أقلام وأراء
الإثنين 24 فبراير 2025 9:56 صباحًا - بتوقيت القدس
أمريكا وإسرائيل .. إعادة هيكلة مسار تصفية القضية الفلسطينية

منذ أن طرح اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش خطته للحسم عام 2017، التي تضمنت إجبار الفلسطينيين على العيش كأفراد بلا حقوق وطنية، أو الرحيل، أو الخضوع للقمع الدموي، باتت هذه السياسات تُطبق بوحشية متزايدة، حتى وصل الأمر اليوم إلى تصعيد غير مسبوق في عمليات القتل والتهجير. ولم يعد الاحتلال الإسرائيلي يترك للفلسطينيين سوى خيارين: الموت أو التهجير، فهذه هي العقيدة الدموية التي تُنفذ اليوم على أرض الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، حيث تستكمل إسرائيل مخطط اقتلاع الوجود الفلسطيني من جذوره.
في إطار هذه الاستراتيجية، تعمل إسرائيل على تنفيذ خطة ممنهجة للعام 2025، تستهدف هدم ما يبنيه الفلسطينيون في الضفة الغربية بوتيرة أسرع مما يمكنهم إعادة بنائه، بهدف خلق واقع يجعل الحياة مستحيلة. ويتجلّى الدعم الأمريكي لهذه السياسات بوضوح من خلال تسليم الاحتلال شحنة ضخمة تضم 1800 قنبلة من طراز MK-84، يزن كل منها طناً واحداً، ما يعكس نية مواصلة العدوان بأشد الأسلحة فتكاً.
ولم يقتصر الدعم الأمريكي على التسليح، بل امتد إلى إحياء مشاريع التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، في تحول خطير من سياسة إدارة الصراع إلى حسمه نهائياً لصالح إسرائيل، بعد عقود من استخدام الزمن كأداة للمراوغة واغتصاب المزيد من الأرض على حساب الحقوق الفلسطينية.
رغم إعلان وقف إطلاق النار في غزة، لا تزال الجرائم متواصلة، حيث يتعمد جنود الاحتلال إطلاق الذخيرة الحية بشكل عشوائي على المناطق السكنية والخيام التي تأوي النازحين، وكأن الأمر بات مجرد تسلية لهم، في وقت تستمر فيه جرافات الاحتلال في الضفة الغربية، خاصة في مخيم جنين، بهدم المنازل وفتح الطرق العسكرية، ضمن خطة تهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتقويض أي إمكانية للصمود، وأي مظهر للتمسّك بحق العودة .الذي يشكّل أحد التوابع المركزية لحق تقرير المصير. ومع ذلك، لا تزال الضفة ومخيماتها تواصل صمودها، وترفض الاستسلام رغم الدمار، ليؤكد الفلسطينيون من جديد أن الأرض لا تُترك، وأن الدم لا يُساوم عليه .
في ظل الجرائم الإسرائيلية المستمرة، تبرز محاولات جديدة تهدف إلى إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية، كان آخرها ما يُسمى بـ "المؤتمر الوطني" الذي انعقد في العاصمة القطرية الدوحة، والذي يسعى لتنفيذ أجندات خارجية تعمق الانقسام الفلسطيني. حيث أن الحل الحقيقي يكمن في الإصلاح من داخل منظمة التحرير الفلسطينية، مع تعزيز الوعي الوطني السياسي لوضع استراتيجيات واقعية قابلة للتحقيق، بما يعيد بناء المشروع الوطني الفلسطيني الشامل، القائم على احترام التعددية الفكرية وضمان عدم فرض رؤية واحدة على الشعب الفلسطيني.
تعتبر القمة العربية الطارئة في 4 مارس 2025 فرصة حاسمة لإعادة تقييم دور جامعة الدول العربية في التصدي للتحديات الإقليمية والدولية، خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وإذا ما تمكنت الدول العربية من توحيد مواقفها واتخاذ قرارات فعّالة، فإن ذلك قد يمثل نقطة تحول نحو تعزيز القدرة العربية على التأثير في مجريات الأحداث على الصعيدين السياسي والدبلوماسي. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو قدرة الدول العربية على تجاوز التباين في مصالحها الداخلية، وهو ما يتطلب رؤية جديدة وشجاعة جماعية للعمل على تحقيق مصالح الأمة ومواجهة التدخلات الأجنبية ومحاولات تغيير موازين القوى في المنطقة.
ما يحدث اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو جزء من استراتيجية مبرمجة لتصفية القضية الفلسطينية عبر إبادة الشعب الفلسطيني أو تهجيره قسراً. وتشارك الولايات المتحدة، التي طالما استفادت من إشعال الحروب لتعزيز مصالحها الاقتصادية والعسكرية، بشكل رئيسي في هذه المخططات عبر دعمها المستمر لإسرائيل، مما يتيح لها ارتكاب المجازر دون انتقادات حقيقية أو إجراءات فعلية رادعة من الغرب والمجتمع الدولي عموماً. وقد جاءت عملية السابع من أكتوبر في سياق صراع طويل مع الاحتلال، واستُغلّت لإشعال هستيريا ضد الفلسطينيين، تماماً كما جرى استغلال أحداث 11 سبتمبر لتبرير الحروب في المنطقة.
في الختام، يظل الصمود الخيار الوحيد لمواجهة محاولات محو الوجود الفلسطيني، وتعزيز الوحدة الوطنية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية يشكل الأساس لبناء استراتيجية شاملة تهدف إلى تثبيت وحماية الحقوق الفلسطينية. ويظل الوعي السياسي الشعبي والتضامن العربي والدولي من العوامل الأساسية في مواجهة التوحّش الأمريكي – الإسرائيلي، ورغم التحديات الكبيرة، يبقى الشعب الفلسطيني ثابتاً في مواقفه، مصمماً على الدفاع عن أرضه وحقوقه حتى نيل الحرية والانعتاق الكامل من الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
تبادل من دون تفاؤل
حديث القدس
البرد يقتل الأطفال موتًا ويقتلنا عجزًا
بهاء رحال
بعد فشل مسار التسوية السياسية.. ماذا بعد؟
مروان إميل طوباسي
الهجمة الإسرائيلية على شمال الضفة.. أهداف أمنية وعسكرية وسياسية ونفسية
راسم عبيدات
مثقفون في وجه التغيير
تأييد زهير دبعي
إسرائيل تواصل دوامة العنف والدماء!
حديث القدس
المنطلقات الدينية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية
د. عمر رحال
معادلة... الأقرب للأخرق التخبط فالسقوط لا الاختراق فالصعود
حمدي فراج
ترمب سيف إسرائيل الحديدي
د. عقل صلاح
بوسة الرأس الحضارية
حمادة فراعنة
لسعة البرد القاتلة!
ابراهيم ملحم
استهداف المسجد الأقصى.. اعتداء على أمة بأكملها
حديث القدس
ترمب 2025.. ملامح الرئاسة الثانية
جيمس زغبي
حرب طاحنة بين ترمب وموظفي الوكالات الفدرالية
حسين الديك
ومع ذلك سيرضخ نتنياهو
حمادة فراعنة
الطريق لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة
جمال زقوت
عند مفترق الطرق
غيرشون باسكين
عربدة إسرائيلية لم يسبق لها مثيل
حديث القدس
جنين مجددًا
بهاء رحال
لوم الضحية واستلابها
د. أحمد رفيق عوض
الأكثر تعليقاً
ساعر: يجب نزع السلاح بالكامل من قطاع غزة واستسلام حركتي حماس والجهاد

الشرع يصل الأردن في ثالث زيارة خارجية
رئيس أركان جيش الاحتلال: فكرنا في قصف جنازة نصر الله
قبلة الرأس التي أفاضت الكأس!
دانيل ليفي: نحتاج 300 ساعة صمت حدادا على 18 ألف طفل قتلتهم إسرائيل بغزة
تعليمات لموظفي لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس باعتماد مصطلح يهودا والسامرة

السعودية: مستمرون بتعزيز الدبلوماسية الإنسانية لحل النزاعات الدولية
الأكثر قراءة
حماس تستعد لمعركة جديدة مع إسرائيل
ساعر: يجب نزع السلاح بالكامل من قطاع غزة واستسلام حركتي حماس والجهاد

ترامب يؤيد قرار نتنياهو تأجيل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين
الاحتلال يضع أربعة شروط جديدة للانتقال للمرحلة الثانية من الهدنة في غزة

نتنياهو : سنمنح الغزيين خيار الهجرة وسنبقى في مدن الضفة وسوريا ونشكر ترمب
نائب الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين في غزة.. وحماس ترد

لابيد يقترح أن تتولى مصر إدارة غزة 15 عاما مقابل إسقاط ديونها


أسعار العملات
الخميس 27 فبراير 2025 9:15 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.56
شراء 3.55
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
يورو / شيكل
بيع 3.72
شراء 3.7
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 721)
شارك برأيك
أمريكا وإسرائيل .. إعادة هيكلة مسار تصفية القضية الفلسطينية