Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 21 فبراير 2025 9:51 صباحًا - بتوقيت القدس

واشنطن والخطة العربية لغزة.. بين إعادة الإعمار وإعادة الترتيب السياسي

شهدت الرياض جولات من المفاوضات الروسية الأمريكية، حيث تناولت قضايا عدة في المنطقة، بما في ذلك الوضع في غزة، والقضية الفلسطينية بشكل عام، وفق مصادر صحفية. هذه المفاوضات جاءت في وقت حساس، حيث تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، وتوجيه رسائل محددة للولايات المتحدة حول إعادة ترتيب المنطقة. ورغم تباين مواقف القوى الكبرى، فإن هذه اللقاءات قد يكون لها تأثير مباشر على كيفية تعامل واشنطن مع المقترحات العربية بشأن غزة، وتفتح المجال لفرص تفاوضية جديدة قد تضع في الاعتبار مصالح الأطراف المختلفة في المنطقة.


ورغم دعم الاتحاد الأوروبي العلني واللفظي لحل الدولتين، فإن مواقفه غالباً ما تفتقر إلى الإجراءات العملية حول ذلك في ظل استمرار مجلس الشراكة مع إسرائيل. في ما يخص خطة ترامب في غزة، لم يُظهر الاتحاد الأوروبي أي تحرك جاد ضدها، بل اتسم موقفه بالتردد في دعم الخطة العربية، ما يعكس تراجع دوره بسبب محاولات ترامب لتهميشه، كما برز في مؤتمر ميونيخ الأخير.


ورغم مشاركة منظمة التحرير في القمة العربية بالقاهرة الأسبوع المقبل، إلا أنها  مغيبة عن الحضور في قمة عربية مصغرة تشارك فيها ثماني دول تعقد يوم الجمعة، في خطوة تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد السياسي في غزة، وذلك قبل القمة العربية بالقاهرة الأسبوع المقبل. وتأتي هذه المبادرة ضمن محاولات إعادة الإعمار، لكنها في الوقت ذاته تحمل أبعاداً استراتيجية لا يجب أن تتقاطع مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى تقبل واشنطن لهذا المخطط في حال التوافق العربي عليه الذي يتطلب تحدي الإملاءات الأمريكية، ومدى استعداد الأمريكان للتخلي عن رؤيتهم المعلنة لغزة، التي تشمل سيناريوهات متوحشة كتهجير السكان.


ورغم أنه من غير المعتاد أن يتم استبعاد منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية من مثل هذه اللقاءات، خاصة عندما يتعلق الأمر بمناقشة قضايا مصيرية مثل خطة ترامب، إلا أن الغياب بالرياض قد يكون نتيجة لتباين المواقف مع بعض الدول العربية المشاركة، أو ربما بسبب غياب توافق داخلي حول كيفية التعامل مع الضغوط الدولية والإقليمية، ما ينعكس على قدرة الجانب الفلسطيني على التأثير في مثل هذه المحافل بهذه الظروف.


إلا أنه وفي ظل الواقع الدولي الحالي، يمكن استقراء الموقف الأمريكي عبر مقارنته بطريقة تعامل واشنطن مع ملفات أخرى، مثل أوكرانيا وزيلينسكي، حيث لعبت الولايات المتحدة دوراً مزدوجاً يتمثل في دعم عسكري وسياسي مكثف مترافق مع فرض رؤية خاصة لكيفية إدارة الأزمة بما يخدم مصالحها، وهو مبدأ يعتمد الاستنزاف حتى الاستنفاذ لمن تعاونوا مع واشنطن عبر تاريخ علاقاتها معهم. والسؤال المطروح هنا، هل ستتبنى واشنطن نهجاً مشابهاً في غزة، بحيث تدعم الخطة العربية، بشرط أن تبقى تحت إشرافها المباشر وتخدم مصالحها، أم أنها ستعمل على إفراغها من مضمونها، كما فعلت مع العديد من المبادرات السياسية السابقة؟


فمنذ أن طرحت إدارة ترامب خطتها للشرق الأوسط، كان التهجير القسري لسكان غزة ضمن السيناريوهات التي جرى الترويج لها في إطار تنفيذ رؤية الشرق الأوسط الجديد. وبالرغم من تغير الإدارات في واشنطن، لم يتغير كثيرًا نهج الولايات المتحدة في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث ما زالت تسعى لفرض واقع يخدم إسرائيل، سواء عبر دعم تل أبيب عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، أو عبر عرقلة أية جهود قد تؤدي إلى توحيد غزة والضفة تحت قيادة فلسطينية ذات سيادة تتمثل بالمنظمة، وتؤدي إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المتواصلة وذات السيادة. لذلك، حتى وإن لم ترفض واشنطن صراحة المقترح العربي، فمن المرجح أن تعمل على تعديله ليصبح أداة لتمرير السياسات الإسرائيلية.


التحدي الأساسي الذي تواجهه الدول العربية يتمثل في تحقيق توازن دقيق بين رغبتها في إعادة الإعمار لمنع التهجير إلى أراضيها وضمان أمنها الوطني، وأن لا تتحول غزة إلى ساحة صراع جديدة من جهة، وبين الضغوط الأمريكية والإسرائيلية الساعية لإبقاء القطاع في حالة ضعف مزمنة من جهة أخرى، أو إعادة الحرب عليها وفق رغبات نتنياهو لضمان البقاء في موقعه، إلا إذا دفعت الولايات المتحدة باتجاه تغير شكل حكومة الاحتلال.


 وبالنظر إلى تجارب سابقة، فإن أية مبادرة عربية لا تحظى بغطاء أمريكي ستكون عرضة للإجهاض أو التشويه لأن العرب ارتضوا على أنفسهم في السابق السير في مسار عدم المواجهة. كما أن نجاح الخطة يعتمد على قبول منظمة التحرير الفلسطينية بها، وهو أمر قد لا يكون مضموناّ، خاصة إذا تم فرض لجنة فلسطينية مستقلة عن حكومة السلطة الوطنية، بما يعكس رغبة بعض الدول العربية في تقليص نفوذ القيادة الحالية للسلطة، بما يخدم محاولة فرض رؤيتهم حول "السلطة المتجددة"، بما سيكون مقبولاً أمريكياً.


أما إسرائيل، فمن غير المرجح أن تدعم أية صيغة تعيد الاعتبار للوحدة الفلسطينية السياسية والجغرافية.


 وإذا كانت الولايات المتحدة قد تعاملت مع زيلينسكي باعتباره ورقة وظيفية في أوكرانيا، فقد تفعل الشيء ذاته مع بعض الأطراف الفلسطينية التي ستُستخدم لإدارة غزة، دون منحها أي هامش حقيقي للقرار المستقل.

 وهذا يطرح تساؤلات حول مدى استقلالية اللجنة الفلسطينية المقترحة، وإن كانت ستتحول إلى كيان وظيفي آخر يخدم أجندات خارجية بدلاً من أن يكون تعبيراً عن الإرادة الفلسطينية بمرجعية منظمة التحرير واستقلالية قرارها الوطني.


في هذا السياق، قد تلعب المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بوساطة مصرية وقطرية، دوراً محورياً في تحديد مستقبل غزة. فإذا تم التوصل إلى تفاهمات حول وقف إطلاق النار وإدارة ما بعد الحرب، فقد يؤثر ذلك على مدى تقبل الأطراف المختلفة للخطة العربية. ولكن، إذا استمرت المفاوضات في التعثر، فإن أية مبادرة سياسية ستظل رهينة الواقع الميداني.


ومع استمرار سياسات الضم والتوسع الاستيطاني التي تتبناها إسرائيل في الضفة الغربية بما فيها القدس بدعم أمريكي، فإن هذا التوسع لا يتوقف عند حدود تهجير الفلسطينيين من غزة، بل يشمل مخططاتها لاستهداف المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق المحتلة، مما يشكل تحدياً كبيراً أمام شعبنا الفلسطيني في الحفاظ على هويتهم ووجودهم على أرضهم، في وجه ما يهدد وبشكل جدي وحدة الأرض والشعب الفلسطيني من خلال محاولات تجسيد مشروع إسرائيل الكبرى الاستيطانية.


إن استمرار هذه السياسات يجعل من الوحدة الوطنية الفلسطينية الواسعة أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث لا بد من تكثيف الجهود بين مختلف الفصائل الفلسطينية والمستقلين والمجتمع المدني لضمان التصدي لهذه المخططات. فمن خلال تعزيز وحدة الصف الوطني الفلسطيني ووضوح الرؤية والبرامج والأدوات التي يجب ان تتسم بالتطور والتغير وعدم الجمود، وفهم طبيعة ضرورات التموضع السياسي الصحيح  في ظل التحولات الجارية بالعلاقات الدولية وتمكين شعبنا من الصمود والمواجهة، يمكننا الوقوف في وجه التحديات الكبرى التي تحيط بالقضية الفلسطينية، والشروع في تحقيق استقلالنا الوطني والعدالة والحرية لشعبنا.

دلالات

شارك برأيك

واشنطن والخطة العربية لغزة.. بين إعادة الإعمار وإعادة الترتيب السياسي

المزيد في أقلام وأراء

رأي الذكاء الاصطناعي بخطة التهجير

بقلم عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

“في ميونخ يناقشون أخطار الذكاء الاصطناعي… ونحن نعيش الذكاء المُستَبدّ!”

بقلم : صدقي أبوضهير/ باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

تخليق الذرائع قبل جلب المدافع!

ابراهيم ملحم

العودة بالتوابيت.. قرار إسرائيلي

حديث القدس

النطاسي في زنزانة

بهاء رحال

في إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية

جهاد حرب

"غزة وجنين جميلتان بأهلهما فقط"

حديث القدس

بعد 500 يوم .. تفجعونـ(نا) بقتل رهائنـ(كم)

حمدي فراج

أولوية إعمار غزة: إزالة الركام والعمل على البنية التحتية وإعادة تأهيل المجتمع نفسياً واقتصادياً

المهندس محمد الحلبي المدير الأسبق لمؤسسة االرؤيا العالمية

"سيكولوجية الجماهير": قوة الحشود وتأثيرها على الأفراد

سهى زيدان

أمريكا وإسرائيل عدوانية غير مسبوقة

راسم عبيدات

إسرائيل وتهديد القمة العربية

أنطوان شلحت

مأزق الانقسام الفلسطيني

حمادة فراعنة

عـمـلـيـة "الـجـدار الـحـديـدي": إنـهـم يـفـعـلـون هـنـا مـا فـعـلوه فـي غـزة

ماهر الشريف

الطريق إلى الازدهار

رادوسواف شيكورسكي، وزير خارجية بولندا

أول الغيث قَطْرُ!

حديث القدس

الانقسام الإسرائيلي

حمادة فراعنة

دوام ترديد التهديد بالتهجير وانعكاساته النفسيّة المتوقعة!

غسان عبد الله

الرسوم الجمركية الأمريكية "من أجل الفنتانيل" تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية

جي وينهوا

الوعد المشؤوم

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 19 فبراير 2025 10:18 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.54

شراء 3.53

دينار / شيكل

بيع 5.0

شراء 4.99

يورو / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 681)