عندما تتأرجح سياسة أمريكا على منصات التواصل الاجتماعي وفقًا لتصريحات رئيسها ترامب، المهووس بالتدوينات، تفقد الدولة العظمى هيبتها واتزانها، كما تتضرر علاقاتها وتحالفاتها مع الدول. فمنذ أن استلم ترامب مهامه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وهو يطيح بهيبة أمريكا عبر تغريداته وتصريحاته، التي يستعرض من خلالها قوته الشخصية، كما لو كان يدير شركة عقارية يمتلك أصولها.
العالم ليس شركة استثمارية، ورؤساء الدول والملوك ليسوا حراس أمن لصفقات تجارية، ولا هم فتوات يضرب من خلالهم منافسيه. والعالم لا يُدار افتراضيًا عبر تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يليق بدولة عظمى أن تكون بهذه الصورة التي ستفقدها حلفاءها، كما ستفقدها هيبتها ومكانتها إذا ما استمرت تُدار بهذا النهج الذي اتبعته مع مجيء دونالد ترامب.
سياسة ترامب الجديدة لا تصلح لأن تكون سياسة دولة عظمى تحكم العالم، بل تصلح لعصابة يترأسها رجل مافيا يُرعب أفرادها من خلال استخدام أساليب إصدار الأوامر وإهانة الضعيف ليخاف منه القوي. وهذه تجارة خاسرة في السياسة، فالعالم لا يصغر أمام رجل صفقات تجارية اعتاد على دواليب القمار والحظ، وإن كانت الدول الكبرى تراقب بصمت، فإنها لن تسمح لمثل هذا الانحطاط أن يسود، ولن يطول صمتها أمام هذا العبث بالمصير الدولي.
ترامب، المهووس بالتغريدات الافتراضية، مهووس بحب الذات، وقد استشرى به الهوس حتى أصبح مرضًا مزمنًا. فتجده يطلق تصريحات عن التطهير العرقي في غزة والاستيلاء على أرضها بخرابها وخيراتها، ثم يجرب صفع رئيس أوكرانيا، وانتزاع موافقة من الملك الأردني، ويتجاهل الرئيس الفرنسي، ما أفضى إلى رعونة غير مسبوقة بهذا العلن من قبل أي شخص تربع على عرش البيت الأبيض.
ترامب متقلب في تغريداته كسمسار يعرض تجارة بائسة، فيلوح بالعصا ويهدد ويتوعد كل من لا يشتري بضاعته، وفي الحقيقة، لا بضاعة يمتلكها ليعرضها، وهذا ما يزيد الطين بلة، إذ إنه يريد أن يبيع للعالم الوهم.
تعمد الإهانة واستعراض عضلات القوة قد يكون نافعًا في الحانات وصالات القمار، لكنه يضر بمكانة الدولة العظمى، والسياسات الدول والتي إذا استمرت على هذه الفوضى، فستمضي نحو الانحدار إلى الهاوية.
.............
العالم لا يصغر أمام رجل صفقات تجارية اعتاد على دواليب القمار والحظ، وإن كانت الدول الكبرى تراقب بصمت، فإنها لن تسمح لمثل هذا الانحطاط أن يسود، ولن يطول صمتها أمام هذا العبث بالمصير الدولي.
شارك برأيك
ترامب.. سياسة الفوضى