعلت من صفحات الجريدة ساحة نقاش بنّاء بين المثقفين والسياسيين والقراء على حد سواء.
وقال جمعة: في وقت باتت فيه بعض المنابر رهينة للتمويل أو للخطاب الفئوي، ظلت القدس تحرص على تمثيل كافة الفصائل والتيارات، دون محاباة أو تهميش. إنها ممارسة نادرة في واقع تحكمه الاستقطابات، وتكاد فيه حرية التعبير أن تكون ترفًا. وقد أتاح هذا التوازن، وهذا الاتساع في الأفق التحريري، للجريدة أن تلعب دورًا مهمًا في صوغ المجال العام الفلسطيني، وتكريس ثقافة تقبل الآخر، والنقد المسؤول، والمشاركة في النقاش الوطني.
ترسيخ حرية الرأي والتعبير
وأضاف: إن الدور الذي لعبته القدس على مدار العقود في ترسيخ حرية الرأي والتعبير لم يكن نتيجة ظرف مؤقت أو مصلحة آنية، بل خيارًا مؤسسيًا مدروسًا، نابعًا من قناعة بأن الكلمة الحرة هي أحد أعمدة التحرر الوطني، وأن تمكين الناس من قول ما يفكرون به هو أساس لأي مشروع ديمقراطي أو تحرري.
واستطرد جمعة: لعل من اللافت أن هذا الدور لم يكن مجرد انعكاس على الورق، بل تحول إلى ما يشبه العُرف في علاقة القارئ بالجريدة؛ إذ بات الناس يرون فيها مساحة يمكن الوثوق بها، والحديث من خلالها، والتفاعل مع ما يُنشر فيها كجزء من جدل مجتمعي حيوي، يؤسس لأفق أكثر انفتاحًا وعدالة.
وختم جمعة بالقول: إن وصول القدس إلى هذا الرقم التاريخي هو شهادة لمهنيتها، ولكن أيضًا شهادة لثقة الناس بها. وما بين الذاكرة الفردية، والبعد الجمعي، يبقى لهذه الصحيفة مكانتها كأرشيف حيّ، وشاهد على عصر، وشريك في تشكيل الوعي الوطني الفلسطيني.
منصة عريضة لتنوع الأفكار
وقال الدكتور أيمن يوسف: إن وصول جريدة القدس إلى العدد 20 ألفاً، دليل على امتلاكها مقومات الاستمرار كمنبر إعلامي جسد وكرس الرواية الوطنية الفلسطينية. برأيي أن صحيفة القدس من الصحف الفلسطينية الأصيلة القديمة التي تميزت بشكل كبير في نقل معاناة الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة وأراضي الـ 48 وفي الخارج، وكانت لها امتدادات جغرافية وديمغرافية ووطنية.
وأضاف: معروف أن "القدس" من تكتب فيها الأقلام المستقلة والأقلام الأكاديمية والبحثية والصحفية من مختلف الألوان والأطياف السياسية وهذا مهم، وبالتالي هذه منصة عريضة لتنوع الأفكار في حرية الرأي والتعبير للتحليل السياسي، والتغطية الإعلامية المحايدة والمستقلة والمهنية. وفعلا هناك في منصات جديدة خلقت جريدة القدس، تنوع صفحات الجريدة من الصفحة الأولى التي تركز على الأخبار الرئيسية والعناوين إلى الأخبار المحلية لأكثر من صفحة، إلى أخبار المحافظات وأخبار الفلسطينيين والصفحة الدولية، فضلاً عن الأعمدة التحليلية. كل ذلك يغني ويثري الجريدة لا سيما أن هناك إضافات أيضا مرتبطة في الصفحة الثقافية والرياضية والاقتصادية، لذلك المتصفح لجريدة القدس يشعر كل تلك الميزات وتلك السمات الهامة.
صدور "القدس" من قلب القدس أعطاها بعداً مهماً
وتابع: أنا من الناس الذين كتبوا في صحيفة القدس في فترة ما، حيث تتم مراجعة المقالة بشكل جيد وبشكل نقدي وبشكل لغوي لا يتدخلون في الآراء السياسية عند طرحها أو عند تدقيقها بالشكل النهائي. إن صدور القدس من قلب مدينة القدس أعطاها هذا البعد المهم، وبالتالي ستستمر في نقل رواية الفلسطينيين والمعاناة الفلسطينية، وجيد أنها انتقلت إلى الطابع الرقمي والى الصحافة الرقمية وبالتالي أصبح سهلاً الوصول إليها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى مواقع الإنترنت نستطيع أن نتصفحها ونحن في مكاتبنا نستطيع أن نتصفحها ونطلب من طلابنا في الجامعات والمدارس أن يتصفحونها.
وختم قائلا: برأيي إن جمهورها في ظل الديجيتال ميديا والعالم الرقمي أصبح أكثر تنوعاً وأصبحت عابرة للحدود، خاصة عند القراء العرب أو عند القراء الأجانب الذين يتقنون اللغة العربية، وبالتالي أتوقع أن تصدر الجريدة بزخم جديد وبأقلام جديدة وبرواية جديدة متجددة فيما يتعلق في العمل الصحفي بشكل عام.
علامة فارقة في مسيرة الإعلام الفلسطيني
وهنأت الكاتبة إسراء العبوشي أسرة جريدة "القدس" على وصولها العدد 20 ألفا، معتبرة ذلك إنجازاً عظيماً يمثل علامة فارقة في مسيرة الإعلام الفلسطيني. وقالت: لقد استطاعت الجريدة، بفضل محتواها المتميز والموثوق، أن تكرس جهودها في توثيق الأحداث الوطنية، والاهتمام بالقضية الفلسطينية، وإيصالها إلى العالم بحرفية وموضوعية. هذا التفاني في مواكبة هموم الشعب الفلسطيني بمصداقية جعلها تستحق مكانتها الريادية واستمرارها على مدى السنوات.
وأضافت: "القدس" لم تكن مجرد صحيفة، بل لعبت دوراً بارزاً في صون الهوية الوطنية الفلسطينية، وحملت على عاتقها إيصال صوت الفلسطينيين للعالم، لتكون منبراً يعكس تطلعاتهم وقضاياهم في كل الظروف.
وتابعت: في طيّات الأيام والذكريات، تظل جريدة "القدس" نبراسًا ينير عقول الأجيال، شاهدةً على لحظات الفرح والحزن التي تركت بصمتها في قلوب قرّائها. ومن ضمن صفحاتها صفحة تحت عنوان "قبل عشرين عامًا" هذه الصفحة تعد مرآة تعيد إحياء الماضي، وتروي قصصًا حميمة ولحظات محفورة في الذاكرة ولن تُنسى. حين مضت عشرون عامًا على رحيل والدتي العزيزة، سهام الزاغة رحمها الله، حيث توفيت في 3-3-1984م استحوذت مشاعر الفقد على ذاكرتي وجعلتني أبحث عن جريدة "القدس" وأطالع صفحة قبل عشرين عاماً تحديداً العدد 99 ذلك العدد الذي حمل في طياته إعلان نبأ رحيلها، فلم تكن صحيفة القدس مجرد أوراق عادية، بل أصبح شاهداً على فصل عميق من قصتي الشخصية، يوثّق مشاعر الحزن ببصمة لا تمحى. تلك الورقة لم تكن مجرد نعي، بل باتت إرثاً عاطفياً يُعيد سرد قصة الأم والذاكرة بحروف خالدة عبر الزمن. وكذلك العدد الذي أعلن استشهاد ناجي العلي، رسام الكاريكاتير، وقد جاء كصدمة هزّت وجدان قرّاء الجريدة، تاركةً أثرًا لا يُمحى في الذاكرة الفلسطينية.
نافذةً على العالم بالنسبة لجيل السبعينيات
واستطردت العبوشي: "القدس" لم تكن صحيفةً فحسب، بل كانت نافذةً على العالم بالنسبة لجيل السبعينيات، تُغذي الفكر بمحتوى غني يتراوح بين السياسة والاقتصاد، وبين الرياضة والثقافة. كانت محطة ثقافية يومية تحمل معها تنوعًا يلبي حاجات القراء، وتحتضن تطلعاتهم وآمالهم في عالم أكثر فهمًا وأقرب إلى حقيقتهم.
وحول مواكبة الصحيفة للتطورات التكنولوجية، قالت العبوشي: على مدار عقود، جسدت جريدة "القدس" دوراً محورياً في تشكيل وعي القارئ الفلسطيني وإبراز القضايا الوطنية بشمولية ورؤية ثاقبة. لكن تميزها لم يقتصر على الماضي فقط، بل امتد إلى مواكبة التطور التكنولوجي الذي أعاد صياغة ملامح الإعلام الحديث.
وأضافت: مع بزوغ عصر الإنترنت، كانت من بين الرواد الذين تبنوا التقنيات الحديثة، فأطلقت موقعاً إلكترونياً يعكس تطلعات العصر الرقمي، مقدمةً محتوى متنوعاً ومحدثاً باستمرار، ما أتاح للقراء وسيلة جديدة للتفاعل مع الأخبار والمقالات. إلى جانب ذلك، استثمرت الجريدة في منصات التواصل الاجتماعي، لتصل إلى جمهور أوسع بطريقة مباشرة وديناميكية، تعكس نبض الواقع وسرعته.
إثراء تجربة القارئ عبر تقديم محتوى بصري
وتابعت: برز اهتمامها بإثراء تجربة القارئ عبر تقديم محتوى بصري يشمل الصور وتقارير الفيديو، ليكون نافذة شاملة تطل على الأحداث بجوانبها المختلفة. بهذا النهج، نجحت "القدس" في ترسيخ حضورها الإعلامي، جامعاً بين الأصالة والتجديد، لتظل صوتاً مؤثراً يعبر عن جميع فئات الشعب الفلسطيني.
وحول الدور الذي لعبته جريدة القدس في تاريخ الصحافة الفلسطينية، قالت العبوشي: من قلب مدينة القدس، حيث تلتقي قدسية المكان بعمق التاريخ، نهضت جريدة "القدس" كمنارة للفكر والصحافة الفلسطينية، حاملةً في طياتها هموم وطن بأسره وآمال شعب يطارد الحرية. منذ انطلاقها، كانت شاهدة على تقلبات الزمان وتغير أحوال المكان، تسجل النكبات كما تسجل ملاحم النضال، وكأنها تكتب تاريخاً بحبر الوفاء وشجاعة الكلمات.
وأضافت: لم تكن "القدس" مجرد صحيفة؛ بل كانت صوتاً ينبض بالحقيقة ورؤية تتجاوز حدود الواقع لتعكس أحلام الفلسطينيين وتطلعاتهم، متجاوزةً القيود التي فرضها الاحتلال والمعوقات التي تحاصر الإعلام الحر. ظلت "القدس" راسخة كالشجرة المعمرة التي تقاوم الرياح، توثق أهم لحظات الصمود والكرامة، محافظةً على جوهر رسالتها السامية.
وتابعت: مع تطور أدوات العصر، لم تتخلف "القدس" عن الركب. بل سارت بخطى واثقة نحو المستقبل، مستفيدةً من التكنولوجيا لتطلق منصات رقمية تحاكي عقول الأجيال الجديدة وتفتح آفاقاً واسعة أمام الأخبار والمقالات، مؤكدة بذلك مكانتها ليس فقط كأيقونة محلية، بل كجسر يربط العالم بالقضية الفلسطينية بحياد وصدق.
القدس" تُلهم الأجيال، وتكتب تاريخها بحروف من نور
واستطردت: هكذا استمرت "القدس" تُلهم الأجيال، وتكتب تاريخها بحروف من نور، شاهدةً على نضال لا ينكسر وأمل لا يخبو. دور الصحيفة في تكريس حرية الرأي والتعبير وافساح المجال لعرض كافة وجهات النظر والمواقف لكافة الفئات والفصائل الفلسطينية بحيادية وموضوعية.
وقالت: في نبض الحروف وسكون الكلمات، تقف جريدة "القدس" شامخة كأيقونة تحمل بين صفحاتها أمانة الحكاية الفلسطينية. كانت وما زالت صوتاً يتردد في زوايا الأرض، حاملاً هموم الشعب وأحلامه، ومرسماً لأفق حرية الرأي والتعبير بكل حيادٍ ونقاء.
وأضافت: "القدس"، تلك الجريدة التي انبثقت كنبع من قلب القضية، جمعت بين طياتها تنوع الفكر الفلسطيني وتعدد الفصائل، كأنها مرآة تعكس بوضوح روح الشعب وعزيمته. ومع مرور السنين، انطلقت في رحلة تطوي بين حبرها مواقف وآراء متنوعة، لم تكن مجرد كلمات على ورق، بل شعلة أضاءت مساراً للحوار البناء وفهم الآخر.
وتابعت: في خضم التحديات، استمرت جريدة "القدس" شامخة كالجبل الراسخ، غير متزعزعة أمام رياح الزمن، مواكبةً لتحولات العصر بانتقالها من صفحات الورق إلى فضاءات الرقمنة. حافظت على جوهر رسالتها النبيلة، لتبقى أكثر من مجرد مصدرٍ للأخبار؛ إنها إرثٌ للأصالة وعنوانٌ للمقاومة. سطّرت في ذاكرة الأجيال لحن الكفاح وحلم الوطن الذي لا يهدأ ولا ينكسر.
"القدس" الأكثر انتشاراً في الوسط الفلسطيني
وهنأ الكاتب سري سمور جريدة القدس لوصولها العدد 20 ألفاً قائلاً: لا شك أن جريدة القدس مقروءة وهي الأكثر انتشاراً في الوسط الفلسطيني بما لها وما عليها، "ما في كمال. الكمال لله تعالى"، وقد حظيت باحترام القراء. وكونها تصدر في مدينة القدس فهذا أعطاها رمزية خاصة.
وأضاف: شخصياً كنت أقرأ جريدة القدس وأنا طفل صغير. وقد كان مكتب جريدة القدس يديره المرحوم كاظم عبد الهادي. وفي العطل الصيفية كنت أعمل عند عمي في محله القريب، وكان يرسلني كي اشتري جريدة القدس، ومن هنا بدأت أطالع الجريدة.
وأوضح أن جريدة القدس تمثل إرشيفاً كاملاً، خاصة زاوية "القدس قبل 20 عاماً" التي بدأت قبل 30 عاماً، إضافة إلى مقالات الرأي التي تعبر عن كل المواقف الاسلامي والوطني واليساري والمستقلة ووجهات نظر مختلفة. كما أنها تحاول أن تتجاوز مقص الرقيب العسكري الإسرائيلي الذي يقف لها بالمرصاد على كل كلمة.
الإعلام الرقمي يطيح بالإعلام الورقي
وأضاف: مع انتشار الفضائيات والإنترنت، ومن ثم عالم السوشال ميديا والهواتف الذكية، فقد تأثر إقبال الناس على الكلمة المطبوعة سواء جريدة القدس أو غيرها، وهنا يأتي الدور القائمين عل الجريدة في الاهتمام بكل ما هو حصري بها أي أنه ليس موجوداً إلا في العدد المطبوع، وليس موجوداً في العدد الرقمي ولا في مواقع أخرى أو صحف أخرى. لقد شهدنا اندثار مجلات الحائط واندثار أشياء كثيرة وسنشهد اندثار الإعلام الورقي للأسف وهذه سنة الحياة.
وتابع: ثمة رونق خاص وطقوس مميزة أن تفتح الجريدة وتشرب فنجان القهوة وتدخن سيجارتك وتتصفح الإخبار والمواد التحليلية وإلإعلانات. أعلم أن الهاتف الذكي قضى عل هذه الظاهرة، ولكن دوماً يشدنا الحنين إلى الماضي. أنا من الجيل المخضرم الذي رأى عصر ما قبل الرقمي والعصر الرقمي وعاش الفترتين، وتعامل مع المرحلتين. ومن الأشياء المميزة التي أتذكرها كانت الزاوية التي كان يكتبها المرحوم ماهر العلمي تحت اسم "هموم".. حديث القدس من أفضل الزوايا التي تلامس نبض المواطن الفلسطيني الذي لا يستطيع توصيل صوته أو يشرح ما يعتمل في صدره سواء كان اجتماعياً أو سياسياً.
شارك برأيك
"القدس" تحتفي بـ "يوبيل العدد 20 ألفاً".. أرشيف كامل لكافة محطات الحياة الفلسطينية والقضية الوطنية