حذّرت الأمم المتحدة، أمس الجمعة، من أن الانحسار السريع للأنهار الجليدية يُهدد إمدادات الغذاء والماء لأكثر من ملياري شخص حول العالم. ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، فإن معدلات الذوبان غير المسبوقة الحالية ستؤدي إلى عواقب غير متوقعة. وكشف التقرير أن انحسار الأنهار الجليدية وتناقص تساقط الثلوج في الجبال سيؤثران على ثلثي الزراعة المروية في العالم، وستكون لهما آثار واسعة النطاق على الغالبية العظمى من السكان.
ويحتوي العالم على أكثر من 275 ألف نهر جليدي تغطي ما يقرب من 700 ألف كيلومتر مربع. وتُخزِّن الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية حوالي 70% من المياه العذبة في العالم. ومع ذلك، تنحسر هذه التكوينات الجليدية بسرعة بسبب تغير المناخ. ومن الضروري الحفاظ على هذه الموارد الحيوية ليس فقط من أجل ضمان الاستدامة البيئية، بل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وحماية الخدمات الثقافية، وصون سُبُل العيش.
من جهتها، قالت أودري أزولاي، المديرة العامة ليونسكو: "بغض النظر عن مكان إقامتنا، فإننا جميعا نعتمد بشكل ما على الجبال والأنهار الجليدية، لكن هذه الأبراج المائية الطبيعية تواجه خطراً محدقاً، وهذا التقرير يظهر الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات وأن الحلول الأكثر فعالية تتطلب نهجاً متعدد الأطراف".
وأظهرت أبحاث منفصلة أجرتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن معدل تغير الأنهار الجليدية هو الأسوأ في التاريخ المسجل، حيث شهدت السنوات الثلاث الماضية أكبر خسارة في كتلة الجليد، ومن بين المناطق الأكثر تضرراً النرويج والسويد وأرخبيل سفالبارد وجبال الأنديز الاستوائية. وفي شرق أفريقيا، اختفى نحو 80% من الأنهار الجليدية في بعض المناطق، بينما ذاب ما بين ثلث إلى نصف الأنهار الجليدية في جبال الأنديز منذ عام 1998، كما تقلصت الأنهار الجليدية في جبال الألب والبرانس، الأكثر تضرراً في أوروبا، بنحو 40% خلال الفترة نفسها تقريباً.
وأشار أليكس بريسبورن، عالم الجيوفيزياء الجليدية في المسح البريطاني لأنتاركتيكا، إلى أن الأنهار الجليدية الجبلية تحتوي على بعض أكبر خزانات المياه العذبة على الأرض، وتوفر المياه الذائبة في الصيف إمدادات المياه لمليار شخص وتدعم صناعة وزراعة هائلتين، وسيُحسّ بتأثير هذا الذوبان بعيداً عن المناطق الواقعة مباشرة أسفل الأنهار الجليدية". كما دعا ألفارو لاريو، رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "إيفاد" ورئيس الأمم المتحدة للمياه، إلى تقديم المزيد من الدعم للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الجبلية المتضررة.
وقال لاريو: "المياه تتدفق إلى الأسفل، لكن انعدام الأمن الغذائي يرتفع إلى الأعلى. الجبال توفر 60% من المياه العذبة لدينا، لكن المجتمعات التي تحمي هذه الموارد الحيوية هي من بين الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي".
ويعيش أكثر من مليار شخص في المناطق الجبلية، ونصفهم تقريباً في البلدان النامية، يعانون بالفعل من انعدام الأمن الغذائي، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه الأزمة، حيث يعتمد إنتاج الغذاء في هذه المناطق على المياه الجبلية والثلوج الذائبة والأنهار الجليدية، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية 2025.
يذكر أنه في دراسة سابقة نشرت الشهر الماضي في مجلة Nature، وجد الباحثون أن نصف كتلة الأنهار الجليدية العالمية ستختفي بحلول نهاية القرن إذا لم يُوقَف الاحتباس الحراري.
على الرغم من دورها الأساسي، يُسلِّط التقرير الضوء على أن المناطق الجبلية غائبة إلى حد كبير عن الأجندات العالمية. وتميل السياسات الوطنية للمياه والزراعة والصناعة والطاقة إلى تفضيل مناطق أحواض الأنهار الأكثر كثافة سكانية، بينما تحظى الجبال عموماً باهتمام أقل بكثير، أو غالباً ما تُعتبر مصادر للمستهلكين في اتجاه مجرى النهر فقط.
يصادف هذا العام انطلاق أول يوم عالمي للأنهار الجليدية في 21 مارس/ آذار مؤكداً ضرورة بذل جهود دولية فورية ومنسقة، بالتزامن مع اليوم العالمي للمياه في 22 مارس. وتقود يونسكو هذا اليوم بالاشتراك مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بالإضافة إلى السنة الدولية لحفظ الأنهار الجليدية 2025، وهي مبادرة عالمية لتعبئة الموارد والالتزامات للحفاظ على الأنهار الجليدية.
(قنا، العربي الجديد)
شارك برأيك
ذوبان الجليد يهدد إمدادات الغذاء والماء لملياري شخص حول العالم