ظاهرتان بارزتان تجتاحان المستعمرة الإسرائيلية:
الأولى، ظاهرة التطرف لدى الأحزاب السياسية اليمينية، والتطرف لدى الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة.
والظاهرة الثانية، الخلافات والتباينات الحادة بين مؤسسات صنع القرار الإسرائيلي، وبينها وبين المجتمع الإسرائيلي، وبروز ظاهرة الشوارع المنتفضة ضد سياسات الحكومة وخياراتها.
ظاهرة التطرف هي تعبير عن "الفلس السياسي"، والشعور بالغرور، على خلفية الضعف الفلسطيني والعربي عموماً، وبسبب الدعم الأميركي غير المحدود لمواصلة خيارات المستعمرة التوسعية الاحتلالية الإحلالية، وبسبب التغير البطيء في التحولات الأوروبية الضعيفة، فأوروبا هي التي صنعت المستعمرة: قرارات بريطانيا، وتسهيلاتها المقدمة للحركة الصهيونية في استيطان واستعمار فلسطين على خلفية وعد بلفور وتداعياته، وأسلحة فرنسا التقليدية والنووية التي جعلت المستعمرة دولة تخشاها البلدان العربية، وألمانيا قدمت التعويضات المالية بديلاً عما تعرض له اليهود من مذابح، إضافة إلى الطاقة البشرية من اليهود الأجانب الألمان ذات القدرة المهنية المتفوقة، أسهم في تقدم المجتمع والمستعمرة بشكل مميز، ساعد على تفوقها النوعي في مواجهة العرب الذين لا يمتلكون القدرة والتغطية والطاقة البشرية المؤهلة لمواجهة تفوق المستعمرة وقدراتها.
التطرف تتضح مظاهره، في الاستيطان والتوسع والتمسك نحو تحويل القدس عاصمة موحدة للمستعمرة، فيتم العمل على أسرلتها وتهويدها وعبرنتها بواسطة الاستيطان البشري وقيام المؤسسات التي تفرض معايير التغيير وتقليص الوجود العربي الفلسطيني الإسلامي المسيحي لدى المدينة المقدسة.
ويتصرف الفريق الائتلافي الحاكم لدى المستعمرة على أن الضفة ليست فلسطينية، ليست عربية، ليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة، وعليه يعملون على تبديد التواجد العربي الفلسطيني وتمزيقه، كما فعلوا في مخيمات شمال الضفة الفلسطينية، وعمليات الهدم في القدس، وترحيل سكانها، وبناء مستوطنات على أنقاضها.
كما أن هذا الفريق الحاكم يعلن أنه ضد إقامة دولة فلسطينية، ومع تقليص الوجود العربي الفلسطيني عن سائر أرض فلسطين.
أما مظاهر التعارضات والخلافات بين مختلف المؤسسات الإسرائيلية، فهذا يعود إلى:
1- العملية المفاجأة يوم 7 أكتوبر 2023، التي أوقعت الصدمة لدى مكونات المجتمع الإسرائيلي العسكرية والأمنية والرسمية والمدنية، وقد كلف الجيش لجنة تحقيق حول "التقصير" الذي وقع به، وصدر تقرير بذلك، والمخابرات كلفت لجنة تحقيق، ونتيجتها أنها تتحمل مسؤولية الإخفاق، بينما يتهرب نتنياهو من تشكيل لجنة تحقيق مع الحكومة، حتى لا يتحمل مسؤولية "التقصير" ويتعرض للإدانة وتتم محاكمته، فيرفض تشكيل لجنة تحقيق سلفاً تحت حجة أنه ما زال في حالة حرب ضد "العدو الفلسطيني".
ثانيا،ً الإخفاق الذي منيت به المستعمرة، مفاجأة 7 أكتوبر، والإخفاق في الهجوم والاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، ولم يحقق أهدافه المعلنة:
1- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل.
2- إنهاء المقاومة الفلسطينية وتصفيتها وخاصة حركتي حماس والجهاد.
3- طرد وتشريد الفلسطينيين أهالي قطاع غزة إلى سيناء.
ثالثاً، الاختلاف حول مواصلة الحرب، بعد الفشل طوال خمسة عشر شهراً، حيث يسعى نتنياهو لمواصلة الحرب تهرباً من تشكيل لجنة تحقيق، بينما تصر قيادات الجيش والمخابرات على أنه لم يعد هناك أي هدف استراتيجي يمكن تحقيقه في قطاع غزة يفرض مواصلة الحرب، ولذلك رفضوا علناً استمرار الحرب.
رابعاً، تغيير القيادات العسكرية والأمنية من قبل نتنياهو: 1- وزير الدفاع، 2- رئيس الأركان، 3- مدير المخابرات الخارجية الموساد، 4- مدير المخابرات العسكرية أمان، 5- وقراره بإقالة مدير المخابرات الداخلية الشاباك، مما أثار انتقادات واسعة خاصة أن المراقب العام للدولة المستشارة القضائية رفضت الإقالة وطعنت بها واعتبرتها غير قانونية.
خامساً، مظاهرات عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين لم يطلق سراحهم، وتعاطف معهم وشاركوهم الاحتجاج والتظاهر: 1- عائلات الجنود القتلى الذين سقط أولادهم بدون تحقيق أي أهداف سياسية بل كان نتيجة الحرب الفشل والإخفاق، 2- عائلات الجنود الذين ما زالوا قيد الاحتياط منذ فترة طويلة، بدون فائدة سياسية، ورفضهم مواصلة الحرب بدون أهداف يمكن أن تتحقق.
تطور وتفاقم وتقصيرات تجتاح المستعمرة الإسرائيلية غير مسبوقة بهذا الإنفعال والانقسام، وستكون لذلك آثار مفتوحة على كل الاحتمالات السلبية.
...........
التطرف تتضح مظاهره، في الاستيطان والتوسع والتمسك نحو تحويل القدس عاصمة موحدة للمستعمرة، فيتم العمل على أسرلتها وتهويدها وعبرنتها بواسطة الاستيطان البشري.
شارك برأيك
تفاقم ظواهر التناقض لدى المستعمرة الإسرائيلية