الشيخ عكرمة صبري: إنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء بإقامة طقوس دينية تلمودية قديمة في محاولة لإيهام العالم بأن الأقصى بات تحت سيطرتهم
راسم عبيدات: عملية التهويد الكلي للأقصى تقترب وهناك حالة من "الموات" العربي والإسلامي تسهم في تنفيذ المخططات الإسرائيلية
إسماعيل مسلماني: الاقتحامات ليست مجرد أفعال استفزازية بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تهويد القدس وتغيير هويتها
د. طلال أبو عفيفة: اقتحامات المسجد الأقصى شهدت تصاعدًا ملحوظًا منذ عودة إيتمار بن غفير إلى حكومة نتنياهو
توفيق طعمة: الاقتحامات هدفها فرض الأمر الواقع تدريجياً وهذه السياسات تأتي ضمن خطة أكبر تهدف إلى تهجير المقدسيين من مدينتهم
شهدت الأيام الماضية تصعيداً غير مسبوق في اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك (كماً ونوعاً)، برعاية كاملة ومشاركة مكثفة من قيادات ووزراء وأعضاء كنيست، حيث تخللها إقامة طقوس تلمودية، ومحاولات لذبح الأضاحي، وذلك بالتزامع مع احتفالات اليهود بما يسمى "عيد الفصح".
ويأتي هذا التصعيد في الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في ظل تركيز الاهتمام والأنظار بما يحدث في قطاع غزة من حرب إبادة وتطهير عرقي وحراك سياسي من أجل التوصل إلى هدنة توقف شلال الدم النازف، وإدخال المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني فلسطيني يعيشون ظروفاً أشبه بالجحيم، وذلك في مسعى لتكريس واقع جديد في المسجد الأقصى وصولاً إلى فرض تقسيم مكاني يشبه ما فرضته في الحرم الإبراهيمي في تسعينيات القرن الماضي.
رجال دين وكتاب ومحللون تحدثوا لـ"القدس" اعتبروا أن المستوطنين وغلاة التطرف الإسرائيلي تجاوزوا الخطوط الحمراء بإقامة طقوس دينية تلمودية قديمة في محاولة لإيهام العالم بأن الأقصى بات تحت سيطرتهم، مؤكدين أن هذه الاقتحامات ليست مجرد أفعال استفزازية بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تهويد القدس وتغيير هويتها.
وأشاروا إلى أن اقتحامات المسجد الأقصى شهدت تصاعدًا ملحوظًا منذ عودة إيتمار بن غفير إلى حكومة نتنياهو، مؤكدين أن هذه الاقتحامات هدفها فرض الأمر الواقع تدريجياً وهذه السياسات تأتي ضمن خطة أكبر تهدف إلى تهجير المقدسيين من مدينتهم.
استباحة للوجود الفلسطيني إرضاء لليمين المتطرّف
ووصف الشيخ الدكتور عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا – خطيب المسجد الأقصى اقتحامات المستوطنين خلال أيام عيد الفصح اليهودي بأنها غير مسبوقة. وقال "إن مدينة القدس تحوّلت إلى ثكنة عسكرية، وإن قوات الأمن الإسرائيلية شدّدت الحصار على أبواب المسجد الأقصى، بحيث منعت المسلمين من الدخول، لتفسح المجال أمام مئات المستوطنين لاقتحام واستباحة المسجد الأقصى المبارك".
وأكد صبري أن ما يحصل الآن هو استباحة، وإفراغ للوجود الفلسطيني، وهو إرضاء لليمين المتطرّف كي يلهو ويعربد كما يشاء في رحاب الأقصى المبارك.
وقال: "لقد تجاوزوا الخطوط الحمراء في هذه الأيام من خلال إقامة طقوس دينية تلمودية قديمة، تستفز مشاعر المسلمين، في محاولة لإيهام العالم بأن الأقصى بات تحت سيطرتهم."
اندفاع الشباب في القدس دفاعاً عن الأقصى
وأشار الشيخ صبري إلى أنه في اليوم الأول من حرب غزة، شهدنا تصعيداً من قِبل الاحتلال، حيث استغل الأوضاع وشدّد إجراءاته ضد المصلين، في حين لاحظنا اندفاع الشباب في مدينة القدس الذين خرجوا للدفاع عن الأقصى، ما يدل على الوعي الشعبي لديهم والتمسك به.
وأكد أن مدينة القدس تميّزت عن باقي المناطق منذ بداية حرب غزة وحتى اليوم، فاستغل الاحتلال أجواء الحرب للتغوّل في القدس والأقصى.
وقال: "صحيح أنه في شهر رمضان، ومع ضغط الجماهير، تراجعت سلطات الاحتلال قليلاً، وسمحت لآلاف المصلين بالوصول إلى المسجد الأقصى. لكن ما أن انتهى شهر رمضان، حتى عادت هذه السلطات إلى فرض قيود مشدّدة".
وأشار الشيخ صبري إلى أنه ومع اقتراب الأعياد اليهودية الاخيرة، بدأت سلطات الاحتلال بمنع آلاف الشبان المسلمين من دخول الأقصى، في إجراءات عدوانية مرفوضة، ولا تستند إلى أي حق أو شرعية، لأنها تمثل اعتداءً صارخًا على حرمة المسجد.
اعتداء على الوصاية الأردنية على الأقصى
وقال: في شهر رمضان المبارك، كان هناك حضور مكثّف من أهلنا في أراضي الـ48، ونشكرهم على جهودهم، لكن بعد رمضان تراجعت هذه الهمة وهذا الإقبال، خاصة في أيام السبت والجمعة، بينما تأتي اقتحامات المتطرفين في أيام أخرى كذلك.
وأضاف: "لا بد من توجيه النداء – كما دعا النبي محمد صلى الله عليه وسلم – إلى المسلمين كافة، بشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك."
وأكد أن هذه التجاوزات من قِبل الاحتلال تمثل اعتداءً على الأقصى، وعلى صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية، كما أنها محاولة لسحب هذه الصلاحيات من حراس الأقصى المرتبطين بالوقف الإسلامي، حيث تُشل حركتهم في أيام الأعياد اليهودية.
وختم الشيخ صبري بالقول "إن هذا يشكّل اعتداءً سافرًا ليس فقط على الأوقاف الإسلامية، بل أيضًا على الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى".
اقتحامات بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات إن الاقتحامات المتكررة للأقصى وبأعداد غير مسبوقة وبمشاركة رسمية لوزراء وأعضاء كنيست وحاخامات.
وأضاف: إن هذه الاقتحامات تأتي في سياق خطة ممنهجة لتهويد المسجد الأقصى، وبما يتجاوز ما يعرف بالتقسيمين الزماني والمكاني، بل فرض وقائع جديدة في الأقصى، والتغيير من طابع الأقصى دينياً وتاريخياً وقانونياً، بحيث يتم العبور في المسجد الأقصى من زمنه الإسلامي إلى الزمن اليهودي، ونزع القدسية الإسلامية الخاصة عنه، لجهة القدسية المشتركة، إسلامية – يهودية مؤقتاً، مقابل الشيخ المسلم حاخام يهودي، ومقابل المصلي المسلم مصل يهودي ومقابل الطفل المسلم طفل يهودي.
وأكد عبيدات أن صاحب مشروع تهويد المسجد الأقصى، هو وزير ما يعرف بالأمن القومي اليهودي بن غفير، والذي منذ تعيينه في هذا المنصب اقتحم الأقصى 8 مرات، وهو يفاخر بأن ما تحقق في عهده من تهويد وفرض وقائع جديدة في الأقصى لم يتحقق طوال 30 عاماً، وكذلك يعبر عن فرحته بمشاركة أعضاء كنيست من أمثال تسفي سوكوت وعميلت هليفي وحاخامات من أمثال الحاخام المتطرف شمشون الباوم والنشيط في جماعة ما يعرف بأمناء الهيكل أرنون سيجال في عمليات الاقتحام.
الانتهاء من طقوس إحياء الهيكل المعنوي
وأشار عبيدات إلى أن عملية التهويد الكلي للأقصى تقترب، كما هو الحال في الحرم الإبراهيمي في الخليل. فهناك حالة من "الموات" العربي والإسلامي، تسهم في تنفيذ المشاريع والمخططات الإسرائيلية التهويدية، فهم أنهوا كل ما يعرف بطقوس إحياء الهيكل المعنوي، صلوات تلمودية وتوراتية علنية فردية وجماعية، سجود ملحمي، إدخال شالات الصلاة واللفائف السوداء، والدخول بلباس الكهنة البيضاء، والنفخ في البوق، وإدخال قرابين العرش النباتية إلى قلب الأقصى من أوراق صفاف وسعف نخيل والحمضيات المجففة، وبقي عليهم إدخال ما يعرف بقرابين الفصح الحيوانية وذبحها في الأقصى، كآخر طقس من طقوس "إحياء الهيكل المعنوي"، ومن بعد ذلك يجري الانتقال إلى إقامة الهيكل الثالث بشكل عملي بحيث تسبقه إقامة كنيس يهودي في المنطقة الشرقية مكان مصلى باب الرحمة، ومن بعد ذبح ما يعرف بالبقرة الحمراء التي تم إحضار خمسة منها، من ولاية تكساس الأمريكية "مستولدة" بالهندسة الجينية، تلك البقرة التي أتمت عمرها الشرعي، "عامين"، كانوا ينوون ذبحها على قمة جبل الطور.
توقع تسونامي من المتطرفين يقتحمون الأقصى
وأكد عبيدات أنه يجري الآن التخطيط لذبحها في قلب الأقصى، ونثر دمها على أكبر عدد من الحاخامات، لتجاوز قرار ما يعرف بالحاخامية الكبرى بعدم الصعود لما يعرف بجبل الهيكل، حيث يرفضون الصعود دون بند التطهر من نجاسة القبور، فنثر رماد البقرة المذبوحة على أكبر عدد من الحاخامات، يجري التطهر من نجاسة القبور.
وأضاف: إننا سنشاهد "تسونامي" من المتطرفين يقتحمون الأقصى بدل 100 – 150 مستوطناً يومياً، سيصبح الرقم 1000 – 1500 مستوطن يومياً، وهذا يعني بأن تهويد الأقصى والخطر عليه بات جدياً وكبيراً ، وسيبقى العرب والمسلمون يرددون كذبة الحرب الدينية والصراع الديني، وهم لا يحركون ساكناً تجاه مسرى نبيهم محمد صل الله عليه وسلم وقبلتهم الأولى.
واستذكر عبيدات ما قالته رئيسة وزراء الإحتلال الأسبق غولدا مائير بعد أن أحرق مايكل روهان اليهودي من أصول أسترالية الأقصى في 21-أب-1969، بما في ذلك منبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي، بأنها بقيت طول الليل تبكي خوفاً على مصير دولتها من أن تغزوها الجيوش العربية والإسلامية بسبب تدنيس وحرق الأقصى، وعندما بزغ الفجر ولم يحصل أي شيء قالت: "الآن نستطيع أن نفعل أي شيء دون خوف، فهذه الأمة ظاهرة صوتية".
تغيير الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى
بدوره، قال المختض في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مسلماني إن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى والحرم القدسي تحمل رسائل وأهدافًا متعددة، وتؤدي إلى مآلات خطيرة على المستويات الدينية والسياسية والاجتماعية .
وأضاف: من هذه الرسائل إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال هذه الاقتحامات إلى إرسال رسالة واضحة بأنه يفرض سيطرته على القدس والمقدسات الإسلامية. وأن الاقتحامات تُستخدم كأداة لاستفزاز الفلسطينيين ودفعهم إلى ردود فعل تُبرر مزيدًا من القمع.
وأوضح مسلماني أن الاحتلال يهدف إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى، مما يُظهر نوايا تهويدية واضحة.
اما بخصوص الأهداف، فقال "إن الاحتلال يسعى إلى تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين والمستوطنين اليهود، كما حدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل، مضيفاً : إن الجماعات المتطرفة تسعى إلى بناء "الهيكل" على أنقاض المسجد الأقصى، وهو هدف استراتيجي طويل الأمد.
وأضاف: إن الاقتحامات تهدف أيضاً إلى تقويض الروح المعنوية للفلسطينيين وإضعاف صمودهم.
وبخصوص المآلات، أوضح مسلماني أن هذه الاقتحامات تؤدي إلى تصعيد التوترات في القدس والأراضي الفلسطينية، مما يزيد من احتمالية اندلاع مواجهات.
ويرى أن الاقتحامات تُغذي الصراع الديني، مما يُهدد السلام في المنطقة.
في المقابل، قال مسلماني إن هذه الممارسات تُعزز من صمود الفلسطينيين وتوحيد صفوفهم في مواجهة الاحتلال.
تكريس التقسيم المكاني والزماني
وأكد أن الاقتحامات ليست مجرد أفعال استفزازية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تهويد القدس وتغيير هويتها لافتاً إلى أن هذه الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى والحرم القدسي تحمل أبعادًا استراتيجية وسياسية ودينية عميقة، وتُستخدم كأداة لتحقيق أهداف بعيدة المدى.
وبين أن من الأبعاد الاستراتيجية فرض السيطرة المكانية، حيث يسعى الاحتلال إلى تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى من خلال تقسيمه زمانيًا ومكانيًا، مما يُمهّد الطريق لفرض سيطرة دائمة. لافتاً إلى أن هذه الاقتحامات تُعتبر جزءًا من استراتيجية أوسع لتهويد القدس وتغيير هويتها التاريخية.
وأضاف: "إن الاقتحامات تهدف إلى بث الخوف والإحباط بين الفلسطينيين، مما يُضعف من قدرتهم على المقاومة، بحيث يستخدم الاحتلال هذه الاقتحامات كوسيلة لإظهار القوة والسيطرة أمام المجتمع الدولي.
وعن الأبعاد السياسية، لفت مسلماني إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم هذه الاقتحامات لكسب دعم التيارات اليمينية المتطرفة داخل إسرائيل. كما تُعتبر وسيلة لإرضاء الجماعات الدينية المتشددة التي تضغط لتحقيق أهدافها.
وأضاف: إن الاحتلال يسعى من خلال هذه الاقتحامات إلى فرض أمر واقع جديد، مما يُصعّب أي مفاوضات مستقبلية حول القدس.
بناء "الهيكل المزعوم" على أنقاض المسجد
وأشار إلى الأبعاد الدينية، منها إحياء الروايات التوراتية بحيث تسعى الجماعات المتطرفة إلى تعزيز الروايات الدينية التي تدعو إلى بناء "الهيكل المزعوم" على أنقاض المسجد الأقصى.
وأوضح أن هذه الروايات تُستخدم كأداة لتبرير الاقتحامات أمام المجتمع الإسرائيلي والدولي مبينا أن المسجد الأقصى يُعتبر رمزًا دينيًا وثقافيًا للفلسطينيين والمسلمين حول العالم، واستهدافه يُعد محاولة لتقويض هذه الرمزية.
وعن التأثيرات والمآلات قال مسلماني إن الاقتحامات تؤدي إلى تصعيد التوترات في القدس والأراضي الفلسطينية، مما يزيد من احتمالية اندلاع مواجهات عنيفة وأن هذه التوترات قد تمتد إلى دول أخرى، مما يُهدد استقرار المنطقة.
وأكد في المقابل، أن هذه الاقتحامات تُعزز من صمود الفلسطينيين وتوحد صفوفهم في مواجهة الاحتلال، وبالتالي يُصبح المسجد الأقصى رمزًا للمقاومة، مما يُحفّز الدعم الشعبي والدولي للقضية الفلسطينية.
واعتبر مسلماني زيارة أعضاء كنيست وشخصيات رسمية إسرائيلية، إلى جانب التصريحات الأخيرة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، التي قال فيها: "لأول مرة منذ 30 عامًا، تُقام الصلاة والسجود والغناء والرقص في الأقصى"، خطرًا حقيقيًا يهدد الوضع القائم في المسجد الأقصى، ويُظهر بوضوح أن إسرائيل تجاوزت القوانين الدولية والتاريخية التي تحكم وضع القدس ومقدساتها.
وأكد مسلماني في ختام تصريحه لـ "القدس" أن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى لم تعد مجرد أفعال استفزازية، بل باتت جزءًا من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى تغيير الواقع السياسي والديني في المدينة المقدسة. ومع ذلك، فإن صمود الفلسطينيين وثباتهم، إلى جانب الدعم الدولي المتنامي لقضيتهم، يؤكد أن هذه الاستراتيجية تواجه مقاومة قوية وتحديات حقيقية على المستويين الشعبي والدبلوماسي.
موقف دولي لا يتعدى حدود "الإدانات والاستنكارات
من جهته، أكد عضو الأمانة العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين د. طلال أبو عفيفة أن اقتحامات المسجد الأقصى المبارك شهدت تصاعدًا ملحوظًا منذ عودة إيتمار بن غفير إلى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو.
وأشار إلى أن بن غفير يحظى بدعم واضح من نتنياهو وأغلبية مكونات الحكومة في جميع تصرفاته الاستفزازية وتحريضه المتواصل ضد المقدسيين والفلسطينيين بشكل عام.
وأوضح أبو عفيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعتمد على دعم بن غفير لمنع سقوط حكومته، خاصة أن حزب "عوتسما يهوديت" الذي يتزعمه بن غفير يمتلك 8 مقاعد من أصل 14 مقعدًا حصل عليها بتحالفه مع بتسلئيل سموتريتش. وفي المقابل، يحتاج بن غفير إلى غطاء نتنياهو لمواصلة سياساته المتطرفة في ظل حكومة توصف بأنها "يمينية بالكامل".
وانتقد أبو عفيفة صمت المجتمع الدولي إزاء ما يجري في المسجد الأقصى من انتهاكات متكررة، وما يتعرض له قطاع غزة من عمليات إبادة جماعية طالت الإنسان، والشجر، والحجر، معتبرًا أن الموقف الدولي لا يتعدى حدود "الإدانات والاستنكارات" التي لا تُحدث أي أثر على الأرض.
وقال أبو عفيفة: بينما سارعت الدول الأوروبية إلى فرض عقوبات مشددة على روسيا بسبب احتلالها أجزاء من أوكرانيا وقتلها مئات المدنيين، لا تزال تفرض تلك العقوبات حتى اليوم، ما حدث في أوكرانيا لا يشكل سوى 5% مما تعرض له قطاع غزة من دمار وقتل ممنهج، ودون أن يحظى بردع مماثل من المجتمع الدولي.
رسائل وأهداف رمزية واستراتيجية
من جانبه، أكد الكاتب والباحث توفيق طعمة أن الاقتحامات المتواصلة التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون للمسجد الأقصى المبارك، تتم برعاية رسمية وبدعم من المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وتحمل في طياتها رسائل وأهدافاً متعددة، بعضها رمزي وبعضها استراتيجي، تختلف من فترة إلى أخرى وفقًا للظروف السياسية والأمنية.
وأوضح طعمة أن إسرائيل تسعى منذ سنوات إلى فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، وقد نجحت بالفعل في فرض نوع من التقسيم الزماني، حيث تحدد أوقاتاً معينة لدخول المستوطنين.
وأضاف: أن المرحلة التالية من هذا المشروع تتمثل في محاولة تنفيذ التقسيم المكاني، كما حدث سابقاً في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
وأشار إلى أن استمرار الاقتحامات يأتي في إطار سياسة فرض الأمر الواقع بشكل تدريجي، مشيرًا إلى تزايد أعداد المستوطنين المقتحمين يوميًا، حيث وصلت أعدادهم إلى المئات في بعض الأيام، وهو ما يشكل سابقة خطيرة.
وأكد أن الوزراء المتطرفين أمثال إيتمار بن غفير، يستخدمون ملف الأقصى لكسب دعم القاعدة اليمينية المتطرفة، خصوصًا في أوقات التوتر السياسي أو أثناء الانتخابات، من خلال استعراض القوة والتأكيد على السيطرة على القدس.
كما أشار إلى أن هذه الاقتحامات تهدف إلى استفزاز الفلسطينيين وجرهم إلى مواجهات، حيث يتم الاعتداء على المصلين والمرابطين، وطردهم من ساحات المسجد لتوفير بيئة آمنة للمستوطنين لأداء طقوسهم الدينية، وهو ما يُعد استفزازًا صارخًا للمسلمين حول العالم.
منع الشخصيات المقدسية المؤثرة من دخول المسجد
وبين طعمة أن سلطات الاحتلال تمنع العديد من الشخصيات المقدسية المؤثرة من دخول المسجد الأقصى، في محاولة لإسكات الأصوات التي تنقل الحقيقة إلى العالم، كما تفرض قيودًا مشددة على دخول الفلسطينيين، تصل في بعض الأحيان إلى منع لمدة ستة أشهر.
وأضاف: أن هذه السياسات تأتي ضمن خطة أكبر تهدف إلى تهجير المقدسيين من مدينتهم، من خلال سحب الإقامات، ومصادرة المنازل، وهدم العقارات والمنشآت الصناعية بحجة عدم الترخيص، مما يجعل الحياة في القدس لا تُطاق، ويدفع الفلسطينيين إلى الرحيل قسرًا.
وشدد طعمة على أن الجماعات اليهودية المتطرفة تحمل دوافع أيديولوجية ودينية واضحة، تسعى من خلالها إلى هدم المسجد الأقصى وبناء ما يُسمى "الهيكل الثالث"، مشيرًا إلى أن الفكر الديني المتطرف أصبح هو السائد داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي يتجه أكثر فأكثر نحو اليمين المتشدد.
وحذر طعمة في نهاية تصريحه لـ "القدس"من أن تكرار هذه الاقتحامات يهدف إلى جعلها "أمرًا طبيعيًا" ومقبولًا، ليس فقط من قبل الفلسطينيين، بل أيضًا من قبل الرأي العام الدولي، الذي بدأ يتعامل مع هذه الانتهاكات على أنها أحداث اعتيادية. وأكد أن هذا الأمر في غاية الخطورة، لأنه يكرّس الرواية الإسرائيلية ويغيب الحقيقة، ويهدد الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة.
شارك برأيك
اقتحامات غلاة المتطرفين للأقصى.. تكريس التقسيم المكاني وسط دخان حرب الإبادة