Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأربعاء 26 فبراير 2025 8:40 صباحًا - بتوقيت القدس

لعنة غزة تطاردهم ..إدارة في قفص الاتهام

رام الله - خاص ب "القدس" دوت كوم



د. رائد أبو بدوية: المطالبات بالتحقيق مع بايدن ورموز إدارته لا تحمل أثراً قانونياً فعلياً وإنما تلفت النظر لإمكانية التحقيق معهم مستقبلاً

نعمان عابد: ترمب لن يسمح بملاحقة بايدن قضائياً لأن ذلك سابقة خطيرة قد تُستخدم مستقبلاً ضده أو ضد رؤساء آخرين

د. حسين الديك: إدارة ترمب رغم العداء السياسي مع بايدن لن تتخلى عنه بل ستواصل محاربة المحكمة وفرض العقوبات عليها

د. حسن أيوب: الحديث عن إمكانية التحقيق أو إصدار مذكرات اعتقال دولية ضغط سياسي ورمزي كبير على الإدارة الأمريكية

سليمان بشارات: ترمب سيحاول استغلال التحركات القانونية ضد بايدن كورقة ضغط ضد الديمقراطيين لكنه لن يسمح بتطورها لمحاكمة

د. سعد نمر: التحركات القانونية وإن لم تؤدِ لتحقيق فوري تمثل تحذيراً مهماً للدول الكبرى بأن الجرائم التي تُرتكب  لن تمر دون مساءلة



تثير مطالبة منظمة "الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن"، المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن وكبار مسؤولي إدارته، بمن فيهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، على خلفية حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، الجدل بشأن إمكانية محاسبتهم مستقبلاً كمجرمي حرب.

ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع "ے" أن هذه المطالبات، رغم أنها لا تحمل أثراً قانونياً مباشراً، فإنها تسلط الضوء على مسؤولية واشنطن في تمكين إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.

ويؤكدون أن قديم المعلومات القانونية للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد يسهم في دفع المحكمة لمواصلة التحقيقات بشأن الأوضاع في فلسطين، ما يزيد الضغوط السياسية على الإدارة الأمريكية.

وفي الوقت الذي يستبعد فيه المحللون والمختصون وأساتذة الجامعات إمكانية محاكمة بايدن أو مسؤولين أمريكيين آخرين، فإن هذه التحركات تحمل دلالات رمزية وسياسية مهمة، إذ تعزز الجهود لمساءلة إسرائيل وحلفائها أمام الرأي العام الدولي. 

وبينما يهاجم الجمهوريون سياسات بايدن، فإن الكتاب والمحللين والمختصين وأستاذة الجامعات يرون أن الجمهوريين لا يدعمون التحقيقات مع إدارة بايدن، خوفاً من أن تؤدي إلى محاكمات مماثلة قد تطال مسؤولين جمهوريين في المستقبل بمن فيهم ترمب.


لفت نظر من المحكمة الجنائية الدولية 


يؤكد أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية، د.رائد أبو بدوية، أن المطالبات الحقوقية بالتحقيق مع الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، فيما يتعلق بدعم إسرائيل عسكرياً خلال الحرب على غزة، لا تحمل أثراً قانونياً فعلياً، وإنما تندرج في إطار لفت النظر للمحكمة الجنائية الدولية إلى إمكانية التحقيق معهم مستقبلاً.

ويوضح أبو بدوية أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفي 17 شباط/ نوفمبر 2023، أعلن استعداده لتلقي أي معلومات تتعلق بالتحقيق الذي يجريه بشأن الأوضاع في فلسطين، ما يفتح الباب أمام المنظمات الحقوقية والأفراد لتقديم معلومات ذات صلة، دون أن يعني ذلك تقديم شكاوى رسمية ضد شخصيات أمريكية محددة، لأن من يتقدم بالشكاوى الرسمية هي الدول.

ويشدد أبو بدوية على أن المحكمة الجنائية الدولية لا تقبل طلبات تحقيق رسمية إلا من الدول الأعضاء فيها، أو من مجلس الأمن الدولي، أو من المدعي العام نفسه بناءً على تحقيقاته الخاصة، وبالتالي، فإن ما تقدمه المؤسسات الحقوقية من معلومات لا يشكل طلب تحقيق رسمياً، وإنما قد يساعد في توجيه مسار التحقيقات.

ويشير أبو بدوية إلى أن هذه المطالبات القانونية في الولايات المتحدة لن تؤدي إلى نتائج مباشرة، نظراً لأن القضاء الأمريكي نفسه لا يسمح بمحاكمة المواطنين الأمريكيين أمام محاكم أجنبية، فالولايات المتحدة، باعتبارها قوة مهيمنة، ترفض إخضاع مسؤوليها أو مواطنيها لأي قضاء دولي، في حين تمنح نفسها الحق في ملاحقة أفراد خارج أراضيها واعتقالهم إذا ارتكبوا جرائم ضد الأمريكيين.



توقع تصعيد ترمب هجومه على "الجنائية"


ويتوقع أبو بدوية أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بتصعيد هجومه على المحكمة الجنائية الدولية، رغم خصومته السياسية مع بايدن، حيث إن موقف ترمب لا ينبع من الدفاع عن بايدن، وإنما من موقف أمريكي مبدئي يرفض الاعتراف بسلطة المحكمة الجنائية الدولية على المسؤولين الأمريكيين.

ويعتقد أبو بدوية أن الولايات المتحدة تبنّت تاريخياً سياسة حماية مسؤوليها وجنودها من أي محاكمات دولية، حتى في قضايا موثقة تتعلق بجرائم حرب، كما حدث في أفغانستان والعراق، وبالتالي، فإن أي تحرك قانوني ضد مسؤولين أمريكيين فيما يتعلق بالحرب على غزة، سيواجه بمعارضة شديدة من مختلف الأوساط السياسية الأمريكية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية.

ويرى أبو بدوية أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية مباشرة في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، نظراً لدورها في تقديم الدعم العسكري والغطاء السياسي الكامل لإسرائيل. 

ويوضح أبو بدوية أن محكمة العدل الدولية قد تكون ساحة قانونية أكثر فاعلية لمحاسبة الولايات المتحدة، نظراً لأنها تختص بفض النزاعات بين الدول، على عكس المحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم الأفراد المتهمين بجرائم دولية.

لكن التحدي الأبرز، وفقاً لأبو بدوية، هو مدى استعداد أي دولة لتقديم شكوى رسمية ضد الولايات المتحدة أمام محكمة العدل الدولية، نظراً لما قد يترتب على ذلك من ضغوط سياسية واقتصادية قد تمارسها واشنطن ضدها.

ويؤكد أبو بدوية أن التحركات الحقوقية، رغم محدودية أثرها القانوني المباشر أمام المحكمة الجنائية الدولية، تساهم في إبقاء القضية حية على المستوى الدولي، وهو ما قد يزيد من الضغوط السياسية على الإدارة الأمريكية في المستقبل.


إدارة بايدن شريك فعلي في الجرائم الإسرائيلية


يوضح الكاتب والمحلل السياسي والمختص في العلاقات الدولية، نعمان عابد، أن الإدارة الأمريكية السابقة، برئاسة جو بايدن، تتحمل مسؤولية مباشرة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، مشدداً على أن الولايات المتحدة ليست مجرد داعم سياسي وعسكري لإسرائيل، بل شريك فعلي في هذه الجرائم.

ويؤكد عابد أن الرئيس بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ووزير دفاعه لويد أوستن، وباقي أركان الإدارة الأمريكية، شاركوا بطرق مختلفة في دعم العدوان الإسرائيلي، سواء عبر التصريحات العلنية التي منحت إسرائيل غطاءً سياسياً كاملاً، أو من خلال تقديم الأسلحة والذخائر التي تستخدمها قوات الاحتلال في حربها على الفلسطينيين.

ويشير عابد إلى أن إدارة بايدن لم تكتفِ بالدعم العسكري والمالي، بل انخرطت بشكل مباشر في إدارة الحرب، حيث زار بايدن إسرائيل في الأيام الأولى للعدوان، وكرر بلينكن زياراته إليها، مؤكداً في كل مرة التزام الولايات المتحدة المطلق بدعم إسرائيل. 

ويلفت عابد إلى أن بلينكن لعب دوراً محورياً في تبرير العدوان الإسرائيلي، سواء على المستوى الدولي أو داخل الولايات المتحدة، حيث سعى إلى تضليل الرأي العام عبر الترويج لخطاب "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، متجاهلاً الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.


واشنطن قدمت للاحتلال جسراً جوياً عسكرياً ضخماً


ويوضح عابد أن واشنطن قدمت لإسرائيل جسراً جوياً عسكرياً ضخماً، زوّدها بالقنابل والصواريخ والمعدات العسكرية التي استُخدمت بشكل مباشر في قصف المدنيين في غزة، مشيراً إلى مشاركة خبراء عسكريين أمريكيين في غرف العمليات الإسرائيلية، مما يجعل الولايات المتحدة شريكاً مباشراً في التخطيط والتنفيذ لهذا العدوان.

ويلفت عابد إلى أن عدة جهات حقوقية دولية تسعى لدفع المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع بايدن وبلينكن وأوستن بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تماماً كما تتم ملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار القادة العسكريين الإسرائيليين. 

ويعتقد عابد أن الولايات المتحدة عملت على تعطيل أي جهود دولية لمحاسبة إسرائيل، سواء عبر استخدام الفيتو في مجلس الأمن، أو عبر الضغط على حلفائها الأوروبيين لمنع أي تحركات قانونية ضد تل أبيب.

وينبه عابد إلى أن الإدارة الأمريكية لم تكتفِ بدعم إسرائيل خارجياً، بل قامت بقمع أي أصوات معارضة داخل الولايات المتحدة نفسها، فقد شهدت الأشهر الماضية، تصعيداً في استهداف الحركات الطلابية في الجامعات الأمريكية، ومعاقبة المؤسسات والمنظمات الحقوقية التي انتقدت الدعم الأمريكي لإسرائيل، ما يعكس تناقضاً صارخاً بين الخطاب الأمريكي حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبين ممارساتها على أرض الواقع.

وعلى الرغم من العداء السياسي القائم بين الرئيس دونالد ترمب والإدارة الديمقراطية الحالية، فإن عابد يستبعد أن يسمح ترمب أو الجمهوريون بملاحقة بايدن قضائياً، حيث أن السبب ليس دفاعاً عن بايدن، بل لأن فتح تحقيق جنائي دولي ضد إدارة أمريكية سابقة سيمثل سابقة خطيرة قد تُستخدم مستقبلاً ضد ترمب نفسه أو أي رئيس أمريكي آخر.


ترمب قد يكون عرضة للتحقيقات إذا سمح بها


ويشير عابد إلى أن ترمب، رغم انتقاداته الشديدة لسياسات بايدن، لطالما أظهر عداءً شديداً للمحكمة الجنائية الدولية، وهاجمها في عدة مناسبات، كما أن تصريحاته خلال فترته الرئاسية لطالما تضمنت تحريضاً على جرائم الحرب ودعماً غير مشروط لإسرائيل، ما يجعله عرضة لمثل هذه التحقيقات إذا سُمح بها ضد بايدن.

ويعتقد عابد أن السياسات العدوانية التي تتبعها الولايات المتحدة في دعم الحروب والإبادة الجماعية قد تؤدي إلى تآكل مكانتها العالمية. 

ويشير عابد إلى أن المنظمات الحقوقية داخل أمريكا وخارجها بدأت تستشعر خطورة هذا التوجه، حيث أن واشنطن لم تعد فقط قوة مهيمنة دولياً، بل باتت تُنظر إليها كدولة تمارس "البلطجة" الدولية وتتخلى عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تدّعي الدفاع عنها.


تطور غير مسبوق من الناحيتين الرمزية والقانونية


يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي، د.حسين الديك، أن مطالبة منظمة الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن، وهي منظمة حقوقية أمريكية غير حكومية، المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ووزير دفاعه لويد أوستن، يعد تطوراً غير مسبوق من الناحيتين الرمزية والقانونية. 

ويوضح الديك أن هذه المطالبة تستند إلى اتفاقية روما لعام 1998 التي تمثل الإطار القانوني للمحكمة، والتي تتيح للمنظمات الحقوقية تقديم معلومات قانونية إلى المدعي العام، الذي يقرر ما إذا كان هناك أساس قانوني لفتح تحقيق رسمي.

ويؤكد الديك أن الدعم السياسي والعسكري الذي قدمته إدارة بايدن لإسرائيل خلال العدوان على غزة، والذي تضمن إمدادات عسكرية مستمرة، قد يندرج ضمن الجرائم التي تقع في اختصاص المحكمة، لا سيما أن اتفاقية روما تنص على أن أي شخص يحرض أو يساعد أو يدعم الجرائم الدولية يمكن أن يكون عرضة للتحقيق والمساءلة.

ويلفت إلى أن هذه المطالبات تثير أسئلة قانونية وإجرائية حول مدى إمكانية ملاحقة مسؤولين أمريكيين، خاصة مع عدم انضمام الولايات المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومع التحديات المرتبطة بإثبات الجرائم والربط المباشر بين الدعم الأمريكي والجرائم المرتكبة على الأرض.

ورغم أهمية هذه الخطوة، يرى الديك أن العقوبات والضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة على المحكمة الجنائية الدولية قد تعيق التحقيق، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترمب في ولايته الأولى فرضت عقوبات على المحكمة في عهد المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا، ما أدى إلى وقف التحقيق في الجرائم الأمريكية في أفغانستان.

ويوضح الديك أن المحكمة، منذ دخولها حيز التنفيذ في عام 2002، ناقشت 42 قضية، كان 39 منها ضد قادة ودول أفريقية، ما يعزز الاعتقاد بأنها تستهدف الدول الضعيفة وتتجنب مقاضاة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.


واشنطن سترفض أي تعاون مع "الجنائية الدولية"


ويعتقد الديك أن واشنطن سترفض أي تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، مستندة إلى أن الولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة، وأن الجرائم لم تقع على أراضيها، وأن قواتها لم تشارك مباشرة في الجرائم المزعومة. 

ويؤكد الديك أن إدارة ترمب، رغم العداء السياسي مع بايدن، لن تتخلى عن حماية الإدارة السابقة، بل ستواصل محاربة المحكمة وفرض العقوبات عليها، انطلاقاً من موقفها المبدئي الرافض لعمل المحكمة.

ويرى الديك أن هذه المطالبات، رغم أهميتها الرمزية، لن تتحول إلى محاكمة فعلية، نظراً للعقبات القانونية والسياسية، إضافة إلى الضغوط التي قد تمارسها الولايات المتحدة على المحكمة لمنع المضي قدماً في التحقيق.

ويؤكد الديك أن المحكمة سبق أن تلقت شكاوى بشأن جرائم ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وكذلك شكاوى تتعلق بالقضية الفلسطينية منذ عام 2021، إلا أنها لم تحرز تقدماً فعلياً بسبب الضغوط السياسية، ما يعكس الصعوبات التي تواجهها المحكمة في التعامل مع القوى الكبرى.

ويرى الديك أن تلك المطالبة من المنظمة الحقوقية بشأن التحقيق مع إدارة بايدن ستبقى ذات طابع رمزي ومعنوي أكثر منها خطوة قانونية عملية، مؤكداً أن المحكمة، رغم امتلاكها الأساس القانوني للنظر في التحقيق، ستواجه تحديات كبيرة في المضي قدماً بإجراءات التحقيق أو إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين أمريكيين.


تعقيدات تَحُول دون محاسبة الإدارة الأمريكية


يوضح أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الأمريكي، د.حسن أيوب، أن هناك تعقيدات قانونية وسياسية كبيرة تحول دون محاسبة الإدارة الأمريكية، سواء أمام القضاء الأمريكي أو المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية دعمها العسكري لإسرائيل خلال الحرب الأخيرة على غزة، وما قد يترتب على ذلك من شبهات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.

ويشير أيوب إلى أن سابقة قانونية حدثت العام الماضي في ولاية كاليفورنيا، عندما تم رفع دعوى قضائية تهدف إلى إلزام إدارة بايدن بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة أو تقديم أي دعم لها في مجلس الأمن الدولي، لكن القضاء الأمريكي رفض القضية بحجة عدم اختصاص المحكمة، رغم أن القاضي الذي نظر في الدعوى وجّه انتقادات واضحة للإدارة الأمريكية، مؤكداً أنه كان يجب عليها الامتناع عن المساهمة في ما وصفته محكمة العدل الدولية بشبهة واضحة بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

ويلفت أيوب إلى أن الإدارة الأمريكية تتحايل على القوانين المحلية لتجنب القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة، وتحديداً ما يعرف باسم "قانون ليهي"، الذي يلزم الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة بالالتزام بالقانون الدولي. 

ويوضح أيوب أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، أنتوني بلينكن، هو المسؤول عن التلاعب بهذه القوانين، من خلال استثناء إسرائيل من تطبيق قانون ليهي، ما يسمح لها بالحصول على الدعم العسكري دون قيود قانونية حقيقية.

ويشير أيوب إلى أن هذه القضية، رغم بعدها القانوني، تحمل أيضاً أهمية سياسية كبرى، إذ أن الجهات التي تطالب حاليا بالتحقيق مع إدارة بايدن تدرك تماماً أن المؤسسة الأمريكية لن تسمح أبداً بأن يخضع رئيس أمريكي سابق أو مسؤولون أمريكيون لتحقيق دولي، لكن مجرد بقاء القضية مفتوحة أمام المحكمة الجنائية الدولية، والحديث عن إمكانية التحقيق او إصدار مذكرات اعتقال دولية، يمثل ضغطاً سياسياً ورمزياً كبيراً على الإدارة الأمريكية.

ويرى أن الحزب الجمهوري، وعلى رأسه ترمب، يستغل هذه القضايا لتقويض "الشرعية الأخلاقية" للحزب الديمقراطي، عبر الإشارة إلى التناقضات في سياساته الخارجية، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان والتدخلات العسكرية. 

ويشير أيوب إلى أن قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لا يتم تنفيذها تلقائياً، بل تحتاج إلى ضغط سياسي وإعلامي مستمر، وهذه المنظمات الحقوقية الدولية تلعب دوراً رئيسياً في إبقاء هذه القضايا حية، في حين أن الجهود العربية تكاد تكون غائبة تماماً، مما يسمح للإدارة الأمريكية والإسرائيلية بتجاوز الضغوط القانونية دون عواقب فعلية.

وحول إمكانية وصول هذه القضية إلى محاكمات فعلية لمسؤولين أمريكيين، يستبعد أيوب ذلك تماماً، مشيراً إلى أن المؤسسة الأمريكية، بما في ذلك "الدولة العميقة"، لن تسمح أبداً بخلق سابقة قانونية قد تؤدي إلى محاكمة مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى مستقبلاً. 

ويعتقد أيوب أن الولايات المتحدة، التي حاربت بشدة أي تحقيقات دولية في جرائم الحرب التي ارتكبها جنودها وضباطها في أفغانستان، ستتخذ موقفاً أكثر تشدداً إذا تعلق الأمر بمحاكمة رئيس سابق أو مسؤولين في أعلى المناصب.


التحقيق لن يؤدي إلى مذكرات توقيف


ويؤكد أيوب أن كل ما يجري حالياً هو مجرد مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق حول مسؤولية بايدن وبلينكن وأوستن عن دعم إسرائيل عسكرياً، لكن هذا التحقيق، حتى لو تم قبوله، لن يؤدي إلى مذكرات توقيف، ومع ذلك، فإن استمرار إثارة القضية على المستوى القانوني قد يسبب ضرراً سياسياً طويل الأمد للحزب الديمقراطي، وقد يؤدي إلى تراجع ثقة الجمهور الأمريكي والدولي في سياسات بايدن الخارجية.

ويرى أيوب هذه القضية تعكس خطورة التوجهات الجديدة للإدارة الأمريكية، التي تتجه نحو المزيد من العنف والتجاهل للقانون الدولي، وهو ما قد يترتب عليه تأثيرات كارثية على الديمقراطية الأمريكية وعلى الاستقرار العالمي.


جرائم الإبادة ستظل تلاحق المسؤولين الأمريكيين


يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما ارتكبته من إبادة جماعية ضد المدنيين العزل ستظل تطارد جميع المسؤولين الأمريكيين الذين وفروا لإسرائيل الغطاء السياسي والدعم العسكري والتبريرات القانونية لشن هذا العدوان الوحشي.

ويوضح بشارات أن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن أظهرت وقاحة غير مسبوقة في دعمها المطلق للعدوان الإسرائيلي، متجاهلة كل القيم والمبادئ التي تدعي الدفاع عنها، ما يجعلها مسؤولة بشكل مباشر عن جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي وقعت في غزة. 

ويشير بشارات إلى أن هذه الجرائم لن تُمحى بمرور الزمن، بل ستظل قضية قانونية وأخلاقية تلاحق القادة الأمريكيين والإسرائيليين أمام الضمير العالمي والمؤسسات الحقوقية الدولية.

ويوضح بشارات أن التحركات الحقوقية لمساءلة إدارة بايدن والقيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية تأتي ضمن مسؤوليات المؤسسات الحقوقية الدولية في حماية المبادئ الإنسانية، مشيراً إلى أن هذه التحركات ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة، إذ يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الضغوط والمطالبات القانونية ضد المسؤولين عن المجازر التي ارتكبت في غزة.

ويؤكد بشارات أن غياب الملاحقة القانونية الجادة لهذه القيادات سيجعل القانون الدولي والعدالة الإنسانية في اختبار حقيقي، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي أمام مفترق طرق: إما أن يثبت التزامه بمبادئ حقوق الإنسان والقوانين الدولية، أو أن يظل رهينة المصالح السياسية للقوى الكبرى.

ويؤكد بشارات أن هناك أهمية بالغة في إصدار إدانات رسمية بحق المسؤولين عن هذه الجرائم، حتى لو لم يتم تطبيق العقوبات فعلياً، لأن التجريم بحد ذاته يعد انتصاراً للعدالة الإنسانية وإدانة واضحة للإجرام الأمريكي والإسرائيلي. 

ويشدد بشارات على أن القانون الدولي قائم على مبدأ التراكمية، وأن الجرائم المرتكبة لن تسقط بالتقادم، بل ستظل تهديداً قانونياً يلاحق القادة المتورطين بها في أي وقت.

ويشير إلى أن نجاح تنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية الأخيرة، التي أصدرت مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت، مرهون بوجود إرادة سياسية دولية لتنفيذها، محذراً من أن هذه القرارات قد تبقى مجرد وثائق داخل الأدراج ما لم يتم فرضها بقوة القانون.

ويلفت بشارات إلى أن أحد التحديات الأساسية التي تواجه هذه التحركات القانونية هو غياب الضغط السياسي اللازم لتنفيذ القرارات القضائية ضد إسرائيل وحلفائها، خصوصاً الولايات المتحدة، التي تمتلك نفوذاً واسعاً داخل المؤسسات الدولية.


اهتزاز كبير لصورتَي الولايات المتحدة وإسرائيل


ويؤكد بشارات أن هذه التحركات القانونية ساهمت في إحداث اهتزاز كبير لصورتَي الولايات المتحدة وإسرائيل على المستوى الدولي، حيث بات واضحاً أن المجتمع الدولي لم يعد يبتلع الرواية الأمريكية والإسرائيلية التي تروج لهما على أنهما رمزان للديمقراطية وحقوق الإنسان.

ويرى بشارات أن هذا الانكشاف يعد تحولاً مهماً يجب البناء عليه سياسياً وإعلامياً، لأنه يؤكد أن العالم لم يعد يقبل الرواية الغربية المتحيزة لإسرائيل، وأن هناك وعياً متزايداً بحقيقة الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.

وعلى الرغم من العداء السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين، يستبعد بشارات أن تسمح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأي ملاحقات قانونية جدية ضد بايدن وإدارته. 

ويوضح بشارات أن هذا لا يعود إلى دفاع ترمب عن بايدن، بل لأن أي تحقيق ضد بايدن قد يفتح الباب لمحاسبة رؤساء أمريكيين آخرين، بمن فيهم ترمب نفسه، الذي دعم إسرائيل بشدة خلال فترة حكمه السابقة وحتى الحالية، واتخذ قرارات منحازة بشكل كامل للاحتلال.

ويؤكد بشارات أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت وما زالت متواطئة في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فإن ترمب سيحاول استغلال هذه التحركات القانونية ضد بايدن كورقة ضغط سياسية في معركته ضد الديمقراطيين، لكنه لن يسمح لها بالتطور إلى محاكمة فعلية.


فتح الباب لمساءلة أمريكا ودول أُخرى متحالفة معها


يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، د.سعد نمر، أن مطالبة منظمة "داون" المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن بشأن دعمهما غير المباشر لجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة على قطاع غزة، يحمل أهمية كبيرة، وقد يفتح الباب لمساءلة الولايات المتحدة ودول أخرى متحالفة معها أمام المحكمة الدولية.

ويوضح نمر أن الدعم الأمريكي لإسرائيل خلال الحرب على غزة لم يقتصر فقط على تسليم الأسلحة والذخائر، بل شمل أيضاً تعطيل قرارات مجلس الأمن الداعية لوقف إطلاق النار عبر استخدام "الفيتو"، ما جعل واشنطن شريكاً في الجرائم التي ارتُكبت ضد الفلسطينيين. 

ويشير نمر إلى تقارير أمريكية تفيد بأن الذخائر التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل قد استُخدمت بكثافة في عمليات القصف التي أوقعت آلاف الضحايا المدنيين.


تطورات تضع واشنطن في موقف حساس للغاية


ويلفت نمر إلى أن هذه التطورات تضع الولايات المتحدة في موقف حساس للغاية، حيث يمكن أن يؤدي هذا الضغط القانوني إلى تداعيات سياسية وقضائية مستقبلية، خاصة إذا تم فتح تحقيق رسمي في هذا الشأن. 

ويوضح نمر أن المحكمة الجنائية الدولية قد تنظر أيضاً في مساءلة دول أخرى، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التي قدمت دعماً عسكرياً أو سياسياً لإسرائيل خلال فترة الحرب.

ورغم أهمية هذه المطالب، يعتقد نمر أن الولايات المتحدة ستسعى لمنع أي تحقيق دولي ضد مسؤوليها، مشيراً إلى أن واشنطن لطالما تبنت موقفاً معادياً للمحكمة الجنائية الدولية، إذ سبق أن فرضت عقوبات على قضاتها ومنعتهم من دخول أراضيها في إطار منع أي مساءلة قانونية ضد مسؤوليها العسكريين أو السياسيين.

ويؤكد نمر أن إدارة بايدن ليست الوحيدة التي ستواجه هذه التحديات، بل إن إدارة الرئيس دونالد ترمب سوف تتخذ موقفاً أكثر صرامة في التصدي لأي تحرك قضائي دولي ضد مسؤولين أمريكيين. 

ويوضح نمر أن ترمب، المعروف بدعمه غير المشروط لإسرائيل، قد يخشى أن تؤدي مثل هذه السابقة القانونية إلى استدعاء شخصيات في إدارته.

ويؤكد نمر أن الولايات المتحدة ترى أن قادتها العسكريين والسياسيين يتمتعون بحصانة تامة ضد أي محاكمة دولية، وهو الموقف نفسه الذي تتبناه إسرائيل، إلا أن توجيه المحكمة الجنائية الدولية اتهامات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، يثبت أن أي مسؤول، مهما كان منصبه، قد يكون عرضة للمساءلة القانونية الدولية.

ويشدد نمر على أن واشنطن ستكثف ضغوطها على المحكمة الجنائية الدولية لمنع فتح أي تحقيق رسمي، متوقعاً أن تلجأ إلى فرض مزيد من العقوبات أو استخدام نفوذها السياسي والاقتصادي لحماية مسؤوليها. 

ويرجح نمر أن تواصل الولايات المتحدة دعم إسرائيل دبلوماسياً وعسكرياً لمنع أي تداعيات قانونية قد تؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين.

ويؤكد نمر أن هذه التحركات القانونية، حتى وإن لم تؤدِ إلى تحقيق فوري، فإنها تمثل تحذيراً مهماً للدول الكبرى، مفاده أن الجرائم التي تُرتكب خلال الحروب لن تمر دون مساءلة، وأن المحكمة الجنائية الدولية قد تصبح مستقبلاً ساحة لمحاسبة حتى أقوى الدول، بما فيها الولايات المتحدة وحلفائها.

دلالات

شارك برأيك

لعنة غزة تطاردهم ..إدارة في قفص الاتهام

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 26 فبراير 2025 8:58 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.59

شراء 3.58

دينار / شيكل

بيع 5.05

شراء 5.03

يورو / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.75

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 711)